كيف يجعل التسويف تقنيات إدارة الوقت غير فعالة؟

يؤجل الجميع أعمالهم، ولا يسع كلٌّ من الطلاب وأولياء الأمور والموظفين وأرباب العمل وكل إنسان آخر سوى التسويف من حينٍ إلى آخر؛ وبغض النظر عمَّا تفعله، يبدو أنَّ التسويف أمرٌ لا مَفَرَّ منه إن لم تتقن إدارة الوقت.



ترتبط إدارة الوقت والتسويف ارتباطاً وثيقاً، حيث يؤثر كلٌّ منهما في الآخر؛ إذ يجعل التسويف كل جهود إدارة وقتك أمراً لا طائل منه؛ ولكن إذا فهمت لمَ عليك التخلص منه وكيف تفعل ذلك، يمكنك حينئذ محاربته والبدء في استثمار وقتك بكفاءة.

عواقب التسويف:

يحدث التسويف عندما لا توظَّف استراتيجيات إدارة الوقت توظيفاً حسناً؛ فإذا كنت تحاول تحقيق أقصى استفادة من وقتك، ينبغي عليك التخلص من التسويف فوراً؛ لذا نورد فيما يأتي 3 طرائق يؤدي فيها تأخير إنجاز المهام دون مبرر إلى إفساد جدول أعمالك كلياً:

1. إضاعة الوقت:

هذا أمر بديهي، إذ إنَّ استمرارك في تأجيل مَهمَّة كان من المفترض إنجازها في وقت محدد، سيؤدي إلى إضاعة الكثير من الوقت.

ربَّما لديك جدول أعمال لهذا اليوم، ولنفترض أنَّك تعمل لـ 8 ساعات كل يوم؛ سيتضمن جدول أعمالك مهام يستغرق إنجازها 8 ساعات، إلَّا أنَّك لن ترغب في وقت ما من منتصف النهار في إنجاز مَهمَّة ما، وتستمر في تأجيلها، وينتهي بك المطاف إلى إضاعة وقت كثير كان من المفترض استخدامه في مكان آخر؛ ولسوء الحظ، لا يوجد طريقة لاستعادة هذا الوقت المهدور، وكل ما تستطيع فعله هو إزاحة جميع المهام المعلقة إلى الساعات القليلة المتبقية من اليوم، ممَّا يخلق قدراً هائلاً من الضغط والتوتر.

إقرأ أيضاً: 5 أشياء تتسبّب في ضياع الوقت

2. التوتر الذي يؤدي إلى سوء الأداء:

يؤدي التسويف إلى إضاعة الوقت؛ فعندما تجد نفسك أمام الكثير من العمل ولم يتبقَ لديك سوى ساعات قليلة لإنجاز ما تبقى من مهام، ستشعر بالطبع بالإجهاد والتوتر. تكمن المشكلة هنا، فحتى لو عملت بنشاط واستطعت بطريقة ما إنجاز المهام خلال 4 ساعات بدلاً من 8 ساعات، لن يرتقِ أداؤك إلى المستوى المطلوب، وسيفسد هذا سمعتك في مكان العمل كونك لم تقدم أفضل ما لديك.

في المقابل، يمكن أن يسبب الأداء السيئ مزيداً من الإجهاد؛ ففي بعض الأحيان، قد يطلب منك رب العمل إعادة إنجاز المَهمَّة بأكملها مرة أخرى لأنَّها لم تكن مُرضِية في المرة الأولى، وسيؤدي هذا إلى إضافة المزيد إلى قائمة المهام المنوط بك تنفيذها، ويتعين عليك التعامل مع مزيد من المهام في الوقت نفسه، وينتهي بك الأمر في دوامة من التوتر وسوء إدارة الوقت لمجرد أنَّك كنت مهملاً بضع مرات.

3. إطالة ساعات العمل:

يمكنك أحياناً التعامل مع المهام المؤجلة ضمن إطار زمني محدود، ولكن في أغلب الأحيان، سيكون من المستحيل إنجاز هذه المهام في ساعات العمل السابقة نفسها.

لنأخذ المثال السابق مرة أخرى: لقد ماطلت لمدة أربع ساعات، ولديك الآن نصف الوقت لإنهاء ما كان من المفترض إنجازه في ثماني ساعات، ولكنَّ فرصتك في إنجاز هذه المهام ضئيلة جداً؛ لذلك سيطلب رب العمل منك البقاء في المكتب ريثما تنهي جميع مهامك. يعني هذا أن تقضِ أربع ساعات إضافية في المكتب، وسيتوجب عليك إعادة جدولة الواجبات الشخصية التي كان عليك إنجازها في تلك الساعات الأربعة، لذا تصل إلى منزلك متأخراً، وتذهب إلى النوم متأخراً، وتجد صعوبة في الاستيقاظ في الوقت المحدد، وينتهي بك الأمر بالوصول إلى العمل متأخراً في اليوم التالي.

لا يؤثر التسويف لمرة واحدة فحسب، بل يبدو الأمر وكأنَّك تدور في حلقة مفرغة لا تنتهي، وستلاحقك عواقبه يوماً بعد يوم وتجعل حياتك صعبة جداً؛ لذا تذكر أنَّ إدارة الوقت مستحيلة إذا لم تمتنع عن التسويف.

كيف تتخلى عن التسويف وتدير وقتك بكفاءة؟

باتت نقطة لم إدارة الوقت والمماطلة مرتبطان ارتباطاً وثيقاً أمراً واضحاً، لذا فحسن إدارة الوقت قد يساعدك على تفادي خلق صعوبات جديدة ناتجة عن التسويف. يتطلب هذان المفهومان المترابطان عملاً جباراً للتعامل معهما بالشكل الأمثل؛ وفيما يأتي بعض النصائح حول كيفية إدارة الوقت بطريقة تقلل من فرص التسويف والمماطلة:

1. ضع جدول عمل فعالاً:

لدى كل شخص جدول أعمال يتبعه، ولكن بينما يحتفظ بعض الأشخاص بفكرة تقريبية عن واجباتهم في مخيلتهم، يدوِّنها آخرون في مكان ما؛ فإذا كنت ترغب في تحسين إدارة وقتك والتوقف عن التسويف، فعليك البدء بإعداد وتدوين قائمة مهام فعالة؛ أمَّا إذا كنت ممن يتلكؤون في عملهم، فأنت بحاجة إلى جدول زمني مفصل للغاية.

انظر إلى الأمر بهذه الطريقة: عندما يكون لديك خطة مفصلة، فلن يكون لديك الوقت الكافي للتفكير في تأخير أي شيء، حيث سيُحسَب كل نشاط فردي وتوقيته جيداً. من الأشياء الرائعة التي يمكنك القيام بها في أثناء إعداد جدول مفصل كهذا هو تقسيم مهامك؛ فبدلاً من تخصيص ساعة واحدة لمَهمَّة ما، خصص 10 دقائق لأجزاء مختلفة منها؛ ذلك لأنَّ عقلك سيجد أنَّه من الأسهل التعامل مع الأجزاء الصغيرة ضمن فواصل زمنية مدتها 10 دقائق بدلاً من تنفيذ مَهمَّة كبيرة تستغرق 60 دقيقة.

شاهد بالفيديو: كيف تتقن فن إدارة الوقت؟

2. خذ فترات استراحة كافية:

إنَّ عدم السماح بأخذ فترات استراحة خلال وقت العمل بحجة توفير الوقت هو أكبر مضيعة للوقت؛ إذ يؤدي العمل دون توقف إلى التسويف؛ لذا امنح عقلك شعوراً بالارتياح لكونك ستحصل على بعض الوقت لنفسك بعد الانتهاء من بعض المهام.

إذا لم يكن لديك فترات راحة قصيرة مجدولة على مدار اليوم، فقد تفكر أنَّ عليك العمل دون توقف؛ ولكنَّك سترغب دون وعي في توفير بعض الوقت بين المهام، ويبدأ من هنا التسويف. من ناحية أخرى، إذا منحت نفسك استراحة لمدة 5 دقائق بعد كل 25 دقيقة عمل؛ فسيحفزك هذا على العمل بجد خلال الـ 25 دقيقة التالية للحصول على استراحة بعد ذلك، وتمتنع بالنتيجة عن التسويف، وتعمل بحماس أكبر.

إقرأ أيضاً: 7 أسباب لعدم إهمال استراحة الغداء في العمل

3. استخدم تقنية بومودورو (Pomodoro):

عندما تكافح من أجل الحفاظ على إدارة الوقت والتخلص من التسويف، فلن يكون من السهل التعامل مع ذلك بمفردك؛ إذ يجب عليك استخدام التطبيقات الداعمة التي تساعدك في الوصول إلى أهدافك بسهولة أكبر.

تتمحور تقنية بومودورو حول إدارة الوقت والحفاظ على التركيز. إنَّها عبارة عن تقنية يركز فيها الشخص انتباهه على المَهمَّة المطروحة لمدة 25 دقيقة متتالية، حيث يمكنك بعد ذلك منح نفسك استراحة لمدة 5 دقائق أو مواصلة العمل لمدة 25 دقيقة أخرى، وتحصل بعد ساعتين على استراحة أطول.

تساعدك العديد من التطبيقات على تنفيذ تقنية بومودورو، واستخدامها لمراقبة وقتك وتقسيمه بفاعلية.

4. حدد أولوياتك:

أنت تعلم أنَّه من المحتمل أن تماطل في وقت ما من اليوم، لكنَّك تعلم أيضاً أنَّك ستكون أكثر اندفاعاً بعد استراحة الغداء؛ لذا حدد توقيت تنفيذ أهم عمل في اليوم في الوقت الذي تكون فيه أكثر إنتاجية؛ وحتى لو واصلت الضغط على نفسك لبقية اليوم، ستشعر على الأقل بالراحة كونك نفذت الواجبات الأكثر إلحاحاً في الوقت المحدد. قد لا يحل تحديد الأولويات مسألة التسويف نهائياً، ولكنَّه قد يساعدك في إدارة الوقت بطريقة لن تؤذيك، حتى لو تلكأت قليلاً.

5. راقب سلوكك:

إنَّ أفضل طريقة للامتناع عن المماطلة هي أن تراقب نفسك وتصرفاتك؛ لذا اكتب أين قضيت وقتك، وكم من هذا الوقت قضيته في العمل، وكم من الوقت قضيته وأنت تقوم بأعمال لا طائل منها. إن كنت تستخدم تطبيقاً لإدارة الوقت، فيمكنك مراقبة أنشطتك إلى حد ما؛ ولكن لمزيد من الكفاءة، ابذل جهداً كبيراً لتذكر أين قضيت كل دقيقة من اليوم.

تتمثل الخطوة التالية في القضاء على أسباب التسويف وتقليل الإلهاءات؛ فإذا شغلتك نحلة قرب النافذة لمدة خمس دقائق، فغيِّر مكان مكتبك، وضع مقعدك في مكان مختلف بحيث لا تنظر من النافذة. سيكون من الجيد أيضاً أن تغلق هاتفك حتى لا تضيع الوقت في تصفح وسائل التواصل الاجتماعي.

بالنسبة إلى الإلهاءات المادية، يمكنك بسهولة إيجاد طريقة للتخلص منها؛ أمَّا بالنسبة إلى الإلهاءات الذهنية، فقد ترغب في ممارسة جلسة تأمل مدتها 10 دقائق في الصباح، كونها تساعدك على ممارسة اليقظة الذهنية طوال اليوم.

6. تعلَّم الرفض:

اعرف ما الذي يدفعك إلى التسويف؛ إذ يماطل الناس عادة في إنجاز المهام التي يجدونها مملة أوغامضة أو صعبة أو لا معنى لها. إذا كنت تشك في أنَّك لن تستمتع بعمل ما، أو تعلم أنَّك لن تكون قادراً على تأديته بشكل جيد؛ فارفض هذا العمل ببساطة.

لكن مع ذلك، هناك بعض الحالات التي لا يمكنك فيها الرفض؛ فإذا كنت ملزماً بأداء واجبك بغض النظر عمَّا إذا كنت مهتماً به أم لا، فاستفد من النصائح الأخرى حتى تتمكن من إنجازه دون المساس بواجباتك.

الخلاصة:

إنَّه لمن الواضح أنَّ التسويف يعتمد كلياً على غياب أو وجود استراتيجيات جيدة لإدارة الوقت، فإدارة الوقت والمماطلة أمران متشابكان؛ ولكن عندما تجد أحدهما، فمن المرجح ألَّا تجد الآخر. ستساعدك النصائح المذكورة أعلاه في إيجاد طريقة تمنعك من تأجيل عملك وإضاعة وقتك الثمين؛ لذا طبق هذه النصائح عملياً حتى تتمكن من تحقيق الأفضل في حياتك دوماً.

 

المصدر




مقالات مرتبطة