يقول خبير الذكاء العاطفي دانييل غولمان (Daniel Goleman): "يساعد وجود توجيه فعال للإنجاز في تحقيق التوازن بين رغبة القائد في النجاح وأهداف المؤسسة".
ونضع أهدافاً صعبة المنال، ونخوض المجازفات المحسوبة، فنقدر على إيجاد التوازن بين دافعنا الشخصي وتحقيق متطلبات المؤسَّسة وأهدافها.
مَن منا لم يعمل مع أشخاص يفتقرون إلى هذه الكفاءة؛ حيث يكونون مثقفين فكرياً، لكنَّهم غير قادرين على توظيف هذه الهِبة في خدمة هدف محدد، ولو كان لديهم الدافع والحماس لاستطاعوا تحقيق أشياء عظيمة، لكنَّ افتقارهم إليها هو ما يجعلهم فاشلين.
من جهة أخرى، يفشل بعض الأشخاص عندما يمتلكون دافعاً عظيماً للإنجاز بينما تكون كفاءات الذكاء العاطفي الأخرى محدودةً جداً لديهم.
لنفترض جدلاً أنَّ محامياً ناجحاً جداً كان دافعه للإنجاز أولاً التفوق في كلية الحقوق ثم تعيينه من قِبل شركة محاماة رفيعة المستوى، وبعدها صعد السلم الوظيفي للوصول إلى الرتب العالية حتى غدا شريكاً في شركته القانونية، لكن حدث خطأ ما، فبعدما أمسى قائداً، أصبح دافعه القديم للنجاح سبب فشله.
يعود السبب في ذلك إلى أنَّه لم يستمع إلى اقتراحات الآخرين الجيدة حول كيفية القيام بالأشياء على أفضل وجه، ولم يدرك حاجة الفريق للعمل الجماعي، كما لم يَصب اهتمامه على العمل لتحقيق أهداف الشركة؛ فكان في نظر الجميع شخصاً نائياً بنفسه عن الآخرين؛ وذلك لأنَّه أقصى جميع مَن حوله عنه.
يتحلى هذا المحامي بكفاءة توجيه الإنجاز، لكن ليست لديه أدنى فكرة عن كيفية إيجاد التوازن بين دافعه الشخصي من جهة، واحتياجات مؤسسته من جهة ثانية؛ فهو يفتقر إلى العديد من كفاءات الذكاء العاطفي الأخرى التي توازن بين الدافع البحت والإنجاز مثل: التعاطف والإلهام والعمل الجماعي.
شاهد بالفيديو: ما العلاقة بين الذكاء العاطفي والقيادة؟
يساعد توجيه الإنجاز الأشخاص على تحقيق أهدافهم مع تقدُّمهم في مسيرتهم المهنية، وهو أمر بالغ الأهمية للنجاح الفردي للشخص المساهم؛ ولكن بمجرد أن يصبح الشخص قائداً، يجب أن يوظف كفاءة توجيه الإنجاز جنباً إلى جنب مع باقي الكفاءات.
تُظهِر الأبحاث أنَّ توجيه الإنجاز لتحقيق الأهداف الشخصية أمر بالغ الأهمية في بداية المسيرة المهنية، في الوقت الذي يتحوَّل إلى اهتمام بأهداف الفريق أو المؤسَّسة عندما يرتقي الموظف إلى مستويات أعلى.
إذا فشل القائد في نقل تركيزه من أهدافه الشخصية إلى الأهداف الجماعية - كما هو الحال مع هذا المحامي في مثالنا السابق - يمكن أن يفشل في التعامل مع التقارير المباشَرة.
أظهرت عشرات السنين من البحث في جامعات عريقة مثل هارفارد وكورنيل وغيرها وجودَ مزيد من الدافع لتحقيق الإنجاز لدى روَّاد الأعمال الذين يديرون أعمالاً ناجحةً للغاية، أو الذين أنشؤوا أقساماً للابتكار داخل المؤسَّسة؛ حيث يستعمل روَّاد الأعمال هؤلاء ذكاءهم للقيام بالمجازفات، ففي نظرهم هذه المجازفات هيِّنة، لكنَّها تبدو في الوقت نفسه للآخرين مخاطرةً متهورةً، فيرون أنَّ هدفهم بعيد المنال.
كما يَدل الدافع إلى الإنجاز لدى المديرين على فاعليتهم؛ حيث يحدد المديرون التنفيذيون المتميزون الأهداف ويتتبَّعون أداءهم، وهم يعرفون الخطوات اللازمة لتحقيق تلك الأهداف، ويبشِّر توجيه الإنجاز بالنجاح في وظائف مثل: المبيعات، فهنالك هدف محدَّد بدقة بالأرقام وواضح، وتغذية راجعة مستمرة كي تتمكن من قياس مدى تقدُّمك وما إن كان عليك التغيير.
وعندما يجتمع توجيه الإنجاز مع كفاءَتين اثنين هما النظرة الإيجابية والتحكم الذاتي العاطفي، فسينتُج ما يسمى "العزيمة" التي هي المثابرة التي تتيح لشخص ما تحقيق أهداف طويلة الأمد رغم العقبات والانتكاسات.
تُعدُّ كفاءة توجيه الإنجاز - إن وُضعت في التوازن الصحيح - مهارةً جوهريةً للقادة في المؤسسات على اختلاف مستوياتها.
أضف تعليقاً