الضغط النفسي: كيفية التعامل معه وطرق التخلص منه

يُعَدُّ الضغط النفسي واحداً من أهم العوامل المؤثرة سلباً في صحة الإنسان، وإنَّ له دوراً في الاضطرابات الصحية والنفسية التي تصيب الكائن البشري، وتسبب له العزلة الاجتماعية والاكتئاب والآلام الجسدية.



وإذا ما أردنا علاج الضغط النفسي وتخليص الإنسان من عوارضه المؤذية والمؤلمة، وجب علينا اتباع بعض السلوكات، وممارسة بعض النشاطات التي من شأنها إنهاء أسبابه. وسنذكر في هذا المقال بعض الأساليب التي أثبتت فاعليتها في التعامل مع الضغط النفسي وتخفيف حِدَّته أو القضاء عليه نهائياً:

تحديد المسببات:

"إذا عُرِف السبب بطل العجب"، تنطبق هذه المقولة على الضغط النفسي، فلا بُدَّ لنا إذا ما أردنا علاج مشكلة الضغط النفسي البحث عن أسبابها. ويندرج تحت عنوان تعريف الأسباب تحديد مصادرها، هل هي مصادر خارجية أم داخلية؟ وبعد توصيف الأسباب وتعريفها بدقة يمكن تحديد الإجراءات الواجب اتخاذها من أجل التحكم بها والسيطرة عليها.

يمكن تجهيز قائمة تحتوي مسببات الضغط النفسي بالنسبة إلى الشخص، سواء كانت تحديات أم مواقف أم مخاوف، وتحديد الاستراتيجيات الواجب اتباعها عند التعرض لكل سبب. ويمكن أن يكون سوء تنظيم الوقت والجهل بإدارته واحداً من أسباب الضغط النفسي التي يمكن علاجها عن طريق اتباع الخطوات الآتية:

  1. تحديد الأولويات وترتيبها حسب الأهمية.
  2. تهدئة النفس عند الشعور ببداية التوتر الذي يسبق الشعور بالضغط.
  3. عدم الخجل من طلب مساعدة الأقرباء أو الأصدقاء أو المختصين.
  4. تخصيص وقت شخصي للعناية بالذات والترفيه عنها وممارسة نشاط ما تحبه وتفضله.

اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن:

إنَّ تأثيرات الغذاء في الجسم البشري أبعد بكثير من كونه مصدراً لطاقته، فنوعية الغذاء تؤدي دوراً كبيراً في الصحة الجسدية للإنسان، وكذلك الصحة النفسية. فيمكن لبعض الأغذية أن تسبب تحسُّن المزاج، كما يمكن أن تتسبب أنواع أخرى منها في تعزيز احتمالات الإصابة بالإجهاد والضغط النفسي.

تُعَدُّ الكربوهيدرات المكررة والسكر الصناعي والأطعمة الجاهزة أنماطاً غذائية من شأنها أن تزيد احتمالاته وأعراضه؛ لذا وفي سياق التعامل مع الضغط النفسي لا بُدَّ من اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن، يعيد للجسم توازنه واستقرار أنزيماته وهرموناته، التي تؤدي دوراً في إعادة عتبة التوتر والضغط إلى حدها الطبيعي.

ويشترط هذا النظام على الإنسان تناول الخضار والفاكهة الطازجة، والبروتينات، والأحماض الدهنية من فصيلة أوميغا 3.

ممارسة التمرينات الرياضية:

تُعَدُّ ممارسة التمرينات الرياضية من أهم طرائق التعامل مع الضغط النفسي والتخلص منه شريطة ممارستها بانتظام. وتعمل التمرينات الرياضية على منح الإنسان شعوراً جيداً إذا ما قام بممارستها بتركيز.

ونقصد بالتركيز تركيز الإنسان على تنفُّسه في أثناء القيام بالتمرين وعلى حركة العضلة التي يستهدفها التمرين، وهذا الأمر يشتت الإنسان عن التفكير في الأشياء التي تسبب ضغوطاته النفسية، ويساهم في طرد الأفكار السلبية التي من شأنها مفاقمة الضغط النفسي. ونذكر من التمرينات الهامة التي تؤدي المهمة التي ذكرناها آنفاً المشي والركض والسباحة.

التواصل مع الآخرين:

إنَّ تواصل الإنسان الذي يعاني من الضغط النفسي مع الآخرين من شأنه أن يخفف عنه؛ وذلك بسبب الطبيعة الفطرية الاجتماعية لدى البشر، التي تفسر ارتياحهم بعد بث شكواهم، والتعبير عن متاعبهم وضغوطاتهم أمام أصدقائهم وعائلاتهم وزملائهم.

وإنَّ مشاركة أسباب الضغط مع أشخاص يعانون من المشكلة ذاتها يساعد على التخفيف عن الإنسان كونه يشعره بأنَّه ليس وحيداً في هذه المعاناة، وهناك الكثير من الناس يشاركونه ضغوطاته وهمومه، وكون الأطراف المنصتة له قد تكون سبباً في اقتراح حلول لم تخطر بباله، أو منحه رؤيةً للموضوع من زاوية مختلفة أقل حدة، وكون انخراط الإنسان في المحافل والاجتماعات من شأنه أن يلهيه ويشتته عن التفكير في ضغوطاته وهمومه؛ وذلك بسبب انشغاله بالإنصات ومناقشة الموضوعات المختلفة التي قد يطرحها الآخرون.

شاهد بالفديو: مهارات التواصل مع الآخرين

الاسترخاء:

يُعَدُّ الاسترخاء واحداً من الأساليب في التعامل مع الضغط النفسي، وإنَّ تطبيق الاسترخاء تطبيقاً يومياً من شأنه أن يمنع الوصول إلى درجة الإجهاد النفسي، وأن يحارب حدوث الضغط النفسي. ويمكن تطبيق الاسترخاء عن طريق إجراء التنفس العميق، والتأمل اليقظ والتخيل واسترخاء العضلات التدريجي.

النوم لوقتٍ كافٍ:

إنَّ النوم هو طريقة الجسم في الحصول على الراحة والتخلص من الضغط النفسي، وإنَّ عدم حصوله على ساعات كافية ومنتظمة من النوم من شأنه أن يشوِّش أفكار الإنسان ويشعره بالإرهاق والتعب.

وتجدر الإشارة إلى أنَّ بعض المراحل المتقدمة من الضغط النفسي تسبب للإنسان أرقاً وصعوبة في النوم، وهذا ما يفاقم الوضع أكثر، فيجب عليه في هذه الحالة اتباع نظام يساعد على الاسترخاء والهدوء قبل النوم والاستماع للموسيقى الهادئة، والأهم من ذلك كله إبعاد الساعة عنه.

تجنُّب العادات غير الصحية:

إنَّ بعض العادات السيئة التي يقوم بها الإنسان من شأنها أن تزيد شعوره بالضغط النفسي. ونذكر من هذه العادات السهر وتناول المشروبات الكحولية، والمشروبات الغنية بالكافيين، والأكل العاطفي، والتدخين، وتعاطي المواد الممنوعة.

وإنَّ القيام ببعض السلوكات غير المقبولة، مثل مشاهدة الأفلام الإباحية من شأنها أن تفقد احترام الإنسان لنفسه، وتجعله ينظر إلى نفسه نظرة دونية، وهذا يزيد من ضغطه النفسي بسبب عدم قدرته على احترام ذاته وشعوره بفقدان السيطرة على تصرفاته.

بعض الممارسات الأخرى:

  1. إنَّ الضحك واحد من العادات والممارسات الإيجابية التي تسبب في تخفيف الضغط النفسي وتحسين المزاج، وإنَّنا ننصح بالضحك وبصوت عالٍ ومرتفع بوصفه علاجاً فعالاً في محاربة الضغط النفسي، وإشغال النفس عن التفكير فيه، والبدء بضحكة ولو كانت زائفة. وننصح بمصاحبة الأصدقاء المرحين المضحكين، ومشاهدة المقاطع الكوميدية للحصول على جرعات يومية من الضحك.
  2. الالتزام بالقيم والمبادئ يساعد الإنسان على عيش حياة هادئة وديعة تملؤها السكينة والسلام، وإنَّ خرق الإنسان لمبادئه وقيمه يؤدي إلى توتره وتعرُّضه للضغوطات النفسية.
  3. التقبُّل: لا يمكننا مهما حاولنا أن نغير أشياء عدة في الحياة؛ لذا فإنَّ التقبُّل هو واحد من الحلول المقترحة لتخفيف الضغط النفسي الناتج عن محاولات التغيير الفاشلة والمرهِقة، التي لم تؤتِ نتائجها المرجوَّة. فإذا ما قابلنا في حياتنا أمراً أو شخصاً يسبب لنا ضغطاً نفسياً، كالمدير اللحوح لتنفيذ أعماله بسرعة ودقة عالية، متجاهلاً أنَّ السرعة على حساب الدقة والعكس صحيح، فعلينا أن نجرِّب أولاً شرح الأمر في محاولة لتغيير أسلوب المدير، فإن فشلنا ولم نرغب في ترك العمل لديه، فلن يبقى أمامنا سوى تقبُّل هذا الطبع الخاص به، وعدم السماح له بإرهاقنا واستنفاد طاقتنا وضغطنا نفسياً.
  4. مدُّ يد العون للآخرين هو واحد من الأساليب التي تساعد الإنسان على تخفيف الضغط النفسي الذي يعيشه وإشعاره بالسعادة؛ وذلك لأنَّ تقديم المساعدة للآخرين يرفع طاقة الإنسان وشعوره بقيمته وإنسانيته، هذا الأمر الذي يهون عليه ويخفف من ضغوطاته.
  5. تجنُّب جلد الذات: إنَّ الصورة المثالية التي نرسمها لأنفسنا أو يرسمها المجتمع لنا يمكن أن تكون سبباً في تعرُّضنا للضغوطات النفسية، فنحن نركض ونلهث خلف تحقيق هذه الصورة ربما على حساب صحتنا وجوانب أخرى من حياتنا؛ لذا يجب علينا أن نشكر أنفسنا ونقدِّرها لأنَّها دائماً تبذل ما في وسعها لتحقيق النجاح، ونتجنَّب مقارنتها بالآخرين لأنَّ كل إنسان مختلف في طاقته وقدراته.
  6. تحفيز الذات وتشجيعها عن طريق تنسيق المهام على شكل قائمة ووضع إشارة (✔) عند المهمة المُنجزة، وهذا التمرين يعزز شعور الإنجاز عند الفرد ويحفزه لإكمال المهام وإتمامها.
  7. إيجاد التوازن في الحياة، وإعطاء كل جانب من جوانب الحياة وقته الكافي، فليس العمل طيلة الوقت أمراً صحياً ولا الكسل وإضاعة الوقت؛ بل يجب تنظيم اليوم وتخصيص وقت للعمل ووقت للعائلة ووقت للراحة وآخر للأصدقاء، ووقت خاص يعيد شحن طاقة الإنسان ويعينه على متابعة مهامه وحياته.
إقرأ أيضاً: كيف تحول الضغط إلى نجاح؟

متى تجب زيارة الطبيب؟

في بعض الحالات يتعدى الضغط النفسي قدرة الفرد على التعامل معه وحده، ويستدعي الأمر زيارة الطبيب، ويجب ذلك في الحالات الآتية:

  1. عدم القدرة على الإنجاز سواء في العمل أم المهام المنزلية.
  2. عدم القدرة على السيطرة والتحكم بمشاعر الخوف والقلق.
  3. الحاجة إلى تجاوز الذكريات أو الأحداث السيئة التي جرت في الماضي.
  4. ظهور أعراض غير طبيعية ومؤثرة في صحة الجسم البشري مثل أعراض الهلع من تنفُّس سريع، وتسارع في ضربات القلب، وشعور بالدوار.

وبناء على استقصاء الطبيب للحالة المَرَضيَّة يضع خطة العلاج، وتكون في معظم الأحيان عبر تغيير الواقع الحالي للمريض، أو تعزيز مهاراته وثقته بنفسه، وتطبيق تمرينات الاسترخاء. وفي الحالات التي يكون فيها الضغط النفسي عارضاً من أعراض إحدى المشكلات الصحية، يتم العمل على معالجة هذه المشكلة.

طرائق المعالجة الطبية للضغط النفسي:

وأما عن طرائق المعالجة الطبية للضغط النفسي فتكون عن طريق تقديم العلاج النفسي الذي ينقسم إلى:

  1. العلاج المعرفي السلوكي الذي يحدد الأنماط السلبية في تفكير الشخص ويعمل على تغييرها.
  2. تخفيف التوتر القائم على اليقظة الذهنية الذي يخفف الضغط النفسي عن طريق التأمل واليقظة الذهنية.

ويمكن أن يكون الارتجاع البيولوجي واحداً من طرائق المعالجة، وقد يضطر الأطباء إلى التدخل الدوائي لعلاج الأعراض المرافقة للضغط النفسي، أو المشكلات والاضطرابات الصحية التي سببته. ومن الأدوية المستعمَلة مضادات التوتر ومضادات الاكتئاب ومضادات الحموضة والأدوية المساعدة على النوم.

في الختام:

لا بُدَّ لنا من التذكير بالحكمة القائلة: "هذا الوقت سوف يمضي"، فلا شيء يستحق أن نرهق أنفسنا في التفكير فيه أو القلق حياله؛ بل يجب أن نضع أنفسنا في رأس قائمة أولوياتنا، فصحتنا الجسدية والنفسية كنز لا يُقدَّر بثمن؛ لذا يجب علينا التمسك به والحفاظ عليه، من أجل أنفسنا أولاً ثم من أجل مَن نحب.

المصادر: 1، 2




مقالات مرتبطة