علم الصحة النفسية: أهميته ومجالاته ومظاهره

علم الصحة النفسية هو العلم الذي يهتم بالاضطرابات النفسية والعقلية التي قد يتعرض لها الفرد، وفي هذا المقال سنوضح لكم مجالات علم الصحة النفسية، ومظاهر الصحة النفسية وأهميتها؛ لذا تابعوا معنا في السطور القليلة القادمة.



ما هي مجالات علم الصحة النفسية؟

1. المجال البنائي:

يهدف هذا المجال إلى فهم الأسس التي تُبنَى عليها الاتجاهات الانفعالية، والسلوك الصحي، وعادات التفكير السليمة اللازمة لنمو الإنسان في طريق الصحة النفسية، وفهم الأسباب المؤدية إلى عدم نمو السلوك في هذا الطريق، وذلك من خلال دراسة بنية الشخصية، وتطوُّرها، وعوامل نمائها ومكوناتها، وأساليب الدفاع النفسي، ونشأة الصراع النفسي، ومحركات السلوك البشري في مختلف المراحل العمرية، ومن الجدير بالذكر هنا أنَّ هذا المجال نظري بالدرجة الأولى.

2. المجال الوقائي:

ويهتم المجال الوقائي بحماية الإنسان ووقايته من الوقوع بالمشكلات التي تشكل عائقاً بينه وبين صحته النفسية، وذلك من خلال تهيئة الظروف واتخاذ الإجراءات التي تحقق ذلك؛ حيث إنَّ معرفة الأسباب التي تؤدي إلى حدوث المشكلات واضطراب الحالة النفسية للإنسان تجعل المجال الوقائي ذا أهميةٍ بالغة.

ومن الجدير بالذكر هنا أنَّ كلاً من المجال البنائي والمجال العيادي والمجال العلاجي، هم مَن يتكفل بالوصول إلى تلك الأسباب؛ وذلك نتيجة اكتشاف دوافع السلوك الكامنة لوقوع الأفراد في الاضطرابات النفسية، بالإضافة إلى اكتشاف المراحل الأولى من الأمراض النفسية، كما يجب التنويه أيضاً إلى أنَّ المجال الوقائي يُعَدُّ مجالاً تطبيقياً.

ومن التوصيات التي يقدِّمها هذا المجال بشأن حماية الأفراد النفسية بشكل نتائج دراسات مرتبطة بما يلي:

  • تفهُّم الأدوار الاجتماعية والقيم، والتنشئة الاجتماعية السليمة، والرضا بالتغير الاجتماعي وتقبُّله، وتحمُّل المسؤوليات.
  • نشر الوعي الصحي الهادف إلى حماية الفرد من إصابات الجهاز العصبي، أو الأمراض الوراثية، أو الإصابات الجسمية التي ينتج عنها أمراض أو اضطرابات نفسية.
  • العناية بأساليب التنمية النفسية السليمة، وتوضيح أهمية عدم تعرُّض الإنسان للخبرات الشديدة أو المؤلمة التي تحول من تمتُّعه بحياة صحية سليمة.
  • الوقاية من مشكلات عدم التوافق والانسجام في الجوانب الحياتية الهامة، وذلك من خلال التوجيه والإرشاد العائلي والتربوي والمهني.
إقرأ أيضاً: أشهر أنواع الأمراض النفسيّة وأعراضها

3. المجال العيادي (الإكلينيكي):

يهدف هذا المجال إلى تحديد الصفات والعادات السلوكية الكفيلة بتمييز كل حالة وما يتضمنها من معلومات، وذلك من خلال دراسة خصائص الحالة النفسية وجزئياتها دراسةً سريرية تفصيلية، من خلال وسائل التحليل والقياس والملاحظة، لتحديد حالة الفرد النفسية على شكل تقرير كامل يتضمن جوانب التكوين الشخصي للفرد، وإعطاء جميع التوصيات التشخيصية اللازمة لهذه الحالة، ومن الجدير بالذكر هنا أنَّ هذا المجال يُعَدُّ مجالاً تطبيقياً يتميز بتركيزه على كلٍ من: مستوى منطقة المرض النفسي، ومستوى منطقة الصحة النفسية.

4. المجال العلاجي:

يهدف هذا المجال إلى دراسة أساليب العلاج النفسي بدرجاته المختلفة، وذلك من خلال التدريب على مهارات العلاج المختلفة، ودراسة نظريات هذا العلاج، وتنفيذ الإجراءات الإرشادية والعلاجية والاستشارية وذلك تبعاً لنوعية وظروف ودرجة بُعد الفرد عن مستوى الصحة النفسية.

ومن الجدير بالذكر هنا أنَّ هذا المجال يُعَدُّ مجالاً تطبيقياً عملياً له أساليب الملاحظة والقياس الخاصة به، وأهدافه تشخيصية وعلاجية لتحديد مدى تطوُّر العملية العلاجية، ويتطلب هذا المجال نقاطاً عدَّة أهمها:

  • التعمق في الجوانب الشخصية للفرد.
  • التعمق في الأساليب العلاجية.
  • الخصائص الشخصية التي يتصف بها المُعالج وإلمامه الشامل بجميع مجالات الصحة النفسية.
  • رغبة المُعالج بخدمة ومساعدة الأشخاص الآخرين.
  • أن يكون المُعالج مُلماً ببعض المبادئ الطبية اللازمة، مثل: الأمراض الجسدية المزمنة، وعلم الأدوية وخاصةً الأدوية النفسية، وغيرها من الموضوعات المرتبطة بالطب عموماً.

شاهد بالفيديو: 12 نصيحة للحفاظ على الصحة النفسية

ما هي مظاهر الصحة النفسية؟

عندما يتمتع الفرد بصحةٍ نفسيةٍ سليمة فإنَّ ذلك ينعكس على تعامله مع الحوادث والظروف غير المرغوب فيها، كما أنَّه ينعكس أيضاً على تفاعلاته واستجابته للمتغيرات والمثيرات المختلفة، ومن أهم مظاهر التمتع بصحةٍ نفسية سليمة، نذكر لكم ما يلي:

1. التوافق الاجتماعي:

هو تمتع الفرد بالقدرة على الانسجام مع البيئة المحيطة به والتأقلم مع جميع المواقف الاجتماعية المعتمدة على التفاعل مع الأشخاص الآخرين وإقامة العلاقات المختلفة معهم؛ حيث تكون الاستجابة الاجتماعية للإنسان ذات مستوى عالٍ من الإيجابية والتآلف؛ مما ينتج عنه الرضا الاجتماعي سواء من طرفه أم من قِبل الأشخاص المحيطين به، فيكون التعامل فيما بينهم مبنياً على التعاون والثقة والمرونة، والاحترام، والتسامح.

2. النجاح والتفوق في العمل:

إنَّ تمتُّع الفرد بصحةٍ نفسيةٍ جيدة يساعده على تحقيق النجاح في مختلف المجالات العملية والمهنية، والنجاح في مختلف المهام الموكلة إليه، كما أنَّها تساعده على الارتقاء بالمستوى الوظيفي، وعدم مقابلة حالات الفشل التي يمكن أن تواجهه بالانسحاب والإحباط، واختيار الاستجابة الملائمة في مواقف العمل المختلفة، والقدرة على التعايش مع المجتمع المهني.

3. التوافق الذاتي:

إنَّ تمتُّع الفرد بصحةٍ نفسيةٍ سليمة يساعده على التكيف مع إمكاناته ومستواه، وكفاءته، وقدراته الذاتية، كما أنَّها تساهم في إدراكه لنقاط القوة والضعف في شخصيته، واستثمارها استثماراً صحيحاً؛ الأمر الذي يحقق له مبدأ الرضا عن الذات والأمان الداخلي، بالإضافة إلى أنَّها تساعده على ضبط الاستجابات والانفعالات وتوجيهها في المواقف المختلفة، وتقدِّم له التقدير الذاتي المتوازن دون تحقيرٍ ولا مبالغة.

4. حسن الخلق والإقبال على الحياة:

يكون الفرد الذي يتمتع بصحةٍ نفسيةٍ جيدة متوقعاً للخير متفائلاً به؛ أي يكون دائماً شخصاً إيجابياً مُحباً للحياة ومستمتعاً ومقدِّراً لوسائل السعادة والراحة المتاحة له، كما أنَّه يتمتع بقدرٍ عالٍ من حسن الخُلق ومحبة من حوله والتحلي بالصفات الحسنة والبعد كل البعد عن الفواحش والآثام.

5. الاتزان والنضج في الانفعالات:

يمتاز الفرد الذي يتمتع بالصحة النفسية بالثبات العاطفي والوجداني، والاتزان الانفعالي، والاستقرار في الاتجاهات والميول الاجتماعية والذاتية، كما أنَّه يكون قادراً على مواجهة الضغوط والظروف الاجتماعية المختلفة، ومواجهة الأزمات والإحباط، والقدرة على تحمُّل مسؤولية نتائج السلوكات الذاتية المختلفة والمسؤوليات الاجتماعية.

إقرأ أيضاً: 10 قواعد مهمة لبناء علاقات إجتماعيّة ناجحة

ما هي أهمية الصحة النفسية؟

تنعكس نتائج الصحة النفسية السليمة على كلٍّ من الفرد والمجتمع، فهي تساهم في انتقاء الأساليب العلاجية المتوازنة والسليمة للمشكلات الاجتماعية المؤثرة في سلامة النمو النفسي للأفراد، ومن أبرز النقاط التي تتجلى فيها أهمية الصحة النفسية:

  1. زيادة قوة وتماسك المجتمع من خلال إنشاء أفراد أسوياء ومستقرين نفسياً، فعندما يتمتع الآباء بصحةٍ نفسيةٍ جيدة يكونون قادرين على تنشئة أطفالهم بصحة نفسية جيدة؛ حيث تكون الأسرة التي تمتاز بالصحة النفسية متماسكةً وقويةً داخلياً وخارجياً.
  2. قابلية التعامل الإيجابي مع المشكلات المختلفة والتغلب عليها، وتوازن الانفعالات عند مواجهة الضغوطات الحياتية المختلفة، وتحمُّل جميع المسؤوليات الملقاة على عاتقه دون الانسحاب أو الهرب.
  3. الشعور الدائم نسبياً بالهدوء والأمان الذاتي والسكينة والاستقرار الذاتي، فلا مكان للخوف والتوتر في حياة الإنسان.
  4. تجعل الفرد أكثر قدرةً على ضبط العواطف والسيطرة عليها، فهي تفتح الآفاق لذاته، وتمكِّنه من فهم ذاته وفهم الأشخاص الآخرين المحيطين به.
  5. تجعل سلوكات الفرد سليمةً ومُرضية ومحبوبة لمن يحيط به، كما أنَّها تجعل الفرد متكيفاً مع مَن حوله ومتوافقاً مع ذاته.
  6. تحقيق مبدأ التنمية الاجتماعية، فالأفراد الذين يتمتعون بصحةٍ نفسيةٍ سليمة قادرون على تحمُّل مسؤولياتهم وتسخير قدراتهم وطاقاتهم وكفاءتهم إلى أقصى درجة.

وبذلك نكون قد قدَّمنا لكم مجالات علم الصحة النفسية وأهميتها ومظاهرها.

المصادر: 1، 2، 3




مقالات مرتبطة