كيف تمضي قدماً عندما تسوء الأمور؟

قد تمر بنا أوقات عصيبة نصاب فيها بالإحباط، وتعصف بنا هموم الحياة فيستنزف اليأس والقنوط طاقتنا وهمتنا؛ وعندها نتساءل عن إمكانية نجاتنا من هذه الأحداث الكارثية، وعيش حياة تسودها السعادة والأمان مجدداً.



إنَّ النبأ السار هو أنَّ الوقت كفيل بشفاء الجروح وإعادة الحياة إلى رونقها واستعادة قوانا؛ فعندما نستعيد ذكريات الماضي، ندرك أنَّ تلك المصاعب لم تكن إلَّا محفزاً لتغيير الحياة نحو الأفضل.

"إنَّ الإنسان الذي يرتقي بفكره هو ذلك الذي يرفض أن يجلس ساكناً يتنهد ويتمنى أن تتغير الأمور من تلقاء نفسها؛ فهو لا يشتكي من نصيبه، ولا يحلم بصورة سلبية بقدوم مركب بعيد ينقذه من أعباء الحياة؛ بل يتصور في ذهنه أنَّه ليس ممَّن يستسلمون، وأنَّه لن يسمح بأن تسيِّره ظروف الحياة كيفما شاءت" – تشارلز سويندول (Charles Swindoll)

إنَّ الطريقة الوحيدة لنا كي نعيش حياتنا لأبعد حد ممكن هي أن نتعلم المضي قدماً، وكيفية التعامل مع التحديات التي تعترض طريقنا؛ إذ إنَّ النجاة من منعطفات الحياة والمثابرة خلال المحن والألم ومشاعر اليأس والإحباط جزء من رحلة استكشاف ذواتنا، ولا وجود لطريقة أخرى لكي تتعلم كيف تصمد وكيف تكون شجاعاً ومفعماً بالأمل والتفاؤل بشأن حياتك ومستقبلك.

يتخلل شعور الهزيمة والإحباط أعماق الجميع في مرحلة ما خلال رحلة حياتهم، ويجد بعضنا نفسه محاطاً باليأس دون أن يعرف ما يمكنه فعله؛ فنتوقف بذلك عن التطور والازدهار في الحياة، وينتهي بنا الأمر إلى أن نعيش حياتنا تحت وطأة الندم والخوف والألم وخيبة الأمل والحزن؛ ولكن هذه ليست الطريقة التي يُفترَض أن نحيا بها.لا تستسلم عند شعورك بالإحباط واليأس عندما تبدو الحياة صعبة للغاية؛ بل استفد من هذه النصائح السبعة التي تساعدك على تنمية شجاعتك وبناء مقاومتك، وذلك ليتسنى لك التقدم، ومواجهة المنعطفات، واحتضان فرحة عيش حياة تقع في غرامها:

1. تقبَّل واستبق التغيير بصورة يومية:

يصعب في عالم يسوده التغيير باستمرار التمسك بهويتك، وإدارة تعقيدات الحياة، والقدرة على التنبؤ بها؛ فالشيء الوحيد الثابت في حياتنا هو التغيير.

بدلاً من مقاومة حتمية التغيير، تعلم كيف تتقبله، واعتنقه، واعلم أنَّه سبيلك الوحيد لتحسين حياتك؛ إذ تعمل مقاومة التغيير على تغذية الطاقة السلبية التي تُشعِرك بالإحباط تجاه حياتك. لا توجد طريقة يمكنك من خلالها عيش حياتك إلى أبعد مدى دون اختبار التغيير؛ لذا لا تتوقف أبداً عن اسكتشاف ذاتك، ومعرفة كيفية التفاعل مع الآخرين والعالم من حولك. تعلَّم أن تكون مرن التفكير، واطرح الكثير من الأسئلة، وابحث عن الحلول، ولا تجعل تفكيرك منصبَّاً فقط على المشكلة التي تواجهها؛ حيث يصعب حل مشكلة ما عندما تكون منغمساً فيها.

ابحث عن الحل دائماً؛ حيث يقول دالاي لاما (Dalai Lama): "إذا كان هناك حل لمشكلة ما، فحتماً سوف تُحَل؛ أمَّا إذا كانت عصية على الحل، فلا جدوى من القلق بشأنها".

إقرأ أيضاً: حكم وأقوال لتجاوز كل شيئ صعب في الحياة

2. استخدم قوة الاختيار لديك كعامل لتحريرك وليس لأسرك:

إنَّ الأمر الوحيد الذي تمتلك تحكماً كاملاً به هو قوة اختيارك، ولا يمكن لأحد انتزاع ذلك منك.

عندما تصبح الحياة صعبة، ولا تعلم ما عليك فعله، ستكون بيدك قوة الاختيار؛ حيث تحدد خياراتك كيف ستواجه الأوقات العصيبة التي تعترض حياتك.

بإمكانك أن تختار ألَّا تقوم بأي شيء، وتنطوي على نفسك، وتسمح بتشتيت نفسك عن مواجهة المشكلة؛ أو أن تختار المبادرة ومواجهتها.

إنَّ أسهل الخيارات أمامك هي الامتناع عن فعل أي شيء، ولكن يأتي ذلك بنتائج عكسية تماماً؛ وكما يقول عالم النفس كارل يونج (Carl Jung): "ما تقاومه يستمر"؛ لذا اختر الخيارات التي تمكِّنك من المضي قدماً، وليس الرجوع إلى الوراء أو الدوران في حلقة مفرغة لا تقودك إلى أي مكان.

3. لا تقلق من طلب المساعدة:

لا يعني طلب المساعدة أنَّنا ضعفاء؛ فالشخص الذي يختار أن يبحث عن حل هو شخص مرن ومدرك لذاته، ويسعى بنشاط للحصول على الدعم والمشورة والتشجيع من الآخرين عندما يمر بأوقات عصيبة.
يقدِّر أولئك الذين يبحثون عن الحلول آراء الآخرين؛ ذلك لأنَّ حكمتهم وطاقتهم الإيجابية تساعدهم على التغلب على الشدائد، والاستمرار في المضي قدماً في الحياة.

4. تحلَّ بالإيجابية واضحك من كل قلبك:

هذا سلاح سري يساعدك على الاستمرار عندما تصبح الحياة صعبة، حيث تمكِّننا مواقفنا الإيجابية من استخدام قوتنا في الاختيار بحكمة، فنصبح مفعمين بالأمل والتفاؤل بشأن إيجاد حلول، ونعمل على تخطي التحديات التي نواجهها.

تجعلك مواقفك الإيجابية صاحب عقل منفتح، وتسمح لك باستكشاف جميع الاحتمالات المتاحة؛ في حين يجعلك اتخاذ المواقف المتشائمة منغلقاً على نفسك، ويشجعك على الانسحاب دون إيجاد طريقك من خلال التحديات التي تواجهها؛ إذ لا تؤدي المواقف المتشائمة إلى النمو أو التعلم، بل إلى ركود الحياة؛ أمَّا المواقف الإيجابية، فإنَّها تقودك نحو التعلم والنضج والازدهار في الحياة؛ لذا عندما تواجه أوقاتاً عصيبة، اختر اتخاذ مواقف إيجابية متفائلة، واعلم يقيناً أنَّك ستصبح أقوى وأكثر مرونة وشجاعة.

إنَّ الضحك هو أفضل طريقة لأن تزدهر وتنضح بالحياة؛ ولكي تتمكن من تجاوز الأوقات العصيبة، أحط نفسك بأشخاص يجعلونك تضحك، ويحبون الضحك معك؛ إذ إنَّ الضحك معدٍ، وستجد قريباً أنَّه عندما تضحك من كل قلبك، ستشعر أنَّك على قيد الحياة ومتفائل بشأن مستقبلك.

شاهد بالفيديو: 8 طرق لتدريب العقل على التحلي بمزيدٍ من الإيجابية

5. تقبَّل فكرة عدم القدرة على التنبؤ بالحياة، ولا تتهرب منها:

إنَّ الحياة رحلة غريبة ومدهشة يتخللها مزيج من التجارب الكثيرة المؤلمة، والكثير من الجمال والسعادة؛ وإنَّ الهروب من التحديات التي تعترضنا ليس الحل الأمثل للتعامل مع الحياة، حيث لا يوجد مكان تلجأ إليه عندما تهرب، وسيطاردك الألم والضيق وتحديات الحياة أينما ذهبت.

لا بأس في الانهيار وارتكاب الأخطاء والفشل والشعور بخيبة الأمل والندم أحياناً؛ ولكن من غير المسموح لك أن تبقى في هذه الحالة لمدة طويلة.

يتوقع أصحاب التفكير المرن الفشل والتعرض إلى خيبة الأمل، ويدركون أنَّه ينبغي على المرء التغلب على المحن والتحديات التي يواجهها في الحياة لكي يبقى قوياً؛ فيختار الشجعان أن "يمضوا قدماً" في الحياة، وأن يستمروا في السير نحو عيش حياة رغيدة ومُرضِية؛ لذا التزم بأن تصبح ذلك الشخص المرن والشجاع الذي وُلِدت لتكونه.

6. تذكَّر أن تركز على ما يجلب لك الفرح في الحياة:

"ابحث بداخلك عن لحظات الفرح، ودع الفرح يلغي شعور الألم" – جوزيف كامبل (Joseph Campbell)

عندما تشعر باليأس والإحباط، من السهل أن تنسى الأشياء الجيدة التي تحدث في حياتك؛ وفي الواقع، إذا سمحت للسلبية بأن تستنزف طاقتك، ستعتقد أنَّه لا وجود لشيء جيد في الحياة، ويصبح ذلك واقعك المعاش دون أن تدري.

إذا كانت تراودك هذه الأفكار، فتوقف فوراً، واكتب قائمة بكل الأشياء الجيدة التي مررت بها، وكل الأشياء التي جلبت لك الفرح؛ فكلَّما زاد تركيزك على الخير، أصبحت أكثر تفاؤلاً.

يشكل إظهار التقدير للآخرين، والتعبير عن الامتنان تجاههم عاملين لإعادة الفرح إلى حياتك؛ فالأشخاص الذين يدعمونك ويحبونك هم كنزك الثمين؛ وكلَّما أظهرت تقديرك وامتنانك للآخرين (وللغرباء حتى)، كانت حياتك مفعمة بالسعادة.

إنَّ هذين العاملين بسيطان للغاية؛ وإذا استمريت في تكرارهما، ستتغير حياتك إلى الأفضل حتماً.

إقرأ أيضاً: قواعد العقلية الممتنة!

7. لا تدع ماضيك يتحكم بحاضرك:

إنَّ ماضيك هو فرصتك لتعلم الدروس التي تحتاجها للتعامل مع حياتك الحالية؛ ومع ذلك، إن لم تتخلَّ عن ندمك في الحياة وتتصالح مع ماضيك، فمن الصعب جداً أن تمضي قدماً.

ابحث عن فرص لاكتشاف ذاتك، وتعلم كيف تثق وتؤمن بنفسك، واسأل نفسك هذا السؤال عندما تواجه أوقاتاً عصيبة: "ما الشيء الوحيد الذي يمكنني فعله الآن لأقترب خطوة واحدة من المضي قدماً؟".

كل ما عليك أن تتذكره هو أن تخطو خطوة واحدة نحو الأمام، وتكرر تلك الخطوة؛ وستكتشف قريباً أنَّك اقتربت من إيجاد الحل فعلاً.

لا تدع كل أخطائك ومخاوفك السابقة تلقي بظلالها عليك، وتقوِّض شجاعتك؛ إذ لا يمكن لما حدث في ماضيك أن يحدد هويتك؛ فأنت تقرر الشخص الذي تكونه الآن وفي المستقبل؛ لذا كن الشخص صاحب الفكر المرن والشجاع الذي وُلِدت لتكونه.

أفكار أخيرة:

إنَّه لمن الطبيعي عند مواجهتك أوقاتاً عصيبة أن تصاب بالإحباط والضياع؛ إذ من الصعب جداً أن تكون متفائلاً بشأن مستقبلك عندما يستهلكك الألم والإحباط؛ ولكن مع ذلك، احفظ هذا الاقتباس من أبراهام لينكولن (Abraham Lincoln) عن ظهر قلب:

"إنَّ أفضل شيء بخصوص المستقبل هو أنَّه يأتي كل يوم على حدة".

استخدم هذه النصائح السبعة عند مواجهة أوقات عصيبة، وسنضمن لك أنَّك ستتمكَّن من التألق والازدهار في أحلك الظروف.

 

المصدر




مقالات مرتبطة