قوانين هرمس الكونية السبعة للوصول إلى التوازن المنشود

نحن نعيش متخبطين ما بين عقلنا وقلبنا، وتأخذنا الحياة بكل إيقاعاتها السريعة وتحدياتها الكثيرة، فنغوص في ماديتها، ونُحجِم عن التأمل والروحانية، الأمر الذي يجعلنا في حالة من التوتر الدائم والإرهاق المستمر، وتأتي هنا الأسئلة الأهم: مَن نحن؟ ومن أين جئنا؟ وما الغاية من وجودنا؟



لقد قضى بعض الناس حياتهم دون أن يكلِّفوا أنفسهم عناء البحث عن إجابات عن تلك الأسئلة، غير واعين بضرورة التفكر والتدبر في الحياة للوصول إلى التوازن المنشود، فقد اعتقدوا -خاطئين- أنَّ المادية هي الحاكمة والمسيطرة والآمرة الناهية؛ في حين قضى بعضهم الآخر معظم حياتهم في محاولة للإجابة عن تلك الأسئلة، وكانوا يتقربون في كل محاولة من ذواتهم أكثر، فاكتشفوا استثنائية الخَلق وشدة وعظمة النظام الطاغي على كل تفصيل من تفاصيله، وتمعَّنوا في عبقرية جسم الإنسان وتصميمه المتقن، وتيقَّنوا أنَّ التطور والارتقاء هما الغاية الأسمى في الحياة، وأنَّ عليهم تجاوز الكثير من التحديات للوصول إلى النسخة الأفضل منهم، والقادرة على التماهي مع الوعي الكوني.

نعم، يوجد من عرَّى الأمور وبحث في بواطنها وتمعَّن في وجودها، حتى أصبحت الرؤية أكثر وضوحاً بالنسبة إليه، وتأكد أنَّه السبب فيما يحدث في واقعه، وأنَّ حياته المادية ما هي إلَّا انعكاس لأفكاره ومعتقداته، واستنتج أنَّ عليه بناء إيقاعه الخاص دون العبء بما يبنيه غيره من البشر، إذ إنَّ لكل إنسان رسالته وإيقاعه.

لقد أسهم وضوح الرؤية في استبطان الحكمة وراء كل أمر في الحياة حتى وإن كان ظاهره سلبياً، فوصل ذلك الإنسان إلى قناعة مفادها أنَّه حتى لو سُجِن ووُضِع في غرفة لا تتسع إلَّا لشخص واحد، فستكون هذه الفترة من حياته بمثابة تجربة روحية لاكتشاف خفايا ذاته وتحديد ما عليه القيام به للارتقاء بها، وفرصة للتأمل في الكون والخالق والوجود، وقد تكون تجربة حقيقية بهدف إبداع شيء ما وخلقِ نجاحٍ استثنائي وفريد، فلا وجود للصدفة والعبثية في الحياة، حيث يُخفِي كل أمر في حياتك درساً هاماً عليك إدراكه والتعلم منه.

اسأل نفسك: "ما هو الدرس الواجب تعلمه في فترة حياتي الحالية؟"، فقد يكون درساً في ضبط الأعصاب، أو درساً في الحب والامتنان وعدم التعلق المَرضِي، أو درساً في رسم الحدود وبناء كيانك، أو درساً في حب الذات؛ فابحث في داخلك بصدق، فكل الأجوبة موجودة هناك.

ما هي فلسفة هرمس؟

هرمس شخصية أسطورية يُنسَب إليه كتاب "متون هرمس"، ويعتقد أغلب المؤرخين أنَّه هرمس الاسكندري- اليوناني، وأنَّه النبي إدريس نفسه؛ في حين يعتقد مؤرِّخون آخرون أنَّه شخصية أسطورية نُسِجت من عدة شخصيات حقيقية وخرافية؛ كما ويُقال أنَّه أول مَن علَّم المصريين علوم الفلك والطب والهندسة والعمارة، وكان يدعو إلى التوحيد، وانتشرت أفكاره في الحضارات المختلفة، وسُمِّي بـ "مثلث العظمة".

لقد أسس هرمس فلسفته الخاصة، والتي تُبيِّن وجود 3 مستويات من الوعي في رحلة حياة الإنسان، وهي:

  • الوعي المادي العظيم.
  • الوعي العقلاني.
  • الوعي الروحاني العظيم.

يتحوَّل مَن ينغمس في الوعي المادي العظيم إلى إنسان عبدٍ للشهوة والمال والجنس، وتكون حياته خالية من أي قيمة؛ أمَّا مَن يرتقي إلى المستوى الثاني من الوعي، فيبدأ السؤال عن معنى الحياة والغاية من وجوده، الأمر الذي يجعله يتمعَّن في ذاته والكون والخالق أكثر، وتكون فترة وجوده في المستوى العقلاني بمثابة فترة تنظيف للطاقة السلبية والمشاعر السامة، كالحقد والكره والطمع والخوف والاستغلال والتعلق والغضب والتهور؛ فإن نجح الإنسان في الانتصار على هذه التحديات، سيتأهل للارتقاء إلى المستوى الثالث من الوعي، حيث يُدرِك الإنسان فيه قيمته الحقيقية والغاية من وجوده، ويسعى جاهداً إلى التطور والارتقاء للوصول إلى أفضل نسخة منه، ويشعر حينها وكأنَّه وُلِد من جديد.

ما هي قوانين هرمس السبعة؟

1. قانون العقلانية:

تُنادي العقلانية بأهمية العقل، وتدعو إلى التوازن بين شقَّيه الأيمن والأيسر؛ أي التوازن بين التحليل والمنطق والحساب (الشق الأيسر)، والعاطفة والإبداع والفن والروحانية (الشق الأيمن)؛ كما وتؤكد على أنَّ أفكار الإنسان هي السبب وراء شكل واقعه، وأنَّ الواقع ما هو إلَّا انعكاس لأفكاره ورغباته؛ حيث يمكن للإنسان تقرير شكل واقعه باستخدام قوانين التجلي، إذ ما عليه إلَّا تحديد ما يريد، ومن ثمَّ بناء صورة ذهنية له، وتأييدها بالمشاعر الإيجابية الصادقة، والسعي والعمل بحب وضمن الإمكانات المتاحة.

إقرأ أيضاً: 7 معلومات غريبة عن العقل البشري

2. قانون المطابقة (التناظر):

ينصُّ هذا القانون على أنَّ ما في الأعلى موجود في الأسفل أيضاً، أي أنَّ الرزق بكل أشكاله موجود في السماء، وعلى الإنسان أن يعمل بحب وجد لكي يستحقه.

يقول قانون المطابقة أنَّ كل شيء مترابط في الكون، ونحن جميعاً مرتبطون فيما بيننا بشبكة طاقية مطلقة، ونتكامل فيما بيننا بنظام استثنائي خارق.

3. قانون الاهتزاز:

حاول الفيزيائيون فهم أصل الكون، فوجدوا من خلال دراساتهم أنَّ أصل كل شيء في الحياة هو ذرات، والتي تتألف بدورها من نواة وإلكترونات تدور حولها؛ كما وتعمَّقوا في دراسة النواة، ووجدوا أنَّها تحتوي على جزيئات صغيرة تسمَّى "نيوترونات وبروتونات"؛ ومن ثم سعوا إلى دراسة ما يُوجَد داخل الجزيئات الصغيرة، إلى أن اكتشفوا أنَّ الأصل في كل شيء هو اهتزاز (موجة) تؤثِّر في الكون.

يؤكد قانون الاهتزاز لدى هرمس هذا الاكتشاف العلمي الحديث، حيث عدَّ أنَّ كل شيء في الكون يهتز، وأنَّ الأشياء التي تمتلك التردد نفسه تجذب بعضها بعضاً؛ لذلك إن رغبت في بناء واقع جيد، عليك أن تحافظ على ذبذبات طاقية عالية؛ كمشاعر الفرح والهناء والسعادة والراحة.

4. قانون الإيقاع:

اعلم أنَّ كل أمر يحدث في حياتك يندرج ضمن خطة معينة تتوافق مع سعتك الطاقية، وتساعدك في الوصول إلى هدفك والارتقاء والتطور الروحي؛ فإن كنت تعيش في حالة من الألم أو المشاعر السلبية، فاعلم أنَّ ما تمر به بمثابة رسالة لك أو إشارة أو درس لكي تغير شيئاً ما في تعاطيك مع الحياة، أو لكي تبحث أكثر في معتقداتك وأفكارك وتكتشف كيف أثرت في واقعك.

اصنع إيقاعك الخاص المبني على قيمك ومشاعرك وخلفيتك وشغفك وأهدافك، ولا تهتم بإيقاع الآخرين، واعلم أنَّ كل شيء في الحياة يصب في مصلحتك، وما عليك إلَّا إدراك الدرس من تجليه في حياتك.

إقرأ أيضاً: 10 طرق لتوليد الطاقة الإيجابية في داخلك

5. قانون السبب والنتيجة:

يؤكِّد هذا القانون على أنَّ واقعك ما هو إلَّا نتيجة لأفكارك ومشاعرك، وأنَّك السبب في الخيارات المتواجدة الآن في حياتك؛ فإن رغبت في تغيير النتيجة، فعليك أن تغيِّر الأفكار والمعتقدات التي أدت إليها؛ وبمجرد اعترافك بأنَّك السبب، ستتجلى أمامك الأفعال التي قمت بها وأدت إلى ظهور الأمور السلبية في واقعك.

6. قانون القطبية:

يقول هذا القانون أنَّ الكون عبارة عن تضادات عديدة؛ ولولا وجود النقيض، لما أحسسنا بالنعمة والبركة؛ فقد خلق اللَّه من كل شيء شقَّين (إيجابي وسلبي) ليدعونا إلى التقبل والرضا واحتضان كلا الجانبين، بحيث نعظِّم الجانب الإيجابي ونُحسِن إدارة الجانب السلبي لكي نصل إلى حالة التوازن والحكمة.

7. قانون الجنس الكوني:

لدى كل شيء في الحياة طاقة ذكورية تتمثل في القسوة والنار والطاقة والعطاء، وأخرى أنثوية تتمثل في التسامح والاحتواء والسكينة واللين؛ ويصل الإنسان إلى حالة التوازن عندما يُوازِن بينهما.

الخلاصة:

لا وجود للحظ أو الصدفة في هذا الكون، بل إنَّ كل ذرة فيه موجودة لسبب ما، وتُحدِث أثراً؛ فاصنع أثرك وإيقاعك الخاص، وحافظ على طاقتك الإيجابية، فهي مَن ستخلق واقعك.

 

المصادر: 1، 2، 3، 4، 5، 6




مقالات مرتبطة