1. أصدقاء الطفولة:
يُمثِّل أصدقاء طفولتك أولَّ الصداقات التي كوّنتها على الإطلاق؛ فقد تكون قابلتهم في رياض الأطفال، أو لعلَّهم كانوا جيرانك المقرّبين ممن قضيت معهم أجمل الأوقات التي لا تنسى في مراحل طفولتك. وخلال فترات يومك التي لا تُعَدّ ولا تُحْصَى، وعدت نفسك بعدم السماح لأيِّ شيء بتدمير الصداقة التي تجمعكم.
إذا كنت محظوظاً، سيكونون الآن جزءاً من حياتك، ولكن في معظم الأحيان، ينتهي المطاف بك إلى تكوين صداقاتٍ مع مجموعاتٍ مختلفةٍ من الأصدقاء. وسواءً أَكنتَ ما تزال تقضي الوقت معهم أم لا، فإنَّ صداقتك وإيَّاهم ستبقى واحدةً من أهمّ أنواع الصداقات في حياتك.
ما هي أهميتهم في حياتنا؟
تؤكّد الأبحاث على أنَّ صداقات ما قبل المدرسة تُسهِم في تطوير المهارات الاجتماعيّة والعاطفيّة، وهو الأمر الذي يزيد من شعورنا بالانتماء، والذي نحمله معنا إلى أن نبلُغَ سُنَّ الرشد.
إنَّ أصدقاء الطفولة أشخاصٌ هامّون، وذلك لأنَّهم أوّل صلاتٍ اجتماعيّةٍ كنا قد كَوّنّاها؛ حيث تؤثّر تفاعلاتنا معهم على كيفيّة تصرفنا اجتماعياً في حياتنا، وتُعدُّ تذكيراً بالوقت الذي كنا فيه مبدعين وجامحين وأحرار. وبصفتك شخصاً بالغاً يتحمَّل التزاماتٍ ومسؤوليّاتٍ جسيمة، فمن المهمّ تذكيرك بأنَّه يجب ألا تأخذ الحياة بجديّةٍ دائماً.
2. أصدقاء المدرسة الثانوية:
لسوء الحظ، لا سبيل لإنكار حقيقة أنَّ المدرسة الثانوية صعبة، أو كانت جحيماً كما قد يصفها بعضنا. ولكن هل تعلم ما الذي دفعنا ويدفع الآخرين إلى احتمالها؟
إنَّهم الأصدقاء المقرّبون في مرحلة الدراسة الثانويّة؛ فقد تشكَّلت بعض أكثر ذكريات حياتك جنوناً وتأثيراً خلال تلك المرحلة الدراسية. إذ مثَّلت تلك المرحلة حقبةً ملؤها الإحراج والانجذاب الشديد والعواطف المتفجّرة، والتي تشاركتموها جميعاً أنت وأفضل أصدقائك في المدرسة الثانوية.
ما هي أهميتهم في حياتنا؟
أظهرت دراسةٌ أُجريت عام 2017، أنَّ جودة الصداقات في المدرسة الثانوية تؤثّر على الصحّة العقليّة للشخص في مرحلة البلوغ؛ إذ تقول "راشيل ك. نار" (Rachel K. Narr)، المسؤولة عن هذه الدراسة: "من المحتمل أن يُمثِّلَ تكوين صداقاتٍ متينةٍ واحدةً من أهمِّ العوامل التي تؤثّر على تجربة المراهقين الاجتماعية؛ فكونك محبوباً من قِبَلِ مجموعةٍ كبيرةٍ من الأشخاص لا يمكن أن يَحلَّ مَحَلَّ إقامة صداقاتٍ وثيقةٍ وداعمة.
كما تبقى هذه التجارب وإيَّانا، وتفوق ما يحدث معنا لاحقًاً أهميَّةً. ونظراً لأنَّ التكنولوجيا تجعل من السهل علينا بناء شبكةٍ اجتماعيةٍ من "الأصدقاء السطحيين"، فيجب أن يكون تركيز الوقت والاهتمام على تنمية العلاقات الوثيقة مع عددٍ قليلٍ من الأفراد أولويّةً بالنسبة إلينا".
إذا ساعد أصدقاء طفولتك في تشكيل سلوكك الاجتماعي، فإنَّ أصدقاء المدرسة الثانوية يؤثرون في قدرتك على التواصل؛ فقد عَلَّمَتْكَ صداقتك معهم فوائد امتلاك مجموعة مقرّبة من الأصدقاء، وبيّنت إليك مدى أهميّة الدعم المقدَّمِ من شخصٍ من خارج نطاق عائلتك.
3. أصدقاء الكليّة:
تُمثِّل مرحلة الدراسة الجامعيَّة بالنسبة إلى أشخاصٍ كثيرين -لعلَّكَ واحدٌ منهم- مرحلة تحرُّر. إذ يجد الشخصُ نفسه فجأة، بعيداً عن الجميع وعن كلّ ما عرفه وعايَشَهُ واختبره، فتكون حريته تلك عاملاً من عوامل البهجة بالنسبة إليه. لكن ومع ذلك، تبقى فكرة أن يكون وحيداً تماماً فكرةً مخيفةً أيضاً. وهذا ما يُفسِّر سبب اعتماد كثيرين منا على أصدقاء الكلية.
تُقدِّرُ جانيس ماكابي، الكاتبة والأستاذة المساعدة في قسم علم الاجتماع في جامعة دارتموث، أنَّ الطالب الجامعي يقضي أسبوعياً ما يقارب (15) ساعة في فصله الدراسي و(86) ساعة مع أصدقاء الكلية؛ لذا يُصبح من الطبيعي جداً أن نتشارك معهم أكثر أوقات حياتنا إمتاعاً.
ما هي أهميتهم في حياتنا؟
تقول جانيس: "يُساعِد أصدقاء الكليّة في توفير الدعم الأكاديمي والاجتماعي؛ إذ يتشارك أصدقاء الكلية أكثر المحادثات الفكريّة استنارةً، فيقومون مع بعضهم بعضاً بالتشكيك في غاية وجودهم، والإعراب عن شكوكهم المشتركة بشأن مستقبلهم. لذا يكونون أفضلَ عونٍ ودعمٍ يمكن أن يحظى به أيُّ شخصٍ يُخطِّطُ للخوض في غمار حياته المهنيَّة".
4. أصدقاؤنا القدامى الأكبر منا سناً:
لقد حرصت مدارسنا دوماً على وضعنا ضمن مجموعاتٍ تتناسب وفئاتنا العمرية؛ مما أدَّى إلى تفاعُلِنا مع أفرادٍ من أعمارنا نفسها. بيد أنَّنا كُنَّا ومع ذلك، نتواصل ونتفاعل مع أشخاصٍ أكبر منا سناً في بعض الأحيان. وفي حين كانوا يكبروننا بعامٍ أو عامين ربما، فقد لعبوا دور "ناصحٍ ومرشدٍ" بالنسبة إلينا في مرحلة ما من حياتنا؛ إذ كانوا يفوقوننا خبرةً ودرايةً وثقافةً، بيد أنَّهم ومع ذلك، لم ينظروا إلينا نظرةً دونيةً أبداً، وإنَّما قاموا بتوجيهنا في أثناء أكثر لحظاتنا إيلاماً عبرَ تقديم النصح إلينا.
ما هي أهميتهم في حياتنا؟
يمتلك الأصدقاء الأكبر سناً أهميَّةً كُبرى بالنسبة إلينا؛ ذلكَ لأنَّهم يمنحوننا وجهة نظرٍ مختلفةٍ عن الحياة، إذ يمتلكون تجربةً حياتيَّةً نفتقرُ إليها؛ وهو ما يُفيدنا بصورةٍ كبيرة. كما يُعلِّمنا الأصدقاء الأكبر سناً دروساً قيمة لعلَّ أهمَّها هو: كيفية الإصغاء والتَّعلم من شخص مرَّ بالتجربة ذاتها التي نمرُّ -أو سنمرُّ- فيها.
5. أصدقاؤنا في العمل الأكبر منا سنّاً:
لا يكون كلّ شخصٍ في العمل لطيفاً، أو شخصٌّ يمكنك التواصل معه والثقة فيه؛ فغالباً ما تؤدي سياسة وثقافة العمل إلى نشوب صراعاتٍ وحدوث مواقف محرجة بين زملاء العمل.
لكن ومع ذلك، ستُحتِّم عليك وظيفتك الالتقاءَ مع زميلٍ أو أكثر ممن تنسجم معهم. وإذا كنتم تقضون معاً من خمس إلى تسعِ سنوات في الكدح بصورةٍ يوميَّة، فغالباً ما سيعني ذلك الشيء الكثير بالنسبة إليك؛ فعلاقتك معهم ليست من ضمن العلاقات التي يمكنك التخلّص منها ببساطة.
ما هي أهميتهم في حياتنا؟
يُفيدُ استطلاع أجرته مؤسسة غالوب للأبحاث بأنَّ العلاقات الوثيقة مع زملاء العمل تزيد من الإنتاجية ورضا الموظفين بنسبةٍ تصلُ إلى خمسين بالمئة. لذا إن كان لديك أصدقاء مقرَّبون في العمل، فستكون أكثر ميلاً إلى التمسّك بعملك، وتستمتع بحياتك المهنيّة أكثر.
كما يمكن أن يؤدي العمل معاً تحت الضغط إلى تكوين رابطة صداقةٍ ملؤها الثقة والولاء؛ وهذان شيئان نحتاجهما في حياتنا بشدة.
6. أصدقاؤنا "اللدودين" القدامى:
يمكن لصديقك اللّدود أن يُضيف قيمةً إلى حياتك؛ حتى وإن لم تشعر بها. والصديق اللّدود هو شخصٌ لا تحبُّه بالضرورة -لسببٍ أو لآخر- ولكنَّه مازال قادراً على أن يكون ضمن دائرة علاقاتك الاجتماعية. وفي حين قد تقترب علاقتك معه إلى حدود "السُّمِّيَّة - Toxicity"، بيد أنَّ هذا لا يعني بتاتاً أنَّك لن تتعلّم شيئاً من علاقتك معه؛ بل على العكس من ذلك، إذ يُمكن أن تتعلَّم الشيء الكثير من أصدقائك اللّدودين الذين قابلتهم منذ زمنٍ بعيدٍ - وذلك إن أعملتَ التفكيرَ والمنطق السليم.
ما هي أهميتهم في حياتنا؟
لن يضرّ القليل من الصراع والتنافسيّة بأيِّ شخص، وإنَّما سيزيده عزيمةً وإصراراً؛ إذ يدفعنا الأصدقاء اللّدودون إلى أن نكون أكثر تصميماً، وتجعلنا تعليقاتهم غير المهذّبة نرغب بأن نثبت أنفسنا أكثر. لذا يمكن أن نستغلّ الفرص التي يقدموها إلينا عن غير قصدٍ منهم.
7. أصدقاؤنا القدامى الذين نكادُ لا نراهم أو نلتقِ بهم:
وهم الأصدقاء الذين لا نراهم إلا كُلَّ بضع سنوات، بيد أنَّنا نشعر حين نجتمع وإيَّاهم بأنَّنا التقينا بهم بالأمس فقط.
يحدُث في كثيرٍ من الأحيان أن تشغلنا مشاغلُ الحياة عن الأشخاص الحقيقيين الذين نهتمُّ لأمرهم. وهنا يكمن جمال وروعة صداقاتنا القديمة؛ إذ يتفهَّم أصدقاؤنا القدامى مشاغل الحياة، ويحترمون حقيقة أنَّ لديك أولويات عليك الالتفات إليها. وحينما تتواصل معهم، فإنَّهم يُقدِّرون ذلك، ويُشعرونَك بأنَّك لم تنقطع عنهم أصلاً.
كما أنَّك لن تضطر إلى التحدث معهم باستمرار حتى ينظروا إليك بصفتك صديقاً حميماً؛ فأفضل الأصدقاء في العالم هم أولئك الذين يقدرون على إعادة التواصل معك بسهولة، متجاهلين تَغيُّرَ ظروف الصداقة التي تجمعك وإيَّاهم.
ما هي أهميتهم في حياتنا؟
يمكن للأصدقاء القدامى الذين بالكاد تلتقي بهم أن يمنحوك فكرة دقيقةً عن مدى التغيير الحاصل معك؛ فقد عرفوك في مرحلةٍ مختلفةٍ من حياتك، لذا يمكنهم تذكيرك بمدى تقدّم حياتك نحو الأفضل؛ وهو ما من شأنه أن يجعلك أكثر امتناناً تجاه حياتك الراهنة.
وكما نعلم جميعاً، نحن نتغيّر دائماً ونتعلّم الدروس التي يمكن أن تجعلنا أقوى. وأحياناً، قد يدفعنا تذكيرٌ بسيطّ بحقيقة ذلك إلى السير في اتجاهٍ أفضل؛ وهو ما تقدرُ تلك النوعية من الأصدقاء القدامى على تقديمه إليك.
8. أصدقاؤك القدامى الذين تريد التواصل معهم مجدداً:
لا عيب في خسارة صديق، وحقيقة أنَّنا خسرنا أشخاصاً أعزاء على قلوبنا قد تدفعنا إلى الاعتقاد بأنَّنا لا نستحقّ فرصةً أخرى معهم؛ لكنَّ هذا غير صحيح.
وفي حين يجب عليك أن تتحمّل مسؤوليتك عن حدوث تلك القطيعة، لكن لا يجب أن تستخدمها كذريعةٍ تمنعك من محاولة إعادة المياه إلى مجاريها معهم. لذا جرب أن تدعوهم إلى احتساء فنجانٍ من القهوة، أو مهاتفتهم على أقلِّ تقدير؛ فمن يدري، لعلَّهم يتوقون إلى إحياء الصداقة معك كما تتوق أنت أيضاً إلى ذلك.
وإذا نجحت في مسعاك هذا، فستكون ممتناً للغاية؛ إذ لا يوجد ما هو أجملُ من لقاء صديقٍ عزيزٍ لم تلتقِ به منذ مُدّةٍ طويلةٍ جداً.
ما هي أهميتهم في حياتنا؟
إنَّه لمن الجيّد إعادة إحياء الصداقات القديمة، وخاصةً إذا كانت صداقاتٍ متينة؛ إذ يُعلِّمُنا ذلك ألَّا نخشى الرفض. وفي حين قد نستفيد من هذا الأمر أحياناً، بيد أنَّنا قد ندرك في أحيان أخرى أنَّ ذلك الصديق لم يَعُد الشخص نفسه الذي عرفناهُ سابقاً؛ ولكنَّك ستكون قد حاولت وكسبتَ شرف المحاولة على أقلِّ تقدير.
أضف تعليقاً