لماذا لا تحدد إنتاجيتك قيمتك الذاتية؟

استيقظت صباح أمس متحمساً لبدء اليوم. قفزت من السرير، وذهبت في نزهة طويلة، ثم تناولت بعضاً من دقيق الشوفان. مضى الوقت بسرعة حتى أصبح وقت الظهيرة.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن جون رامبتون (John Rampton)، رجل أعمال ومستثمر وخبير تسويق عبر الإنترنت، ويُحدِّثنا فيه عن تجربته في فصل الإنتاجية عن تحديد القيمة الذاتية.

في الصباح، كنت قادراً على مراجعة صندوق البريد الوارد الخاص بي، وتنظيم بعض الاجتماعات الهامة، وإنهاء مشروع كبير. وبعد غداءٍ سريع، شطبت ثلاثة عناصر أخرى أنجزتها من قائمة المهام.

عندما جلست وراجعت ما حدث خلال النهار، شعرت وكأنَّني كسبت مليون دولار. بالنتيجة، تزداد سعادتنا عندما نكون أكثر إنتاجية. ونميل إلى العمل بجد عندما نكون في حالة مزاجية جيدة، وهناك أسباب عدة لذلك، فعندما تحذف عناصر من قائمة المهام بعد إنجازها، ينطلق هرمون الأندروفين في الجسم؛ الأمر الذي يمنحنا الشعور بتحقيق الهدف ويعزز احترام الذات.

ومع ذلك، عندما رنَّ جرس المنبه في اليوم التالي، كنت أرغب في الضغط على زر الغفوة ومتابعة النوم؛ إذ كنت مرهقاً ذهنياً. وعندما أبتعد على مضض عن مكان راحتي لم أشعر بالحماسة نفسها لمتابعة النهار.

على الرغم من أنَّنا جميعاً نفخر بأنفسنا عندما نواظب على العمل بجد، إلا أنَّ الحقيقة أنَّنا لا نستطيع الحفاظ على تلك المشاعر على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع. وبصرف النظر عمَّا تعتقده، نحن لا نملك الكثير من الوقت والطاقة. ثم إنَّ العمل بجد دائماً ليس مجرد استنزاف فحسب، بل يضر بإنتاجيتك وصحتك.

لماذا قد يؤثر كونك منتجاً في تقدير الذات؟

الإجابة هي أنَّك عندما تنجز الأمور، تشعر وكأنَّك بطلٌ خارق. فضلاً عن أنَّ هذا الشيء راسخٌ في ثقافتنا، لأنَّنا نُعظِّم الأشخاص النشيطين الذين يعملون أكثر من 80 ساعة في الأسبوع، وفي الواقع، لا يمكنك الاستمرار على هذا النحو. ففي النهاية، سوف تتحطم وتشعر بالإنهاك، ولن يعني اشتغالك المستمر أنَّك تقضي وقتك بحكمة.

تقول كاري هاينز موسغروف (Carrie Heinze-Musgrove)، مستشارة الرعاية السريرية المرخصة في ولاية ماساتشوستس (Massachusetts): "الانشغال ليس وسام شرفٍ، والإنتاجية ليست الشيء الوحيد الذي يجعل الشخص يشعر بالرضا؛ إذ على الرغم من أنَّه يسهل البحث عن أشياء إضافية تجعلنا نشعر بأنَّنا أشخاصٌ لنا قيمتنا، فإنَّ القيمة، في هذا النهج، تعتمد على السعي المستمر خلف شيءٍ أفضل؛ لكنَّك لا تحقق شيئاً بالفعل.

يمكن أن يكون النشاط أو كثرة الأعمال وسيلة للشعور" بالرضا الكافي" إذا كنت تعاني من تدنِّي احترام الذات، وانخفاض الثقة، وتدنِّي القيمة الذاتية. بالنتيجة، الانشغال والفوضى ومطاردة الهدف يمكن أن يكونوا وسيلة لتجنب مجرد الجلوس والتفكير. كما يمكن أن يدفعك أيضاً إلى تجنب اتخاذ القرارات أو مواجهة محن الحياة".

تُقدِّم كاري النصيحة التالية: "اعلَم أنَّك قوي، وذكي، وجيد بما فيه الكفاية؛ أنت لا تحتاج إلى أشخاص آخرين أو إنجازات أخرى لتشعر بالتقدير، فأنت بالفعل ذو قيمة".

على الرغم من أنَّني أتفق مع ذلك كلياً، فإنَّ ذلك ليس بالأمر اليسير. ولكن، من الممكن فصل قيمتك الذاتية عن إنتاجيتك، ويمكنك البدء بالاستراتيجيات الست الآتية:

إقرأ أيضاً: علامات تدني تقدير الذات وأسبابه

1. اتباع خطة الرغبة:

ابتكرت الكاتبة دانييل لابورت (Danielle LaPorte) في كتابها "خطة الرغبة" (The (Desire Map برنامجاً سيغير طريقة قياس نجاحك؛ إذ بدلاً من ربط مقدار نجاحك بإنجازاتك، تقترح لابورت تحديد المشاعر الخمسة الأولى التي ترغب في الشعور بها في حياتك.

إنَّه تمرين بسيط نسبياً، ومُصمم للمساعدة في إعادة تعريفك للنجاح. والأهم من ذلك، يمكن أن يساعد على تحديد الأهداف التي ستساعدك على تحقيق ما يهم حقاً في الحياة.

وكما كتبت لابورت في كتابها: "عندما نرغب في شعور الشجاعة أكثر من رغبتنا في تحقيق الإنجازات في قائمة مهامنا، والشعور بالحرية أكثر من رغبتنا في إرضاء الآخرين، عندئذٍ يكون علينا ترتيب أولوياتنا. الأولويات المقدسة؛ هذا النوع من الأولويات الذي سيقودك إلى الحياة التي طالما كنت تتوق إلى أن تحياها".

2. العمل القليل يعني الكثير:

أتفهَّمك جيداً إذا كنت تعتقد أنَّ ما ذُكِر آنفاً هو أمر جديد للغاية بالنسبة إليك؛ لكنَّني أعتقد أنَّ النتيجة الرئيسة هي أنَّ القليل دائماً أكثر. في الواقع، العمل لساعات أقل في الأسبوع مفيد لسلامتك وإنتاجيتك.

بالنسبة إلى المبتدئين، ليس من المفترض أن نعمل ثماني ساعات متتالية في اليوم؛ ذلك لأنَّنا وبشكل أساسي نسير على إيقاع حياتنا الخاص، والذي يُعرف باسم إيقاعات الساعة البيولوجية. علاوة على ذلك، عندما لا تعمل بهذا القدر الكبير من الوقت، ستعيش حياة أفضل.

هل ما زلتَ غير مقتنع؟ يمكن أن يؤدي التخلي عن الأسابيع المليئة بساعات العمل المكثفة أيضاً، إلى تقليل الأخطاء والحوادث وتحسين العلاقات الشخصية. ويمكن أيضاً مواجهة تغيُّر المناخ وعدم المساواة.

3. أخذ استراحة كافية:

لا يخفى على أحد أنَّ فترات الراحة يمكن أن تعزز الإنتاجية، ونحن في الواقع نحتاج إليها من أجل الراحة واستعادة النشاط والمتعة. ومع ذلك، بوجود الكثير من الأحداث، من لديه الوقت لالتقاط الأنفاس؟

الحقيقة هي أنَّ الجميع يفعل ذلك. أنا في الواقع أدوِّن فترات الاستراحة في التقويم الخاص بي وأجعلها من الأولويات. لكن يمكنك حتى كتابة إذن لنفسك على قصاصة ورقية حتى لا تشعر بالذنب.

يعود لك الأمر في كيفية قضاء استراحتك؛ إذ بالنسبة إلي، أستمتع بالذهاب في نزهة قصيرة من دون هاتف. يمكنك أيضاً استخدام هذا الوقت للتأمل أو مشاهدة برنامجٍ مسلٍّ أو مجرد إغلاق عينيك وعدم القيام بأيِّ شيء.

شاهد بالفديو: 6 أنشطة غير مرتبطة بالعمل تعزز الإنتاجية

4. استبدال أفكارك وتغييرها:

كتب كوتش الحياة جيس ديكرسون (Jes Dickerson): "أنت على وشك تغيير الأشياء التي تقولها لنفسك. ولكي تكون قادراً على القيام بذلك، خاصةً عندما تهاجمك الأفكار كأسماك القرش تحوم حول رأسك، يجب أن تكون مستعداً بنمط تفكير جديد وأفضل.

اختيار التغيير متروك لك، يمكن ببساطة أن يكون شيئاً مثل "إنَّ قيمتي ليست في مقدار ما أنجزه". ولكن يمكنك مثلاً تذكير نفسك بكل الأشياء الرائعة التي تشكِّل هويتك، وأنَّ أيَّاً من هذه الأشياء لا يمثل مقدار ما تنجزه. قد يكون من المفيد أيضاً العثور على شعار أو عبارة مُطمْئنة تكررها دائماً؛ على سبيل المثال، يمكنك أن تقول: "لديَّ الكثير لأقدمه لعائلتي".

الخطوة التالية هي العمل على تغيير الأفكار نفسها. وعلى الرغم من أنَّ تغيير أنماط التفكير عمل غير مريح، ومتعب، وخطر، ويستغرق وقتاً طويلاً، إلا أنَّه يستحق ذلك تماماً.

لحسن الحظ، العملية بسيطة: "في كل مرة تلاحظ أنَّ لديك أفكاراً حول كيفية القيام بشيء ما، أو أنَّك تفشل بطريقة ما، فأنت بحاجة إلى إيقاف الفكرة واستبدالها".

فقط لاحظ أنَّ هذا سيستغرق بعض الوقت لتعتاد عليه؛ لذا تحلَّ بالصبر والتزم به حتى تنتهي من نمط تفكيرك القديم.

5. معرفة أنَّه لا فائدة من القلق:

في كل مرة استمع فيها إلى ألبوم توم بيتي (Tom Petty)، "زهور برية وكل ما تبقَّى" (Wildflowers & All The Rest) الذي أُطلِق حديثاً، أتذكَّر أنَّ هذا الألبوم رائع جداً. وإحدى أكثر الأغاني التي لم تلقَ رواجاً كبيراً هي أغنية "العودة إليك" (Crawling Back To You)؛ إذ إنَّ أكثر ما أحبه في هذه الأغنية هو عبارة "معظم الأشياء التي أقلق بشأنها لا تحدث أبداً على أيِّ حال".

أقرأ هذه الكلمات كلما شعرت بالقلق أو الإرهاق؛ حيث إنَّه من السهل جداً الوقوع في شرك سيناريوهات الشك والحالات الأسوأ. هل تعرف ما أعنيه؟ أنا أعني سيناريوهات مثل: هل يمكنني، هل أستطيع، هل عليَّ أن، لكنَّني هنا لأخبرك أنَّ غالبية الأشياء التي تريد تحقيقها نادراً ما تكون هامة.

قد يبدو ذلك قاسياً؛ لكن إذا نظرت إلى الصورة من زاوية أخرى، فإنَّ عدم إنهائك ما دوَّنته في قائمة مهامك اليوم لا يعني أنَّك فاشل، وهي ليست النهاية أيضاً؛ إذ يمكنك ببساطة العودة لتلك القائمة ومتابعتها في الغد، عندما تستعيد نشاطك وانتعاشك.

إقرأ أيضاً: كيف تتعامل مع القلق حينما يصيبك بشكل مفاجئ؟

6. إزالة كلمتي "النشاط"، و"العمل حتى الإنهاك" من قائمة مفرداتك:

أنا مع العمل الجاد وتقديم كل ما لدي؛ لكنَّني أعرف أيضاً حدود قدرتي. على سبيل المثال، لقد قمت بتقليص عدد الاجتماعات والتفاعلات الاجتماعية وأحداث التواصل كل شهر.

وفي حين أنَّ كل واحدة من هذه المهام قد قدَّمت بعض القيمة، إلا أنَّ تقليصها إلى قلة قليلة كان بمنزلة هبة من السماء؛ إذ لم أعُد مضطراً إلى التوفيق بين تعارضات التقويم أو الانتقال مباشرة من المكتب إلى حضور اجتماع. بدلاً من ذلك، أستخدم هذه الإمكانية المكتشفة حديثاً لأكون كسولاً.

وعلاوة على ذلك، وضعت حدوداً صارمة؛ إذ حين أكون خارج أوقات العمل، لا أردُّ على رسائل البريد الإلكتروني أو العمل، وأقضي الوقت مع الأصدقاء أو العائلة أو النشاطات التي أستمتع بها.

لقد توقفت أيضاً عن مقارنة نفسي بالآخرين. على سبيل المثال، إذا كان هناك شخص ما على وسائل التواصل الاجتماعي يتحدث عن العمل الجاد، فأنا لا أتابعه. إذا كانت هذه هي الحياة التي يريدون أن يعيشوها، فهذا يعود لهم، ولست بحاجة إلى التنافس معهم.

7. الاستمتاع بالعملية:

كما قالت الكاتبة إليزابيث جيلبرت (Elizabeth Gilbert) في كتابها "سحرٌ كبير" (Big Magic): "قِس قيمتك من خلال تفانيك في طريقك لتحقيق أهدافك، وليس من خلال نجاحاتك وإخفاقاتك".

بدلاً من التركيز على النتائج، فكِّر في الخطوات التي اتخذتها لتحقيق أهدافك، وفكِّر فيما تعلَّمته وكيف ساعدك على النمو كشخص.

المصدر




مقالات مرتبطة