تقبَّل التغيير واجعله يعمل من أجلك

يدرك معظمنا أنَّ حجم ووتيرة التغيير يزدادان ازدياداً كبير خلال العقود الماضية؛ ويعود ذلك بشكل أساسي إلى التطور التكنولوجي الكبير وتغيُّر الأعراف الاجتماعية، ومع ذلك فإنَّ ما لا يدركه الكثيرون هو أنَّ وتيرة التغيير لن تعود لتصبح بطيئة مرة أخرى.

في حين استُعملت منهجيات تقليدية في إدارة التغيرات من قِبل منظمات للسيطرة على الفوضى التي نتجت عن التغيير، إلَّا أنَّ المنظمات الحديثة تتبنى إدارة التغييرات كجانب لا بد من استعماله في بيئة الأعمال المعاصرة.



المؤسسات التي تحقق أكبر النجاحات هي التي تنظر إلى التغيير على أنَّه جزء لا يتجزأ من النسيج الثقافي.

ويمكن أن تحذو الشركات الأخرى حذوها إذا:

  • تبنت التغيير.
  • استثمرت هذه التغييرات.
  • شجعت على هذه التغييرات.

نستعرض فيما يأتي 3 مبادئ يجب على الشركات الالتزام بها للنجاح في التغيير:

1. تبنِّي التغيير:

مقاومة التغيير ليست محاولة عبثية فحسب؛ بل هي غير منتجة، فالتغيير في جميع مجالات العمل لا بد أن يحدث، وفي الواقع غالبية الأطفال في المرحلة التعليم الابتدائي الآن سيعملونَ في المستقبل في وظائف ليست موجودة حتى الآن.

علاوةً على ذلك يبلغ متوسط عمر المهارة الفنية حالياً 18 شهراً؛ بمعنى أنَّ مهاراتنا التقنية والفنية لا تخدمنا في مجال العمل لأكثر من 18 شهراً؛ والسبب أنَّ طبيعة الأعمال أصبحت مؤقتة وتهدف إلى تنفيذ المشاريع، ومن ثم فإنَّ الهدف السنوي الذي يُحدَّد في بداية السنة المالية غالباً ما يصبح بسرعة شيئاً من الماضي.

والتحدي الذي تواجهه الشركات اليوم هو توظيف وتدريب جيل جديد من الموظفين القادرين على العمل في هذه البيئات الديناميكية.

والتغلب على هذا التحدي يتطلب بسهولة توظيف أشخاص يمتلكون مهارات قابلة للتطوير؛ بما في ذلك السرعة في مواكبة التغيرات.

الأمر الذي يعني أنَّهم قادرون على النجاح في مجموعة متنوعة من الوظائف؛ وهذا يتطلب البحث عن الأشخاص الذين أظهروا قدرة على التكيُّف والمرونة في وظائفهم السابقة، والذين أثبتوا كفاءة في التفكير النقدي وإيجاد حلول للمشكلات.

نُذكِّر هنا أنَّ الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحديثة تقوم بالكثير من الأعمال الروتينية؛ لذلك احتلَّت المهارات الناعمة مثل التواصل والرغبة في الاكتشاف والإبداع مركز الصدارة.

إقرأ أيضاً: ثورة الذكاء الاصطناعي

2. استثمار التغيير:

يرغب البشر في تجنُّب التغيير بطبيعتهم وخاصةً عندما يكون الوضع الحالي مريحاً نوعاً ما، ومع ذلك في العالم الجديد يكون من الضروري أن نبني مؤسساتنا؛ إذ تُحفِّز على التغيير بشكل استباقي.

نحن نحتاج إلى ابتكار وسائل تُتبَنَّى بشكل رسمي بهدف تشجيع الأفراد والمؤسسات على إجراء التغييرات؛ وذلك من خلال تكريس الوقت والموارد والأموال لاستكشاف طرائق جديدة للقيام بالمهام والاستغناء عن الطرائق القديمة.

تعطي شركة "3 إم" (3M) المهندسين العاملين لديها يوماً في الأسبوع من أجل محاولة ابتكار أفكار جديدة؛ ولهذا السبب أُسِّسَ موقع "بوست إت" (Post -It)، بالإضافة إلى أنَّ "غوغل" (Google) هو أحد أبرز الأمثلة على هذه الاستراتيجية في الابتكار؛ إذ تشجع "غوغل" موظفيها على تخصيص 20% من وقتهم في مشاريع جانبية.

إحدى الأفكار الجديدة نسبياً، التي نُشِرَت مؤخراً في مقال نُشرَ في مجلة "هارفارد بيزنس ريفيو" (Harvard Business Review) تتضمن إنشاء ما يُسمى "مجلس الظل"، الذي يتألف من موظفين من جيل الألفية لا يعملون في وظائف تنفيذية ومهمتهم ابتكار أفكار جديدة؛ والغاية من ذلك الاستفادة من رؤاهم ووجهات نظرهم وذلك جنباً إلى جنب مع المهام التي يطَّلِع عليها مجلس الإدارة التقليدي.

استعملت شركة "غوتشي" (Gucci) هذا المفهوم عندما أدرك الرئيس التنفيذي للشركة أنَّهم تأخروا في إدراك أهمية القنوات الرقمية والأشخاص المؤثرين في التدوين عبر الإنترنت؛ الأمر الذي أثر تأثيراً سلبياً في عمل "غوتشي"، وكانت نتيجة هذا القرار نمو المبيعات بنسبة 136% من 3.497 مليار يورو في السنة المالية 2014 إلى 8.285 مليار يورو في العام الماضي.

يدعم أسلوب إدارة التغيير النموذجي إجراء التغيير من أعلى إلى أسفل؛ بمعنى البدء بتحديد رؤية واستراتيجية المؤسسة على مستوى مجلس الإدارة، بينما تتيح فكرة مجلس الظل مواكبة متطلبات التغيير على مستوى موظفي الشركة في المستويات الدنيا؛ وبذلك تتحقق مواكبة التغيير على المستويين العالي والمنخفض.

إقرأ أيضاً: كيف تخوض عملية الانتقال التنظيمي عبر كل تغيير؟

3. تحفيز التغيير:

ليس من الصعب فهم السلوك البشري، فمعظم الناس يفعلون ما يُحفَّزون على فعله؛ على سبيل المثال:

يرفض معظم المدراء السماح للموظفين ذوي الأداء العالي بالانتقال إلى وظائف أخرى داخل الشركة؛ والسبب في ذلك هو أنَّهم وبسبب أنانيتهم - وهذا أمر مفهوم - يريدون تحقيق أقصى فائدة من مقدرات هؤلاء الموظفين والحصول على أكبر كم من النتائج الإيجابية.

لكنَّ ما يجب أن يحصل هو تحفيز المدير على تطوير المواهب ونشرها عبر الشركة، ومن ثم بدلاً من الاحتفاظ بالموظفين ذوي الأداء العالي في مواقعهم، سيكافؤون من خلال الاستفادة منهم في مجالات جديدة تفيد تطور وازدهار الشركة.

والسبب بالغ الأهمية اليوم أنَّ هذا التوجه يلبي احتياجات الجيل الجديد من الموظفين والذين يتطلعون إلى تغيير وظائفهم باستمرار، وفي حالات كثيرة تغيير مهنهم حتى.

شاهد أيضاً:كيف تصنع التغيير في حياتك من خلال تغيير عاداتك؟

تطلعات المدراء والموظفين:

عندما تكون لدى الأفراد تطلعات لفرص التغيير داخل مؤسَّستهم التي يعملون بها، فإنَّه من غير المرجح أن يردُّوا على مسؤولي التوظيف حينما يتواصلون معهم من شركاتٍ أخرى، ولكن مع هذا النوع من برامج التغيير داخل المؤسسة يحصل الموظف على وظيفة أرقى من وظيفته السابقة ويحصل المدير على تقييم إيجابي وتعويض مالي إضافي، كما تحتفظ المؤسسة بالمعرفة المؤسساتية ورأس المال الفكري لقوتها العاملة.

في حين أنَّ مفهوم التغيير قد لا يُتبنَّى طواعيةً من قِبل البشر، ولكن يجب على الشركات ذات التطلعات المستقبلية أن تجعل من أولوياتها اتباع طرائق استباقية لتمكين الموظفين لديها من البحث عن الأفكار الجديدة، التي تحقق التغيير والاستفادة منها.

المؤسسات التي لا تتبنى التغيير قد تجد نفسها في عداد المؤسسات التي تناضل فقط من أجل الاستمرار لا أكثر.

المصدر




مقالات مرتبطة