كيف تساعدك ركائز الحياة الخمس على تحقيق التوازن في الحياة؟

هل سنحت لك الفرصة مؤخراً للتوقف وإلقاء نظرة على المكانة التي وصلت إليها في الحياة والتفكير في تطلعاتك أو قيمك الحالية؟ لكل شخص أولويات وإنجازات مختلفة يريد تحقيقها؛ وهذه الأهداف هي ما نسميها ركائز الحياة.



لعلَّك قد تتخيل عند تصور الركيزة الهياكل التي تدعم المنزل أو تشكل مدخلاً كبيراً لبناء ما، وكذلك هي ركائز الحياة؛ فهي الأسس المتاحة التي ترشدنا وتمنحنا الاستقرار؛ فإذا كنت تشعر بالشك بشأن المستقبل، فكِّر في السعي حينئذٍ إلى بناء 5 ركائز للحياة هي: العمل والمال والحب والهدف والحماسة.

ستمنحك هذه النصائح التدريبية الملموسة القدرة على تقوية ركائزك وتحقيق مزيد من التوازن في الحياة:

1. تحديد أهدافك المهنية:

ربما تُفاخر بأنَّك قد عملت لصالح الشركة نفسها طوال عشرين عاماً، أو أنَّك قد اتبعت ما يملي عليك قلبك أخيراً وأسست مؤسستك غير الربحية.

يعني امتلاك مهنة أن تُلزِمَ نفسك بعمل من الساعة التاسعة إلى الخامسة، وقد يكون عملك أن تقدم إسهامات كموظف أو متطوع، أو أن تكون المالك لأي منظمة؛ إذ يتعلق الأمر بالانتقال برغباتنا إلى مرحلة التعلم، ومن ثم ترك أثر في هذه الحياة؛ ونقوم بذلك من خلال إعطاء الطاقة للجانب المتعلق بالأعمال في أنفسنا، مستخدمين مهاراتنا في استكشاف الأخطاء وإصلاحها وتحديد أخلاقيات العمل لدينا.

لكل شخص أجزاء صغيرة تتعلق بمهنة ما في حياته اليومية، فالآباء المقيمون في المنزل مسؤولون عن فواتير المنزل، وقد يتطوع الطالب الجامعي للعمل في عطلات نهاية الأسبوع، ويمكن لموظف المطعم أن يعمل ليصبح مديراً يوماً ما.

إذا لم تكن هذه الركيزة قوية بالقدر الذي ترغب فيه، أو إذا كنت تتطلع إلى معالجة الموضوع بطريقة أخرى في الحياة، ففكر في العودة إلى الدراسة؛ ذلك لأنَّ الأوان لا يفوت أبداً على اكتساب مؤهلات أو شهادات جديدة، حتى لو كان هذا عبر الإنترنت؛ فإذا كنت تشعر كما لو أنَّك فقدت بوصلتك عندما يتعلق الأمر بحياتك المهنية، فاعتمد على استبيان أو اخضع إلى اختبارات شخصية لتساعدك على تحديد المهنة التي تناسبك.

مثلاً: قد يؤدي التبرع بالوقت أو الموارد لقضية تهتم بها إلى اكتشاف موهبة جمع التبرعات أو موهبة التواصل مع الناس، وتنمو من هنا فرصة التغيير الوظيفي؛ فإذا كنت حالياً مساعداً إدارياً لكنَّك تطمح إلى الانتقال إلى الإدارة، حاول مراقبة رئيسك في العمل وتعلَّم منه كيف أصبح قائداً؛ وحالما تحدد أهداف حياتك المهنية، ستشعر بمزيد من الوضوح والتوازن عند سعيك إلى تحقيق تطلعاتك.

شاهد بالفديو: كيف تحدد أهدافك وتنجزها دون توتر؟

2. جعل المال يعمل لحسابك:

لا يجب أن يكون كونك مليونيراً هدفاً، ولكنَّ المال ركيزة هامة في الحياة؛ فبه تدفع لشراء أساسيات الحياة، ويعطيك الفرصة لتحقيق إنجازات عديدة، كشراء منزلك الأول أو الإدخار للتقاعد أو القيام برحلة العمر.

يساعدنا المال أيضاً في إعالة أطفالنا وأنفسنا بأي طريقة نرغب فيها، ففكر في احتياجاتك المادية التي تُشعِرك بالراحة في الحياة، فما تحتاجه من المال أو ما تفعله به قابل للتفسير؛ فقد ترغب في أن تحيا نمط حياة اقتصادي وتنفق على الضروريات فحسب، أو ربما تكون من الذين ينفقون المال لحظة حصولهم عليه؛ إذ يوجد في كلتا الحالتين قيمة في احترام المال لأنَّك ستجد أنَّ الأشياء الجيدة تأتيك حينما تستثمر أموالك.

إذا خبأت خمسة دولارات في حصالة كل شهر، فستكون ممتنَّاً يوماً ما عندما تصل مدخراتك إلى مئات أو آلاف الدولارات؛ كما يمكنك البحث عن خطط التقاعد المُتاحة في مكان عملك، فتعرَّف ما إذا كان لديهم حوافز تجعلك ترغب في ادخار المزيد، وسيمنحك هذا السلام الذهني في المستقبل.

إقرأ أيضاً: مقومات النجاح الأساسيّة في الحياة

يعمل بعض الناس في وظيفة إضافية في عطلة نهاية الأسبوع لأنَّهم يستمتعون بإنفاق أموال إضافية على وجبات العشاء الفاخرة، أو لأنَّهم يدخرون لبدء عملهم التجاري الخاص؛ فإذا كنت والداً، فعليك التفكير في تعليم أولادك أهمية المال، مما يشجعهم على العمل بجد لكسب الأشياء التي يرغبون فيها؛ إذ لا يمنحنا المال الفرصة لتحقيق أهدافنا فحسب، لكنَّه يحفزنا أيضاً لنكون مبادرين.

عندما تُحدِّد شكل ركيزتكَ المالية، سيكون لديك مرساة تحتفظ وتتمسك بها، ممَّا يحافظ على التوازن في حياتك المالية؛ وستكتشف أنَّك عندما تقدِّر المال، سيزداد ويعمل لأجلك.

3. اكتشاف تقلبات الحب:

لدينا جميعاً تلك الرغبة في رعاية شخص ما أو شيء ما والارتباط به، فيا له من شعورٍ دافئ له تقديره في نفوسنا جميعاً أن نحب ونكون محبوبين من قِبَل العائلة أو شخص هام أو صديق أو حيوان أليف.

للحب أشكال عديدة، ويمكنك أن تقرر ما هو النوع الذي تريده أو تريد السعي خلفه؛ فقد يكون نوع الحب المناسب لك هو الحب غير المشروط أو الشغوف أو الصداقة الحميمة أو الرعاية.

عندما تفكر في الحب غير المشروط في حياتك، فكِّر في الصفات التي تميز هذه العلاقات؛ وإذا كنت قد تورطت فيما مضى في مشاجرةٍ حادة مع أحد أفراد الأسرة في ليلةٍ ما، وألقيت عليهم التحية في الصباح وكأنَّ شيئاً لم يكن، فأنت تدرك معنى التفاني غير المشروط؛ فهو ينطوي على وجود التسامح وتبنِّي الخيار الصعب، وأنَّك تفضل رؤية الشخص الآخر سعيداً على أن تكون مُحقاً.

أمَّا عن الحب الشغوف، فهو قد يمنحك الفرصة لتنمية أنشطة لديك رغبة في ممارستها؛ فربما يكون لديك شغف بالطبخ، ويكون إعداد العشاء للأصدقاء والأسرة هو أسلوبك في التعبير عن هذا النوع من الحب.

أمَّا عن حب الصداقة الحميمة، فهو ينطوي على التبادل الذي يُثري ويبني الطرفين.

أخيراً، يوجد حب الرعاية الذي يركز على النمو والرعاية؛ حيث يمكن لتقديم الرعاية وتلقيها أن يحسِّن حياتك ويجعلك تعيش رحلة أثرى؛ ويمكنك رعاية طفل أو حيوان أليف أو علاقة صداقة تعني الكثير بالنسبة إليك.

إقرأ أيضاً: 8 طرق تأمّل لإدخال مزيد من الحب إلى حياتك

لك مطلق الحرية في تحديد الصفات التي تقدِّرها في العلاقة ونوع الود الذي تريد منحه وتلقيه، حيث يمكنك تحقيق أهداف العلاقة بطرائق متعددة، كالاشتراك في تطبيقات المواعدة؛ ومع أنَّك قد تكون متشككاً، لكنَّك قد تجد حب حياتك إذا عرضت نفسك إلى الخطر وخرجت، حيث يمكنك التواصل مع الأصدقاء القدامى واكتشاف أنَّ الفصل الذي اعتقدت أنَّه قد انتهى سيُفتَح على مصراعيه من جديد.

إنَّ تحديد موعد أسبوعي لتناول الغداء مع والدتك طريقة هامة أخرى لإظهار الحب؛ فلن يكون آباؤنا هنا للأبد، ولا يُقدَّر إمضاء ما يكفي من الوقت للتعرف على التفاصيل المتعلقة بحياتهم بثمن؛ لذا أظهر لهم أكبر قدر ممكن من المودة، وستشعر بثقة وتواصل أكبر في الحياة عندما توظف وقتك من أجل الناس والحب.

4. استثمار الهدف من خلال ترك بصمة في الحياة:

مفتاح آخر لتحقيق التوازن في الحياة هو وجود الهدف أو الإحساس بوجود غاية من الحياة؛ ذلك لأنَّ الأحساس بأنَّ للحياة غاية هو المفتاح لإرساء ركائز متينة في الحياة، ولا يعني هذا الحصول على وظيفة معينة أو أن يكون لديك هدف مالي فحسب؛ فقد يكون هذا عبارة عن فكرة تمتلكها تتعلق بنوع الأثر الذي تريد أن تتركه في العالم.

يأتي هذا الجانب من الهدف على المستويين الجزئي والكلي، ويمكنك على نطاق ضيِّق أن تجد أنَّ هدفك هو أن تعامل الناس بلطف أو تتقن العمل الجماعي؛ ويمكنك على نطاق أوسع أن تجد أنَّ هدفك هو ممارسة مهنتك المثالية، سواء كان هذا يعني أن تكون مدرساً أم والداً أم كاتباً أم رجل أعمال؛ فقد تتعهد بالقيام بعمل واحد غير أناني كل يوم أو تسعى جاهداً إلى أن تكون أول شخص يمتلك عمله الخاص في العائلة.

من أهم الجوانب في معاني الهدف أن تأخذ في الحسبان الطريقة التي تريد أن يتذكرك بها الأصدقاء وأفراد الأسرة؛ فربما تريد أن تكون معروفاً بالشخص صاحب الابتسامة أو كشخص خبير يمكن للناس الاعتماد عليه؛ فإذا كان الأمر كذلك، فيعني هذا أنَّ الهدف من حياتك هو إبهاج الناس وأن تكون الصديق المعطاء.

جمال امتلاك هدف هو أنَّه يمكن أن يتغير؛ فقد يكون الهدف الذي تركز عليه الآن يختلف تماماً عن هدفك منذ خمس سنوات؛ وربما كان هدفك الحالي هو الحصول على وظيفة أحلامك وشراء منزل جديد لوالديك، في حين سيكون هدفك في وقت لاحق من حياتك هو أن تعمل كمتطوع بعد التقاعد؛ ومهما كان الأمر، عندما يكون لديك دافع للخروج من السرير كل يوم، سيكون من الأسهل أن تشعر بالاستقرار وتحافظ على توجه واضح في الحياة.

إقرأ أيضاً: كيف أحقق التوازن بين عملي وحياتي الخاصة؟

5. البحث عن مصدر الحماسة:

يمكن أن تغدو الحياة عادية إذا لم نمارس أنشطة أو هوايات تثير الحماسة في داخلنا، فحاول أن تلتقط صوراً لسيارة عتيقة وصوراً لأخرى جديدة ولامعة، حيث قد يحب بعض الناس سحر وتاريخ القديم، في حين أنَّ آخرين يقدِّرون الجوانب التكنولوجية الجديدة في الأشياء الجديدة.

لكلٍّ من هذين النوعين من الناس حماسة للحياة، لكنَّ وجهات نظرهم مختلفة فحسب؛ لذا فقد آن أوان معرفة ما الذي يثير الحماسة في روحك، لكونه ركيزة هامة في الحياة.

هل أنت من الأشخاص الذين يتعلقون بالذكريات ويصنعون دفتر ذكريات مفصل لعائلتهم؟ أم أنَّك ممَّن يشجعون الناس ويعملون لمساعدة الآخرين على تحقيق أحلامهم؟ قد تبدأ رؤية ما هو ممكن وتحدد اتجاه وقصة حياتك، وذلك من خلال تدوين واكتشاف ما يعجب الناس فيك.

في حين أنَّ كل ما نختبره لا يعدُّ مثيراً، إلَّا أنَّه ينشِّط الشعور بالنمو الشخصي، وحتى أنَّك قد تصل إلى موقع لا تعود تشعر فيه أنَّه من الضروري أن يكون الارتقاء للوصول إلى معايير شخص آخر هو قفزة كبيرة.

ستختبر كشخص راشد حلو الحياة ومُرَّها، لكن سيبقى بإمكانك في أثناء كل ذلك أنَّ تركز حماستك على أنشطة وهوايات مختلفة؛ وعندما تمر بوقت عصيب أو تعاني من الشعور بعدم الارتياح، سيجعلك تركيز الطاقة على الروحانيات أو العواطف تشعر بهدوء وتركيز أكبر.

إقرأ أيضاً: 5 دلائل تنذر بأنّ الشّاكرات لديك تفتقد إلى التوازن

في الختام:

تمنحنا ركائز الحياة القدرة على تحقيق التوازن لأنَّها تهبنا مرساة نتمسك بها عندما يهتز القارب بفعل أمواج الحياة، ويمكن تطوير وتقوية هذه الركائز باستمرار؛ فلن تؤدي الطاولة وظيفتها المُفترضة إذا كان طول أحد أرجلها يبلغ ثلاثة أقدام بينما يبلغ طول الأرجل الأخرى ستة؛ فالهدف من هذا هو بناء ركائز وأساس متين.

تتطور الركائز مثلما تتطور ظروفنا، ويبقى بإمكانك تقدير حيوية الركائز الجديدة مع الاحتفاظ بمشاعر الاحترام للقديمة منها؛ وتذكَّر أنَّك تخوض رحلة فريدة من نوعها، لذلك قد تبدو ركائزك مختلفة عن ركائز صديقك المُقرَّب؛ ولتتذكر أنَّنا جميعاً ندعم بعضنا بعضاً، وتعلَّم حين تسعى جاهداً إلى بناء ركائزك من الناس الذين بنوا ركائزهم قبلك.

قد يستغرقك إتقان ترسيخ ركائزك مدى الحياة، ولكنَّ تحديد المسار الذي ترغب في اتباعه سيمنحك شعوراً جديداً بالوضوح والثقة.

 

المصدر




مقالات مرتبطة