كيف تساعد التكنولوجيا على تحسين الإنتاجية؟

يتطلَّب تحسين الإنتاجية الكثير من العمل الشاق والانضباط الذاتي خصوصاً في ظل تناقص عدد الذين يقاومون الرد على رسالة نصية، وقلة الأوقات التي يركز الناس فيها الانتباه على أعمالهم الكثيرة، أو حتى ضعف النشاط في أثناء العمل من المنزل. أضحت هذه المشكلات جزءاً من الماضي؛ وذلك بفضل التكنولوجيا، وأضحى الناس اليوم قادرين أخيراً على تحقيق المزيد من الإنتاجية في هذا العام وفي الأعوام القادمة.



الاستفادة من برامج مراقبة الوقت:

يستخدم الناس تقنية تتبُّع الوقت منذ قرون، فقد سُجِّل أقدم تتبُّع للوقت لإكمال مسؤوليات العمل عبر قانون حمورابي، الذي يرجع تاريخه إلى حوالي 1754 قبل الميلاد، لكنَّنا بصدد الحديث عن أنظمة تعقُّبٍ أكثر حداثة، فالقيام بتتبع الوقت يكشف لك أكثر الأوقات التي تكون فيها مفعماً بالطاقة، ومركِّزاً، ومتحفزاً، وعلاوةً على ذلك، يمكن تحديد متى وأين يضيع الوقت الثمين.

تعمل هذه الأدوات الرقمية بهدوء في خلفية الكمبيوتر أو الهاتف؛ وهذا يعني أنَّها تراقب الوقت الذي تقضيه تلقائياً دون أن يدرك المستخدِم ذلك، فتحلل البيانات وتقدِّم اقتراحات عن مكان وكيفية التحسين، لزيادة الإنتاجية.

على الرغم من أنَّها ليست قديمةً كقانون حمورابي، إلَّا أنَّ برمجيات تتبع الوقت تُستخدَم منذ سنوات، وتُعَدُّ برامج مثل "توغل" (Toggl) و"ريسكيو تايم" (RescueTime) و"هارفيست" (Harvest) و"تايملي" (Timely) و"كلوكيفاي" (Clockify) و"كاليندر" (Calendar) أدواتٍ لا تُقدَّر بثمن، وبالنظر إلى أنَّ برنامج عملك في العام الحالي مختلفٌ اختلافاً كبيراً عن برنامج العام الماضي، فلا ضير في استخدام برامج تتبع الوقت مرَّةً أخرى.

حتى عند القيام بتتبع الوقت، يمكن الاستفادة من برمجيات لتتبع مجالات أخرى كاللياقة البدنية مثل: "فيت بيت" (FitBit) أو "آبل ووتش" (Apple Watch)، ويمكن أن تساعد ساعات اليد الإلكترونية على مكافحة نمط الحياة الروتيني الذي بدأ مع بداية جائحة فيروس كورونا، التي يمكن أن توفر طرائق لجعل المستخدِم أكثر صحة وسعادة وأكثر نشاطاً؛ مما سيزيد إنتاجيته.

إقرأ أيضاً: أفضل 5 برامج تعمل على جميع الأجهزة لتتبع الوقت

تكنولوجيا "التقويم الذكي":

كما هو الحال مع تقنيات تتبع الوقت، فالتقويمات الذكية ليست تقنية جديدة كلياً، فقد ظهرت حلول عملية من شركة "جوجل" (Google)، و"آبل" (Apple)، أو "مايكروسوفت كاليندر" (Microsoft Calendar)، وقد استخدمها العديد من الناس لتنظيم حياتهم بأكملها، كما يمكن إيجاد حلول أخرى لتنظيم المهام خلال اليوم تحتوي على ميزاتٍ تساعد على جدولة أوقات الاجتماعات وتلقِّي التنبيهات، بالطبع دون التقليل من قيمة التقويمات على الإنترنت؛ إذ تتعدد التطبيقات والخدمات على الإنترنت لتناسب جميع الاحتياجات.

على سبيل المثال: إذا لوحظ أنَّ إيجاد موعد للاجتماعات يستهلك وقتاً ثميناً، فيمكن الاستعانة بتطبيق "كالندر" والذي يستخدم التعلم الآلي الذكي لتقديم اقتراحاتٍ للاجتماعات المستقبلية؛ بل ويمكن جدولتها تلقائياً للمستخدم أيضاً، كما أنَّه يندمج مع التقويمات الأخرى مثل تقويم "آبل" (Apple) و"غوغل" (Google) و"مايكروسوفت" (Microsoft).

واقع جديد باستخدام الذكاء الاصطناعي:

يكتب نائب رئيس شركة "إيف سوفت" (Ephesoft) والمطوِّر للحلول التكنولوجية "ستيفن بولز" (Stephen Boals) لمجلة "المحاسبة اليوم" (Accounting Today): "أصبح الذكاء الاصطناعي أمراً واقعاً يساعد الشركات الرائدة للحصول على ميزة أعلى في السوق، من خلال تطوير الذكاء الاصطناعي، وتعزيز صنع القرار، وتحسين الإنتاجية سواء كانت خوارزمية بسيطة تعزز كتابة التقارير بسهولة، أم "أتمتة الحسابات الدائنة" (AP Automation) وهي التكنولوجيا المستخدمة لتبسيط وأتمتة عمليات الحسابات الدائنة، وإزالة المهام اليدوية، وتوفير رؤية أفضل وتحكُّم أفضل في البيانات المالية الهامة، والحلول المتعلقة بمشكلات الذكاء الاصطناعي متاحة وأُنشِئَت لحل مشكلات تجارية محددة".

تتوقع شركة "غارتنر" (Gartner) للاستشارات وتقديم الحلول الرقمية أن تُشغَّل 69% من الإجراءات الروتينية التي يقوم بها المديرون آلياً بالكامل بحلول عام 2024، فمن أراد ألا يفوته قطار التقدم فعليه بدمج التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، ويمكن البدء من بعض المواقع التي تقدِّم خدمات وبرامج تشغيل آلية مثل "كابتيرا" (Capterra).

ترتيب مساحة عملك الرقمية وتصفية ذهنك:

يؤثر ترتيب مساحة العمل تأثيراً مباشراً في الإنتاجية؛ بمعنى أنَّه من شبه المستحيل التركيز عندما يكون مكتب العمل غير مرتَّب أو ذا خلفية صاخبة، وينطبق المفهوم نفسه على مساحة العمل الرقمية، فقد لا يتبادر للذهن بأنَّ أكبر مشتتات العمل هي في الواقع إشعارات الهاتف الذكي والإنترنت، ويمكن تحديد وإزالة التطبيقات التي تتسبب في إضاعة الوقت، كما يمكن استخدام الأدوات الآتية لتحقيق التبسيط الرقمي والحد من الفوضى:

  • الاطلاع المستمر على رسائل البريد الإلكتروني عبر تطبيقات عدة مثل "سانبوكس" (Sanebox)، و"فولو آب ذين" (FollowUpThen)، و"أن رول مي" (me).
  • تنظيم علامات التبويب، وقد يساعد تطبيق "ماجنيت" (Magnet) لمستخدمي أنظمة "ماك" (Mac)، فهو يحافظ على مساحة العمل منظمة عن طريق ترتيب النوافذ في أقسام منظمة، وعلى هذا النحو، فإنَّه يلغي التبديل جيئةً وذهاباً بين علامات تبويب المتصفح والتطبيقات.
  • أما بالنسبة إلى مستخدمي "كروم" (Chrome)، فيمكن استخدام تطبيق "توبي" (Toby)، وهو إضافة - أي تطبيق متصل بالمتصفح - يسمح بتنظيم وإدارة علامات تبويب المتصفح، كما يمكن أيضاً مشاركته والتعاون مع فريق العمل.
  • يتوفر تطبيق "ستيشن" (Station) كإضافة للمتصفح، يوفر اختصاراً لجميع التطبيقات والمستندات والملاحظات والرسائل.
  • بالنسبة إلى الذين يحبون تدوين الملاحظات ولا يحبِّذون حمل مفكرة معهم أينما ذهبوا،فتطبيق "جوجل كيب" (Google Keep) يحل هذه المشكلة، ويمكن استخدامه لالتقاط صور لكل ما تمَّت كتابته، وإضافة ملاحظات صوتية، والرسم، وتعيين التذكيرات.
  • لتقليل الوقت أمام الشاشة وتجنُّب المشتتات فإنَّ تطبيقات مثل "أوفتايم" (Offtime) و"فريدوم" (Freedom) و"مومينت" (Moment) و"فوكيس مي" (FocusMe) تحظر إشعارات التطبيقات وتمنع زيارة مواقع الويب في أوقات معينة.

شاهد بالفديو: طرق لممارسة التحدث الإيجابي إلى الذات من أجل تحقيق النجاح

استخدام التكنولوجيا للتواصل والتعاون مع فِرق العمل التي تعمل عن بُعد:

يجب التواصل مع العملاء في جميع المهن ابتداءً من رواد الأعمال ووصولاً إلى أبسط العمال، أما بالنسبة إلى الشركات، فإنَّ العمل عن بُعد سيكون على الأرجح الوضع الطبيعي الجديد في المستقبل، وفي الحالتين كلتيهما، سيحتاج أرباب المهن إلى الأدوات المناسبة للتواصل والتعاون بسلاسة مع العملاء.

في حين يُعَدُّ تطبيق "زووم" (Zoom) أفضل البرامج لعقد مؤتمرات الفيديو بحكم التجربة، إلا أنَّ هناك العديد من التطبيقات الأخرى الجيدة، مثل "مايكروسوفت تيمز" (Microsoft Teams)، و"ويب إكس" (WebEx) و"جو تو ميتينغ" (GoToMeeting)، بالإضافة إلى تطبيق "فيريزون" (Verizon) و"بلوجينز" (BlueJeans).

لا شك بأنَّ تطبيق "غوغل ميت" (Google Meet) هو الأفضل، لأنَّه أسهل بكثير للاستخدام من تطبيق "زووم" (Zoom)، والأهم من ذلك، أنَّه جزء من النظام الحيوي لشركة جوجل؛ وهذا يعني أنَّه يمكن للمستخدم أن يستخدم منصة واحدة للبريد الإلكتروني، والجدولة، والمستندات، وجداول البيانات، والملاحظات، وتسمى "جام بورد" (Jamboard).

ويمكن في الوقت نفسه التخفيف من مهام الرد والتواصل عبر المكالمات الهاتفية والفيديو والنصوص ورسائل البريد الإلكتروني ورسائل تطبيق "سلاك" (Slack) بوجود أدوات مساعدة في متناول اليد مثل: "سلاب" (Slab) و"إيلوبس" (Eloops) و"بلوسكيب" (Bluescape) و"فيغما" (Figma)؛ حيث يمكن التفاعل مع أعضاء الفريق، أو إنشاء المحتوى ومشاركته، أو تبادل الأفكار، أو تعقُّب المشاريع، أو استضافة نشاطات لتعزيز روح الفريق افتراضياً.

الحفاظ على التركيز وسير العمل:

يمكن لأي نشاطٍ بسيط كالرد على مكالمة هاتفية، أو تحديد موعد عند طبيب الأسنان، أو التأكد من فكرة تجارية أن يشتت الانتباه ضمن ساعات العمل، فبدلاً من التوقف عن العمل، يمكن لتطبيق "أليكسا" (Alexa) أن يساعد على التخفيف من المهام عن طريق ربطه بالصفحة الرئيسة في "غوغل" واستخدام الصوت لتنفيذ الأوامر، وإنشاء تذكيرات أو إضافة أحداث إلى التقويم أو إنشاء المهام.

إلى جانب تطبيقات مساعدة عدة تُبقي المستخدم مركزاً ومتحمساً مثل: "فوريست" (Forest) و"برين إف إم" (Brain.FM) و"سيرين" (Serene) و"نويزلي" (Noisli) و"فوكيس أت ويل" (Focus@Will).

وفي حال سيطر التوتر أو القلق عليك خلال يومك، وأثر سلباً في قدراتك، يمكن لتطبيقات موسيقية أن تُعيد الهدوء للمكان مثل تطبيق "كالم" (Calm) و"هيد سبيس" (Headspace)، و"رين" (Rain) للتأمل والاسترخاء.

مضاعفة سرعة الإنترنت إلى الجيل الخامس (5G):

حُدِّثَت البنية التحتية لشركات الاتصالات طوال العام الماضي تقريباً، لتصل سرعة الإنترنت إلى الجيل الخامس (5G) بدلاً من الجيل الرابع (4G) لتقديم اتصال أسرع بالإنترنت، وكشفَت كل من شركتَي "غوغل" و"أيفون" عن هواتف الجيل الخامس (5G) في الآونة الأخيرة، ولكن ما هو الجيل الخامس بالضبط (5G)؟ وكيف يمكن أن تتغير حياتنا بسببه؟

يشرح "أمول فادكي" (Amol Phadke)، قائد ممارسة الشبكة العالمية في شركة "أكسنتشر" (Accenture): "أنَّه ليس مجرد جيل إضافي على الأجيال السابقة؛ بل لديه القدرة على تبديل طريقة عملنا وحياتنا تماماً".

يقول "كارستن شيفر" (Carsten Schaefer) المؤسِّس والرئيس التنفيذي لشركة "كراودي. إي آي" (crowdy.ai): "ستتغير الحياة بسرعة التواصل الحديث تغيراً جذرياً، فنظراً إلى سرعة الاتصال بالإنترنت، سيصبح العمل أكثر كفاءة؛ حيث يجعل ذلك تنزيل الملفات أسرع، كما يمكن لهذه التقنية الكشف عن الأعطال قبل حدوثها؛ مما يقلل من حالات التوقف عن العمل".

وعلاوةً على ذلك، ستعمل سرعة الجيل الخامس للاتصالات على تحسين العمل عن بُعد، على سبيل المثال: سيتم تحسين المؤتمرات عبر مكالمات الفيديو تحسيناً كبيراً، كما يمكن أن يسرِّع عمليات التعاون بين الفِرق في الوقت المناسب أو يوفر فرصاً للتدريب والمنتورينغ.

ومع ذلك، للاستفادة من إمكانات الجيل الخامس، سيحتاج المستخدِم إلى التأكُّد من دعم الهاتف والناقل للتقنية الجديدة؛ إذ يبدو الأمر مشوشاً قليلاً الآن؛ حيث تدعم بعض الهواتف تقنية الجيل الخامس مثل: "جالاكسي إس 20" (Galaxy S 20)، و"آيفون 12" (iPhone 12)، و"بيكسل 4a Pixel) "4a).

أما بالنسبة إلى التغطية فتوفر شركات مثل "فيريزون" (Verizon)، و"إيه تي آند تي" (AT&T)، و"تي موبايل" (T-Mobile) خرائط عن أماكن إتاحة شبكة الجيل الخامس، ولا تتضح جميع الأماكن على الخريطة كما يتوقع تزايد عددها مع بدء عام 2021.

إقرأ أيضاً: 12 سراً من أسرار الكفاءة لأكثر الناس انشغالاً في العالم

جدولة المواعيد الصحية عن بُعد:

يؤثر الشعور بالضعف الجسدي أو الذهني سلباً في الإنتاجية، فالعلاقة الطردية بين الصحة والإنتاجية ليست أمراً يمكن إخفاؤه وأثبت حدوث جائحة فيروس كورونا ضرورة الاهتمام بالرعاية الصحية.

ارتفعت نسبة زيارات مراكز الرعاية الافتراضية ارتفاعاً كبيراً؛ وذلك للحد من التعرض لفيروس كورونا المحتمل ومعالجة المخاوف الصحية والنفسية كالعزلة، على سبيل المثال: كانت هناك زيادة بنسبة 154% في زيارات المراكز الصحية عن بُعد في الأسبوع الأول من شهر مارس عام 2020، وتتوقع مؤسسة "فورستر للأبحاث" (Forrester Research) وصول عدد الزيارات لدور الرعاية الافتراضية الأمريكية إلى مليار زيارة تقريباً في أوائل عام 2021.

يُتوقَّع أن يكون ثلث زيارات الرعاية الافتراضية للصحة الذهنية والنفسية على وجه التحديد، فإنَّ هذا التصريح يمثل 31% من جميع زيارات الرعاية الافتراضية هذا العام، وستكون الاستشارات الصحية عن بُعد في متناول يد الجميع حرفياً، فبفضل التكنولوجيا الحديثة، لن يكون للمرضى عذر لتأجيل الاعتناء بصحتهم ابتداءً من إجراء فحصٍ مع الطبيب إلى الجلسات الأسبوعية مع اختصاصي الصحة النفسية، وعندما نستخدم التكنولوجيا للرعاية الذاتية سوف نكون أكثر صحةً وسعادةً وأكثر إنتاجية.

المصدر




مقالات مرتبطة