أفضل 12 استراتيجية تعلم نشط للناس المشغولين

يتطلب النجاح المستمر في أي مجال التعلم المستمر، ومن البديهي القول أنَّه لتحقيق النجاح في أي وظيفة أو عمل تجاري، يحتاج المرء إلى الاستمرار في التعلم دون توقف؛ مثل قراءة الكتب، وحضور الندوات والمؤتمرات، والبحث باستمرار عن مسؤوليات جديدة، وغيرها من استراتيجيات التعلم النشط.



يمكن قول الشيء نفسه عن تربية الأطفال أو العلاقات؛ فقراءة الكتب وإجراء المحادثات والتفكير الشخصي المستمر أمور لا بد منها إذا كنت تريد النجاح في هذا المجال من حياتك، وينطبق الشيء نفسه على صحتك أيضاً؛ إذ إنَّ تناول الطعام بشكل أفضل وممارسة الرياضة وفهم أي أمراض قد تعترض طريقك والتعامل معها غالباً ما يتطلب تعلُّم معارف جديدة.

ما هي استراتيجيات التعلم التي يمكن للمرء أن يستخدمها، خاصة تلك المناسبة لشخص لديه جدول أعمال مزدحم؟ من الناحية المثالية، يجب أن يكون هذا التعلم نشطاً لضمان اكتساب ومعالجة المعرفة الجديدة بصورة شاملة بدلاً من مجرد قراءة كتاب أو مقال.

تُجسد ما تسمى بقرارات السنة الجديدة فشلنا المشترك في التغيير، وهي تتعلق أيضاً بتعلم مهارات جديدة؛ فنحن ننساق وراء فكرة جديدة لامعة، سواء كانت تعلم اللغة الصينية، أم حضور دروس عن فنون القتال، أم التأمل؛ لندرك بعد ذلك أنَّه ليس لدينا الوقت ولا الدافع للاستمرار؛ حيث تصبح الجلسات اليومية أسبوعية، ثم تصبح نصف شهرية، وهكذا دواليك حتى تصبح المبادرة بأكملها في طي النسيان.

إذاً، بوجود قيود تحكمنا والتزامات علينا الوفاء بها رغم انشغالنا، كيف يمكننا أن نتعلم بشكل أكثر فاعلية أي مهارة نخطط لتحسينها؟ سنقدم إليك بعض الاستراتيجيات لذلك:

1. تنظيم الالتزامات:

يجب عليك تنظيم التزاماتك عن طريق تبني الالتزام الداخلي بها؛ قرِّر أنَّ المهارة الجديدة هامة للغاية وأنَّك ستفعل كل ما يلزم لإحراز تقدم فيها، وللحصول على أفضل النتائج، ودوِّن التزاماتك لتوثيق ذلك.

كما يجب أن تتعلم تقليل الالتزامات الأخرى، ففي النهاية، ليس لدينا سوى القليل من الطاقة والوقت، ولكنَّنا نتطلع إلى المزيد دائماً.

يمكنك استبدال عمل بآخر، فإذا كنت لا تستطيع إيجاد الوقت للعمل على تلك المهارة الجديدة، فاختر شيئاً آخر كنت تفعله بانتظام وأنت على استعداد للتخلي عنه على الأقل في الوقت الحالي لإتاحة الوقت لما تريد تعلُّمه.

2. تبنِّي توجُّه طويل الأمد:

تتضمن استراتيجية التعلم النشط تبنِّي توجه طويل الأمد، حيث يصف الكاتب دانيال كويل (Daniel Coyle) دراسة رائعة عن الأطفال الذين يدرسون البيانو في كتابه الأكثر مبيعاً "سر الموهبة: لا تأتي العظمة بالفطرة وإنَّما تُكتسب" (The Talent Code: Greatness Isn’t Born, It’s Grown).

أوضحت الدراسة أنَّ وجود توجُّه طويل الأمد، مثل: "سأتعلم هذه المهارة لمدة عشر سنوات أو لبقية حياتي"، مقارنةً بالتوجه قصير الأمد، مثل: "سأتعلم هذه المهارة خلال الأشهر أو السنوات القليلة القادمة،" كان له تأثير كبير على تقدم تعلم الفرد.

وفي حين أنَّ عدد الساعات المستثمرة في الممارسة اليومية كان هاماً أيضاً، فإنَّ الأطفال ذوي التوجُّه طويل الأمد الذين تدربوا لمدة نصف ساعة كل يوم أتقنوا المهارة جيداً مثل أولئك الذين لديهم توجه قصير الأمد والذين تدربوا لمدة تصل إلى ساعتين كل يوم، ولسوء الحظ، لم توضِّح الدراسة بالتفصيل كيف يمكن للمرء أن ينمِّي هذا النوع من التوجُّه طويل الأمد، ولكن معرفة أنَّه هام هو بالتأكيد بداية جيدة.

3. التعلم بدون دافع:

يعتمد الناس بصورة طبيعية على الدافع ويحققون تقدماً كبيراً عندما يشعرون بالنشاط والتفاؤل، ثم يفقدون الحماسة بعد ذلك، ولكن يجب أن تعلم أنَّ عقلك يستمر في التعلم تلقائياً، سواء كنت ترغب في ذلك أم لا؛ لذلك عندما لا تشعر بالتحفيز، تصرف كالمعتاد، أي انغمس في العمل ولا تبالِ.

علاوة على ذلك، يمكنك محاولة تنظيم معسكر تدريبي لنفسك تدرس فيه اللغة الصينية أو البيانو أو فن البيع؛ خصص بضعة أيام كاملة أو حتى بضعة أسابيع كاملة للتركيز على النشاط الجديد دون توقف، وللحصول على أفضل النتائج، شارك في برنامج تدريبي أو تدرب تحت إشراف كوتش.

بالاستمرار في نفس الفكرة، فإنَّ الانضمام إلى نظام تدريب منتظم هو الأفضل من حيث المساءلة والتنظيم؛ وبالرغم من عدم كون جميع برامج التدريب عالية الجودة ومتوافقة مع أهدافك، إلا أنَّ الطريقة فعالة.

يمكنك أيضاً البدء في قراءة كتب عن مجال عملك، ومع أنَّ الكتب مكمِّلة لأكثر أنواع التعلم النشط ولكنَّها هامة جداً، فإذا شعرت أنَّ تقدمك بدأ في التراجع في الأشهر الأخيرة، فابحث عن كتاب جديد، ولكن تأكد من أنَّه كتاب جيد.

4. التحدث عن المهارات التي تريد تطويرها:

من الناحية المثالية، ستحظى بخبراء كمعلمين ومنتورز لك، ولكن حتى المحادثات العرضية المستمرة مع الممارسين الماهرين يمكن أن تساعد في الحفاظ على تقدمك؛ بل حتى التحدث مع غرباء حول مجالك يمكن أن يكون مفيداً أيضاً.

لا تخشَ مناقشة التفاصيل التقنية؛ فإن كنت تتعلم اللغة الصينية، فتحدث إلى كل شخص تقابله حول الفروق اللغوية، وإن كنت تدرس فنون القتال، فتحدث طوال اليوم عن القتال والدفاع عن النفس.

5. الحرص عند اختيار مصادر المعرفة:

تُعدُّ إجابات جوجل (Google) مناسبة لسؤال سريع عن الحقائق، أو للعثور على مواقع الترفيه، أو حتى إثارة إبداعك، ومع ذلك ليست هذه هي الطريقة لتحقيق تقدم عميق ومستدام.

أنت لم تتعلم منهج المدرسة الثانوية عن طريق البحث عن حقائق عشوائية على جوجل، وبالمثل لن تحصل أيضاً على قاعدة معرفية قوية باتباع هذه الطريقة في أي مجال آخر؛ لذا اعثر على الكتب ذات السمعة الحسنة، أو الأفضل من ذلك، عن مدرس ذي سمعة حسنة، ثم تعلَّم منه.

من الأفضل أن تتعلم من الأفضل؛ إذ إنهَّ من المؤكد أنَّك ستحرز تقدماً إذا كان لديك معلم أو منتور خاصةً إذا كان لديهم معرفة واسعة في مجالك، ويُفضل أن تبحث عن أولئك الذين يدربون طلاباً مثلك.

يمكنك أيضاً حضور المؤتمرات والمناسبات الأخرى؛ إذ إنَّ لقاء الآخرين من نفس المجال والانخراط في برنامج منظم متعدد الأيام لا يمكنه إلا أن يعزز تقدمك، وفي حين أنَّ حدثاً واحداً في عطلة نهاية الأسبوع لا يمكن أن يحقق نفس النتائج مثل الجهد اليومي المستمر، إلا أنَّه يمكن أن يوسع آفاقك ويضمن أنَّ جهودك تسير في الاتجاه الصحيح.

6. المشاركة في المسابقات أو النشاطات:

ستؤدي أي منافسة أو نشاط عام إلى تحدي مستوى مهارتك الحالي ودفعك إلى آفاق جديدة، أو على الأقل، سوف تكتشف مستواك الحقيقي؛ فالمشاركة في المسابقات أو النشاطات أمر لا بد منه لامتلاك استراتيجية تعلُّم نشطة.

يمكنك أيضاً أن تسعى إلى الحصول على شهادات، ولكن لن يفيدك هذا إذا كان مستوى مهارتك عالٍ، أما إذا كنت قد بدأت للتو، فإنَّ العديد من المجالات لديها مستويات مخصصة للمبتدئين؛ وحتى إذا لم تكن بحاجة إلى الحصول على شهادة، فقد تكون طريقة ممتعة لاختبار مستواك الحالي مرة أخرى بالإضافة إلى تنظيم معرفتك.

7. العقاب والمساءلة:

إذا كنت لا تبذل جهداً كافياً، ضع بعض القواعد "لمعاقبة" نفسك، سواء عن طريق حرمان نفسك من بعض الملذات أم الاضطرار إلى التبرع بمبلغ معين من المال، وللحصول على أفضل النتائج، استعن بصديق أو منتور لمساءلتك؛ أما إذا كنت تستجيب بشكل أفضل للمكافآت، فيمكنك اتباع نظام المكافآت كبديل.

إقرأ أيضاً: قوة المساءلة: 10 خطوات لتحقيق أي هدف

8. ممارسة تمارين لا تستهلك الكثير من الوقت:

في العديد من المجالات، يوجد مهارات أساسية يمكن ممارستها بكفاءة خلال بضع دقائق فقط في اليوم طالما أنَّك تبذل الكثير من الجهد والتركيز في هذا النشاط؛ لذا مارس تمرين الساعد لمدة دقيقتين، أو تأمل لمدة 3 دقائق، أو تدرَّب على الغناء لمدة 10 دقائق.

تعد مثل هذه التمارين الموفرة للوقت طريقة رائعة أيضاً للحفاظ على الزخم مستمراً خلال الفترات التي لا يمكنك فيها الالتزام بنظام يحتاج إلى مشاركة ووقت أطول.

9. التطوع باستخدام مهارتك الجديدة:

حتى إذا كان ما تتعلمه لا يساهم مساهمة مباشرة في دخلك المادي، فقد تكون هناك طريقة للقيام بذلك مجاناً سواء عن طريق الغناء في حفل خيري، أم تعليم اللغة لمهاجر أو سائح، أم تعليم الأطفال في مركز مجتمعي؛ فالعمل التطوعي هو استراتيجية تعليمية نشطة تساعدك على تطبيق ما تتعلمه؛ إذ لا تكاد توجد طريقة أفضل لترسيخ التعلم من استخدامه لمساعدة الآخرين.

توجد العديد من المنصات المختلفة لتقديم الفرص للمتطوعين، مثل فولنتير ماتش (VolunteerMatch) وهي منصة عامة تقدم جميع أنواع الفرص على اختلافها، بينما تركز مؤسسات أخرى مثل تابرووت فاونديشن (Taproot Foundation) على فرص المتطوعين ذوي المهارات التجارية أو المالية أو التسويقية؛ وتُقدِّم الأمم المتحدة مجموعة واسعة من الفرص للمتطوعين في العديد من البلدان المختلفة.

10. استخدام التخيل:

خصص بضع لحظات أو بضع دقائق لتتخيل أداء مهارتك الجديدة بجدارة؛ حيث يمكن ممارسة هذا التمرين في غرفة هادئة قبل النوم، أو مباشرةً قبل أداء النشاط المعني. بالنسبة لبعض الأشخاص، تعمل هذه التقنية بشكل جيد جداً، ولكنَّها تتطلب جهداً كبيراً لتحقيق نتائج رائعة.

لطالما استُخدم التخيل في الرياضة وفنون الأداء، ومع ذلك استُخدمت هذه الأساليب في العديد من المجالات الأخرى؛ من الأعمال التجارية إلى تربية الأطفال وتعليم اللغة.

إقرأ أيضاً: 6 وسائل هامة لتنمية حس التخيّل

11. تدوين ملاحظات حول تقدمك:

دوِّن ملاحظات حول تقدمك يومياً أو كلما دعت الحاجة، فيمكن أن تصف الملاحظات أهدافك طويلة الأمد، أو تستخلص العبر من أي حدث معين، سواء كان ناجحاً أم فاشلاً، أو تلخص الدروس المستفادة والأشياء التي يجب القيام بها بشكل مختلف في المستقبل، أو يمكن أن تكون مجرد ملاحظات عشوائية تتعلق بعملية التعلم.

تُعد هذه التقنية شخصية للغاية وتتطلب الكثير من التجريب، لكنَّ العديد من أصحاب الأداء المتميز يُثنون عليها.

شاهد بالفديو: 12 نصيحة لتسريع عملية التعلم

12. رفض الاستسلام:

ربما تكون الاستراتيجية الأكثر أهمية هي الاستمرارية؛ فإذا كان أسلوبك خاطئاً ولكنَّك واصلت المحاولة، فاستمر في العمل، ففي النهاية، ستُجري تصحيحاً وتصل إلى المسار الصحيح، ولكن إذا استسلمت وانسحبت، سيكون التقدم في المستقبل مستحيلاً.

أصبح المُنظِّر التربوي بول تاف (Paul Tough) مشهوراً إلى حد كبير بسبب كتابه "كيف ينجح الأطفال: العزيمة، والفضول، والقوة الخفية للشخصية" (How Children Succeed: Grit, Curiosity, and the Hidden Power of Character)؛ حيث يجادل في الكتاب مستشهداً ببعض الأدلة الدامغة حول أنَّ العزيمة أو المثابرة أكثر أهمية من الذكاء.

يمكن للبالغين أيضاً العمل بهذه النصيحة والتركيز على المثابرة قبل التفكير في أي استراتيجية تعلُّم نشطة أخرى، وكما يقول خبير النجاح بريان تريسي (Brian Tracy): "بدون انضباط، لا توجد طريقة لتحقيق النجاح؛ لكن بوجود الانضباط، تنجح أي طريقة".

في الختام:

كلما أصبحنا أكثر انشغالاً، ازدادت أهمية مواصلة التعلم بالنسبة لنا.

تحتوي النصائح أعلاه على العديد من الاقتراحات المفيدة، ومع ذلك فإنَّ الأهم هو الالتزام بتخصيص الوقت لهذا التعلم وعدم الاستسلام أبداً.

 

المصدر




مقالات مرتبطة