يأتي التفويض بأشكال عديدة، حيث يعد وضع مخطط عمل روتيني لأطفالك شكلاً من أشكال التفويض، وكذلك المر عندما تطلب من زميلك مساعدتك في تحضير عرض تقديمي. وكما عبَّر السيناتور السابق في الولايات المتحدة بايرون دورغان (Senator Byron Dorgan): "من الهام أن تدرك أنَّه يمكنك تفويض السلطة، لكن لا يمكنك تفويض المسؤولية"؛ أي بمعنىً آخر، يمكنك أن تطلب من شخص آخر إكمال مهمة من مهامك، ولكن لا يمكنك التهرب من مسؤوليتها إذا لم تُنجَز، فتفويض المهام أمر سهل، والقيام به بطريقة تضمن إنجاز المهام فعلياً يتطلب تدريباً؛ لذا سنقدم إليك فيما يلي طرائق تفويض المهام بفاعلية:
1. السؤال أولاً:
أنت تعرف ما هو مُدرَج ضمن قائمة مهامك؛ وإذا لم تسأل، لا يمكنك معرفة ما هو مدرج ضمن قائمة شخص آخر؛ حيث إنَّ سؤال الشخص عمَّا إذا كان بإمكانه تولي مهمة ما لا يضمن أنَّه يمتلك الوقت للقيام بالمهمة فحسب، وإنَّما يُظهر الاحترام في فهم قدرة الشخص قبل تقديم طلبك.
إذا كان الأشخاص الذين تقوم بتفويضهم لا يشعرون باحترامك لهم، فلن يبذلوا قصارى جهدهم، هذا إذا افترضنا أنَّهم سيقومون بما تطلبه منهم؛ وكما هو الحال في معظم الأمور في الحياة، فإنَّ فكرة التفويض تكمن في التفاصيل؛ فمع توفير الوقت والموارد الكافية، يمكن لأي شخص تحقيق أي شيء تقريباً.
ضَمِّن في طلبك ما يلي:
- الموعد النهائي لاستكمال المشروع، بالإضافة لأي مواعيد مقررة.
- وصف المشروع، فقد يُفَسَّر أي غموض بطريقة خاطئة.
- قائمة التوقعات، مثل مقدار الوقت الذي تريد أن يقضيه الشخص في إنجاز المشروع.
- المراجع وجهات التواصل ذات الصلة؛ تذكر أنَّ معظم المشاريع تشمل عدة أشخاص.
2. الثقة أمرٌ ضروري:
ما مقدار ثقتك في هذا الشخص الذي ينجز المهمة؟ إذا لم تكن تثق تماماً في أنَّه سيساعدك، فلا تفوضه بالعمل، فإما أن تعثر على شخص تثق به لتولي المهمة، أو تسلمه قسم من المشروع بحيث يكون قادراً على معالجته؛ وإذا لم يكن أي من هذين الخيارين جيداً، فقد تحتاج إلى إكمال المهمة بنفسك.
3. تقديم الموارد التي يحتاجون إليها:
ما الأدوات التي يحتاجها الشخص الذي تقوم بتفويضه لإنجاز المهمة التي حددتها له؟ إذا لم تزوده بالأشياء التي يحتاج إليها، فلا يمكنك إلقاء اللوم عليه لعدم تحقيق ما تريد، كما يمكن أن تتنوع الموارد؛ لذا فكِّر في:
- الموارد المالية: هل تتطلب المهمة التي تقوم بتفويضها شيئاً يجب شراؤه؟ إذا كان الأمر كذلك، فتأكد من إعطاء زميلك الأموال اللازمة للشراء.
- الموارد البشرية: الأشخاص المختلفون بارعون في أشياء مختلفة؛ فإذا كان الشخص الذي تقوم بتفويض المهمة إليه لا يمتلك كل المهارات المطلوبة، فهل هناك أشخاص آخرون يمكنك الاعتماد عليهم؟ يجب أن تدرك أنَّك الشخص الذي يقوم بإسناد المهمة وأنَّك تقع أيضاً ضمن الفئة التي ستقدم المساعدة، فهل ستكون متاحاً للإجابة عن الأسئلة فور ظهورها؟
- موارد المعلومات: هل زودت الشخص الذي تقوم بتفويضه بجميع التفاصيل التي سيحتاجها لإنجاز المهمة؟ اكتب قائمة بالتعليمات والتوقعات والملاحظات الأخرى التي قد يحتاج إليها.
- الموارد العملية والمادية: إذا كنت لا تتوقع أن يشتري الشخص الذي تعمل معه كل ما سيترتب على المشروع من مسلتزمات، فستحتاج إلى توفير بعضها؛ فإذا كنت تطلب منه تنظيم بعض الوثائق، فهل أعطيته جميع المستندات؟ وإذا كنت تريده أن يمثل شركتك، فهل يمتلك زيَّاً موحد مخصصاً لذلك؟ وهل لديه مكتب ومساحة مكتبية للعمل ضمنها؟
4. توفير الحافز:
ما هو الحافز الذي يجب أن توفره للشخص الذي تقوم بتفويضه للقيام بعمل جيد، ناهيك عن إنجاز المهمة أساساً؟ في بعض الحالات، قد يكفيه احترامك وتقديرك، وفي حالات أخرى، تحتاج إلى منح بعض المكافآت.
من الهام ملاءَمة المهمة المعنية مع المكافأة التي ستقدمها، فأنت لن تشتري سيارة جديدة لشخص ما لأنَّه قام بغسل الأطباق من أجلك؛ ومن نفس المنطلق، لا يمكنك أن تتوقع من مطور البرامج قضاء عشرات الساعات في إنشاء تطبيق من أجلك مقابل 50 دولار فقط.
اسأل ما نوع التعويض الذي يتوقعه الشخص الذي تقوم بتفويض المهمة إليه، وإذا كانت إجابته لا تناسبك، سيتعين عليك الوصول إلى حل وسط إذا كنت ترغب في الحفاظ على علاقة عمل جيدة مع هذا الشخص.
5. ترك التفاصيل لهم:
لا شيء يقتل الحافز والثقة مثل الإدارة التفصيلية؛ إذ في استطلاع أجرته شركة أكاونتيمس (Accountemps) للتوظيف، ذكر أكثر من ثلثي الأشخاص الذين أُجري معهم الاستطلاع أنَّ ذلك يضر معنوياتهم؛ فإذا كنت تتوقع أن يُنَفَّذ شيء ما بطريقة معينة، فوضح ذلك في موجز المشروع، وإذا لم تتمكن من شرح ما يدور في ذهنك بالضبط، فقد يكون من الأفضل لك أن تفعل ذلك بنفسك.
إذا كان بإمكانك شرح ما تبحث عنه كتابةً، وأخبرك زميلك في الفريق أنَّه يفهم فكرتك، فثق به للقيام بذلك، ولا تكن الشخص الذي يعطي نصيحة أو نقداً غير مرغوب فيه بمجرد بدء العمل.
6. تقسيم المهام الكبيرة إلى مهام أصغر:
لا يعني التفويض أن تطلب من شخص آخر القيام بكل شيء من أجلك، حيث يتعلق الأمر بالاستعانة بمصادر خارجية في مجالات خارجة عن نطاق خبرتك أو ضيق الوقت.
لتقسيم المشاريع الكبرى، فكر أولاً في الصورة العامة: ما هو هدفك؟ كيف يجب أن يبدو المنتج النهائي؟ ثم أحضر قطعة من الورق، وحدد الخطوات الرئيسة التي تحتاجها للوصول إلى هذا الهدف؛ جرِّب تقسيم العمل إلى (3-15) خطوة، وضع في اعتبارك الترتيب الذي يجب أن تكتمل به تلك الخطوات، ففي بعض الأحيان قد لا يكون هذا الأمر واضحاً؛ فمثلاً هل يجب أن تبدأ بتحضير المقبلات أولاً، أم تعطي الأولوية لوضع الطبق الأساسي في الفرن، مع العلم أنَّه يحتاج إلى الطهي لمدة ساعة على الأقل؟ فكر في ترتيب وطبيعة كل مهمة فرعية عند تحديد ما يجب تفويضه.
قد لا ينبغي لك تفويض مهمة يجب القيام بها في أسرع وقت ممكن، ولكن إذا كان ذلك خارج قدراتك الأساسية، فقد تحتاج إلى ذلك.
7. توضيح العواقب:
ماذا يحدث إذا أخفق الشخص الذي فوضت إليه مهمةً ما؟ هل ستتغاضى عن ذلك وتدفع له على أي حال؟ إذا فعلت ذلك، فأنت تشير إلى أنَّك غير مهتم بمساهمته، وذلك لا يُظهِر عدم احترام للشخص الذي تعمل معه فحسب، وإنَّما يُخفِّض سقف التوقعات في أثناء أداء المشاريع المستقبلية.
وكما هو الحال بالنسبة إلى الحوافز، من الهام مواءمة النتائج مع طبيعة المشكلة، لذا يجب أن تكون أكثر وضوحاً في تعليماتك، ولا تعاقب الشخص الآخر؛ حيث تقع معظم العواقب ما بين التنبيه بلهجة خفيفة أو التصرف بطريقة مباشرة؛ لذا تصرَّف بحُسن نيَّةٍ مع الآخرين، ولا تكن لئيماً؛ فتفويت الموعد النهائي في العمل يستحق تحذيراً شديد اللهجة، وليس طرداً؛ ومع ذلك قد تتطلب مشكلات المواعيد النهائية المتكررة تخفيضاً في الأجور أو المسؤوليات.
8. توفير الدعم:
سواءٌ كنت في العمل أم في المنزل، فأنت في نفس الفريق مثلك مثل الشخص الذي تفوض إليه العمل، ويجب أن تفهم أنَّ العقبات تحدث، وتبذل قصارى جهدك لمساعدة الشخص في التغلب عليها، ومع ذلك توفير الدعم لا يعني أن تبقى بالقرب من الشخص طوال الوقت، وإنَّما التعامل مع الأخطاء على أنَّها تجارب تعليمية، وهذا يعني الترحيب بمساهماتهم، وتوفير المزيد من الموارد إذا لزم الأمر، وتقديم تغذية راجعة عند اكتمال المهمة.
9. أخذ التغذية الراجعة على محمل الجد:
عند الحديث عن التغذية الراجعة، تذكر أنَّها سلاح ذو حدين؛ فبالإضافة إلى إعطاء نصائح للأشخاص الذين قمت بتفويضهم عند اكتمال المشروع، شجِّعهم على اقتراح طرائق من الممكن استخدامها للقيام بعمل أفضل، كما يجب أن تدرك أنَّ آليات العمل الفعالة قد لا تشجع زميلك في الفريق لمنحك كل ما لديه، ولتُظهِر أنَّه لا بأس في التحدث؛ يمكنك قول:
- ما الذي كان بإمكاني فعله بشكل أفضل في هذا المشروع؟
- هل ساعدتك على النجاح؟
- كيف يمكنني تسهيل عملك في المرة القادمة؟
- ما هو أكبر خطأ ارتكبته هنا؟
ومع ذلك، فإنَّ طلب التغذية الراجعة ليس سوى بداية ناجحة؛ فإذا كنت تريد أن يتحدث زملاؤك في الفريق عن الأشياء الجيدة والسيئة والقبيحة في كل مشروع، فأنت بحاجة إلى وضع اقتراحاتهم موضع التنفيذ، وإذا لم تفعل ذلك، فأنت تخبرهم بأنَّك لا تُقدِّر ما سيقولونه.
الخلاصة:
يعد التفويض أحد أصعب المهارات الإدارية للوصول إلى ما تريده؛ وتماماً مثل أعضاء الفريق، لن تقوم بذلك بشكل صحيح في كل مرة؛ لذلك تعلَّم طريقة التعاون بفاعلية أكثر، وستصبح مفوضاً أفضل في هذه العملية.
أضف تعليقاً