مفهوم حب الذات والفارق بينه وبين حب النفس:
حب الذات مصطلح يعبر عن تقدير قيمة وقدرات الشخص الذاتية والداخلية، وهو يمنح الطاقة الإيجابية للشخص نفسه وللمحيطين به، ويمكن له أن ينمو ويتطور عن طريق ممارسة الأعمال التي تدعم نمو الشخص النفسي والجسدي والروحي.
يتعامل الشخص في حالة حب الذات مع نقاط قوته، ويتقبل نقاط ضعفه ويحاول التخلص منها، ولا يتوقف عند نواقصه؛ إنما يسعى جاهداً إلى تحقيق أهدافه للوصول إلى النجاح والتميز والعيش بسعادة.
كما يجب أن يكون حب الذات باعتدال، إذ يؤدي الحب المبالغ فيه للذات إلى الأنانية والغرور والتكبر؛ وهو ما يسمى بحب النفس.
السلام الداخلي والتصالح مع الذات:
هناك ترابط كبير بين مفهومي السلام الداخلي والتصالح مع الذات، نظراً لأن كلاهما قد يؤدي إلى الآخر، وكلاهما يقدمان للشخص حالة من السكينة والطمأنية والسعادة.
مفهوم السلام الداخلي:
يعرف السلام الداخلي بأنه حالة السلام التي يعيشها الإنسان مع تكوينه الروحي والعقلي، ومع ما يكفي من فهمه ومعرفته للمحافظة على قوة النفس وثباتها في مواجهة أنواع الضغوطات كافة؛ إذ لا يشعر الفرد الذي يملك إحساس السلام الداخلي بالتوتر أو القلق، بل براحة البال والسعادة والرضا.
مفهوم التصالح مع الذات:
التصالح مع الذات القدرة على الاعتراف بالأخطاء وتقبلها بإيجابية، ودون أي خوف أو توتر أو قلق أو خجل منها، أو إخفائها بذريعة الكبرياء.
إن الشخص المتصالح مع ذاته أكثر شخص يمكن أن يكون متصالحاً مع الآخرين، ومتقبلاً لنقاط ضعفهم ونواقصهم، وقادراً على مد يد المساعدة لهم لتخطي ما يواجهونه من أزمات بطريقة إيجابية وقوية.
أهمية السلام الداخلي:
يتحدث "تنزين غياتسو" عن أهمية السلام الداخلي في العالم فيقول: "تتعلق المسألة الحقيقية للسلام الدائم للعالم بالبشر؛ لذلك نجد أن المشاعر الإنسانية أساسية أيضاً، إذ يمكن تحقيق السلام للعالم من خلال تحقيق السلام الداخلي. لذا يجب أولاً أن نصل إلى السلام داخل أنفسنا، ثم نوسعه تدريجياً ليشمل عائلاتنا ومجتمعاتنا والكون بأكمله".
أقوال تُساعك في فهم معنى السلام الداخلي:
هناك عدة أقوال تُساعك في فهم معنى السلام الداخلي، وهي:
- يبدأ السلام بابتسامة. (الأم تيريزا).
- لا يمكن حفظ السلام بالقوة، ولا يمكن تحقيقه إلا من خلال فهمه. (ألبرت إينشتاين).
- يأتي السلام من الداخل، فلا تسعَ إليه. (بوذا).
- لا يحتاج السلام إلى استرداد، إنما إلى خلق؛ إذ يجب عليك الإحساس بالسلام المقيم بداخلك. (بريم راوت).
9 نصائح لتحقيق السلام الداخلي وحب الذات والتصالح معها:
1. التركيز على الأشياء التي تستطيع التحكم بها:
تستطيع أن تفعل الكثير من الأشياء لتستمع بحياةٍ سعيدة وسلام داخلي، نذكر منها:
- الالتقاء بالأصدقاء المقربين الذين ترتاح بالجلوس والحديث معهم.
- الاهتمام بصحتك من خلال تناول المأكولات الصحية مثلاً.
- زيارة حديقة موجودةٍ في منطقة سكنك.
- الاستمتاع بالطبيعة واستنشاق الهواء النظيف.
- ممارسة التمرينات الرياضية يومياً.
2. تعلم عيش اللحظة الحالية:
يشعرك التفكير المستمر في أحداث الماضي والمستقبل بالتوتر، لدرجة أنك يمكن أن تفقد عقلك؛ بالإضافة إلى أنه يغيب عنك حلاوة الحاضر الذي تعيشه، ويحول دون استمتاعك بلحظاته الجميلة.
يجب عليك تعلم تقييم الأحداث في وقت حدوثها، فهناك فارق كبير في الضغط النفسي والإجهاد الفكري والعقلي والتوتر.
يجب أن يكون تفكيرك منصباً على اليوم الذي تعيشه، والأشياء التي ستقوم بها في هذا اليوم؛ بدلاً من الغرق في التفكير فيما كان ينبغي أن يحدث يوم أمس، أو التفكير في المواقف التي يمكن أن تحدث مستقبلاً.
3. تعلم سياسة القبول:
يجب عليك تقبل كل ما لا تستطيع تغييره، فهناك الكثير من الأشياء التي لا تستطيع تغييرها، والكثير من الأفراد الذين يتصرفون بطريقة لا تريدها، أو بطريقة متنافية مع المنطق والأعراف؛ فرغم كل محاولاتك لنصحهم وتوجيههم ولفت نظرهم، أو مناقشتهم والتفاوض معهم؛ إلا أنهم لا يتأثرون أبداً. لذا عليك ترويض نفسك على قبول ذلك، وتقبل حقيقة أن هناك الكثير من الأشياء التي لا يمكنك تغييرها.
4. القدرة على التسامح:
يجب عليك أن تتمتع بالقدرة على التسامح لتجد السلام الداخلي في نفسك، وتكون خطواتك بعيدة عن الماضي وأحداثه المزعجة؛ إذ إن التسامح قادر على منحك المقدرة والشفاء والنمو.
يشمل التسامح مسامحة النفس والآخرين؛ ذلك لأنك إن لم تستطع مسامحة نفسك، فلن تستطيع الإبقاء على احترامك لذاتك وثقتك بها وتقديرك لها؛ وإن لم تستطع مسامحة الأشخاص الآخرين، فلن تستطيع نسيان الأحداث الماضية.
5. الضحك:
لن تتمكن من إيجاد الحلول لكل مشكلات العالم من خلال شعورك بالقلق والتوتر والذنب والحزن الشديد إثر كل الأخبار والصور المؤذية؛ لذلك ابتعد عن كل ما يجعلك تفكر تفكيراً سلبياً ومتشائماً، وحاول قدر الإمكان البحث عن الفكاهة والضحك والمزاح البعيد عن السخرية وإيذاء مشاعر الآخرين؛ فالضحك أسهل طريقة لتفريغ الشحنات السلبية التي تحول بينك وبين شعورك بالسلام الداخلي، وهو الدواء المشترك والمجاني لكل هموم العالم وأمراضه.
6. الاحتفاظ بدفتر خاص لليوميات:
يعد اللجوء إلى كتابة اليوميات، وجعلها إحدى طرائقك المستخدمة للسيطرة على تدفق الأفكار والمشاعر، بحيث يمكنك العودة إليها في أوقات أخرى بعد أن تصبح أكثر هدوءاً؛ أمراً جيداً لتحقق سلامك الداخلي، فالكتابة وسيلة يمكن من خلالها جمع العواطف والأفكار وترتيبها ليصبح لها معنى.
يمكنك تصميم دفتر يومياتك بالطريقة التي تحبها والتي تشعرك بالراحة؛ كما يمكنك استخدام هذا الدفتر لكتابة الأشياء الجيدة فقط في حياتك، والتي تمنحك الدعم النفسي والهدوء، حيث يمكنك اللجوء إليها عندما تكون قلقاً أو متوتراً.
7. التأمل:
يساهم التأمل في تخفيف أعراض التوتر والقلق، كما يمكنه منحك التبصر والهدوء، ويسمح لك بضبط عواطفك وأفكارك، وستكون قادراً من خلاله على رصد عالمك الداخلي؛ كما أنه يجعلك قادراً على إبقاء الأمور في نصابها، ويمكنك من إصدار الأحكام بدقة أكثر.
توجد عدة أنواع مختلفة يمكنك اتباعها من التأمل، فكلما استخدمت وجربت صوراً أكثر منه، أصبحت أكثر قدرة على الوصول إلى السكينة من خلاله؛ ومن هذه الأنواع:
- ممارسة الكيجونج: الذي يعتمد على خلق التوازن بمزج التنفس العميق مع التأمل والحركة الجسدية، ويُعدُّ من العلاجات الصينية القديمة.
- ممارسة اليوغا: تزيد اليوغا من شعورك بالسكينة والهدوء، ومن الحضور الذهني في اللحظة التي تعيشها؛ ذلك لأنَّها تشتمل على أوضاع تتطلب التركيز.
- ممارسة التأمل المتسامي "المانترا": يعتمد هذا النوع من التأمل على تكرار جملة أو كلمة مراراً وتكراراً خلال جلسة التأمل.
- ممارسة التاي تشي: نوع من التأمل يعتمد على تقنية مزج التنفس العميق بالأوضاع التقليدية لتعزيز الصحة والاسترخاء، ويُعدُّ من أحد الفنون القتالية الصينية.
شاهد بالفيديو: كيف تحقق السلام الداخلي؟
8. الالتزام بالقيم والأخلاق:
يعد التزامك بالمبادىء والأخلاق والقيم، مثلا: الوفاء بالوعد، والصدق، ومساعدة الآخرين في حدود قدراتك، ومحبة الناس، والابتعاد عن الغيبة والنميمة؛ من أهم الأمور التي يمكنها أن تمنحك الرضا والراحة والسلام الداخلي، وتساهم في إبعادك عن القلق والتوتر والاضطراب النفسي.
يجب أن تذكر نفسك دائماً بأن إشغال نفسك وتفكيرك في تغيير طباع الناس وأفعالهم هدر لطاقتك دون جدوى؛ وأن بإمكانك بالمقابل تغيير ذاتك في أي لحظةٍ تقرر بها ذلك، وأنَّك المتحكم الوحيد في هذا القرار.
9. التصالح مع الماضي:
إذا كنت قد تعرضت إلى عنف أو صدمة في وقت سابق من حياتك، ولم تستطع تخطي هذه التجارب بمفردك للحصول على السلام الداخلي والهدوء النفسي، وكان من الصعب عليك التعامل مع تلك التجارب بمفردك، وكنت تعاني من أحد الأشياء التي سنذكرها لك، وكانت هذه الأشياء تمنعك من ممارسة مهامك اليومية؛ عندها لابد لك من استشارة طبيب نفسي، وهذه الأشياء هي:
- الانعزال، أو الشعور بعدم الارتباط.
- الاكتئاب.
- الشعور بالخوف والرهبة.
- انعدام الأمن والإحساس بالتهديد الدائم.
- تذكر ذكرياتٍ لا تريد تذكرها، واستعادة تفاصيلها في مخيلتك.
- الشعور أو الرغبة في إيذاء نفسك.
- إحساسك بأنك فاقد للإحساس تماماً.
- القلق، والأرق، وتغير عادات النوم.
- تقلب المزاج والعصبية.
- صعوبة اتخاذ القرارات، والتركيز.
في الختام:
للوصول إلى حالة سلام داخلي يمكنك أيضاً الانضمام إلى مجموعة دعم نفسي، حيث يمكنك مشاركة أفكارك وتجاربك وآلامك، ويمكن أن يكون لها دور كبير في مساعدتك على تجاوز الماضي والتصالح معه، خاصة إذا كان أفراد هذه المجموعة قد مروا بالتجربة نفسها؛ كما يسمح لك تحدثك مع أشخاص آخرين عن ماضيك وعن الآثار التي خلفها في نفسك، باكتشاف تأثير تلك التجارب فيك، ممَّا يؤدي بدوره إلى مساعدتك في التصالح معها، والمضي قدما لتحصل على سلامك الداخلي.
أضف تعليقاً