كثرة التبول: الأسباب، والأعراض، والعلاج
كثرة التبول حالةٌ محرجةٌ ومزعجة تندرج أحياناً ضمن الحالات المَرضية. ولكن، متى تُعَدُّ كثرة التبول أمراً طبيعياً؟ ومتى تكون حالة مَرضية؟ وما هي أسباب كثرة التبول، وأعراضه؟ وكيف يتم علاج كثرة التبول؟ تابعوا معنا هذا المقال لمعرفة إجابة جميع هذه التساؤلات.
تعريف كثرة التبول:
على الرغم من أنَّ عدد مرات التبول الطبيعي في اليوم يتراوح بين 4-8 مرات، إلا أنَّ أيَّ ازدياد في عددها عن هذا الحد، لا يمكن تصنيفه تحت مسمى كثرة التبول إلا إذا أعاق الإنسان عن ممارسة حياته بشكل طبيعي، وخرَّب روتين يومه بسبب الحاجة الملحة إلى التبول خلال النهار، والإيقاظ من النوم من أجل إفراغ المثانة في أثناء الليل، والشعور بالقلق الدائم من الوجود في أماكن لا تحتوي على دورات مياه. إذاً، فإنَّ كثرة التبول المَرضي هي الحالة التي يعوق بها التبول المتكرر الإنسان عن ممارسة حياته بشكل طبيعي.
أسباب كثرة التبول:
أمَّا عن أسباب كثرة التبول، نذكر ما يأتي:
- شرب السوائل بكمية كبرى خلال وقت قصير، وتناول المشروبات التي تدر البول كالمشروبات الكحولية والمشروبات المحتوية على الكافيين.
- الإصابة بمرض السكري من النوع الأول أو الثاني؛ إذ إنَّ كثرة التبول يُعَدُّ واحداً من أهم أعراض هذا المرض، كون الجسم يستعمل البول كطريقة لطرح السكر الزائد في الجسم.
- الإصابة بالتهاب المثانة الخلالي، الذي تُعَدُّ كثرة التبول من أهم أعراضه، إضافة إلى ألم حاد وضغط في المثانة ناتج عن التهاب في جدرانها، وقد يمتد إلى الحوض.
- تناول بعض الأدوية التي تدر البول، وخاصة تلك التي تعالج ارتفاع ضغط الدم أو احتباس السوائل في الجسم؛ لأنَّ هذه الأدوية تساعد الكلية على التخلص من السوائل الزائدة في الجسم، فتتسبب بكثرة التبول.
- الأمراض العصبية والسكتات الدماغية التي تسبب تلف الأعصاب؛ وهذا يوصل إلى المثانة رسائل وأوامر عصبية غير دقيقة، تتسبب في إفراغ محتوياتها بشكل مفاجئ ومتكرر.
- العلاج بالأشعة والأورام الحميدة أو الخبيثة التي تصيب المثانة.
- ضعف إنتاج الهرمون المسؤول عن التبول الليلي بسبب التقدم في العمر؛ الأمر الذي يسبب حالة التبول الليلي المتكرر.
- وجود حصى في المثانة ناتجة عن تبلور بعض المعادن في البول، الذي يترافق بأعراض مثل التبول المتكرر، والشعور بالألم في أثناء التبول، وآلام في أسفل البطن والظهر.
- متلازمة فرط نشاط المثانة التي تسبب كثرة التبول؛ فإنَّ من أهم أعراضها الحاجة الملحة للتبول بشكل مفاجئ، والتبول المتكرر، والتبول الليلي، وسلس البول المستعجل.
- التهاب المسالك البولية، الذي يعود سببه إلى دخول بكتيريا في الإحليل أو مجرى البول؛ وهذا الأمر يسبب كثرة التبول.
- السمنة، التي تسبب ازدياد الضغط على الحوض؛ وهذا يسبب إضعاف عضلات قاع الحوض، والتبول بكثرة.
تتسبب الأسباب الآنفة الذكر بكثرة التبول بالنسبة إلى الجنسين، لكن بالإضافة إليها، توجد أسباب لكثرة التبول خاصة بالنساء، وأخرى خاصة بالرجال، وكذلك بالنسبة إلى الأطفال.
أسباب كثرة التبول عند النساء:
إضافة إلى الأسباب السابقة، تصاب النساء بكثرة التبول بسبب:
- الحمل: وهو أحد الأسباب التي تنتج عنها كثرة في التبول؛ بسبب الحجم الذي يأخذه الجنين في الرحم، والذي يسبب كبر حجم الرحم وضغطه على المثانة؛ إذ يُلاحظ أنَّ كثرة التبول المرافقة للحمل تظهر في الثلث الأول والأخير من الحمل، في حين أنَّها تقل في الثلث الثاني بسبب ارتفاع الرحم إلى الأعلى، فيقل الضغط على المثانة.
- سن اليأس: يؤدي سن اليأس دوراً في الإصابة بكثرة التبول؛ بسبب انخفاض مستوى هرمون الأستروجين في الجسم، الذي يدعم عضلات المثانة؛ إذ يسبب انخفاضه شعوراً بحاجة متكررة إلى التبول، وزيادة في التبول الليلي. كما أنَّ انخفاض هذا الهرمون قبل سن اليأس يسبب هذه الأعراض أيضاً.
- الولادة الطبيعية: قد تسبب الولادة الطبيعية ضعفاً في عضلات الحوض التي تدعم المثانة، وهذا الضعف تكون نتائجه المعاناة من كثرة التبول.
- سلس البول الإجهادي: هذه الحالة شائعة جداً بين النساء بشكل خاص، وتتسبب في تسرب البول في أثناء القيام بالنشاطات البدنية المجهدة كالركض، ورفع الأشياء الثقيلة، وأحياناً في أثناء الضحك.
شاهد بالفديو: أسباب حرقان البول عند النساء
أسباب كثرة التبول عند الرجال:
يضاف إلى الأسباب السابقة لكثرة التبول، بعض الأسباب الخاصة بالرجال، نذكر منها:
- المشكلات في البروستات، مثل التهاب البروستات وتضخُّم البروستات الحميد.
- التضيق في مجرى البول.
- بعض أنواع العدوى التي تنتقل عبر الاتصال الجنسي، مثل عدوى الكلاميديا.
أسباب كثرة التبول عند الأطفال:
تُضاف إلى الأسباب السابقة أسباب خاصة بالأطفال هي:
- اضطرابات القلق.
- ارتفاع مستوى الكالسيوم في البول.
- حدوث تغيُّرات بالمواد الكيميائية في الجسم كتناول كميات إضافية من الملح.
شاهد بالفديو: أهم النصائح لعلاج مشكلة التبول اللاإرادي الليلي عند الأطفال
أعراض كثرة التبول:
تترافق كثرة التبول عادة مع الأعراض الآتية:
- الشعور بعدم الراحة، والإحساس بالألم في أثناء عملية التبول.
- تغيُّر لون البول وتعكره، وقد يكون دموياً في بعض الأحيان.
- فقدان التحكم في المثانة بشكل تدريجي.
- المعاناة في أثناء التبول وصعوبة تحقيق ذلك على الرغم من الرغبة الملحة.
- نزول إفرازات من القضيب أو المهبل.
- الشعور بالألم في أسفل الظهر أو الجوانب.
- الشعور الدائم بالعطش أو الشعور بزيادة الشهية.
- الإصابة بالقشعريرة أو الحمى.
- القيء أو الشعور بالغثيان.
تشخيص كثرة التبول:
تُشخَّص كثرة التبول من قبل الطبيب، الذي تستدعي زيارته وجود بعض الآلام في الظهر والحوض في أثناء عملية التبول، إضافة إلى ارتفاع الحرارة أو التلون غير الطبيعي للبول، أو أيِّ أعراض مزعجة تؤثر في سير الحياة بشكل طبيعي واعتيادي.
يقوم الطبيب بسبر العادات اليومية والتاريخ المَرضي، ويستفسر عن أنواع الأدوية التي يتعاطاها المريض، وتاريخه الطبي والأعراض المرافقة لكثرة التبول. وقد يطلب إجراء فحص مجهري للبول ليكشف عن مكوناته والتراكيز الموجودة فيه، كما قد يطلب فحصاً ديناميكياً للمثانة لقياس الضغط داخلها، والتحقق من وجود مشكلات في الأعصاب أو عضلات المثانة.
تتطلب بعض الحالات إجراء فحوص للدم من أجل تقييم وظائف الكلية، ومستويات السكر في الدم، ومنسوب العناصر الكهرلية فيه. كما يتم التقصِّي عن طريق إجراء فحوصات عصبية من أجل استبعاد وجود مرض أو حالة عصبية تؤدي إلى كثرة التبول. وفي حالات معيَّنة، يتم إجراء تنظير للمثانة من أجل رؤيتها من الداخل ورؤية الحالب، والكشف عن أيِّ خلل في بنيتهما وآلية عملهما.
علاج كثرة التبول:
يكون علاج كثرة التبول عن طريق علاج الأسباب التي تؤدي إلى ظهور هذا العرض، ويتم ذلك عن طريق اتباع الخطوات الآتية:
- شرب الماء والسوائل بكميات كافية من دون الإفراط في ذلك، ومن دون الإنقاص من الكمية التي تلبِّي حاجة الجسم من السوائل، بالإضافة إلى تجنُّب شرب السوائل والمشروبات - خاصة المدرة للبول منها - قبل الذهاب إلى النوم.
- التخفيف من تناول الأغذية والمشروبات التي تحتوي على مدرات للبول، كالمشروبات المحتوية على الكافيين، والمنبهات مثل القهوة والشاي، والمشروبات الكحولية، والأطعمة كثيرة التوابل، والشوكولا، والبندورة.
- ممارسة تمرينات كيجل، التي من شأنها تقوية عضلات أسفل الحوض ومن بينها عضلات المثانة؛ وهذا يدربها ويعوِّدها على التحكم بشكل أكبر في عمليات الإفراغ والتبول، والاحتفاظ بالبول فترة أطول.
- معالجة الالتهابات التي تصيب المسالك البولية؛ وذلك عن طريق زيارة الطبيب الذي يصف الأدوية المناسبة، والابتعاد عن الأطعمة التي من شأنها تهييج هذه الالتهابات ومفاقمتها مثل الأطعمة المقلية والمخللات، فضلاً عن شرب بعض المشروبات التي تساعد على علاج هذه الحالات، مثل شراب مغلي البقدونس الذي أثبت فاعليته في معالجة أمراض والتهابات المسالك البولية.
- اتباع حمية خاصة لمرضى السكري أو تناول الأنسولين وفق الإشراف الطبي، واتباع التعليمات الطبية التي تساعد على ضبط معدل السكر في الدم لمرضى السكري.
- إذا كانت كثرة التبول ناتجة عن فرط نشاط المثانة، فيجب اتباع مجموعة من التدريبات التي تساعد على التخلص من هذه العادة.
- العمل على إنقاص الوزن الزائد في حال وجوده؛ لأنَّ السمنة تسبب ضغطاً على المثانة فتساهم في حدوث التبول المتكرر كما أشرنا آنفاً.
في بعض الحالات، قد لا يُجدي العلاج الطبيعي لكثرة التبول نفعاً، فنضطر إلى الدخول في العلاج الطبي، الذي يتم بإشراف الطبيب حصراً عن طريق واحدة من هذه الطرائق:
- العلاج عن طريق الأدوية التي يصفها الطبيب للمريض بعد فشل معالجة كثرة التبول بالطرائق الطبيعية. ومن الأدوية التي توصف في مثل هذه الحالات نذكر: "داريفيناسين" (Darifenacin)، و"إميبرامين" (Imipramine)، و"أوكسيبيوتينين" (Oxybutynin).
- العلاج الجراحي الذي يلجأ إليه الطبيب - عند الرجال خاصة - بعد فشل العلاج عن طريق الأدوية والعلاج الطبيعي؛ إذ يُجرَى تدخل جراحي لإزالة جزء من البروستات في حال كانت كثرة التبول ناتجة عن تضخم البروستات.
- في حال كانت كثرة التبول ناتجة عن ضعف في عضلات المثانة، يلجأ الأطباء إلى إعطاء حقن بوتوكس في المثانة من أجل تقوية عضلاتها وزيادة سعتها وتقليل التسرب منها.
في الختام:
من خلال ما ذُكِر آنفاً، تبيَّن لنا أنَّ كثرة التبول هي أمر شائع واعتيادي ناتج عن ممارسات معيَّنة في نظام الحياة، ولا يمكن تصنيفها كحالة مَرضية إلا إذا تسبَّبَت في عرقلة الحياة الطبيعية للفرد، واحتجازه في قلق حاد حول موضوع التبول أو الوجود في مكان يخلو من دورات المياه. وإنَّ أسباب كثرة التبول - كما أوضحنا - قد تكون نتيجة عادات غذائية خاطئة، أو نتيجة حالات مَرضية تؤثر في عضلات المثانة أو أعصابها. وإنَّ السيطرة على كثرة التبول أمر ممكن عن طريق تغيير في أسلوب الحياة أو تدخل طبي جراحي أو عن طريق الأدوية.