من جهتهم أقدَم المسؤولون في الصين على منع وسائل النقل من الدخول إلى ووهان وإلى غيرها من المدن التي تأثَّرت بالمرض والتحرّك داخلها، وقد أُغلقت المدارس في المناطق المُتأثِّرة بالمرض، وأوقف بيع التذكارات السياحية إلى البلدان الأخرى، وألغيَت الأنشطة السياحية والمهرجانات وأُغلقَت المسارح.
في الولايات المتحدة تمَّ التأكُّد من وجود خمسة حالات إصابة بالمرض: واحدة في ولاية واشنطن، وواحدة في شيكاغو، وواحدة في أريزونا، وحالتان في كاليفورنيا، مع العلم أنَّ جميع المرضى المُكتَشفين كانوا قد سافروا إلى الصين، ويخضع حالياً أكثر من 100 مريض للمعاينة.
ما زال ثمَّة الكثير من الأمور غير المعروفة عن الفيروس المُكتشَف حديثاً، بما في ذلك مدى سهولة انتقاله والأمراض الخطيرة التي يُسببها والتي يمكن أن تؤدي إلى الوفاة. إليك بعض الحقائق التي تم التوصل إليها حتى الآن عن المرض وانتشاره:
ما هو فيروس كورونا؟
سُمِّي فيروس كورونا بهذا الاسم لأنَّ شكل النتوءات التي تخرج من غشائه تجعل شكل الفيروس يشبه قرص الشمس الذي تحيط به هالة من الضوء، وهذه الهالة تُدعى باللغة الإنكليزية "كورونا" (corona). يستطيع أن ينتقل الفيروس إلى كلٍ من الحيوانات والبشر ويمكن أن يصيب الجهاز التنفسي بأمراضٍ قد تكون غير خطيرةٍ أحياناً، مثل الزكام العادي، وخطيرةً في أحيانٍ أخرى، مثل مرض "المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة" أو "السارس" الذي أصاب الآلاف حول العالم وتسبّب خلال انتشاره عام 2003 في وفاة حوالي 800 شخص.
ما مدى خطورة فيروس كورونا؟
يشعر المسؤولون المعنيون بالشأن الصحّي حول العالم بالخطر، لكن من الصعب تقدير مدى خطورة الفيروس الجديد على الحياة بشكلٍ دقيق، وقد رفضَت منظمة الصحة العالمية قبل عدة أيام إعلان الوباء حالة طوارئٍ صحيةٍ عالمية.
يقول الدكتور: "ويليام شافنر" أستاذ الطب الوقائي والأمراض المُعدية في المركز الطبي في جامعة فاندربيلت: "حينما يظهر مرضٌ جديدٌ مُعْدٍ فإنَّ أول الأخبار التي نسمعها هي أخبار أشد حالاته حَرَجاً، ومع استمرار البحث نجد غالباً أنَّ ثمَّة حالاتٍ أقل خطورة وأنَّ حتى ثمَّة أشخاصاً مصابين بالفيروس لم يظهر عليهم المرض أبداً".
يدخل حوالي 200 ألف شخص المستشفى بسبب الإنفلونزا كل عامٍ في الولايات المتحدة ويموت بسببها 35 ألف شخصاً، لكن على الرغم من أنَّ بعض العلماء يقولون إن الفيروس الجديد يبدو أقل خطراً من فيروساتٍ أخرى مثل "السارس" و"متلازمة الشرق الأوسط التنفسية" التي تُعرَف اختصاراً باسم "ميرس" (MERS) من غير الواضح إن كانت السُلطات الصينية تتعامل بشفافيةٍ كاملة فيما يتعلق بأرقام الإصابات والوفيات، أو إذا ما جرى التحقق من تلك الأرقام بدقة. تقول الطبيبة "جولي فايشمبايان" رئيسة لجنة الصحة العامة في الجمعية الأمريكية للأمراض المُعدية: "المعلومات التي نعرفها تتغير بسرعة. كلما ظهر فيروسٌ جديدٌ يستغرق التعرف إليه بعض الوقت، وفي تلك الأثناء تحدث كثيرٌ من التغيرات".
كيف ينتقل فيروس الكورونا؟
تقول الطبيبة "فايشمبايان" إنَّ فيروس الكورونا الذي ظهر في ووهان ينتقل عن طريق السعال والعطاس على الأرجح، مثلما هو حال الإنفلونزا والأمراض الأخرى التي تصيب الجهاز التنفسي.
يسعى العلماء جاهدين إلى فهم مدى سهولة انتقال الفيروس، إذ نشرت مجلة علمية تُدعى (The Lancet) نتائج فحصٍ دقيق خضعت له إحدى العائلات تبيَّن فيه أنَّ الفيروس انتقل من قريبٍ مُصابٍ إلى ستةٍ آخرين اثنان منهما فقط احتكَّا بالمريض الأول.
فيروس كورونا اسبابه:
حلل "المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها" 198 حالةً جرى التأكُّد من إصابتها بالفيروس في مدينة ووهان، ووجد الباحثون أنَّ 22% من هؤلاء تواجدوا في سوق الخضروات و32% منهم احتكُّوا مع أشخاصٍ يعانون من الزكام أو من أحد أمراض الجهاز التنفسي. بيد أنَّ نصف المصابين تقريباً لم يذهبوا إلى السوق ولم يحتكوا مع أي شخصٍ مريض، ويقول التقرير إنَّ 16 شخصاً يعملون في مجال الرعاية الصحية أُصيبوا بالفيروس في أثناء تقديم الرعاية للمرضى.
من جهةٍ أخرى استنتج الباحثون في "كلية لندن الإمبراطورية" أنَّ كل شخصٍ أُصيب بالفيروس خلال الموجة الحالية نقل الفيروس إلى 2.6 شخصاً وسطياً، لكن يبدو أن الإحصاءات التي تُنشَر في مرحلة مبكرة جدَّاً من انتشار أي مرض تكون خاطئةً في أغلب الأحيان.
كم شخصاً أصيب بفيروس كورونا وكم عدد الأشخاص الذين تُوفُّوا بسببه؟
يبلغ عدد الأشخاص المصابين بالمرض حسب المعلومات المتوفرة حوالي 4500 شخص، وقد تُوفي بسببه 106 أشخاص على الأقل. معظم الأشخاص المصابين بالمرض إمَّا يعيشون في ووهان - مدينة يبلغ تعداد سكانها 11 مليون نسمة تقع في وسط الصين - وإمَّا سافروا إليها مؤخراً.
لقد كان معدل الوفيات في أوبئةٍ أخرى سببها أعضاءٌ آخرون من العائلة فيروسية نفسها مثل "السارس" والـ "ميرس" أعلى، إذ بلغت النسبة 10% عند انتشار السارس وحوالي 35% عند انتشار الـ "ميرس"، لكن من المبكر جدَّاً التحقق من معدل الوفيات الذي يسببه المرض الجديد.
تقتل الإنفلونزا عدداً أكبر من الناس كل عام، لكنَّ معدل الأشخاص الذين يتوفون نتيجة الإصابة بها يبلغ حوالي 0.1% فقط. يرجع سبب ارتفاع العدد إلى أنَّ العديد جدَّاً من الأشخاص يُصابون بالإنفلونزا، الجدير بالذكر أنَّ معدل الوفيات أثناء انتشار وباء "الإنفلونزا الإسبانية" في عام 1918 بلغ 2%.
من المحتمَل أن يؤدي انتشار وباء فيروس كورونا إلى خسائر كبيرة لذلك تسعى السلطات المعنية بالشأن الصحي إلى إيقاف ذلك الانتشار، إذ من أبرز الأمور التي تُثير القلق أن يحدث ما حدث عند انتشار فيروسَي السارس والـ "ميرس" حيث تسبب بضعة مرضى في نشر العدوى بشكلٍ كبيرٍ ونقلوا المرض إلى عددٍ كبيرٍ من الناس دون أن يُعرَف سبب ذلك، وفي سيئول عاصمة كوريا الجنوبية نقل شخصٌ واحدٌ مُصابٌ بفيروس الـ "ميرس" عام 2015 المرض إلى 82 شخصاً.
المناطق التي ينتشر فيها فيروس كورونا:
إضافةً إلى الحالات التي ذكرنا أنَّه تم التأكُّد من إصابتها بالفيروس في الولايات المتحدة أعلنت كندا عن وجود حالة واحدة تمَّ التأكُّد من إصابتها بالفيروس، أمَّا في البلدان الآسوية توزعت حالات الإصابة المؤكدة على النحو التالي: اليابان 4 حالات، وتايلاند 8 حالات، وتايوان 5 حالات، وكوريا الجنوبية 4 حالات، وسنغافورة 4 حالات، وماليزيا 4 حالات، وفيتنام حالتين، وحالة واحدة في كلٍّ من كمبوديا ونيبال. في أوروبا أكَّدت السلطات الصحية الفرنسية وجود ثلاث حالات جرى التأكُّد من إصابتها بالفيروس، في المقابل أُعلن عن تسجيل 5 حالات في بريطانيا وحالة واحدة في ألمانيا، وفي أستراليا أعلنت السلطات الصحية عن اكتشاف 5 حالات إصابة مؤكدة بالفيروس، أمَّا في البلدان العربية لم يتم الإعلان إلى الآن عن أيَّة حالة إصابة مؤكدة بالفيروس.
من أين بدأ انتشار فيروس الكورونا الجديد؟
في 8 كانون الثاني نشرت صحيفة نيويورك تايمز تقريراً ذَكَرت فيه أنَّ باحثين صينيين اكتشفوا فيروساً جديداً يسبب مرضاً غريباً أصاب 59 شخصاً في مدينة ووهان، وقد ارتبطت حالات الإصابة مع سوقٍ يبيع السمك الحي، والحيوانات، والطيور، أُغلق لاحقاً وعُقِّم.
ما العلاجات المتوافرة لفيروس كورونا؟
تقول الطبيبة "فايشمبايان" إنَّ العلاج الأساسي هو توفير الدعم الصحي للمريض بما في ذلك الحرص على حصوله على ما يكفي من الأوكسجين واستعمال جهاز التنفس الاصطناعي لضخ الهواء في الرئتين إذا كان ذلك ضرورياً، وتضيف الطبيبة قائلةً: "يجب على المريض أن يأخذ قسطاً من الراحة ويشرب كميةً كافيةً من السوائل بينما يؤدي الجهاز المناعي وظيفته ويتعافي الجسم".
لم يُعتمَد أي دواءٍ إلى الآن لعلاج الأمراض التي يسببها فيروس كورونا، بما في ذلك فيروس كورونا الذي ظهر في مدينة ووهان، على الرغم من أنَّ دواءً مضادَّاً للفيروسات يُدعى "ريمديسيفير" (remdesivir) أظهر فعاليةً في علاج الحيوانات. في المقابل يُجري المسؤولون الصينيون تجارب على دواءٍ آخر على الأقل للتأكُّد من قدرته على علاج المرض. تمكَّن العلماء من تحديد الفيروس بسرعة، ويقول الخبراء في "معاهد الصحة الوطنية الأمريكية" إنَّ التقدم التكنولوجي قد يجعل من الممكن اختبار لقاحٍ مُضادٍ لفيروس كورونا الذي ظهر في ووهان خلال ثلاثة أشهر.
من أين بدأ انتشار المرض؟
تُعَدّ الحيوانات على الأرجح المصدر الأول لانتشار المرض، لكن ما زال من غير الواضح أي حيوانٍ على وجه التحديد. ويُعتقََد أنَّ أوبئةً سابقة، مثل وباء السارس، بدأ انتشارها من أسواق الحيوانات الحية، حيث انتقل فيروس الكورونا الذي سبب مرض الـ "ميرس" إلى الإنسان عن طريق الجِمال.
لكن على الرغم من الاعتقاد بأنَّ أوائل المرضى الذين أُصيبوا بفيروس كورونا الذي ظهر في ووهان أُصيبوا به في أثناء وجودهم في السوق إلَّا أنَّ المرض يمكن أن ينتقل من شخصٍ إلى آخر أيضاً. في المقابل قد يُصعِّب تزايد عدد الأشخاص الذين يصابون بالمرض، ومن بين هؤلاء أخصائيون صحيون يعتنون بالمرضى، احتواء الفيروس.
ما الذي تفعله السلطات المعنية بالشأن الصحي لاحتواء فيروس كورونا؟
أغلقت السلطات الصينية حركة المرور أمام السيارات الخارجة من مدينة ووهان والمدن الأخرى المُتأثرة بالمرض ومنعت تجول السيارات فيها مما أدى إلى عزل حوالي 50 مليون شخص، وأوقفت في الأماكن المذكورة رحل الحافلات ومُنَع السكان من السفر إلى الخارج، وتبني الحكومة حالياً مشفَيَين جديدًين لعلاج المرضى المصابين بفيروس كورونا.
حُظِرَت في ووهان التجمعات والعروض العامة الكبيرة وأعلنَت الحكومة أنَّه يجب على كل السكان أن يرتدوا أقنعةً عند الخروج من منازلهم للمساعدة في الوقاية من انتشار المرض، وأُغلقَت دور السينما في معظم أرجاء البلد. وبدأت الحكومات حول العالم فحص المسافرين الذين ينحدرون من ووهان في منافذ الدخول للتحقق من وجود أيَّة علامات مرض عليهم، وقد حظرَت كوريا الجنوبية مؤقتاً دخول السياح الأجانب إليها - الذين يأتي معظمهم من الصين.
فيروس كورونا اعراضه:
تتضمن أعراض الإصابة بفيروس كورونا ارتفاع درجة الحرارة، وسعالاً حادَّاً، وصعوبةً أو ضيقاً في التنفُّس. يصيب هذا المرض إلى الرئة ويؤدي إلى الالتهاب الرئوي. في الحالات التي لا يكون فيها المرض شديداً قد تشبه أعراضه أعراض الإنفلونزا أو نزلات البرد الشديدة، ما يجعل اكتشافه صعباً، ويُعتقَد أنَّ فترة حضانة الفيروس - الوقت الذي يفصل بين حَمْل الفيروس وظهور أعراضه الأولية - تبلغ حوالي أسبوعين.
قبل عدة أيام قالت السلطات الصينية إنَّه ثمَّة حالاتٍ لا تتطابق الأعراض التي تظهر عليها مع الأعراض المعتادة، حيث كانت الأعراض التي أصابت أولئك المرضى أعراضاً مرتبطةً بالجهاز الهضمي منها الإصابة بالإسهال. وقد أكَّد "ما شاوي" رئيس "مفوضية الصحة الوطنية" في الصين أنَّ في إمكان الأشخاص المصابين أن ينشروا الفيروس حتى لو لم تظهر عليهم أعراضه وقد فاجأ هذا التصريح الخبراء الأمريكين وأربكهم.
إذا كنت ستُسافر إلى الصين ما الذي يمكن أن تفعله لتقي نفسك من فيروس كورونا؟
حذَّر "مركز التحكم بالأمراض والوقاية منها" من السفر إلى الصين إلَّا في حالات الضرورة القصوى، وحثَّ جميع الأشخاص المُضطرين إلى السفر على التحلّي بأقصى درجات الحيطة - تجنُّب الاحتكاك بأي شخصٍ مريضٍ إضافةً إلى الحيوانات، وتجنُّب الذهاب إلى الأسواق التي تُباع فيها. يجب على أي شخصٍ كبيرٍ في السن أو يعاني من مشاكل صحيةٍ خفية أن يستشير أخصائياً مسؤولاً عن تقديم الرعاية الصحية قبل الذهاب إلى الصين.
يقول الدكتور "شافنر" إنَّه يجب على المسافرين أن يعتنوا بنظافة أياديهم بشكلٍ جيد - غسل اليدين بانتظام وتجنُّب ملامسة الوجه - والابتعاد عن مسافةً كافيةً عن أي شخصٍ يسعل أو يعطس.
يجب على المسافرين أن يراقبوا صحتهم بعد العودة من السفر، وإذا بدؤوا يسعلون أو إذا ارتفعت درجات حرارتهم يجب عليهم الاتصال بالجهات المسؤولة عن تقديم الرعاية الصحية حتى يتمكنوا من الاستعداد واتخاذ الإجراءات الوقائية.
هل يجب ارتداء قناع؟
يقول الخبراء: إذا كنت تعاني من مرضٍ أصاب جهازك التنفسي يساعد ارتداء القناع في منع انتقال المرض إلى الأشخاص المحيطين بك من خلال الحد من خطر انتشاره. قد يمنع ارتداء القناع الذي يستخدمه الأطباء في أثناء إجراء العمليات الجراحية انتقال العدوى إليك في الأماكن المزدحمة نوعاً ما في حال وجود وباء، لكنَّ هذه الأقنعة بشكلٍ عام لا تُنقِّي كل الهواء الذي تستنشقه.
يقول الخبراء إنَّ من الأفضل أن تغسل يديك بشكلٍ دائمٍ خلال اليوم، ويقول الأطباء إنَّ خطر انتشار العدوى الآن في الولايات المتحدة - حيث لا يوجد إلى الآن سوى 5 حالات إصابة مؤكدة بالمرض - يُعَدُّ أضعف من أن يكون ثمَّة ضرورة لارتداء قناع الوجه، واحتمال انتقال المرض إلى الأشخاص العاديين يُعَدُّ ضعيفاً جدَّاً.
أضف تعليقاً