كيف تطور سلوكات النجاح خلال 14 يوماً

يقف بين معظم الناس وبين الحياة الناجحة التي يتمنونها بضع سلوكات أساسية يجب عليهم تبنِّيها؛ أنت لست مضطراً إلى الالتزام بعشرات السلوكيات المعقدة الجديدة التي يتَّبعها الناجحون، إنَّما تحتاج بعضاً منها فقط، إذا أجريت بضع تعديلات سلوكية أساسية، ستتمكن من حشد الزخم والثقة واستثمارهما في نفسك لتتقن أفضل السلوكات الجديدة.



لا يتحقق النجاح بين ليلةٍ وضحاها، فهو عملية تدريجية وبطيئة يحصد ثمارها أولئك الذين يثابرون على العمل؛ يتطلب تطوير أولى سلوكات النجاح أسبوعين لا أكثر، فأنت لا تحاول قلب حياتك رأساً على عقب بين ليلة وضحاها، بل سيكون هدفك هنا تحديد وتبنِّي سلوكات أساسية لحشد الزخم الذي يمكنك استخدامه لاحقاً لإكمال العملية بنفسك، إذ إنَّ النَّجاح ليس له نهاية، وليس له حد أو سقف، يمكنك الاستمرار بتطوير نفسك والنمو قدر ما تشاء؛ لكن هذا يبدأ بتطوير سلوكات النجاح، إليك ثلاثة سلوكات أساسية كي تنطلق الآن:

1. التركيز على التعلم والإبداع عوضاً عن التسلية واللهو:

لديك الكثير لتتعلمه خلال هذه الرحلة، حين كنتُ مدوناً هاوياً أحلم بأن أصبح كاتباً مشهوراً، اعتقدت بسذاجة أنَّ كل ما يجب علي فعله هو احتراف فن الكتابة، لكنَّني الآن كاتب ناجح، وأنا مندهش من عدد المهارات التي احتجت اكتسابها، من تصميم مواقع الويب، إلى التسويق عبر البريد الإلكتروني وتقديم الندوات عبر الإنترنت وإجادة عروض المبيعات والحديث أمام الجمهور وتكوين العلاقات وتصميم الدورات التدريبية عبر الإنترنت إلى إتقان برامج الجدولة، وغيرها الكثير؛ ولهذا فإنَّ أول سلوك يجب تبنِّيه لتحقيق نجاح على مستوى عالمي هو التركيز على التعلم والإبداع عوضاً عن التسلية واللهو.

يمكنك تعلم كمٍّ كبيرٍ من المعلومات بسرعة كبيرة، إذا عقدت العزم على ذلك، على سبيل المثال؛ إذا تدربت على عزف آلة موسيقية ثلاث مرات في الأسبوع، فسوف تحتاج سنتين لإتقانها، أما إذا تدربت ثلاث مرات في اليوم، فقد تصبح ماهراً في العزف خلال بضعة أسابيع؛ يمكنك تحقيق نتائج سريعة مثل تلك عبر التعلم المكثَّف والإبداع، وارتكاب الأخطاء وتعزيز قدراتك وثقتك.

لكن طالما تركز على التسلية واللهو فلن تتقدم، ولن تتمكن من تكوين الزخم اللازم لتحطم الحواجز النفسية التي واجَهتْك لسنوات ربما؛ بالطبع يصعب عزل نفسك كلياً بعيداً عن مشتتات الانتباه، فالشركات الكبرى تخصص أقسام كاملة من المحترفين الذين يعملون على شد انتباهك إلى منتج الشركة، ومع الأثر الكبير للتكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية والإعلانات، فقد تشعر بأنَّك في مدينة ملاهٍ صُمِّمَ فيها كل تفصيل ليجذب انتباهك ويدفعك إلى إنفاق المال.

يقع على عاتقك أنت عدم السماح لتلك الأمور بتشتيت انتباهك؛ أكثر طريقة فعالة وجدتها أنا شخصياً للتعامل مع المغريات، هي ببساطة تخيُّل حياتي بعد الوصول إلى نهاية رحلتي، عندما أُسافر حول العالم وأجني المال وأقضي وقتي كيفما أشاء، وذلك مغرٍ أكثر من مشاهدة مقطع فيديو آخر حين يجب أن أعمل.

إقرأ أيضاً: أهمية النجاح في الحياة وأهم الطرق لتحقيقهذ

2. طرح أسئلة تُجبرك على النظر إلى الوضع بوضوح تام:

إحدى الإجابات الشائعة التي أتلقاها من القُرَّاء، هي أنَّهم لا يعرفون كيف يبدؤون بالعمل نحو تحقيق الحياة الناجحة. ليس بالأمر السهل النظر بوضوح إلى أهم أهدافك، فقد تخشى من اتِّخاذ القرارات الخاطئة، أو تربكك التحليلات، أو ربما لم تعرف أبداً ما الذي تريد فِعله وكنت تتنقل بين الوظائف والعلاقات المتاحة لك انتقالاً سريعاً دون وجهة محددة، في هذه الحالة، أنت تحتاج إلى أن تطرح على نفسك أسئلة واضحة وصريحة عن حياتك؛ لقد قرأت مقالاً رائعاً من خبير الاستثمار "زاك سلايباك" (Zak Slayback) يصف فيه تمريناً يتطلب عشرين دقيقة ليساعدك على النظر بوضوح تام عند التفكير في أهم أهدافك، يتطلب التمرين إكمال مجموعة من العبارات وهي كالتالي:

  • أشعر بالتعاسة حين…
  • أخشى …
  • أُجيد لكن لا أستمتع بـ…
  • لا أستطيع تخيل نفسي أقوم بـ… كل يوم طوال حياتي.
  • لا أفهم لماذا قد يقوم أي شخص بـ…
  • … لا يروق لي.

إليك بعض الأجوبة التي قد تجدها مفيدة:

أشعر بالتعاسة حين…

  • أُجبَر على العمل مع أشخاص محبِطين يجبرونني على القيام بمهام تستهلك الوقت لكن لا تنتج قيمة فعلية.
  • أضطر إلى الإصغاء إلى أرباب عمل غير مطلعين ولا يجيدون القيادة.
  • لا أستطيع قضاء وقتي في العمل على الأشياء التي أرغب بها.
  • أُجبَر على العمل لساعات طويلة على أمور أكرهها.
  • أُجبَر على الالتزام بجدول مواعيد شخص آخر.
  • لا أستطيع إنجاز الأمور على طريقتي.

أخشى …

  • العمل في وظيفة أكرهها.
  • التعامل مع أشخاص وقحين ولئيمين.
  • مواجهة أشخاص صعبي المراس.
  • الاضطرار إلى القيام بمهام لا أرغب بالعمل عليها.
  • الاضطرار إلى هدر وقتي في العمل على أمور لا أكترث لأمرها.

أُجيد لكن لا أستمتع بـ…

إقرأ أيضاً: كيف تكسر حاجز المستحيل وتصل إلى أهدافك

لا أستطيع تخيل نفسي أقوم بـ… كل يوم طوال حياتي.

  • العمل في وظيفة مملة بدوام كامل.
  • عمل عديم الأهمية.
  • إدخال البيانات.
  • العمل مع أشخاص لا أكنُّ لهم الاحترام.
  • العيش في المدينة نفسها.
  • العمل في وظيفة فيها شخص آخر يتحكم بتقدمي الوظيفي.
  • المبيعات عبر الهاتف.
  • التنقل من وإلى مكان عملي لأكثر من ثلاثين دقيقة كل يوم.

لا أفهم لماذا قد يقوم أي شخص بـ…

  • العمل في وظيفة مملة تحبطه.
  • العمل مع أشخاص وقحين وأغبياء.
  • عدم السفر حول العالم.
  • عدم جني الدخل السلبي.
  • السماح لشخص آخر بالتحكم في نجاحه المهني.
  • الرِّضى بأدنى مقومات الحياة في حين بمقدوره أن يحقق نجاحاً كبيراً.
  • السماح للآخرين بإزعاجه والتنمر عليه.

لا يروق لي.

  • أي شي لا أستطيع التحكم به أو صنعه بنفسي.
  • تنفيذ تعليمات أشخاص لا أثق بهم.
  • العيش وفقاً لقوانين شخص آخر.

إذا كنت ترغب في تحقيق نتائج عظيمة، يحب أن تطرح على نفسك أسئلة صعبة، كن دقيقاً في أجوبتك ولا تترك مجالاً للشك والتخمين، ولا تسمح لنفسك بالمكوث في حالة عدم اليقين، حيث يقضي معظم الناس حياتهم بأكملها. ستضفي هذه الأسئلة البسيطة، حين تجيب عليها بصدق، وضوحاً إلى نظرتك وتفكيرك.

شاهد بالفديو: 7 قواعد ذهبية تمهد طريق النجاح

3. التضحية بحكمة:

علينا جميعاً التَّضحية بحكمة، لكن يمكننا اختيار ما الذي سنضحي به، الخيار ليس ما إذا كنت ستضحي أم لا، فذلك حتمي، لكن يمكنك أن تختار ما الذي ستضحي به، وذلك الخيار سيؤثر على بقية حياتك، خلال حياتي الجامعيَّة كان هناك مزحة متداولة حيث يُخيِّر الزملاء بعضهم بين النوم والأصدقاء والمعدل العالي، كان يجب أن تضحي بأحدها لتحظى بالاثنتين الباقيتين؛ جميعنا يجب أن نضحِّي، لكن يجب اختيار الأمر الذي سوف تضحِّي به، بحيث لا تتكبد خسائر فادحة.

للأسف، يضحِّي العديد من الناس بالشيء الخاطئ، مثل إمكاناتهم أو علاقاتهم أو صحتهم أو مستقبلهم؛ فبدلاً من الابتعاد عن العلاقات السامة، تجدهم يتشبثون بها، وبدلاً من العمل بإخلاص لتحقيق حياة مهنية رائعة، تجدهم راضين بوظائفهم وحياتهم المملة؛ يجب أن تضحِّي أنت أيضاً، لكن اختر تضحيتك بحكمة.

منذ سنوات، ذكرت وضعي المزري لأحد معارفي، وكان شخصاً لم يعرفني بشكل مقرَّب وبإمكانه التحدث معي بصراحة تامة، ولم يخيب أملي حين قدم رأيه قائلاً: "يجب أن تتوقف عن الشكوى وتعثر على وظيفة جديدة حالاً، لا يهم ما الذي تضطر إلى فعله كي تحصل عليها، سواء ألغيت التزاماتك الاجتماعية أم لازمت المنزل خلال العطل الأسبوعية أم استيقظت باكراً كل صباح، ما يهم هو أن تحصل على وظيفة جديدة".

بعد سماع ذلك كنت غاضباً واتخذت موقفاً دفاعياً في البداية، تعجبت كيف تجرأ على قول تلك الأمور لي دون أن يعرفني أو يعرف الصعوبات التي أعاني منها، لكن ببساطة كان هذا الشخص يدعوني إلى التضحية بشيء لم أُرد التخلي عنه؛ في النهاية أدركت الحكمة في ما قال، فقد كنت أضحي بسعادتي وعافيتي النفسية في الوظيفة التي اعتدت على العمل فيها حينها، وكان هو يقترح عليَّ التضحية ببضعة أيام عطلة ولقاءات اجتماعية في سبيل شيء قد يغير حياتي المهنية بأكملها؛ وذلك ما فعلته في النهاية، اخترت عدم الخروج بصحبة أصدقائي لفترة، والعمل بجد، حتى عثرت على وظيفة جديدة، وخلال بضعة أسابيع من العمل بتركيز وتكوين العلاقات والتواصل مع أشخاص من أقسام مختلفة، عُرِض عليَّ وظيفة أفضل من وظيفتي السابقة بأشواط ولقاء أجر أعلى، وتتطلب مقابلة أشخاصٍ جدد والسفر، والأهم من ذلك لم أعد مضطراً إلى إجراء المكالمات التسويقية؛ الأمر نفسه ينطبق عليك، يجب أن تضحي، ذلك لا مناص منه، لكن يمكنك اختيار ما الذي ستضحي به.

في الختام:

خيارات صغيرة تؤدي إلى نتائج عظيمة، حين تبدأ باتخاذ القرارات الصحيحة على المستوى الصغير، ستشهد النتائج التي ترغب بها وليس العكس؛ لقد حان الوقت لتبدأ بالتصرف كشخص ناجح يتحكم بوقته وعلاقاته وأمواله وخياراته؛ ذلك يبدأ بسلوكاتك، حين تبدأ باتخاذ قرارات صحيحة على نحو مستمر، ويمكنك المباشرة ذلك الآن، وسوف تتحول تلك السلوكات إلى صفات دائمة في حياتك، وتُصبحَ شخصاً منضبطاً وإيجابياً عالي التركيز وواضح الرؤية، يتمتع بالقدرة والقوة.

تكمُن الصعوبة في البداية بالنسبة إلى العديدين، إذ لا يعرفون أين يجب أن يركزوا وقتهم وطاقتهم، فيهدرون الوقت، في حين كان يجب البدء في العمل على تحقيق أحلامهم منذ زمن طويل، وبما أنَّهم يتخذون قرارات حمقاء وغير حكيمة على مستوى صغير، فَهُم يحصدون نتائج سلبية كبيرة في حياتهم؛ اختر أنت تبنِّي سلوكيات النجاح في حياتك، لا داعي لإحداث تغييرات ضخمة، يكفي أن تحشد الزخم الذي تحتاجه لتعيد استثماره في حياتك، ضحِّ بالأمور الصحيحة كي تبني الحياة التي تريدها.

المصدر




مقالات مرتبطة