ما هو احترام الذات؟
تنبع فكرة احترام الذات من الشعور بأنَّك شخص جيد يستحق أن يُعامل باحترام؛ فإن كنت تحترم نفسك، فأنت تشعر بالفطرة أنَّك طيب وحنون ومحترم، وتستحق أن يعاملك الآخرون بالطريقة نفسها التي تعاملهم بها.
يتيح لنا التعرف إلى احترام الذات الانتقال إلى خطوات أكثر قابلية للتنفيذ تُنمي هذا الاحترام وتُغذيه، ويحدث هذا من خلال تقدير الذات.
ما هو تقدير الذات؟
بينما يُعَدُّ احترام الذات أمراً مرتبطاً أكثر بالعواطف، يتعلق تقدير الذات بالسلوك، وهو أساس المشاعر التي نُحِسُّ بها تجاه أنفسنا ومنطلقها نحو الدخول إلى حيز التنفيذ؛ فتقدير الذات هو السيارة التي تقودنا والتي تجعلنا نقرن القول بالفعل ونعمل بطرائق تتماشى مع تقديراتنا.
يظهر هذا في الطريقة التي نتحدث بها مع الناس أو في الخطوات التي نتخذها للتعبير عن حقيقتنا، ويتغذى كل من احترام الذات وتقدير الذات أحدهما على الآخر، لكن من المفيد الإشارة إلى الاختلافات الدقيقة بينهما.
شاهد بالفديو: 8 أسباب وراء انخفاض تقديرك لذاتك
هي أوجه الاختلاف بين تقدير الذات واحترام الذات؟
احترام الذات هو جوهر وجودنا، وهو البوابة التي نخطو بها أولى خطواتنا في الحياة ونبدأ منها السعي إلى إحراز غايتنا، ونعزز من خلالها قيمتنا كبشر، كما يمكننا أن نقول أيضاً: إنَّ الإحساس السليم باحترام الذات مسؤول بشكل كبير عن القرارات التي نتخذها، والعلاقات التي نعززها، ومسارات الحياة التي نختارها.
من ناحية أخرى، إذا كنت لا تقدر نفسك، فقد يؤدي ذلك إلى الكثير من النقد الذاتي العدواني والاستخفاف بالصورة الذاتية.
أما تقدير الذات فهو الإجراء الذي يجعلنا منسجمين مع احترام الذات؛ إذ يمكننا أيضاً النظر إلى تقدير الذات بوصفه عنصراً آخر يدعم الفكرة الأعَمَّ التي هي احترام الذات؛ حيث يُمارَس تقدير الذات بطرائق عملية، وكثير منها موضح أدناه؛ فعندما نتعلم كيف نقدِّر أنفسنا، فإنَّنا لا نعزز قيمتنا الذاتية فحسب، بل ننقل هذه الطاقة أيضاً إلى مجتمعاتنا والأشخاص الموجودين فيها.
كيف تقدِّر نفسك؟
1. الاعتراف بالناقد الداخلي:
لدينا جميعاً هذا الصوت الداخلي العالي الذي لا يكون دائماً لطيفاً، فهو يتدخل عندما يكون لدينا أفكارٌ نقلِّبها ومشاريع نؤديها، وغالباً ما يقنعنا بعدم الثقة بأنفسنا، وعندما يُترك الناقد الداخلي دون رادع، قد يكون له آثار مدمرة على تقديرنا لذاتنا.
لا ينمو احترامنا لذاتنا بهذه الطريقة؛ فغالباً ما يكون الصراع مع هذا الناقد رحلة طويلة الأمد، لكن الخطوة الأولى الجيدة هي الاعتراف به؛ حيث يعيش الكثير من الناس طوال حياتهم مع هذا الصوت بعفوية، ولا يدركون أبداً مقدار استبداده؛ فعندما تعترف بأنَّه بات يتولى زمام الأمور، يمكنك تعلم استعادة قوتك وقيمتك.
2. تقبّل المجاملة:
في المرة التالية التي يجاملك فيها أحدهم، لاحظ ما إذا كنت سريعاً في رد المجاملة أو التلويح بيدك رافضاً حتى لا تجذب الانتباه؛ فنحن نخاف من الظهور كمحتاجين، لدرجة أنَّنا نادراً ما نتقبَّل الكلمات الجيدة التي نسمعها، والجاني الحقيقي هنا هو اعتقادنا في كثير من الأحيان بأنَّنا لا نستحق المجاملة!
الحقيقة الجميلة هنا هي أنَّنا لا نرى أنفسنا في كثير من الأحيان بالطريقة نفسها التي يرانا بها الآخرون؛ لذلك، في المرة القادمة التي يقول فيها أحدهم شيئاً لطيفاً عنك، صدقه وتقبَّل كلماته بصدرٍ رحب.
3. الامتنان لما تبذله من جهد:
ليس من السهل دائماً المحافظة على مثابرتنا في الحياة؛ إذ لا نتوقف دائماً لمعاينة مقدار الجهد الذي نبذله في حياتنا اليومية، ولكن إحدى الطرائق المُتَّبعة لإظهار تقديرٍ أكبر للنفس أن تكون ممتناً لكل ما تفعله.
من السهل أن تنتقد نفسك وتتمنى لو كنت تعمل بشكل أفضل، ولكن الحقيقة هي أنَّك تبذل قصارى جهدك؛ فاستمر في ذلك واحتفل بكل تقدُّمٍ بسيط، وسوف يشكرك كيانك كله عشرة أضعاف.
شاهد بالفديو: 6 نصائح لتحقيق الامتنان في حياتك
4. مسامحة نفسك كثيراً:
عندما لا تسير الأمور كما هو مخطط لها، سامح نفسك، وعندما يؤذيك الناس، سامحهم أيضاً؛ إذ إنَّ الحقد على نفسك أو على الآخرين، يشبه إثقال كاهلك عمداً بأعباء أنت بغنى عنها.
المسامحة هي العلاج المجاني الذي يمكن أن يخفف الكثير من معاناتنا عندما نشعر بالمرارة؛ إنَّها تستحق تطبيقها في حياتنا اليومية.
5. مخاطبة النفس بعبارات الإطراء أمام المرآة:
تحمل الكلمات قدراً هائلاً من القوة، والكلمات الإيجابية مثل المعجزات الصغيرة التي تنتظر النمو، لأنَّ العيون هي مرآة لتلك الروح، فإنَّ مخاطبة النفس بعبارات الإطراء أمام المرآة تكون أكثر فاعلية.
عندما نتمكن من مصارحة أنفسنا وملء المكان بكلمات إيجابية، فإنَّنا نرسل تلك الطاقة إلى أعماقنا، وقد تكون عبارات الإطراء شيئاً من قبيل: "أنا محبوب ومحب" أو "اليوم، سأتقبَّل نفسي كما أنا".
6. الاهتمام بأحلامك:
سواء كنت ترغب في كتابتها في دفتر يومياتك أم رسم صورٍ تُعبِّر عنها وتعليقها على الحائط، إنَّ الاهتمام بأحلامك هو حلقة لا تنتهي من تقدير واحترام الذات؛ فأحلامك هي أعمق رغباتك وأمنياتك.
عندما تسلط الضوء عليها، فأنت تغذي روحك وقلبك بطريقة مُرضية روحياً وعاطفياً، وأنت أيضاً تُعلم وتقوي نفسك حتى تؤمن بأنَّك تستحق هذه الأحلام.
7. تجنب المقارنة:
أنت فريد ولا يوجد أي شخص آخر مثلك تماماً، نعلم جميعاً أنَّ "المقارنة تسرق الفرح"؛ إذ من السهل مقارنة أنفسنا بالآخرين والاعتقاد بأنَّنا متأخرون عنهم أو أقل قيمة منهم.
هذا ببساطة ليس صحيحاً؛ فأنت بالضبط في المكان الذي يجب أن تكون فيه ضمن الإطار الزمني لحياتك؛ لذا كن واثقاً أنَّ كل شخص يسير في طريقه في زمان ومكان محددَين؛ فبدلاً من التركيز على ما يملكه الآخرون، ركِّز على رحلتك الفريدة وتحمس للفرص القادمة.
8. مساعدة وخدمة الآخرين:
عندما نخدم الآخرين بتفان؛ فإنَّنا في نفس الوقت نغذي تقديرنا واحترامنا لذاتنا؛ حيث إنَّ مدَّ يد العون ومساعدة الآخرين هو أكثر من مجرد عمل تطوعي؛ فهو تقديم شيء عزيز على قلوبنا؛ وسواء كان لديك مهارة معينة ترغب في مشاركتها، أم حتى وقتك فقط، سيستفيد مجتمعك من مساهمتك الشخصية في هذا العالم.
9. قبول نفسك كما أنت الآن:
لا فائدة من إعادة عيش الماضي لأنَّه مضى، ولا فائدة من التساؤل عن المستقبل لأنَّه لم يأت بعد؛ لذا في الوقت الحاضر أعظم هدية تقدمها لنفسك هي قبول نفسك كما أنت الآن.
يصبح العالم أكثر اكتمالاً عندما تُظهِر مصداقيتك قدر الإمكان؛ وهذا يمنح الآخرين الشجاعة للقيام بذلك أيضاً، فلا شك أنَّك ستتغير وتتطور مع تقدم حياتك، لكن في الوقت الحالي، كيف يمكنك أن تُظهِر مصداقيتك؟
10. عدم القبول بالقليل:
إذا كنت غير سعيد، لاحظ أنَّك كذلك وابدأ في سؤال نفسك ما الذي يجعلك أكثر سعادة، واعلم أنَّه ليس عليك أن تتسامح مع أي شيء أو أي شخص لا يجلب لك السعادة والرضا.
غالباً ما نعتقد أنَّه يتعين علينا التضحية بسعادتنا من أجل حفنة من المال، لكن هذا غير صحيح؛ فهناك دائماً خيارات في الحياة، والأمر متروك لك لتعتقد أنَّك تستحق أفضلها.
11. تذكر المثابرة في حالة الشك:
تُفاجئنا الحياة بطريقة غير متوقعة ومضحكة؛ فإذا كان هناك أي شيء يمكن أن يقلل من قيمتك الذاتية؛ فهو اعتقادك بأنَّك عديم القيمة أو أنَّك فشلت بطريقة ما، عندما يحدث هذا، فكر في هدفك النهائي أو حلمك، وتذكر أنَّ المثابرة هي مخزونٌ من الطاقة لا ينضب يكون دائماً تحت تصرفك لمواصلة سعيك نحو الأفضل.
في الختام:
تقدير الذات هو ما يمثل جوهرنا وهويتنا الإنسانية، والخطوات التي نتخذها لمواكبة تلك القيمة بشكلٍ عملي هي تعريف وهدف تقدير الذات.
قد يعتقد المرء أنَّ مثل هذه الخطوات معقدة وتستغرق وقتاً طويلاً، ولحسن الحظ، هي ليست كذلك؛ إذ يتطلب تعلُّم تقدير الذات تحولاً لطيفاً في طريقة التعبير عن نفسك في حياتك، ويمكن لمثل هذه التغييرات الصغيرة والفعَّالة أن تُحدث فرقاً كبيراً لنفسك وللجميع عامةً.
أضف تعليقاً