كيف تعالج تنكس المفاصل دون جراحة؟

يُعَدُّ تنكس المفاصل من الأمراض الهامة والشائعة جداً بين الناس بدرجة كبيرة، وبعض الأطباء يرفضون تسميته بالمرض أو الداء لأنَّه حالة طبيعية تحدث مع التقدم في السن؛ إذ إنَّ جميع الناس فوق عمر الستين سيبدأ لديهم تنكس المفاصل بدرجات مختلفة، وهذا أمر طبيعي عندما يتقدم الإنسان في السن؛ فإنَّ جميع أجهزة وأعضاء الجسم ستقل كفاءتها، والمفاصل هي إحدى هذه الأجهزة.



ماذا يعني تنكس المفاصل؟

تُعَدُّ المفاصل مناطق اتصال العظام مع بعضها بعضاً، وهي التي تتيح للإنسان إمكانية الحركة، وتكون هذه العظام الموجودة داخل المفاصل مبطنة بنسيج غضروفي يسمى "الغضروف المفصلي" الذي يعمل بمنزلة مزلق ومسهل لحركة العظام ضمن الجوف المفصلي.

مع التقدم في السن أو بسبب عوامل مرضية مختلفة - سنأتي على ذكرها في هذا المقال - يصاب الغضروف المفصلي بالأذى، ويخسر جزءاً من بنيته أو يصبح قليل الثخانة، لدرجة يشعر فيها المريض بالألم وذلك بسبب ارتطام العظام ببعضها ضمن الجوف المفصلي خلال الحركة.

في مراحل متقدمة من التنكس المفصلي حين يزول جزء كبير من النسيج الغضروفي، ويصبح رأس العظم عارياً بشكل كامل، يبدأ الألم الشديد، وبسبب الارتطام المتكرر بين هذه العظام تتشكل نتوءات أو بروزات عظمية تسمى المناقير، وفي مراحل متقدمة أكثر تتشكل كيسات عظمية في رأس العظام مؤدية إلى تشوه كبير في شكل المفصل، وهنا يكون الحل الوحيد هو تركيب مفصل اصطناعي.

إقرأ أيضاً: 6 أسباب تقف وراء التهاب المفاصل

ما هي أسباب تنكس المفاصل؟

  1. الكسور المفصلية.
  2. الداء الرثياني.
  3. الالتهاب المفصلي القيحي المهمَل.
  4. التهاب المفاصل النقرسي المزمن.
  5. عوامل جينية أو وراثية.
  6. التقدم في السن.
  7. زيادة في الوزن.
  8. الإجهاد المستمر والمتكرر.
  9. بعض الرياضات المجهدة مثل الركبي وكرة القدم ورياضة حمل الأثقال.
  10. داء بيرتس.
  11. النخر اللاوعائي في رأس الفخذ.
  12. المهن التي تتطلب حمل أوزان ثقيلة.

شاهد بالفيديو: 7 أشياء عليك الإبتعاد عنها لتتخلص من آلام أسفل الظّهر

علاقة نقص الماء بداء تنكس المفاصل؟

مع تقدُّم الإنسان في السن فإنَّ نسبة الماء في جسده تنخفض؛ وذلك بسبب تغير طبيعة أنسجة الجسم، وكذلك بسبب ضعف حساسية المراكز العصبية الدماغية المسؤولة عن إحساس الشخص بشعور العطش، بالإضافة إلى قلة النشاط المصاحبة للشيخوخة والتقدم في السن، فيستصعب المسن الذهاب إلى المطبخ وشرب الماء، كما أنَّه يستصعب كثرة الدخول إلى الحمام التي ترافق الإكثار من السوائل، والتي قد تكون موجودة بكثرة عند المسنين بسبب تضخُّم غدة البروستات المرتبطة بالسن.

كل هذه الأمور تؤدي إلى نقص كمية الماء في الجسم، وكما نعلم أنَّ الغضروف الذي يغطي النهايات العظمية الداخلة في تكوين المفصل مكوَّن بشكل أساسي من الهيالويورنيك أسيد والماء، والنسبة الأكبر هي للماء، ومن ثم فإنَّ نقص كمية الماء المتناولة سيؤثر في تركيب الغضروف المفصلي، وسيؤدي إلى هشاشة الغضروف؛ وهذا يعني تسريع عملية تآكله وزيادة تضرره جراء الجهد المتكرر والرضوض، مما يسرع عملية تنكس المفصل.

أهمية شرب الماء في الحماية من تنكس المفاصل؟

انطلاقاً من الشرح المذكور آنفاً، يمكن أن نتوصل إلى استنتاج منطقي هو أنَّ شرب كميات كافية من المياه بانتظام في مختلف فترات اليوم، يشكِّل عامل حماية لمكونات الغضروف المفصلي ويطيل من عمره، ومن مقاومته للعوامل المؤذية؛ لذا من الهام أن نقوم بما يأتي:

  1. تعويد الأطفال منذ الصغر على عادة شرب المياه دائماً وبانتظام؛ فلها الكثير من الفوائد للمفاصل ولغيرها من أجهزة الجسم.
  2. يجب أن نعلم أنَّ المسنين هم بحاجة أكبر إلى السوائل، ومع ذلك هم لا يطلبون الماء؛ وذلك لأنَّ مراكز العطش لديهم تصبح قليلة الحساسية مع مرور الزمن؛ لذلك يجب ألَّا ننتظر المسن أن يشعر بالعطش حتى نقدِّم له الماء.
  3. لأنَّ أغلب المسنين يعانون من قلة الحركة، فمن الأفضل أن تُوضَع قارورة مياه إلى جانب المسن، كي يستسهل موضوع شرب الماء.
  4. يجب الانتباه في حال كان المسن أو حتى الطفل يعاني من الأمراض التي تزيد من حبس السوائل في الجسم، مثل مرض قصور القلب أو فشل الكبد أو مشكلات القصور الكلوي، فهنا يجب التقيد بإرشادات الطبيب المختص قولاً واحداً.

هل يمكن أن يرمم الغضروف المتأذي نفسه؟

تمتاز معظم أنسجة الجسم بقدرتها على تجديد نفسها في حال حصول أيَّة أذية لها، ما عدا بعض الأنسجة مثل النسيج العصبي؛ إذ إنَّ الإنسان يُولَد ولديه عدد محدد من الخلايا العصبية، التي لا يمكن أن تزيد.

كذلك الأمر بالنسبة إلى النسيج الغضروفي فهو نسيج لا يمكن ترميمه؛ وذلك لأنَّه لا يحتوي أيَّة أوعية دموية، وهذه نقمة ونعمة في نفس الوقت، فلو كان الغضروف يحتوي أوعية تغذيه بالدم، لكان كل رض بسيط سبَّبَ نزفاً كبيراً وحصل انصباب دموي في منطقة الركبة، وأصبح المريض بحاجة إلى بزل مفصل.

إقرأ أيضاً: 5 نصائح هامة للحفاظ على صحة العظام

ما هو دور حقن البلازما PRP في علاج تنكس المفاصل؟

إنَّ وجود الأوعية الدموية والدم ضروري جداً من أجل ترميم الجسم؛ وذلك من خلال ما يسمى بعوامل النمو الموجودة في الدم والتي ترتبط بالصفيحات الدموية، ولقد فهم العلماء هذه الآلية؛ لذلك لجؤوا إلى أخذ كمية معينة من الدم، ومن ثم تثفيلها بواسطة أجهزة خاصة، ومن ثم إعادة حقنها في مفصل الركبة، ووجدوا أنَّها قد تحفز تجديد النسيج الغضروفي، وهذه التقنية الحديثة تسمى تقنية PRP.

توجد تقنية أخرى تسمى FRP، تستخدِم نفس الأسلوب لكن بطريقة تثفيل خاصة تحافظ على الفيبرينوجين الموجود في الدم، وهو مادة تشبه العلَّاقة؛ إذ إنَّها تلتصق فقط بالأماكن المتأذية وتؤمِّن لها بعض الترميم، لكن لفترة مؤقتة.

ما هي عيوب حقن البلازما PRP المستخدمة في علاج تنكس المفاصل؟

  1. على الرغم من وجود بعض الفوائد التي يلاقيها بعض الأشخاص من حقن البلازما، لكن تثبت الكثير من الدراسات الحديثة أنَّها ذات أهمية قليلة وغير مثبتة في علاج تنكس المفاصل.
  2. تؤكد بعض الدراسات الحديثة أنَّ نتائج حقن السيروم ضمن المفصل كانت قريبة إلى نتائج حقن البلازما؛ وهذا يشير إلى محدودية الفائدة.
  3. يقول بعض الأطباء إنَّ نتائج الحقن بالبلازما تعتمد بشكل أو بآخر على اليد الخبيرة، وتتأثر فيها بشكل عام.
  4. قد تتعلق نتائج حقن البلازما بشكل أو بآخر بالجهاز المستخدم بعملية التثفيل؛ وذلك من حيث جودة فصل مكونات البلازما بشكل دقيق؛ إذ إنَّ نقص كفاءة الجهاز سيؤدي إلى نقص نجاعة العلاج.
  5. مع احتمالية وجود فوائد في بعض الحالات، إلَّا أنَّ حقن البلازما له مفعول مؤقت، ويجب تكرار الحقن من مرة إلى أخرى.
  6. لأنَّ حقن البلازما يتطلب تكراراً من فترة إلى أخرى، فهو يُعَدُّ ذا تكلفة عالية مقارنة بالفائدة التي قد لا تكون أكيدة.
  7. يقتصر استخدام حقن البلازما على الدرجات الخفيفة والمتوسطة - المرحلة الأولى والمرحلة الثانية فقط - وليس له أيَّة فائدة في المراحل المتقدمة - المرحلة الثالثة والمرحلة الرابعة - وذلك لأنَّ النسيج الغضروفي في المراحل المتأخرة قد يكون شبه معدوم أو حتى غائب بشكل كامل عن السطوح المفصلية، ومن ثم فإنَّ عوامل النمو الموجودة في البلازما لن تجد نسيجاً غضروفياً كي تحفزه على التكاثر أو تحثه على ترميم نفسه.

شاهد بالفيديو: 10 أنواع أطعمة تقوي جهاز المناعة

علاقة السمنة بتنكس المفاصل:

تُعَدُّ السمنة عاملاً رئيساً من العوامل التي تسبب تنكس المفاصل، وتسرِّع عملية حصوله وتفاقمه، وتؤدي إلى سرعة تطوره وتدهور حالة المريض؛ وذلك بسبب زيادة الحمل على المفصل ومن ثم إجهاده وتسريع عملية التآكل الحاصلة في الغضروف المفصلي، وأيضاً من خلال العناصر الالتهابية مثل السيتوكينات التي تزداد في حالة السمنة؛ لذا يُعَدُّ تخفيف الوزن خطوة أساسية لإبطاء ترقي تنكس المفاصل؛ وذلك من خلال اتباع بعض العادات التي من شأنها تخفيف الوزن مثل:

  1. تناول كوب أو كوبين من الماء قبل نصف ساعة من تناول الطعام؛ إذ يعمل الماء على إضفاء شعور الشبع عند تناول كميات أقل من الطعام.
  2. النوم لفترات كافية، وأن يكون النوم خلال الليل فقط وابتداءً من الساعة العاشرة أو الحادية عشرة، لفترة تتراوح ما بين ست إلى ثماني ساعات.
  3. عند الشعور بالجوع بين الوجبات الرئيسة، من الممكن تناول الخضار والفواكه، وبالأخص الخضار الخضراء مثل الخيار أو الخس أو الجرجير وغيرها من الخضار الغنية بالألياف.
  4. يجب الابتعاد بشكل كامل عن إضافة السكر إلى المشروبات، والابتعاد بشكل كامل عن المشروبات الغازية، والوجبات السريعة التي تزيد الوزن بشكل كبير.
  5. تناول الشاي الأخضر بدل الشاي الأسود الذي نتناوله جميعاً.
  6. تناول ملعقتين من خل التفاح ممددتين في كأس أو كأسين من الماء قبل الطعام بنصف ساعة، ويجب عدم تناوله على الريق صباحاً.
إقرأ أيضاً: أمراض الشتاء: الإنفلونزا، الزكام، التهابات الحلق والمفاصل، البرد

هل يمكن أن يصاب الأطفال بداء تنكس المفاصل؟

كما هو معروف فإنَّ داء تنكس المفاصل يصيب الأشخاص المسنين؛ لأنَّ التنكس يتطلب إجهاداً متكرراً لفترات طويلة.

في الحقيقة قد يصاب الأطفال بداء تنكس المفاصل؛ وذلك في حالات محددة عندما يكون لدى الطفل تشوه خلقي في المفصل ويكون مهملاً، فقد يؤدي إلى التنكس، ومن الممكن أن تؤدي التهابات المفاصل الشديدة وغير المعالجة عند الأطفال إلى تخريب في المفصل وتنكسه في نهاية المطاف، كما أنَّ الكسور التي قد تصيب الأطفال قد تؤدي إلى تنكس المفاصل لديهم.

في الختام:

يبقى تنكس المفاصل مرض جميع الناس، والداء الذي سنصل إليه جميعاً؛ لذا من الأفضل أن نعي أهمية تناول الماء والتمرينات الرياضية والغذاء الصحي والمتوازن؛ من أجل الحفاظ قدر الإمكان على صحة وسلامة الغضروف المفصلي.

المصادر:1، 2، 3، 4، 5




مقالات مرتبطة