دليل اكتساب المرونة في تغيير العادات

درَّبتُ آلاف الأشخاص الذين يرغبون في تغيير عاداتهم من خلال برنامج "سي تشينج" (Sea Change) الذي صمَّمتُه، ووجدت أنَّ هناك اختلافاً رئيساً بين الأشخاص الذين يقومون بالفعل بإجراء تغييرات وبين الأشخاص الذين يفشلون في ذلك. هذا الاختلاف الرئيس هو ما أسميه "مرونة العادة".



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكوتش "ليو بابوتا" (Leo Babuata)، ويُقدِّم فيه نصائح لزيادة القدرة على إجراء تغييرات في الحياة.

المرونة في تغيير العادات هي القدرة على العودة إلى المسار عندما لا تسير الأمور كما خططت لها، بحيث تبقى إيجابياً ومُتحفزاً وقادراً على التسامح مع نفسك والتعاطف معها، ومن ثمَّ تستطيع تجاوز الإخفاقات والبدء من جديد. إنَّها القدرة على التعلُّم وتطوير النفس من خلال المثابرة.

نقيض التمتع بالمرونة في تغيير العادات هو الشعور بالإحباط عندما لا تسير الأمور كما خُطط لها؛ إذ تلوم نفسك، أو تتهرب من مواجهة الخطأ، أو تتجاهل المشكلات أو تشتكي من الوضع السيئ أو قد تُلقي باللوم على الآخرين.

وبالنتيجة تظن أنَّك لا تستطيع إجراء التغيير، وتُقلل من قيمة نفسك أو تصفها بالضعف. ولنأخذ هذا المثال للتوضيح:

لنفترض أنَّني أرغب في تغيير عادات تناول الطعام، وسأختار أن أتناول طعاماً صحياً في وجباتي الثلاث مثل السلطات والشوفان، وأبدأ بتطبيق الخطة. لكن بعد أسبوع يكون لدي غداء عمل ورحلة لمدة ثلاث أيام إذ سأضطر إلى تناول الوجبات السريعة، ثم حفلة عيد ميلاد ابنتي؛ إذ سأضطر إلى تناول الحلويات؛ وهذا يعني أنَّ الخطة التي وضعتُها أخفقت خلال هذه الأيام.

لذلك في هذه المرحلة أكون بين خيارين، الأول أن أستسلم وألوم نفسي وأتجاهل المشكلة، والخيار الثاني هو أن أطوِّر مرونتي في اكتساب العادة الجديدة؛ إذ سأُجري بعض التعديلات على الخطة، مُقدماً لنفسي بعض التعاطف، ومن ثم أبدأ من جديد. ما يعني أنَّني أحافظ على موقف إيجابي خلال هذه الفترة.

إنَّ الخيار الثاني سيؤدي إلى تغيير طويل الأمد، وإذا التزمتَ به فإنَّك ستكون قادراً على تغيير أيَّة عادة ترغب في تغييرها. كان هذا مجرد مثال عن الفرق بين الأسلوبين في التعامل مع قرارات التغيير، وفي إمكانك أن ترى أنَّ الفرق كبير. ومن خلال هذه الخطوات ستتمكن من تطوير مرونتك في التعامل مع التغيير الذي تنشده.

إقرأ أيضاً: المرونة والتكيف: مهارات أساسية للنجاح في العمل

تطوير مرونتك في تغيير العادات:

الخبر الجيد هو أنَّك تستطيع تحسين مرونتك في تغيير العادات أو اكتساب عادات جديدة، وإليك بعض النصائح للقيام بذلك:

1. لا تُضخِّم من توقعاتك بشأن النتائج:

عندما نبدأ بإجراء تغييرات في عاداتنا، غالباً ما تكون لدينا توقعات غير واقعية، مثل الحصول على عضلات بطن بارزة في غضون أربعة أسابيع من بدء ممارسة التمرينات؛ لكنَّ المشكلة هي أنَّنا عندما نحاول جعل هذه التوقعات حقيقة فإنَّنا غالباً ما نصاب بالخيبة، على الأقل في البداية.

لكن على الأمد الطويل نكون قادرين على إجراء تغييرات أكثر بكثير مما نعتقد؛ وذلك بخلاف التغييرات التي نحصل عليها على الأمد القصير، فهذه تكون تغييرات سهلة وغير دائمة.

باختصار التغيير لا يأتي دفعة واحدة ولا يسير بانتظام بل سيراً تراكمياً؛ لذا توقَّع أن تحصل على نتائج أقل من المستوى المثالي الذي تتوقعه، ولا تكن صارماً جداً بشأن الطريقة التي ينبغي أن تجري من خلالها التغييرات، وعندما تحصل على نتائج أقل مما توقعت، استبدل خطتك بخطة إجراء التغييرات خطوة بخطوة.

2. تعلَّم مهارة التكيُّف:

على سبيل المثال: إذا لم تسر خطة النظام الغذائي كما خططت لها، فليس بالضرورة أن تكون أنت المخطئ، قد يكون هناك عيب في الخطة أو الطريقة التي تطبق فيها الخطة.

لذلك ينبغي عليك تحسينها بحيث تلائم حياتك، ومن أجل ذلك قد يكون من المفيد أن تُحاسب نفسك عن مقدار التزامك بالخطة، أو استعمال بعض الوسائل لتذكيرك بها، أو التخلص من أطباق الوجبات السريعة الموجودة في ثلاجتك. الفكرة هي أنَّه يوجد وسائل عدة لتعديل الخطة، الأمر الهام هو أن تبحث عن هذه الوسائل ولا تستسلم أبداً.

3. مارِس التعاطف الذاتي وسامِح نفسك:

هذه الممارسة هامة جداً؛ لكنَّ معظم الناس يقومون بالشيء المناقض تماماً؛ فعندما تسوء الأمور فإنَّنا غالباً نلوم أنفسنا وننتقد ذاتنا؛ لكنَّ هذا النوع من ردود الفعل معدوم الفائدة ويمكن أن يجعل العادات القديمة أكثر رسوخاً.

بدلاً من ذلك يجب أن نتعلم كيف نكون أكثر لطفاً مع أنفسنا عندما نخفق مؤقتاً في تحقيق ما كنا نطمح إليه. من الهام جداً أن نغفر لأنفسنا عندما نخفق وأن نتعاطف مع معاناتنا مع الاحتفاظ برغبتنا في التخلص من هذه المعاناة. إنَّ الرغبة في الوصول إلى السلام الداخلي ومنح أنفسنا الحب بصرف النظر عما نفعله أمر بالغ الأهمية لتحقيق النجاح في المستقبل.

شاهد بالفديو: 8 نصائح لإظهار التعاطف ومراعاة الآخرين

4. لا تتجاهل المشكلات؛ بل تعامَل معها بمرونة:

نحن نحتاج إلى تحفيز أنفسنا في مواجهة الإحباط، ويجب أن نحافظ على حماستنا دائماً؛ لذا ضع تحدياً لنفسك عند كل فشل، وابقَ إيجابياً وانظر إلى الإخفاق على أنَّه نقطة انطلاق جديدة لتحقيق النجاح.

5. استلهم الحماسة من الآخرين:

يمكننا أيضاً أن نشعر بالحماسة من خلال الآخرين، ويُعدُّ الانضمام إلى حلقات دعم برفقة أشخاص آخرين طريقة جيدة لفعل ذلك، كما يمكنك طلب الدعم من عائلتك وأصدقائك، واعتمد على أحد منهم لتشجيعك على العودة إلى المسار الصحيح عندما تنحرف عنه. إنَّ تبادُل مشاعر الحب مع الأشخاص يكسر حالة العزلة؛ إذ إنَّ كثيراً من الأشخاص يعرفون ما معنى المعاناة وبعضهم مستعد لدعمك في كفاحك.

6. ثابر وتعلَّم كيف تنطلق مجدداً:

ابقَ إيجابياً عندما تسوء الأمور، وتابع محاولة اكتساب أو تغيير العادات التي كنت تريدها، مثلاً أخفقت في الإقلاع عن التدخين، بسبب ظروف سيئة؛ لكنَّ ذلك لا يعني أن تستسلم؛ بل كرِّر المحاولة بمزيد من الإرادة والتصميم.

المصدر




مقالات مرتبطة