ومع ذلك، فإنَّ الأطفال دائماً ما يتوقون لفكرة البلوغ؛ ذلك لأنَّهم يقدِّرون بطبيعتهم أمراً يستهين به معظم الناس، وهو المسؤولية؛ فهم يتلهفون لاختيار أوقات النوم الخاصة بهم، وتحديد شكل حياتهم المهنية، واتِّخاذ الخطوات الضرورية لتحقيق أحلامهم؛ فبينما نحدد لأطفالنا جميع خياراتهم، نمتلك كبالغين فرصة تحديد وجهتنا، واختيار مسار حياتنا كما نشاء.
ومع ذلك، قد ننغمس أحياناً في مشاغل الحياة، لدرجة أن ننسى أنَّنا نمتلك الخيار، وأنَّنا قادرون على التحكم بمسار حياتنا كما نريد، فنستكين ونسلِّم الدفة لشخص آخر كي يوجه حياتنا، بحيث لا ندرك إلى أي وجهة سوف نصل.
فلا ندري كيف انتهى بنا الأمر إلى هذه الحياة وهذه المهنة وهذه العائلة، هل كان ذلك خيارنا أم ما ساقتنا إليه الأقدار؟ ففي أثناء سعينا لتحقيق الأهداف المرحلية في حياتنا، كالشهادة الجامعية والترقية في العمل والزواج والأطفال والمنزل، قد نحيد عن أهدافنا وشغفنا ونوايانا في الحياة.
يعني امتلاك العزيمة أن تعيش اللحظة، فعندما تكون حاضراً في اللحظة الحالية، فأنت لا تفكر في الخطأ الذي حدث بالأمس أو في كل الطرائق التي قد تسوء بها الأمور غداً؛ بل تفكر في هذه اللحظة وما يمكنك فعله بها؛ لذا سنقدم إليك فيما يلي 10 طرائق لامتلاك العزيمة كل يوم والوصول إلى الحياة التي تحبها:
1. التخلي عن الرحلة السلبية:
انتبه والتزم بأن تكون المسؤول عن حياتك، فأنت لا تعيش لتحقق أحلام الآخرين، وإنَّما أنت مسؤول عن نفسك، فإذا سمحت لأحدهم بتولي أمور حياتك، فقد حان الوقت لتكون المسؤول عن ذلك؛ لذا توقف عن كل القصص التي تخبرها لنفسك بأنَّك تأتي في المرتبة الأخيرة دائماً، فهذه رواية كاذبة لا تخدم أحداً، فعندما تقرر امتلاك العزيمة في طريقة عيشك، ستمتلك المزيد من الطاقة للقيام بذلك، وسيستفيد الجميع.
حدد ما الذي تريد القيام به على الفور، وما الذي يمكنك القيام به قريباً، وما الذي تحتاجه لتحديد المسار نحو ما تريد القيام به بنفسك، سواء كان الأمر يتعلق باتخاذ إجراء للتقدم على الصعيد الشخصي أم المهني أم كليهما، فستحتاج إلى رؤية واضحة لما تريده.
2. البدء بجسمك:
استمع إلى نبضات قلبك، وراقب درجات حرارتك وتقلصات معدتك؛ ما الذي يحتاجه جسمك ليشعر بالراحة؟ هل يحتاج كوباً كبيراً من الماء؟ أم يحتاج وجبة فطور مغذية وكافية لبدء يومك؟
انسَ أمر الحمية الغذائية التي كنت تحاول الالتزام بها والملابس الضيقة التي جعلتك تشعر بالضيق في أثناء الجلوس، وحدد الإمكانيات الجيدة بالنسبة إلى جسمك، وانتبه فالطعام والشراب والنوم والراحة من الأشياء التي يجب أن تتحكم فيها؛ لذلك انتبه للإشارات التي يرسلها جسدك لك حول ما يحتاجه للعيش في الوقت الحاضر؛ فنحن عندما نتجاهل أجسانا ولا نوليها الاهتمام الكافي، فإنَّنا نقاوم رغباتنا وحاجاتنا البدنية التي تساعدنا على المضي قدماً.
3. تخصيص مساحتك الخاصة:
نحن من نخلق الفوضى من حولنا؛ فعندما نكون أشخاصاً فوضويين، نتساءل أحياناً كيف لا تزال الملابس غير مطوية وكيف أصبحنا نؤجل الأعمال أكثر فأكثر، فبغض النظر، تُولِّد الفوضى المزيد من الفوضى.
وفقاً لماري كوندو (Marie Condo): "تؤدي إعادة ترتيب المنزل إلى تغييرات جذرية في نمط الحياة ووجهات النظر، فذلك يغير الحياة حرفياً".
عندما نمتلك العزيمة، فإنَّنا نتحكم في بيئتنا المباشرة ونصمم مساحة تلبي احتياجاتنا الوظيفية وتُبرز شخصيتنا؛ لذا جرب إحاطة نفسك باقتباساتك المُلهمة المفضلة، ووسادة مميزة بلونك المفضل، وساعة جذابة لمساعدتك في تنظيم يومك؛ وسوف تشكر نفسك على ذلك بالتأكيد.
4. استخدام خريطة الطاقة ليومك:
"يستيقظ الرؤساء التنفيذيون في الساعة 6 صباحاً ويبدؤون التخطيط ليومهم"؛ غالباً ما نسمع هذه العبارة باستمرار، لكن توقف عن استخدام الطرائق التي يتبعها الآخرون لتحسين إنتاجيتهم وصمِّم ما يناسبك أكثر، وابدأ بملاحظة الأوقات من اليوم الذي تشعر فيه بطاقتك القصوى، هل تعمل بشكل أفضل عندما تبدأ مبكراً وتنهي عملك مبكراً، أم تفضل البدء في وقت متأخر والانتهاء في وقت متأخر؟
عندما تكون قادراً على تحديد الوقت المناسب الذي تشعر فيه بقدر كبير من التركيز، أنشئ خارطة لطاقتك بحيث تُخصص أوقات النشاط للمهام الأكثر حاجة للتركيز على التفاصيل والمهام الصعبة.
وبالمقابل، خصص المهام البسيطة والتلقائية والمرنة للساعات التي تعمل فيها بتركيز منخفض أو بعد استعادة نشاطك بعد الانتهاء من المهام الهامة التي تتطلب تركيزاً عالياً.
5. تتبع تقدمك:
لا تنتظر انتهاء اليوم لتتأكد من تقدمك؛ بل أجرِ تدقيقاً مختصراً، واسأل نفسك ما يأتي:
- هل عملتُ على الأشياء التي تتعلق بأهدافي الأكثر إلحاحاً؟
- هل سمحتُ لنفسي بالاستفادة من الحلول العملية قبل الحلول المثالية للحفاظ على الزخم؟
- هل هناك أشياء يمكنني أو ينبغي عليَّ فعلها بشكل مختلف لتعزيز تقدمي اليوم؟
إذا كانت هناك فرص لتحسين خطة عملك، والتدخل السريع والاستفادة من تغيير الطريقة التي تعمل بها بسرعة، فافعل ذلك دون تردد.
6. عدم إرهاق نفسك:
تدور خطة العمل الاستراتيجية حول العمل بذكاء وليس بجهد أكبر، فعندما تمتلك العزيمة بالفعل، فأنت تفكر في طرائق لزيادة تأثيرك إلى أقصى حد دون المبالغة في ذلك.
ابحث عن الطرائق المختصرة أو الطرائق المؤتمتة أو المزيد من الدعم لتحقيق خطوات العمل المحددة بسرعة أو بكفاءة أكبر، فالهدف من ذلك هو تجنب الاحتراق الوظيفي، وحتى عندما تحقق لنا الخطوات التي نتخذها السعادة ونحن متحمسون لإجراء تغيير أو تحسين، فإنَّ الاستمرارية أمر أساسي.
لاحظ الأمور التي تستحق أن تستثمر وقتك فيها، وفكر في استخدام بعض الطرائق، مثل تصنيفات البريد الإلكتروني أو الوظائف المجدولة مسبقاً أو مطور البرامج كاليندلي (Calendly) أو أساليب تدفق العمل الأخرى التي تتطلب وقتاً أقل لإنشائها كي تستعيد العديد من الساعات الضائعة وتتخلص من مشاعر الإحباط التي واجهتك.
إذا كنت من النوع الذي يقوم بالأمور بالطريقة التي يفعلها دائماً، فقد حان وقت التغيير، فلا بأس في طلب المساعدة؛ حيث تقدم لنا التكنولوجيا الكثير من الحلول الداعمة للاستراتيجيات والمُوفِّرة للوقت والتي لا نرغب في إضاعتها؛ فلا تدع الخوف يمنعك من المحاولة؛ تواصل مع صديق أو زميل أو أي شخص خبير في مجال التكنولوجيا، واطلب المعلومات التي تحتاجها لتجاوز هذا العائق.
7. التحقق من المشتتات:
تؤثر المشتتات تأثيراً كبيراً في حياتك، سواءٌ كنت تقوم بتصفح الإنستغرام (Instagram)، أم ترسل الرسائل النصية طوال اليوم، أم تتحقق من رسائل البريد الإلكتروني بين الحين والآخر، فقد حان الوقت للتمييز بين الأمور غير المُجدية وتلك المفيدة.
إنَّ التشتت المستمر والمتواصل له فائدة محدودة؛ سواء كنت تستخدم بعض التطبيقات أم تشاهد التلفاز في أثناء محاولتك القيام بأعمالك، فنحن نعلم أنَّ تعدد المهام عديم الفائدة تقريباً، لذلك التزم بمهمة معينة وصب جل تركيزك عليها عندما يمكنك ذلك، ثم انتقل إلى المهام الأخرى مع تخصيص فترات استراحة بينها.
لا تُعدُّ فترات الراحة المنتظمة هذه رفاهية أنت بغنىً عنها، وإنَّما ضرورة حتمية؛ لذلك خصص وقتاً لجدولتها واستخدامها؛ حيث يمكنك الاستفادة منها إما من خلال القيام ببعض تمرينات التمدد، أو أخذ قيلولة، أو المشي لمسافات قصيرة.
أنت بحاجة لقضاء بعض الوقت بعيداً عن الأنشطة بحيث يمكنك تحقيق آمالك وأحلامك، لذلك لا تُضِعه على الفيسبوك (Facebook) أو التيك توك (Tic Tok)، إلا إذا كنت تفضل قضاء فترات الاستراحة بهذه الطريقة.
8. الاستعداد للفشل:
عندما نكون مصممين على النجاح، علينا أن نكون مستعدين للفشل أيضاً؛ حيث يجب أن نكون مستعدين لمحاولة القيام بشيء ما بطريقة سيئة تماماً، دون أن نتردد لحظة واحدة في الاستمرار في المحاولة مرة ثانية.
إذا كان الخوف من الفشل يمنعنا من المحاولة، فهو سيمنعنا من امتلاك العزيمة، وهذا لا يعني أنَّنا سنفشل في كل مرة، لكنَّنا نحتاج إلى جعل ذلك أمراً طبيعياً بحيث لا نشعر بالاضطراب إذا حدث معنا مرة أخرى، إذ يجب أن نستخدم فشلنا كدافع للتعلم والتعديل والتكرار والاستمرار في التقدم.
شاهد بالفيديو: 6 دروس يجب أن تتعلمها من الفشل
9. دعوة الأشخاص للمشاركة في خططك:
ليس عليك أن تحافظ على أحلامك سراً، فعندما تسعى لامتلاك العزيمة، فأنت تعرف ما تريده، ولا يجب أن تخشى إخبار الآخرين عن ذلك؛ لذا لا تخطئ في الانتظار حتى يصبح ما تسعى إليه جاهزاً لإخبار الأصدقاء أو العائلة أو حتى الغرباء عنه.
ضع احتمالاً بأن يكون الأشخاص متحمسين لمساعدتك في الوصول إلى ما تريده، فالقليل منَّا يمكنه تحقيق أحلامه بمفرده؛ لذلك جهز نفسك للتحدث عما تهدف إلى القيام به، وما الأسباب التي تحفزك لذلك، وما الذي تحتاجه لإنجازه.
عندما تكون على استعداد لذكر احتياجاتك، فربما يكون هناك شخص ما جاهز وراغب في تقديم المساعدة، وبالنسبة إلى الأشخاص الذين يكرهون طلب المساعدة، فهذا الأمر يستحق المحاولة، لذلك جربه وتعامل مع الانزعاج الذي تشعر به، وتذكر أنَّك ستهب إلى مساعدة أي شخص يخبرك عن أحلامه عندما تكون في وضع يمكنك مساعدته.
أفكار أخيرة:
يتطلب امتلاك العزيمة التزاماً معيناً، ويتعلق الأمر باتخاذ الخطوات اللازمة، فسوف تستيقظ وتختار القيام بهذا الأمر يوماً بعد يوم، وقد يستغرق ذلك بعض الوقت لرؤية ثمار عملك.
تذكر أنَّ الهدف الذي تسعى إلى تحقيقه ليس بالأمر السهل أبداً، وسيشاركك الآخرون الفرح عندما تحقق كل ما تريده، فتلك اللحظة لن تكون محض صدفة، وستعرف من أعماق قلبك أنَّك اخترت الطريق الصعب الذي يتطلب التماسك والتضحية والتركيز؛ فالأشياء لا تحدث من تلقاء نفسها، وإنَّما أنت من يسعى للقيام بها، والخيار عائد لك؛ فتولَّ أمور حياتك منذ اللحظة واعلم أنَّك صاحب القرار.
أضف تعليقاً