ملاحظة: هذه المقالة مأخوذة عن مقالة لـ "ليام ليهي" منشورة على موقع TSN، والذي يتكلم فيها عن تجربته الشَّخصية في "الوعي التَّام".
الوعي التام هو شيءٌ يجب تدريسه في كُلِّ مدرسة، وأن يتم تشجيع الموظفين على تبنِّيه في كل يوم عمل. كما يجب على قادة العالم الاستعانة به عند اتخاذهم القرارات السِّياسية والاقتصادية. يستطيع الوعي التَّام أن يُصحِّح الأخطاء التي نرتكبها تجاه بعضنا البعض، ويخلق عالماً أكثر سلمية وتعايشاً، ويجلبَ لكلِّ فرد يعيش على هذا الكوكب السَّعادة والبهجة والرضا.
لذا أستطيع أن أقول وبكل صدق: إنَّ الانتباه وإدراك كل ما يدور من حولي، قد غير حياتي إلى الأفضل. إذ كنت قبل ذلك في حالة ارتباكٍ وقلقٍ شديدَيْن، ونادراً ما كنت أتمكن من الإحساس بمُتع الحياة. وقد اعتبرتُ أنَّ الأفكار التي كانت تدورُ في رأسي هي التي تكوِّنُ شخصيتي. وهكذا سببت ليَ أفكاري السلبيَّة الكثير من المتاعب في حياتي.
لقد وجدت صعوبة في تكوين علاقات وطيدة. إذ غالباً ما كنت أنتقد أصدقائي، وأشعر بالانزعاج منهم. كما وجدت صعوبة في التَّركيز على أيِّ شيءٍ مثمر، لذا حصلت على درجاتٍ متدنية أثناء دراستي في الجامعة. وهو ما دفعني للشعورِ بالنَّقص، والاحساس بأنَّ الناس يحكمون علي أحكاماً خاطئة، وبالتَّالي لم أمتلك الثقة الكافية في التَّواصل مع أشخاصٍ جدد، أو في خوض تجاربَ جديدة.
بصيصُ أمل:
إنَّ كُتب المؤلف إيكهارت تول هي أول ما وضعني على الطريق الصحيح؛ فقد أثّرَتْ فيَّ كتبه بشكلٍ لا يُصدَّق، خصوصاً عندما بدأتُ قراءةَ كتابه قوّة الآن، إذ اكتشفت أمراً لم أدركه من قبل. حين بدأت أرى مدى سوء تأثير تفكيري السَّلبي على حياتي. كما بدأتُ أدرك روعة ذلك الشعور الهائل بالسَّلام الداخلي، بغض النَّظر عن الظرف الذي أعيشه.
إذ رحت أُبقي نفسيَ هادئاً ويقظاً كلما شعرت بالقلق أو الغضب أو الشك، وهو ما كان يُذهِبُ عنِّي تلك المشاعر السَّلبية بلمح البصر. ونظراً لأنَّني استطعت تطبيق الوعي التَّام في كلِّ جانبٍ من جوانب حياتي اليومية، فقد تحسّنت حياتي بالكامل. لذا أقُدّم لك في قادم السُّطور عدَّة أسبابٍ تجعلك تطبق الوعي التَّام على كل جانبٍ من جوانب حياتك اليومية.
1. التأمل التَّام يغمرك بالمشاعر الإيجابية:
سوف ينتابك إحساسٌ غامرٌ من السَّعادة والسَّلام، وستكون ممتناً كثيراً لذلك. كما ستشعرُ كُلُّ خليَّة من خلايا جسمك بالنَّشاط والحيوية، وسترى الحياةَ أكثرَ متعة وبهجة. لأنَّك حين تُمارس التَّأمل التَّام تكون الحياة بمثابة ساحةٍ تفرِغُ فيها كُلَّ طاقاتك وقدراتك، وذلك من شأنه أن يذلِّلَ جميع الصُّعوبات ويجعلك قادراً على تحقيق جميع أهدافك وطموحاتك.
2. التأمل التَّام يُكسبك ثقةً أكبرَ بالنَّفس:
أنا الآن شخصٌ أكثر ثقة بكثير مما قد تتخيّل. إذ لم أعد أخشى الناس أو ترتعد فرائِصي من المناسبات الاجتماعية؛ وإنَّما أصبحت أتقبَّل الآخرَين وأغتنم كلَّ الفرص التي تتيحها ليَ تلك المناسبات. فقد أصبح التَّحدث والتَّواصل مع الأصدقاء أحد أكثرِ الأمور المفضلة لدي. وأضحى الاختلاط مع أناسٍ جددٍ أحد أسبابِ سعادتي.
ولم أعد أصغي قَطُّ إلى أفكاريَ السَّلبية تجاهَ الآخرين، ولا عُدتُ أكترثُ إن أخبرني عقليَ أنَّني لستُ واثقاً بما يكفي لمخالطةِ النَّاس. ولأنَّي تخلَّصت من جميع "الأوزار الاجتماعيَّةِ" التي أثقلت كاهلي، استطعت تكوين صداقاتٍ مع أناسٍ رائعينَ من جميع أنحاء العالم.
3. التَّأمل التَّام يدفعك لأن تتعلم أكثر:
ستمتلك قدرة ذهنية أكبر بكثير، نظراً لأنَّ عقلك لن يُفكِّرَ في مشاكل الماضي، ولن يقلق بشأن المستقبل وتحدياته. كما أنَّك لن تخلق لنفسك مشكلاتٍ لا وجود لها، وذلك من شأنه أن يزيدَ من قدرتك على التَّعلم، ومن شغفك للعلم والمعرفة. وهو ما سَينعكسُ إيجاباً على تطورك على الصَّعيدين المهني والشَّخصي.
منذ أن أدركت أنَّني لست ذلك الصَّوت الذي يعتملُ في رأسي، وجدتُ أنَّ عقولنا أدوات جميلة ومذهلة عند إعمالها بشكلٍ صحيح. لذا بدأت أقرأ بشغف ورحتُ أدرسُ أشياءَ لم أكن أظنُّ أنَّني سأهتمُّ بها أبداً، على سبيل المثال:
- نظريَّة الكَمّْ.
- العلوم المعرفية.
- تكنولوجيا الفضاء.
- اللغات المختلفة (الألمانية والإسبانية والفرنسية وحتى لغة الماندرين).
- الفلسفة الشرقية القديمة.
إنِّي أجد غرابةً في نفسي حين أستمتع بقضاء وقت فراغي في الدِّراسة، لكن لا مانع من أن تُعمِلَ عقلك بأفكارٍ بنَّاءة عوضاً عن أن تستنزف تلك الطاقةَ في أفكارٍ لا معنى لها.
4. التأمل التَّام يجعلك ترضى عن حياتكَ أكثر:
بالإضافةِ إلى كُلِّ تلك التَّحسينات التي طرأت على جميع جوانب حياتي، أصبحت أكثر رضىً عن الحياة التي أعيشها الآن. ولم أعد أبالي بما يحدث من حولي؛ فكل ما أصبحت أهتمُّ به هو أنَّني هنا، على قيد الحياة وأعيش اللحظة. وكلُّ ما أراه الآن يبدو نابضاً بالحياة. فأنا لم أعد أشغلُ عقليَ بأمور لا تهمني، لذا تجدني منشغلاً بشدةٍ فيما يحدث لي الآن. فعالمنا هو عالمٌ رائع، ولا وجودَ للمشكلات فيه، وإنَّما هي مجرَّدُ مُشكلاتٍ نختلقها في عقولنا فقط.
في الختام:
لقد أصبحتَ تعلمُ الآن لماذا أؤمن إيماناً عميقاً بأنَّ الوعي التَّام يمكن أن يُغيِّرَ العالم. لقد غيرني، وإنَّه لقادرٌ على تغييرك ومساعدتك على اكتشاف الجمال في بساطة وجودنا. لذا أودُّ أن أحثَّك على أن تكون واعياً ومدركاً لذلك، وأن تعلم أنَّ السَّعادة تكمن فيك أنت، وتنتظر منك أن تكتشفها.
أضف تعليقاً