الإيجابية السامة: هل للإيجابية أضرار؟ (الجزء الثاني)

لقد تحدَّثنا في الجزء الأول من هذا المقال عن الإيجابية السامة وخمسة أضرار لها، وسنكمل في هذا الجزء ونتحدَّث عن 10 طرائق للتغلب عليها.



10 طرائق للتغلب على الإيجابية السامة:

لحسن الحظ توجد طرائق لمكافحة الإيجابية السامة.

1. الانتباه إلى مستويات القلق والانفتاح والاجتماعية:

  • القلق مرتبط سلباً بالسعادة.
  • الاجتماعية والانفتاح على التجارب مرتبطان إيجاباً بالسعادة.

يركز الأشخاص القلقون بطبيعتهم على التفاصيل الدقيقة؛ ممَّا يؤدي إلى انخفاض سعادتهم، في حين يميل الاجتماعيون إلى تكوين علاقات أقوى وأكثر؛ ممَّا يؤدي إلى حياة أكثر سعادة، كما يميل الأشخاص الأكثر انفتاحاً إلى ارتياد أحداث اجتماعية وتجربة أشياء جديدة أكثر والاستمتاع بوقتهم أكثر.

ابحث عن أشخاص يتمتعون بهذه الصفات:

سيكون بعض هؤلاء الأشخاص هم:

  • زملاء العمل الذين يقلقون باستمرار بشأن أصغر التفاصيل.
  • الأصدقاء الذين يخجلون من حضور الحفلات ويفضلون البقاء وحدهم في المنزل.
  • أفراد الأسرة الذين يرغبون في الذهاب إلى الأماكن نفسها دائماً.

نظراً لأنَّ المستويات الطبيعية لسعادة هؤلاء قد لا تكون بارتفاع مستويات سعادة الآخرين؛ فإنَّ إخبارهم بأن يكونوا سعداء قد يكون مستحيلاً، قد تكون مستويات سعادتهم تعادل جزءاً مما يشعر به الآخرون، وقد يكونون أكثر عرضة للمشاعر السلبية، لكن يجب أن تضع في حسبانك أنَّ ذلك طبيعي تماماً؛ مما يعني أنَّك إذا كنت تنشر الإيجابية السامة فإنَّ التخفيف منها واستخدام طرائق أخرى، يمكن أن يساعدهم أكثر.

إذا كنت أنت نفسك من هؤلاء لكنَّك تجبر نفسك باستمرار على التفكير بإيجابية، فإنَّ إدراك أنَّ ما تبدو عليه سعادتك قد يكون مختلفاً عما تبدو عليه سعادة الآخرين يمكن أن يحررك من فخ الحديث الإيجابي.

شاهد بالفيديو: 9 خطوات تساعدك على السيطرة على القلق

2. استبدال عبارات الإيجابية السامة:

في بعض الأحيان كل ما يتطلبه الأمر هو تغيير ما نقوله.

أمثلة على العبارات الإيجابية السامة:

  • "سيكون كل شيء على ما يرام".
  • "يجب أن تبتسم أكثر".
  • "لا تقلق بشأن هذا".
  • "يمكن أن يكون الوضع أسوأ".
  • "لا تكن سلبياً جداً".
  • "انظر دائماً إلى الجانب المشرق".
  • "كل شيء يحدث لسبب".
  • "فكر أفكاراً سعيدة".

بدلاً من قول هذه العبارات السامة، قل:

  • "كيف يمكنني مساعدتك؟".
  • "هل كل شيء على ما يرام؟".
  • "ما الذي يمكنني فعله لتخفيف توترك؟".
  • "هذا صعب، هل يمكنني أن أفعل أي شيء لمساعدتك؟".
  • "لا بد أنَّ ذلك قاسٍ، حدِّثني عنه".
  • "من الصعب جداً رؤية الخير في هذا الموقف؛ لكنَّنا سنفهمه عندما يحين الوقت لذلك".
  • "هل تريد أن تتحدث عن الموضوع؟".
  • "أعلم أنَّ الظروف تصبح أحياناً قاسية حقاً، أنا أقف إلى جانبك".

3. عدم الوعظ:

كثير من الناس يريدون فقط أن تصغي إليهم ولا يرغبون في سماع النصائح أو الآراء؛ لذلك القاعدة الأساسية لتجنب الإيجابية السامة هي تقديم النصائح أو رأيك فقط عند طلب ذلك؛ إذ يكفي أن تتعاطف.

إقرأ أيضاً: 10 طرق تمنحك السعادة الدائمة

4. الإصغاء:

يريد منك الناس في بعض الأحيان مجرد الإصغاء إلى سبب عدم شعورهم بالسعادة؛ لكنَّ الأهم من ذلك هو كيفية الإصغاء، يوجد نوعان من الإصغاء:

  • الإصغاء السلبي: عندما لا تولي كامل اهتمامك لما يُقال، ويشرد ذهنك.
  • الإصغاء النشط: عندما تركز على ما يُقال، وتفهم الموقف تماماً وتقدم تغذية راجعة بأفضل ما تستطيع.

المشكلة هي أنَّك قد تظنُّ أنَّ الإصغاء النشط كافٍ؛ لكنَّه لن يكون فعالاً إذا كان مقترناً بطريقة تفكير إيجابية سامة؛ على سبيل المثال إذا كنت تكرر دون تفكير: " لماذا تشكو؟ ألا تعلم أنَّ في جميع أنحاء العالم أطفالاً يتضورون جوعاً؟" قد تكون هذه هي طريقة تحدُّثك مع جميع أصدقائك الذين يحتاجون إلى الدعم، وفي تلك الحالة يجب عليك اتباع نهج مختلف يبدأ بالتفكير قبل الاستجابة.

"أسوأ القرارات التي اتخذتها، وأسوأ التعليقات التي أدليت بها، وأكبر قدر من الضرر الذي سببته للعلاقات أو في شركتي كان عندما استجبت باندفاع ولم أتوقف لأفكر" - سيدة الأعمال ليلى جانه (Leila Janah).

يسمح لك التفكير أولاً بالتخلص من الإيجابية السامة الناجمة عن العفوية وباختيار استجابتك بحذر أكبر كما هو أنسب للموقف.

ببساطة حاول البقاء صامتاً والتركيز على ما يقوله الآخرون، يمكنك حتى تطبيق هذه الطريقة في أي وقت خلال يومك إذا كنت تثقل كاهل نفسك بالإيجابية؛ ممَّا سيمنحك فرصة جيدة للبحث بعمق والعثور على مشاعرك الحقيقية بدلاً من مشاعر الإيجابية السامة الزائفة.

5. الابتعاد عن وسائل التواصل الاجتماعي:

توضح إحدى الدراسات أنَّنا أكثر عرضة للتفاعل مع المنشورات التي نالت إعجاب عدد كبير من أقراننا، ومعها يتحول الحصول على الإعجاب إلى مسابقة في الشعبية تتصدرها المنشورات التي يعجب بها معظم الأشخاص فقط، والحقيقة هي أنَّ الجميع يفضلون رؤية اللحظات السعيدة وتجنب اللحظات الحزينة أو حتى العادية؛ مما يجعل وسائل التواصل الاجتماعي مكاناً مثالياً لانتشار الإيجابية السامة.

تُظهِر الدراسات أنَّ شعورنا بالقيمة الذاتية يعتمد على عدد "الإعجابات" التي نتلقاها على منشوراتنا، ويوجد حلان لذلك:

  • الحد من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
  • التخلص من السموم الرقمية، للتخلص من الضرر الذي ألحقه الاستخدام المتكرر لوسائل التواصل الاجتماعي لمستوى هرمون الدوبامين المرتبط بالمتعة في جسمك، وفي النتيجة ستشعر بتوتر أقل وتقل مقارنتك لنفسك بالآخرين.
إقرأ أيضاً: 5 مشاكل تسببها وسائل التواصل الاجتماعي

6. التركيز على المعنى:

يركز الناس هذه الأيام كثيراً على السعادة؛ لكنَّ الدراسات أظهرت أنَّنا كلما واصلنا فعل ذلك أصبح الشعور بها أصعب، فنحن نقلق من عدم تمكننا من تحقيق أهدافنا التي نتوق أنَّها ستجعلنا سعداء، والأتعس هو أن نتمكن من ذلك ومع ذلك لا نشعر بالسعادة.

السعادة هي شعور مؤقت، ولهذا السبب بدلاً من السعادة قد يكون الهدف الأفضل هو السعي وراء المعنى، وقد وجدت دراسة من كلية الطب بجامعة كاليفورنيا في سان دييغو (UC San Diego School of Medicine) أنَّ أولئك الذين لديهم هدف في حياتهم يعيشون حياة أكثر سعادة وصحة دون الحاجة إلى الإيجابية.

لقد اتضح أنَّنا قادرون جداً على إيجاد المعنى، فإنَّ المرور بالصعوبات يمكن أن ينشئ معنى ويمكن أن يساعدك لتعيش حياة أكثر سعادة؛ لذا:

  • بدلاً من سؤال نفسك: "لماذا لست سعيداً في حياتي؟" اسأل: "ما معنى حياتي؟".
  • بدلاً من: "لماذا لا يسعدني هذا الموقف؟" اسأل: "ما المعنى الذي يمكنني استخلاصه من هذا الموقف؟".
  • بدلاً من: "هل يجب أن أكون سعيداً؟" اسأل: "هل لهذا معنى؟".

يمكنك أيضاً التركيز على النشاطات المفيدة بدلاً من مطاردة فكرة السعادة:

  • تطوير عادات أفضل.
  • تجربة أشياء أكثر إنتاجية عندما تشعر بالملل.
  • تكوين علاقات أقوى والتخلص من أصدقائك المزيفين.

7. تدوين أفكارك السلبية:

يوجد جانب سلبي للإيجابية طوال الوقت؛ إذ يمكن أن تؤدي إلى الإرهاق، ويمكن للأشخاص الذين ينشرون الإيجابية السامة أن يشعروا بأنَّهم يتحملون عبئاً كبيراً.

تعلَّم بعضنا تجنب مشاعرهم السلبية؛ ممَّا قد يزيد من القلق والاكتئاب؛ لأنَّهم لا يعاملون مشاعرهم أبداً، ومشاعرك السلبية طبيعية، فإذا كنت شخصاً عالقاً في حلقة مفرغة من الإيجابية السامة نوصيك بشدة بتدوين اليوميات، وبصورة أكثر تحديداً تدوين جميع أفكارك السلبية؛ لسببين:

  • ستتجسد الأفكار السلبية بصورة حقيقية وملموسة؛ ممَّا يساعدك على إدراك أنَّها موجودة.
  • ستساعدك كتابة اليوميات على فهم المشاعر السلبية حتى تتمكن من مساعدة الآخرين على نحو أفضل.

يسمح لك تدوين اليوميات بالتعبير عن مشاعرك السلبية والتحرر منها.

8. قراءة لغة الجسد:

إذا كنت تنشر السمية فقد تواجه مشكلة أنَّ الناس لا يخبرونك مباشرة أنَّ إيجابيتك غير مرغوب فيها، لكن يعبرون عن ذلك بطريقة غير لفظية، وإذا لاحظت الإشارات الجسدية يمكن أن تفهم كثيراً من الأشياء التي يشعر بها الشخص حقاً ولا يقولها.

شاهد بالفيديو: كيف تستثمر لغة الجسد لتكسب كاريزما قوية تسحر من حولك

9. فهم سبب تصرُّف الناس بإيجابية سامة:

ربَّما يمرون بشيء يريدون تجنبه لأنَّه يسبب لهم الألم أو الإزعاج؛ لكنَّهم لا يفعلون ذلك عمداً ليؤذوا الناس، والحقيقة هي أنَّ الإيجابية يمكن أن تكون آلية فعالة لمواجهة صعوبات الحياة، ونواجه جميعاً صراعات الحياة بطرائق مختلفة، فنحن:

  • نرتاد صالة الألعاب الرياضية لتقوية أنفسنا ورفع تقديرنا لذاتنا.
  • نطلق الدعابات لجعل الأوقات الحالكة أقل سواداً.
  • ننغلق ونعزل أنفسنا عن الجميع لتجنب المزيد من الإحراج.

المشاعر فوضوية ومعقدة، ولو كنَّا جميعاً نسيطر على مشاعرنا لما ظهر ما يُسمَّى بالإيجابية السامة في المقام الأول، لكن من الهام إدراك أنَّ الناس لا يقصدون بها الشر.

10. تنمية التعاطف:

إذا لاحظت أنَّك تنشر الإيجابية السامة بين أصدقائك وعائلتك يجب أن تدرك أنَّ إخبار شخص ما ببساطة بأن يصبح سعيداً لن يجعل مخاوفه تختفي فوراً، لا بل قد يزيد الأمر سوءاً، لا سيَّما إذا لم تكن متعاطفاً معه، لكن لحسن الحظ يوجد حل لذلك، وهنا أيضاً لا يمكنك أن تقرر أن تصبح متعاطفاً؛ لأنَّ ذلك يتطلب وقتاً وجهداً، لكنَّه أساسي إذا كنت تريد التواصل حقاً مع الآخرين ومساعدتهم.

في الختام:

لقد تحدَّثنا في هذا الجزء من المقال عن 10 طرائق للتغلب على الإيجابية السامة، وسنكمل حديثنا في الجزء الثالث والأخير عن منشئها.




مقالات مرتبطة