في الواقع، يغيِّر الكثير من الأشخاص وظائفهم بعد سنوات من بلوغهم سن الرشد؛ وذلك لأنَّهم يشعرون بالإحباط من اختياراتهم الأساسية، أو يدركون أنَّ مواهبهم تلائم أكثر بعض المجالات الأخرى، مهما كان السبب، فإنَّ جميع العاملين الذين يُغيِّرون وظائفهم عادة ما يشعرون بالخوف؛ حيث يبدو لهم أنَّ تغيير الوظيفة في منتصف العمر أمر مستحيل.
إليك الحقيقة، ولا داعي للقلق أو التوتر؛ حيث يمكنك اختيار مهنة والعمل بها عملاً احترافياً، عليك فقط اتخاذ خطوات لزيادة فرص النجاح العاطفي والفكري والمالي.
1. التوقف عن السعي وراء حياتك المستقبلية بشروط اليوم:
يقول جاسون جاجارد (Jason Jaggard)، مؤسس شركة التدريب التنفيذي نوفوس جلوبال (Novus Global): "لا تُضع الوقت في اكتشاف كيفية العيش وفقاً لشروطك، لأنَّك أنت بالفعل تقوم بذلك دون أن تدرك".
حياتك هي التعبير المثالي عن شروطك الحالية، فقبل أن تكون ناجحاً بشروطك الخاصة، ستحتاج أولاً إلى تحسين شروطك الحالية؛ لذلك، حدد سبب بقائك في وظيفتك حتى هذه اللحظة، ولماذا ترغب في تغييرها الآن، وما هو الراتب الذي ترغب به لتغييرها.
على سبيل المثال، قد تعمل في وظيفة من التاسعة إلى الخامسة وتحصل على أجر ما، لكن ما الذي حصلت عليه من هذه الوظيفة؟ إذا حصلت على الأمن الوظيفي فسيكون هو أحد شروطك الحالية، لكن ربما هذا ليس ما تريد تغييره، لذلك حدد شروط العمل التي ترغب في تغييرها وتأكد أنَّك ستحصل عليها في وظيفتك الجديدة.
2. تجربة مجموعة من الوظائف:
قبل أن تتورط في اختيار مهنتك، تأكد من أنَّها تُحقِّق أحلامك؛ لذا تصرف مثلما فعل مُقدِّم البرامج سايمون كاول (Simon Cowell)؛ جرب مجموعة من الوظائف، وكأنَّك تتذوق عدداً من نكهات الطعام؛ أي ضع أمامك وظائف متعددة ثم ابحث عن تفاصيل كل وظيفة.
على سبيل المثال، يمكنك أن تطلب المساعدة من شخص في الوظيفة نفسها، أو أن تجري مقابلة مع شخص على موقع لينكد إن (LinkedIn) حتى لو كان شخصاً غريباً، فهناك دائماً أشخاص على استعداد تام لتقديم المساعد.
سيساعدك تقييم عدد من الوظائف على الشعور بالرضا تجاه خطواتك القادمة، وآخر شيء يجب التفكير فيه هو افتراض أنَّ وظيفتك الأولى هي مسارك النهائي، لتكتشف أنَّك كنت مخطئاً، فهذا مثل الزواج من فتاة بعد اللقاء الأول؛ لذا اسمح لنفسك بالتفكير أكثر، ولا تلتزم بأي اختيار مهني محدد حتى تُجرِّب خيارات عديدة.
3. تحديد هدف كبير:
لدى كل شخص يعمل أو يبحث عن عمل هدف كبير يعمل على الوصول إليه، هدفٌ يُشعِر بنشوة النصر حين تحقيقه.
يوصي جواد أحسن (Jawad Ahsan)، في كتابه المُصنَّف ضمن قائمة الكتب الأكثر مبيعاً "ما لم يخبروني به" (What They Didn't Tell Me) قائلاً: "أنت بحاجة إلى تحديد هدف كبير كدليل لك، وبمجرد تحديده، يمكنك السير بتسلسلٍ عكسيٍّ ضمن المسار الذي قادك إلى إحراز ذلك الهدف، والتركيز على التجارب التي تحتاجها للبقاء على مسارك الصحيح؛ لذا تستطيع الحصول على مساعدة من المنتورز الصادقين".
إذا كنت تواجه صعوبة في تحديد هدف كبير تخيل نفسك بعد ثلاث سنوات من الآن وكيف ستبدو حياتك.
لا تشوِّش ذهنك في وظائف معينة؛ فقط كن منفتح الذهن، فإذا كنت تريد أن تصبح مديراً أو تعمل باستقلالية؛ فكن مبدعاً وساعد الناس على حل المشكلات الكبيرة أو الصغيرة، وبذلك تُحدِّد هدفاً كبيراً.
4. الاستمرار في وظيفتك الأساسية:
لا تفكر في ترك وظيفتك عندما تتحمس لفكرة تغيير مهنتك؛ وذلك لأنَّك ستواجه المصاعب، حيث سيكون من الصعب للغاية أن تشرح لمدير التوظيف الجديد سبب تركك لوظيفتك فجأة، وقد يراك تُشكِّل خطراً على الشركة، وهذه ليست نظرة جيدة.
قد تترك وظيفتك لسبب ما أو تُفصَل منها، لذلك سيكون لديك على الأقل دخل آخر، وما توفِّره الآن من دخلك سيمنعك من القلق إذا خُفض راتبك مؤقتاً في وقت لاحق، وفي بعض الأحيان، يتطلب الوصول إلى هدفك الكبير تجاوز بعض المنعطفات كالعودة إلى مقاعد الدراسة أو العمل في وظائف أقل أجراً.
5. تجريب العمل الإضافي:
اكتشف العديد من الأشخاص أنَّ العمل الإضافي ليس مجرد وسيلة لكسب راتب إضافي في أثناء العمل بدوام كامل؛ حيث إنَّها طريقة فعالة ولن تؤثر في وظيفتك الأساسية.
فكر بهذا: أنت تُفضِّل العمل في إصلاح السيارات القديمة لكسب النقود، ولكنَّك تعمل حالياً كمحاسب وعائلتك تعتمد على دخلك لتغطية النفقات؛ لذا يمكنك أن تبدأ عملاً إضافياً صغيراً في إصلاح مركبات أصدقائك في مرآب منزلك.
وبمرور الوقت، ستنتقل من شخص غير ناجح إلى شخص ناجح؛ حيث يمكن أن تساعدك مواقع الويب، كالتسويق الإلكتروني، والإعلانات الرقمية، وقد تحصل على الكثير من العملاء، وإذا تمكنت من الوصول إلى نقطة تحوُّل في حياتك، فيمكنك قلب الأمور لصالحك، فربما تلتزم في العمل كمحاسب خلال موسم الضرائب ولكنك تُصلِح السيارات بقية الوقت.
6. البدء بالعمل بطريقة أكثر نشاطاً لاكتساب الخبرة:
إذا كانت وظيفتك الجديدة مختلفة عن اختصاصك في وظيفتك الحالية فستحتاج إلى خبرة جديدة، ولحسن الحظ، أنت تعيش في عالم افتراضي، وهذا يعني أنَّه يمكنك متابعة دورات عبر الإنترنت من مؤسسات وجامعات مرموقة، فبعض الدورات وورش العمل مجانية أو ذات تكلفة بسيطة، فعندما تعمل على تحسين مهاراتك، تعزز سيرتك الذاتية.
وعندما تبدأ تحسين قدراتك ومستوى تعليمك، ابدأ في توسيع شبكتك معارفك أيضاً؛ على سبيل المثال، ابدأ بالتواصل مع الأشخاص في المجالات التي تهتم بها على موقع لينكد إن (LinkedIn)، ولا تقلق من التواصل مع أشخاص لا تعرفهم ومراسلتهم للحصول على المزيد من الخبرة في مجالات مختلفة فهم لن يرفضوا مطلقاً.
7. التحلي بالصبر في أثناء العمل على تغيير وظيفتك:
قلة الصبر هي إحدى أهم الأسباب التي تجعل الموظفين يفقدون ثقتهم عند محاولة تغيير وظائفهم في سن الثلاثين؛ فقد تشعر أنَّ الانتظار لشهور أو سنوات للحصول على ما تريد أمرٌ صعب؛ لذلك عليك أن تحافظ على دوافعك (ولا تسمح أن يتحكم الأشخاص السلبيون بعالمك).
يُفضِّل بعض الأشخاص الاحتفاظ بمذكرات عن أعمالهم اليومية، وهذا يجعلهم يركزون على الأهداف الأكثر أهمية؛ حيث يسجلون حرفياً شغفهم حتى لا يفقدو الثقة، فإنَّ تركك وظيفتك الأساسية يتطلب الكثير من القوة الداخلية؛ لذلك أحط نفسك بالأشخاص الداعمين كالعائلة والأصدقاء وابتعد عن الناس السلبين.
8. ادِّخار بعض المال:
عندما تبدأ حياتك المهنية في أوائل العشرينات من عمرك، فلن تهتم براتبك الوظيفي؛ حيث لا يترتب عليك سوى دفع بعض الفواتير، وغالباً ما تكون لا تملك منزلاً أو سيارة، لكنَّ تغيير وظيفتك في الثلاثينيات من العمر هو أمرٌ مختلف تماماً، فقد يصبح لديك التزامات مالية كبيرة: زواج وأطفال، أو فواتير الخدمات، أو أقساط المدارس؛ لذلك ادَّخر بعض المال عندما تفكر في تغيير مهنتك.
شاهد بالفيديو: كيف تضع ميزانية تساعد على الادّخار؟
9. مشاركة قرارات تغيير وظيفتك مع الآخرين:
إنَّ اتخاذ قرارات جيدة لوحدك أمرٌ صعب؛ وذلك لأنَّك على الأرجح ستُغفِل شيئاً ما، فيمكنك مشاركة قرارات تغيير حياتك المهنية مع الأصدقاء المقربين أو أفراد عائلتك؛ اشرح لهم ما تريد القيام به، واستمع إلى ردودهم ووجهات نظرهم، قد يكون لديهم بعض الملاحظات أو الأفكار الرائعة التي لم تفكر فيها أبداً.
وقد يحاول بعض الأشخاص ثنيك عن تغيير وظيفتك، فلا تستهن بكلامهم؛ بل اصغِ لهم، قد يقدموا لك بعض النصائح التي يمكنك الاستفادة منها، وستُقدِّر قيمتهم عندما يشاركونك نجاحاتك.
الأفكار الأخيرة:
حياتك رحلةٌ تحدد معالمها احتياجاتك ورغباتك، فإذا كنت تقترب من سن الـ 30 عاماً وتشعر بأنَّك غير مرتاح بوظيفتك، جرِّب أن تخطو خطوةً مختلفة، وسيخفف عنك وطأة ذلك جميع الناس الذين خاضوا هذه الرحلة قبلك.
أضف تعليقاً