التثدي عند الرجال: أعراضه، وأسبابه، وطرق علاجه
يعدُّ التثدي عند الذكور حالة مرضية ناتجة عن اختلال التوازن بين هرموني الإستروجين والتستوستيرون، ممَّا يُشكل زيادة في نسيج الغدة الثدييَّة عند الصِبية أو الرجال. وقد يُؤثر التثدِّي الذكري في أحد الثديين أو كليهما، وأحياناً بشكل غير متساوٍ؛ وليس الرجال من يُصابون بالتثدِّي فحسب، بل قد يُصاب به حديثو الولادة والأولاد في سن البلوغ وكبار السن من الرجال نتيجة التغيرات الطبيعية في مستويات الهرمون، كما توجد أسباب أخرى أيضاً سيتم طرحها في مقالنا هذا.
لا تُعَد مشكلة التثدِّي عند الذكور عموماً مشكلة خطيرة، لكن قد يكون من الصعب التأقلم مع تلك الحالة، وقد يشعر أحياناً الصِبية والرجال المصابون بتثدٍّ ذكري بألم في الثدي، أو قد يشعرون بالحرج من ذلك.
سنتحدث في مقالنا هذا عن ماهيَّة التثدِّي عند الذكور، وأهم أسباب التثدِّي عند الذكور والأعراض الناتجة عنه ودرجات التثدِّي، وكذلك طرق كشف التثدِّي، وسُبل العلاج من هذه المشكلة، كما سنطرح أيضاً في مقالنا هذا أهم أساليب الوقاية من التثدِّي.
ما هو التثدِّي عند الرجال؟
التثدِّي عند الرجال أو تضخم الثديين عند الرجال (Gynecomastia)، يصف حالة تضخم حميد في أنسجة الثديين لدى الرجال، وقد يحصل التضخم في ثدي واحد فقط، أو في كلا الثديين معاً.
تُشكل حالة تثدِّي الرجل نحو 60% من المشاكل المتعلقة بالثديين لدى الرجال، و85% من حالات الكتل في الثديين لدى الرجال. وظهور هذه الحالة ليس محدوداً في سن معين؛ إذ قد تظهر في أية مرحلة عمرية، إلا إنَّ 40% من الحالات تظهر عند الفتيان ما بين سن الـ 14 حتى 15.5 لأسباب هرمونية أو نتيجة تناول الأدوية، وتُشكل الحالات التي لا سبب لها نسبة 75%.
كيف يتكون التثدِّي عند الرجال؟
يُوجد هرمونان أساسيان عند كل شخص من كلا الجنسين، هما هرمون الأستروجين وهرمون التستوستيرون؛ حيث يكون مستوى الهرمون الذكري (التستوستيرون) عند الرجال أعلى من مستوى الهرمون الأنثوي (الأستروجين)، أمَّا عند الإناث فيكون الأمر معكوساً.
ويحدث تضخم الثدي عند الرجال عادة بسبب زيادة نسبة هرمون الأستروجين عن هرمون التستوستيرون لعدة أسباب سنأتي على ذكرها في الفقرات التالية.
أعراض التثدِّي عند الرجال:
- تضخم أنسجة الثدي في أحد الثديين أو كليهما.
- الثدي يشبه ثدي الأنثى.
- تضخم صغير وثابت للأنسجة خلف الحلمات.
- يمكن -في بعض الأحيان- أن يكون لمس المنطقة مؤلماً.
قد تختلف أعراض التثدِّي عند الرجال من شخص لأخر، لكنَّ تلك الأعراض هي الأبرز.
درجات التثدِّي عند الرجال:
1. الدرجة الأولى من التثدِّي عند الرجال:
تُسمَّى درجة التثدِّي الأولى بالتثدِّي الصغير، حيث تظهر الحالة على شكل بروز وانتفاخ حول حلمة الثدي، ولا يُلاحَظ في هذه الدرجة وجود جلد زائد أو ترهل. ولا يمكن بسهولة ملاحظة التثدِّي من الدرجة الأولى، ولكن ينبغي التدخل عند ملاحظته، والبدء بعلاج الحالة ومتابعتها من قبل الطبيب، حيث تُعالج هذه الحالة عن طريق الأدوية أو ممارسة الرياضة أو من خلال شفط الدهون، ولا يتم اللجوء إلى العمليات الجراحية فيها.
2. الدرجة الثانية من التثدِّي عند الرجال:
تُسمَّى درجة التثدِّي الثانية بالتثدِّي المتوسط، حيث يزداد الانتفاخ والتورم حتى يصل إلى حدود هالة الثدي، دون وجود جلد زائد وترهلات واضحة، ويمكن ملاحظة هذه الدرجة من درجات التثدِّي عند ارتداء الملابس الضيقة. يجب التوجه إلى الطبيب للبدء في علاج التثدِّي، ويتم العلاج بالأدوية أو ممارسة الرياضة أو شفط الدهون، ولا يتم اللجوء فيه عادة إلى العمليات الجراحية.
3. الدرجة الثالثة من التثدِّي عند الرجال:
تُسمَّى هذه الدرجة من درجات التثدِّي عند الرجال بالتثدِّي المعتدل أو التثدِّي الكبير، حيث يصل انتفاخ الثدي فيها إلى حواف منطقة الصدر، كما يُتوقع وجود جلد زائد في هذه المنطقة. يتم ملاحظة هذه الحالة بسهولة في الملابس، وعند التوجه إلى الطبيب فإنَّه يبدأ العلاج بالأدوية أو الرياضة أو شفط الدهون، وإن لم يتحسن الوضع يُلجأ إلى الجراحة لاستئصال الأنسجة الزائدة من الثدي.
4. الدرجة الرابعة من التثدِّي عند الرجال:
تُعرف الدرجة الرابعة بالتثدِّي الحاد أو التثدِّي الأنثوي، حيث يزداد كثيراً حجم الانتفاخ والجلد الزائد حتى يقارب شكل ثدي المرأة. تحتاج هذه الحالة التوجه مباشرة إلى طبيب مختص لعلاجها، حيث يمكن أن يبدأ العلاج بأدوية للتخفيف من الانتفاخ، ثم يلجأ إلى الجراحة لاستئصال الأنسجة المتضخمة المتبقية في الثدي.
معرفة درجة التثدِّي تُعَد خطوة مهمة قبل البدء بالعلاج؛ لأنَّها تؤثر على اختيار نوعية العلاج.
أسباب التثدِّي عند الرجال:
ذكرنا فيما سبق أنَّ التثدِّي الذكري يحصل نتيجة لانخفاض مقدار هرمون التستوستيرون مقارنة بالإستروجين؛ إذ قد يحدث هذا الانخفاض بسبب أمراض تمنع تأثيرات هرمون التستوستيرون، أو تُقلل من هرمون التستوستيرون، أو تزيد من مستوى هرمون الإستروجين.
لذلك سنذكر الأسباب التي تمنع توازن الهرمونات؛ وهي:
1. التغيُّرات الهرمونية الطبيعية:
يتحكم كل من هرمون التستوستيرون والإستروجين في السمات الجنسية لدى الرجال والنساء؛ حيث يتحكم التستوستيرون في السمات الرجولية، مثل الكتلة العضلية وشعر الجسم، ويتحكم الإستروجين في السمات الأنثوية، بما فيها نمو الثديين.
يعتقد أغلب الناس أنَّ الإستروجين هرمون يقتصر على النساء، ولكن في الحقيقة ينتجه الرجال أيضاً، وإن كان بكميات قليلة في الأحوال الطبيعية. وقد تؤدي مستويات الإستروجين المرتفعة للغاية، أو غير المتوازنة مع مستويات التستوستيرون في الرجال إلى حدوث التثدِّي الذكري.
التثدِّي الذكري في الرضع: يُولد أكثر من نصف المواليد الذكور بأثداء متضخمة بسبب تأثيرات إستروجين أمهاتهم، لكن عموماً يزول نسيج الثدي المتضخم في غضون أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع بعد الولادة.
التثدِّي الذكري في سن البلوغ: يشيع تثدِّي الذكور بسبب التغيرات الهرمونية التي تحدث أثناء مرحلة البلوغ. في أغلب الحالات يزول نسيج الثدي المتورم بدون علاج خلال ستة أشهر إلى عامين.
التثدِّي الذكري في البالغين: يرتفع معدل حدوث تثدِّي الذكور مرة أخرى بين عمر 50 و69 عاماً، حيث يصاب به على الأقل 1 من بين كل 4 رجال في هذه الفئة العمرية.
2. الأدوية:
قد تُسبب العديد من الأدوية في التثدِّي الذكري؛ من هذه الأدوية ما يلي:
- مضادات الأندروجينات المُستخدمة في علاج تضخم البروستات وسرطان البروستات والحالات المرضية الأخرى. من أمثلتها فلوتاميد، فيناسترايد (بروسكار، بروبيكيا)، وسبيرونولاكتون (ألداكتون، كاروسبير).
- الستيرويدات البنائية والأندروجينات التي يَصِفها الأطباء لحالات مرضية معينة، أو التي يتناولها الرياضيون أحياناً بطريقة غير مشروعة لبناء العضلات وتحسين الأداء الرياضي.
- أدوية الإيدز، حيث يمكن أن يُصيب التثدِّي الذكري الرجال المصابين بفيروس نقص المناعة البشري ويخضعون لنظام علاجي يُسمَّى العلاج المضاد للفيروسات الرجعية النشطة للغاية. إنَّ إيفافيرينز (سوستيفا) أكثر ارتباطاً بعلاج التثدِّي الذكري من أدوية فيروس نقص المناعة البشري الأخرى.
- الأدوية المضادة للقلق مثل الديازيبام (فاليوم).
- مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات.
- المضادات الحيوية.
- أدوية القرحة مثل عقار السيميتيدين المتاح دون وصفة طبية (تاجاميت HB).
- علاج السرطان.
- أدوية القلب مثل الديجوكسين (لانوكسين) وحاصرات قنوات الكالسيوم.
- أدوية إفراغ المعدة كالميتوكلوبراميد (ريجلان).
3. المخدرات والمشروبات الكحولية:
تشمل المواد التي يمكن أن تسبب التثدِّي الذكري ما يلي:
- المشروبات الكحولية.
- الأمفيتامينات، تُستخدَم لعلاج اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط.
- الماريجوانا.
- الهيروين.
- الميثادون (ميثادوز، دولفين).
4. الحالات الصحية:
العديد من الحالات الصحية قد تتسبب في تثدٍّ ذكري، وذلك من خلال تأثيرها على توازن الهرمونات الطبيعية؛ وتتضمن:
- قصور الغدد التناسلية: الحالات التي تتداخل مع الإنتاج الطبيعي لهرمون التستوستيرون؛ مثل متلازمة كلاينفلتر أو الخلل النخامي، كل ذلك يرتبط بالتثدِّي الذكري.
- التقدم في السن: التغيرات الهرمونية التي تحدث بصورة طبيعية مع تقدم العمر يمكن أن تتسبب في تثدٍّ ذكري، وخاصة المصابين بالسمنة المفرطة.
- الأورام: بعض الأورام، مثل الأورام التي تصيب الخصيتين، والغدد الكظرية، أو الغدة النخامية، ممَّا يتسبب في إنتاج هرمونات تُغيِّر الاتزان الهرموني الذكري والأنثوي.
- فَرْط الدرقية: يحدث فَرْط الدرقية عندما تُنتج الغدة الدرقية كمية كبيرة من هرمون الثايروكسين.
- الفشل الكُلوي: يُصاب حوالي نصف الأشخاص الذين يعالجون بالديلزة بتثدٍّ ذكري نتيجة التغيرات الهرمونية.
- الفشل الكبدي والتليف: ترتبط التغيرات في المستويات الهرمونية المتعلقة بالمشاكل الكبدية أو أدوية التليف بالتثدي الذكري.
- سوء التغذية والمجاعة: عند حرمان الجسم من التغذية الكافية، تنخفض مستويات هرمون التستوستيرون بينما تظل مستويات هرمون الإستروجين ثابتة؛ ممَّا يتسبب في اختلال توازن الهرمونات. يمكن أن يحدث التثدِّي الذكري أيضاً مع استئناف التغذية الطبيعية.
5. المنتجات العشبية:
ارتبطت الزيوت النباتية كزيت شجرة الشاي أو اللافندر (الخُزامى) المُستخدمة في الشامبوهات والصابون أو الكريمات بالإصابة بالتثدِّي الذكري. قد يكون نشاطها الإستروجيني الضعيف هو السبب.
طرق كشف التثدِّي عند الرجال:
- فحص بالموجات فوق الصوتية.
- تصوير الثدي بالأشعة "الماموجرام".
- خزعة أساسية يتم خلالها فحص عينة من أنسجة الثدي تحت المجهر.
- الشفط بإبرة دقيقة (FNA) حيث يتم استخدام إبرة دقيقة ومِحقنة لأخذ عينات من الخلايا التي يمكن ملاحظتها تحت المجهر.
علاج التثدِّي عند الرجال:
ذكرنا في درجات التثدِّي أنَّ هناك بعض الحالات التي يُمكن علاجها بالأدوية، في حين أنَّ بعضها الآخر يحتاج لتدخل جراحي:
1. علاجات الأدوية:
عند وصف الطبيب لعلاج دوائي، فهذا يعني أنَّه بالإمكان تقليل أنسجة الثدي المتضخمة وتسويتها بالأدوية في نهاية المطاف. وتشمل هذه الأدوية:
1. 1. دانازول:
دواء أساسي يُستخدم لعلاج أنسجة الثدي المتضخمة والمؤلمة، يقلل من إنتاج هرمون الإستروجين في الجسم، وبالتالي يُقلل من حجم الثدي والأعراض المصاحبة له. يأتي في شكل أقراص للبلع، ويمكن أن يكون له بعض الآثار الجانبية مثل زيادة الوزن والتغيرات الصوتية وحب الشباب.
1. 2. تاموكسيفين:
دواء يستخدم لعلاج سرطان الثدي، لكن من ناحية أخرى أظهرت الأبحاث أنَّه يمكن أن يُقلل من كمية هرمون الإستروجين في الجسم، ونتيجة لذلك يُقلل من حجم الثدي لدى الرجال، كما يُقلل من أي أعراض مؤلمة تأتي مع تضخم أنسجة الثدي. تشمل بعض آثاره الجانبية فقدان الرغبة الجنسية والغثيان المحتمل.
1. 3. مثبطات الأروماتاز:
وهي مجموعة من الأدوية تُستخدم أيضاً لعلاج سرطان الثدي. أظهرت الأبحاث أنَّه يمكن استخدامها لعلاج التثدِّي وأعراضه المصاحبة مثل الألم. تشمل الآثار الجانبية لمثبطات الأروماتاز انخفاض قوة العظام وآلام المفاصل.
2. الجراحة:
إن لم يتحسن علاج التثدِّي بالأدوية وتغيير نمط الحياة وإزالة السبب الجذري للحالة، فقد يُوصى بإجراء عمل جراحي، ويمكن أن ينطبق ذلك أيضاً على الحلات التي تؤثر في جودة الحياة.
عادة ما تعتمد جراحة التثدِّي على حجم أنسجة الثدي المتضخمة، وكذلك الكمية الموجودة من الجلد الزائد؛ ما يعني أنَّك قد تحتاج لأكثر من عملية جراحية واحدة، حيث يمكن إجراء تلك العمليات منفصلة على مدار فترة زمنية، أو مجتمعة في عملية واحدة.
يُعَد شفط الدهون (إزالة الدهون الزائدة) من أكثر الإجراءات شيوعاً لعلاج التثدِّي، ويمكن القيام بهذا الإجراء منفرداً أو بدمجه مع جراحة تصغير الثدي (رأب الثدي).
الوقاية من التثدِّي عند الرجال:
هناك بعض الإجراءات الوقائية التي يُمكن اتباعها وهي:
- تَجنَّب المنشطات والمخدرات: الستيرويدات والأندروجينات والأمفيتامينات والهيروين والماريجوانا.
- تَجنَّب المشروبات الكحولية.
- راجِع أدويتك: إن كنت تتناول دواء معروفاً بأنَّه يسبب التثدِّي الذكري، فاطلب من طبيبك وصف بدائل أخرى.