ما هي التأثيرات الاجتماعية لاستخدام التكنولوجيا؟

لطالما كانت الأستاذة "شيري توركل" (Sherry Turkle) في "معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا" (Massachusetts Institute of Technology) متمردةً في عالم علوم الحاسوب، فمنذ صغرها، طرحت أسئلة لم يرغب أحد آخر في طرحها مثل: "كيف يؤثر انتشار الحواسيب الشخصية في إحساسنا بأنفسنا وفي علاقاتنا؟" و"هل الحواسيب مجرد أدوات أم أنَّها تؤدي دوراً هاماً في التأثير في الثقافة؟" و"هل تسبب التكنولوجيا شعورنا بالوحدة وهل ذلك حتمي؟".



ملاحظة: هذا المقال نسخة منقحة عن مقابلةٍ أجرتها الصحفية وعالمة النفس "جيل سوتي" (Jill Suttie) مع أستاذة علم الاجتماع "شيري توركل" (Sherry Turkle) عن كيفية تأثير تاريخها المعقد في مسيرتها المهنية في البحث عن التأثير الاجتماعي للتكنولوجيا.

ناقشَت "توركل" بحثها في كُتبها السابقة "وحدنا معاً" (Alone Together) و"استعادة حقِّنا في المحادثات" (Reclaiming Conversation)، مُظهرةً كيف تشوِّه التكنولوجيا تفاعلاتنا الاجتماعية وتؤثر في المجتمع، لكنَّ أحدث كتبها "يوميات في التعاطف" (The Empathy Diaries)، هو مذكراتٌ عن رحلة حياتها، وإنَّ تاريخ حياتها المعقد هو قصةٌ شائقة بحد ذاته، لكنَّه يحتوي أيضاً على رسالةٍ هامة تشجعنا على أن نشكِّك في افتراضاتنا ونبحث عن الحقائق المخفية ونعزز وجهات النظر البديلة في الأبحاث والتكنولوجيا.

تحدَّثتُ مع "شيري" عن كتابها وأثر تربيتها في عملها في هذا الحوار:

1. "جيل سوتي": كانت طفولتك غير عادية؛ حيث أجرى والدك البيولوجي تجارب عليك حين كنتِ طفلةً في غياب والدتك، من إهمالك إلى تركك في الظلام أو عدم الاستجابة لك، ثمَّ ملاحظة ردود أفعالك، وهجرته والدتك حين اكتشفَت ذلك، لكنَّها لم تشرح لك أبداً ماذا حصل أو لماذا منعَت التواصل بينكما، بما في ذلك عدم استخدام كنيته، ولم تفهمي السبب إلا بعد وقت طويل، كيف تعتقدين أنَّ هذه التجربة أثرت فيكِ؟

"شيري توركل": كان لها أثران كبيران، أولاً، بحثتُ طوال حياتي عن أب وأردتُ العثور عليه، لكن حين وجدتُه أخيراً وعلمتُ كل ذلك، فقدتُه مجدداً؛ بمعنى أنَّني خسرتُ حلمي في العثور على أبٍ، وعوضاً عنه، وجدتُ شخصاً لا يمكنه أبداً التعامل بتعاطف مع طفل.

لكنَّ عثوري عليه ومعرفة الأمور التي حدثَت لي قادتني إلى إيجاد أمي؛ إذ تصالحتُ معها بعد أن كنتُ مستاءةً منها طوال حياتي؛ وذلك لأنَّها منعتني من التواصل معه، لكنَّني أدركتُ حين التقيتُ به أنَّها فعلَت ذلك لحمايتي، فشعرتُ بالتعاطف والحب والتفاهم والتواصل معها.

بالطبع، إذا انتقلنا بقصتي إلى عام 2021، فكان يجب على والدتي أن تتصرف بتعاطف وأن تجد طريقةً لتشرح لي سلوكها، ولكن كلما عرفتُ أكثر عن الوضع الذي كانت تعيش فيه والقيود التي كانت تخضع لها، فهمتُ قرارها أكثر، فقد ظنَّت أنَّه لو شاع خبر طلاقها في مجتمعها فسوف تُنبَذ لكونها متزوجة من شخص غريب الأطوار، ولن يقبل أحد الزواج بي أنا أيضاً لكوني ابنة رجل ربما كان غير مستقر عقلياً.

2. "جيل سوتي": هل تشعرين بأنَّ تجاربك خلال نشأتك أثرت في سعيك في حياتك المهنية في العلوم؟

"شيري توركل": بالتأكيد، في البداية، شعرتُ خلال نشأتي أنَّني شخص دخيل، شخص بلا اسم، وأنَّني آمنة أكثر إذا تركتُ مسافةً بيني وبين محيطي؛ حيث تساعدك هذه المسافة بعيداً عن وضعك، والتي يسميها علماء الأنثروبولوجيا "الغُربة" (dépaysement) على رؤية حياتك بوضوح أكثر، وبعد ذلك، علَّمَتني أساسيات وضعي في حياتي أنَّ خلف كل مشهد يبدو طبيعياً قصة أخرى تحدث أيضاً، وفي حالتي، كان هناك سر تُخفيه عائلتي التي بدت ظاهرياً أنَّها طبيعية تماماً.

لذلك، أصبحتُ أنا نفسي إلى حد ما من علماء الأنثروبولوجيا، فطوَّرتُ عادة تبنِّي وجهة نظر مراقب خارجي، والأهم من ذلك، حين تعاملتُ مع أي موقف جديد، كان السؤال الأول الذي يتبادر إلى ذهني هو "ما الذي يحصل هنا أيضاً؟ أستطيع أن أرى الأحداث على المستوى السطحي، ولكن ما الذي يحدث في الأعماق؟" وهذا هو السؤال العلمي الذي يسأله كل عالم بارع؛ لذا أثرت نشأتي بالتأكيد في اختياري للوظيفة وفي نهجي في التعامل مع العالم.

إقرأ أيضاً: 5 خطوات لوضع حدود شخصية لنفسك

يسرني أنَّني اعتمدتُ على التحري والبحث في كتابة "يوميات في التعاطف" (The Empathy Diaries)، وكأنَّني أخذتُ دور المحققة في قصتي باحثةً عن أدلة في حياتي، وهكذا أدى بي المطاف إلى دراسة ثقافة الحاسوب، مستخدمةً مهاراتي في التحري، فحين قال الجميع: "الحاسوب مجرد أداة، لا يوجد شيء يمكن دراسته هنا"، قلتُ أنا: "لا، هناك شيء آخر يحصل".

3. "جيل سوتي": انتهى بك الأمر في "معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا" (Massachusetts Institute of Technology) تدرسين التأثيرات الاجتماعية للتكنولوجيا وأصبحتِ نوعاً من المتمردات، هل يمكنك أن تشرحي كيف تعارض تفكيرك مع الأفكار التقليدية؟

"شيري توركل": حين دخلتُ "معهد ماساتشوستس"، اعتقد الناس أنَّني سأكتب عن كيف سيصبح الذكاء الاصطناعي طريقةً جديدة للتفكير في العقل أو شيئاً مشابهاً، لكنَّ أمراً آخر تماماً أثار اهتمامي، وهو كيف كانت الحواسيب الشخصية منذ بداياتها تُغيِّر تماماً نظرة الأطفال والأشخاص العاديين تجاه عقولهم، فكنتُ أسمع الناس يقولون عبارات مثل: "اعذرني، أحتاج إلى إعادة برمجة دماغي" أو "لا تقاطعني، أنا أمسح ذاكرتي المؤقتة"؛ أي إنَّهم كانوا يتحدثون عن عقولهم بصفتها آلات، وكان من الواضح بالنسبة إليَّ حينها أنَّ الحاسوب أصبح جزءاً هاماً من الحياة اليومية وسيُغيِّر طريقة تفكيرنا كاملةً.

حاول الناس في "معهد ماساتشوستس" ثنيي عن موضوع الدراسة هذا، وقاومني المهندسون بشدة لاعتقادهم أنَّ الحاسوب أداة لا أكثر، وأنَّه ما من قصة أخرى، لكنَّني أصررتُ، وليس الهام أنَّني في النهاية كنتُ على حق، على الرغم من أنَّني كنتُ على حق بالطبع، لكنَّ الأمر المثير للاهتمام حقاً بالنسبة إليَّ هو أنَّ الأشخاص الذين طوروا الحاسوب لم يتوقعوا التغير الهائل في الثقافة الذي سيحدثه.

4. "جيل سوتي": هل تعتقدين أنَّ اكتشاف ما فعله والدك بك جعلك أكثر قلقاً حيال طريقة عمل العلماء؟

"شيري توركل": التفكير في القيم والأخلاق ليس عادةً جزءاً من وظيفة العالم، ومع ذلك، هناك الكثير من العلماء الذين يأخذون القيم في الحسبان في أثناء عملهم، وهذه ليست تهمةً ضد العلم أو العلماء كالأفراد، لكنَّهم حتماً يركزون أحياناً على الهدف لدرجة أن ينسوا الأمور الأخرى الهامة أيضاً.

سأعطيكِ مثالاً، حين كنتُ أقدِّم ندوةً لزملائي في مجال الهندسة عن عملي في إجراء مقابلات مع الأطفال حول استخدامهم للحواسيب، أخبرتُ الجمهور: "تقول هذه الطفلة إنَّ برمجة حاسوب تشبه وضع قطعة صغيرة من نفسها في الحاسوب، فتُغيِّر نظرتها لنفسها"، وكنتُ أخبرهم أنَّني أعتقد أنَّ برمجة هذه الآلة كانت تُغيِّر طريقة تفكير تلك الطفلة في نفسها؛ مما يمنحها مزيداً من الشعور بالسيطرة على حياتها، وفي حين لم يقل أحد إنَّني مخطئة، كانوا يقولون إنَّ الأمر غير هام، وعلى النحو نفسه، لم يقل أحد من قبل إنَّ نصوصي لم تكن حقيقيةً أو كنتُ أختلقها؛ بل قالوا: "ليست هذه الفكرة من الحاسوب".

يوضح ذلك أنَّك إذا حصرتَ منظورك بالثقافة الهندسية، فلن تطرح بعضاً من أهم الأسئلة التي تثيرها التكنولوجيا، على سبيل المثال: لاحِظ أزمة الديمقراطية والخصوصية والعلاقات التي تسبَّب بها موقع "فيسبوك" (Facebook)، فإذا كانت شركة خاصة تجمع بياناتك من أفعالك ومحادثاتك وعلاقاتك وتتلاعب بها وتبيعها، فهذا يعني أنَّهم يتلاعبون بك، فممارسات شركة "فيسبوك" (Facebook) التجارية تُغيِّر العالم من حولنا ومع ذلك، يقول الناس إنَّها مجرد شركة تكنولوجيا.

علينا تطبيق الأسئلة الأخلاقية والأدبية والنفسية على شركات التكنولوجيا، وهذا هو حقاً المغزى من عملي منذ البداية، ويدرك الآن المزيد والمزيد من الناس مدى أهمية هذا؛ لذلك لا أشعر بالوحدة بهذا الخصوص.

5. "جيل سوتي": تعرَّضتِ للتمييز بسبب كونك أنثى في الجامعة، لكنَّك لم تحاولي مجابهته في وقتها، ما الذي تعلَّمتِه من تلك التجربة؟

"شيري توركل": إحدى قصصي المفضلة في الكتاب تتضمن قدوم رجل الأعمال "ستيف جوبز" (Steve Jobs) إلى "معهد ماساتشوستس" للتكنولوجيا حين كنتُ أعمل على موضوع يتعلق بعمله، فهو فهم أنَّ الحاسوب يجب أن يكون سهل الاستخدام بطريقة ملموسة؛ لذلك كانت لدينا رؤية متشابهة عن الحاسوب كعنصر مثير للعواطف في حياة الناس اليومية.

ولكن حين زار "معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا" (MIT) بعد اختراع حاسوب "آبل 2" (Apple 2)، لم أُدعَ إلى أي اجتماعات وندوات معه، على الرغم من أنَّني كنتُ بالفعل أستاذة في المعهد، وحين طُلِب مني إعداد عشاء له، وحُدِّد أن يكون عشاءً نباتياً، وافقتُ ودعوتُ كل أساتذة المعهد إلى شقتي لتناول العشاء، ولكن حين وصل "ستيف جوبز"، نظر إلى الوجبة النباتية التي أعددتُها ثمَّ قال: "هذا ليس نوع الطعام النباتي الذي أتناوله"، وخرج.

الفكرة من القصة هي أنَّه لم يخطر لي حينها حتى أنَّه لم يطلب مني أحد الانضمام إلى المحادثة، واستغرقني الأمر 30 عاماً أخرى لأدرك أنَّه كان يجب أن أُدعى؛ هذا لأنَّني أتيتُ من جامعة "هارفارد"؛ حيث لم تكن هناك حتى أستاذة جامعية واحدة، ولذلك كنتُ معتادةً على التحيز الجنسي ولم أشكك في صحته، على الرغم من أنَّني كنتُ قد بدأتُ التشكيك في قيم ثقافة مجتمع الهندسة. توضح هذه القصة أنَّه لوضع حد للتحيز الجنسي، يجب أولاً أن نجعل الوضع المعتاد يبدو غريباً.

إقرأ أيضاً: 4 طرق لمعالجة التحيز في مكان العمل

هذا ما يحدث حالياً مع حركة "حياة السود هامة" (Black Lives Matter)، فبعد أن اعتقل رجال الشرطة الرجال السود وضربوهم منتهكين حقوقهم لفترة طويلة، ظهرَت هذه الحركة الآن؛ وذلك لأنَّ الوضع المألوف أصبح غير مألوف بما يكفي لتحفيز الناس على طرح الأسئلة الصحيحة، وفي حين سيتطلب الأمر إرادةً سياسية وشجاعة شخصية، ولكن يجب أن تجبر نفسك على الخوض في المحادثات الضرورية.

6. "جيل سوتي": يدعى أحد فصول كتابك "الهجوم على التعاطف" (The Assault on Empathy)، ما الذي تعنينه بذلك؟

"شيري توركل": أعني أنَّ التعاطف يتعرض للهجوم المباشر، على سبيل المثال: إذا كنتِ جالسةً مع أحدهم وأطفأتِ هاتفك ووضعتِه بجانبك على الطاولة، فستشعرين بتعاطف أقل مع هذا الشخص أياً كانت المحادثة، على الرغم من أنَّ هاتفك مطفأ، وحتى لو لم تضعيه على الطاولة، سيؤثر ذلك سلباً في قدرتك على التعاطف ما دمتِ تستطيعين رؤية هاتفك، والسبب هو أنَّ وجود الهاتف سيذكِّرك بجميع الأماكن والأشياء الأخرى التي يمكنك أن تفعليها، ولن يستطيع أحد جذب انتباهك.

لتوليد التعاطف في وضع مثالي، يجب أن تنظري إلى وجه الشخص الآخر وتنتبهي إلى صوته كما أفعل الآن، أنا أُصغي إليك فقط، لا أكتب بريداً إلكترونياً أو أطهو، أنا أركز على سؤالك وأحاول إجابتك وفقاً للسؤال الذي تطرحينه، ولما تمكَّنتُ من فعل ذلك لو كنتُ أكتب بريداً إلكترونياً أو أتفقد رسائلي النصية.

كانت إحدى أكثر العناصر المُحزنة في بحثي هي حين أخبرَتني فتاة شابة أنَّها كي تفهم الشخص الذي أمامها حقاً فهي تحتاج إلى الاستماع له بتركيز لمدة سبع دقائق، لكنَّها تابعَت وقالت إنَّه لا يمكنها فعل ذلك، فهي تقاطع أياً كان؛ وذلك لأنَّها لا تستطيع الاستماع لشخص لمدة سبع دقائق كاملة دون تفقُّد هاتفها، وهكذا يُهاجَم التعاطف؛ مما يقلل من قدرتنا على تكوين الصداقات.

7. "جيل سوتي": إذا كانت جاذبية هواتفنا قويةً إلى هذه الدرجة، فماذا يمكننا أن نفعل لنحافظ على علاقاتنا؟

"شيري توركل": الحل بسيط جداً، وهو فترات الاستراحة منها، فيجب أن يكون لدينا أوقات نمتنع فيها عن استخدام الإلكترونيات تماماً، على سبيل المثال: خلال وجبات الطعام أو في أثناء المحادثات مع عائلتك أو أصدقائك، أو إذا كنتِ تفكرين بينك وبين نفسك، ويمكن خلال هذه الأوقات تحديد وضع يسمح بتلقِّي المكالمات من أشخاص هامين فقط بحيث يتمكنون من التواصل معك في حالات الطوارئ، على سبيل المثال: إذا دخل شخص المستشفى، ولكن عدا عن ذلك لا تستخدمي الهاتف.

وذلك لا علاقة له بكوني معارضة للتكنولوجيا، على العكس من ذلك، أنا أملك العديد من أجهزة الحواسيب ولا أحدد لنفسي عدد ساعات مسموح أمام الشاشات، فأنا أحب مشاهدة الأفلام على حاسوبي، وأكتب كتبي عليه أيضاً، ولا أعتقد أنَّ من المفيد حساب عدد الساعات التي نمضيها أمام الشاشات، ولكن يجب علينا الابتعاد عن الشاشات في بعض الأحيان حين تحول دون تواصلنا التعاطفي مع الآخرين؛ لذا أعتقد أنَّه يمكنك البدء عبر تحديد أماكن في منزلك وأوقات من يومك لا تستخدمين فيها الهواتف.

شاهد بالفيديو: 6 خطوات لتتخلص من إدمان الموبايل

8. "جيل سوتي": كيف أثرت فينا السنة الماضية بين الجائحة واعتماد الناس اعتماداً أساسياً على التكنولوجيا للتواصل في اعتقادك؟

"شيري توركل": أعتقد أنَّ تأثيرها أخذ منحيين، من جهة، اكتشف العديد من الأشخاص أنَّ حضورهم جسدياً في جميع اجتماعات العمل غير ضروري، على سبيل المثال: اعتدتُ السفر بانتظام إلى مدينة أخرى لحضور اجتماعات شكلية مثل عشاء أو غداء أو اجتماع يُقرَأ خلاله تقرير ونرفع أيادينا للتصويت، وأعلم الآن أنَّ تلك الاجتماعات لم تتطلب حضوري شخصياً، وأنَّها كانت هدراً للموارد، ولا أحاول القول إنَّ التواصل وجهاً لوجه ليس هاماً، ولكن يمكننا أن نتعلم أن نكون حكيمين حين نقدِّر التكاليف المادية والشخصية ونقارنها بفوائد هذا النوع من الاجتماعات.

من ناحية أخرى، افتقدنا خلال هذا العام أيضاً التواصل المباشر مع البشر الآخرين، ونريد الآن أن نكون معاً مجدداً، فأنا شخصياً اشتقتُ لطلابي وزملائي؛ لذلك سيكون هناك صعوبة في تحديد طريقة العودة إلى العمل من المكتب ومقدار الوقت الذي سنقضيه هناك، على سبيل المثال: أجرينا مؤخراً استطلاعاً في "معهد ماساتشوستس" قال فيه معظم الموظفين إنَّهم لا يرغبون في العودة إلى العمل بدوام كامل، وبعد أن دعموا أعضاء هيئة التدريس من المنزل بشكل رائع خلال العام الماضي، لم يعترض أعضاء هيئة التدريس على رغباتهم.

إذاً، السؤال هو: "ما هو مكان العمل وإلى أي حد هو مجتمع؟" ربما يبحث الخبيرون عن حل بسيط، لكنَّني أعتقد أنَّهم سيكونون على خطأ؛ وذلك لأنَّ الحل سيكون مختلفاً باختلاف الشركات، وسيعتمد على حاجة الشركة إلى المجتمع، والأمور التي كانت سابقاً مسلَّمات ستخضع الآن للنقاش، وأعتقد أنَّ ذلك سيكون مفيداً جداً للشركات التي تسمح به، فإذا استمعنا لبعضنا فقد نتعلم كيفية تعزيز الإبداع والإنتاجية والعلاقات الصادقة في مكان العمل.

المصدر




مقالات مرتبطة