8 نصائح لتقوية حدسك والاستفادة منه

بالتأكيد يمكنك التفكير في كيفية حل مشكلة، لكن ماذا عن معرفة الطريقة الأنسب لحلها، فالحدس أيضاً عبارة عن مهارة يمكنك تعلُّمها مدى الحياة؛ إذ تُظهر الدراسات أنَّ الإفراط في التفكير يمكن أن يضر جداً بعملية صنع القرار لدينا، وبدلاً من الإفراط في التفكير، يجب علينا أن نعتمد على حدسنا إلى حدٍّ ما.



في هذا المقال ستجد بعض الأفكار الرائعة عن كيفية استخدام حدسك لاتخاذ قرارات أفضل في العمل والحياة.

ما هو الحدس؟

الحدس هو شعورك الداخلي ومعرفتك البديهية دون تأثير من العوامل الخارجية، وعندما نقول إنَّ شخصاً يمتلك حدساً فنحن نعني أنَّه يبقى مركِّزاً على الرَّغم من مصادر التشتيت، ومن ثمَّ فهو يعرف ما يريد بالضبط من الحياة.

يمكن أن يكون الحدس أيضاً مهارة أساسية في مجال الأعمال، كما قال رائد الأعمال الراحل "ستيف جوبز" (Steve Jobs) في مذكَّراته: إنَّ الحدس شيء قوي جداً وأقوى من التفكير، وإنَّ الحدس كان له تأثير كبير في عمله. فالحدس مهارة قابلة للتعلُّم على عكس ما يعتقده بعض الناس؛ إذ يمكن تطويره من خلال التدريب واستخدام بعض المبادئ الأساسية.

كيف تثق بحدسك وتستفيد منه؟

1. أنصت لنفسك:

كل شخص لديه بوصلة داخلية، وعندما نواجه موقفاً يتطلَّب منا الاختيار من بين احتمالات عدة فقد يحثُّنا حدسنا في اتجاه معيَّن، ومع ذلك غالباً ما نتجاهل بوصلتنا الداخلية لإرضاء الآخرين، أو ربما لأنَّنا غير معتادين على الإنصات لحدسنا، على سبيل المثال: فلان موظف في مكتب ويذهب كل يوم إلى العمل، ولكنَّه لا ينسجم مع رئيسه وزملائه في العمل، وهو سعيد براتبه والمزايا الرائعة، ولكنَّه يتساءل عما إذا كان عليه أن يجد وظيفة جديدة.

والسؤال الذي يطرح نفسه: هل يستمع هذا الشخص في مثالنا لصوته الداخلي؟

لو أسقطنا هذا المثال على حالات مشابهة، يمكن لنا أن نقول إنَّه من أجل أن تعرف الأسباب الحقيقية وراء مثل هذه الأفكار، فمن الضروري أن تكون واعياً بنفسك من خلال منح نفسك الوقت الكافي، ويجب أن تعطي لنفسك الفرصة من أجل الإصغاء إلى حدسك، فإذا كنت دائم الانشغال فلن تتمكَّن من الاستماع لهذا الصوت الداخلي.

يمكن تحقيق ذلك من خلال هذه النصائح:

  1. مارس تمارين التنفس لبعض الوقت خلال كل ساعة من اليوم.
  2. استمع لأغنية واحدة دون فعل شيء آخر.
  3. حاول تهدئة نفسك عندما تنظف أسنانك، أو العد مدة دقيقتين.
  4. تناول وجبة الطعام بصمت تام دون الالتفات لأي مصدر من مصادر التشتيت.
  5. اجلس وراقب النجوم أو الغيوم.

2. انتبه إلى إشارات لغة الجسد الخاصة بك:

جسدك لديه استعداد طبيعي ليعكس مشاعرك الداخلية، قد يسترخي جسدك أو يتشنَّج بناءً على كيفية إدراك عقلك لشيء ما في محيطك، وهذا ما نراه باستمرار، فقد تشير لغة الجسد لدى شخص ما إلى أنَّه يرفض شخصاً آخر عن طريق تدوير جذعه باتجاه معاكس لاتجاه هذا الشخص أو عقد الذراعين قبل أن يتفوَّه هذا الشخص بكلمة حتى.

للاستفادة من حدسك راقب كيف تتغيَّر لغة جسدك مقدمةً لك العديد من العلامات، مثل:

  1. لغة الجسد الصريحة، وتتضمَّن إشارات مثل، توجيه الجذع نحو شيء ما، والابتسام والانحناء إلى الأمام، وكلها إشارات على أنَّك مواقف وأنَّ حدسك يقول نعم.
  2. لغة الجسد المغلقة، وهي بخلاف الأولى؛ إذ يشير تصالب الذراعين أو الشفاه المزمومة أو الانحناء إلى الخلف إلى أنَّ حدسك يقول لا.

3. تأمَّل في الماضي:

حاول أن تتذكَّر متى استمعت لحدسك، وكيف علمت أنَّك استمعت له؟ وبالمقابل، يمكن أن تسأل نفسك خلاف ذلك، متى لم تستمع لحدسك؟ إذ إنَّ طرح هذه الأسئلة الهامة على نفسك من خلال التأمُّل في ماضيك يمكن أن يساعد على اكتشاف اللحظات الحاسمة التي ظهر فيها حدسك.

4. سمِّ العواطف الغامضة:

يمكن أن تكون العواطف معقدة، ويمكن للعواطف القوية أن تغيِّب حدسنا، خاصةً عندما نتصرف باندفاع، لكن في إمكانك تسهيل الأمور إذا أطلقت اسماً على الشعور، وإذا أمكنك تجسيده فهذا أفضل، فمثلاً يمكنك تخيُّل الغضب على شكل جندي متحمِّس جداً لإنجاز الأشياء، أمَّا القلق يمكن تخيُّله بصورة فتاة مجنونة تثرثر كثيراً.

قد يبدو هذا سخيفاً، ولكنَّنا في الواقع نقوم بهذا طوال الوقت، ويُسمَّى هذا النشاط الذهني بالتجسيد، وتُظهر الدراسات أنَّ هذا النشاط يمكن أن يساعد على تخفيف الشعور بالوحدة وتعزيز التواصل الاجتماعي.

5. تعرَّف إلى صفات شخصيتك من خلال إجراء اختبار تحليل الشخصية:

نحتاج أحياناً بعض الوقت للتعرف إلى أنفسنا بطريقة أفضل، وفي هذه الحالة قد يساعد اختبار الشخصية، لكن يجب أن تعرف أي اختبار تختار، ونحن ننصحك باختبار الشخصيات الخمسة الأكبر؛ إذ يقيس هذا الاختبار خمسة معايير مثبتة علمياً:

  1. الانفتاح، ويعني هنا مدى انفتاحك على تجارب جديدة.
  2. الضمير، وهذا العنصر يقيس مدى تحكمك بدوافعك.
  3. الاجتماعية، وهذا يعني أنَّك تكتسب الطاقة من خلال العلاقات الاجتماعية.
  4. الوفاق أو كيف تتقبَّل أفكار الآخرين.
  5. العصابية، مقياس مدى تصالحك مع نفسك.

إذ يساعد التعرُّف إلى شخصيتك في عملية توجيه صناعة القرار.

شاهد: 10 حقائق قد لاتعرفها عن العقل البشري

6. ابنِ المزيد من الجسور العقلية:

القدرة على ربط الأفكار المختلفة التي تبدو غير مترابطة هي قدرة يتمتع بها الأشخاص الذين يتبعون حدسهم، فكلما زادت قدرتك على ربط الأفكار معاً، ازداد حدسك قوةً في الأحداث الجديدة؛ إذ تعمل الجسور العقلية من خلال اكتساب المزيد من المعرفة، ويساعدك تعلُّم أشياء مختلفة على بناء مزيد من هذه الجسور على الأمد الطويل، ويساعد أيضاً على تقوية حدسك.

لذلك، انفتح على تجارب تعليمية جديدة، مثل ممارسة هواية جديدة، أو تعلُّم شيء جديد، أو قراءة نوع من الكتب لم تكن تقرأه سابقاً، وباختصار كلما تعلمت أشياء جديدة، بنيت مزيداً من الجسور.

7. قلِّب عملة معدنية في الهواء:

إليك هذه النصيحة التي يمكنك تجربتها إذا كنت تواجه قراراً صعباً، أخرِج عملة معدنية وقلِّبها في الهواء، إذ يمِّثل أحد وجهيها قراراً، ويمِّثل الوجه الآخر قراراً آخر، ففي أثناء رمي العملة في الهواء لاحظ ما تشعر به، فقد تشعر أنَّك تتمنى أن تحصل على وجه دون الآخر، وعادةً ما يكون هذا الخيار هو الخيار النابع من حدسك.

8. وظِّف التصور للتعرف إلى الخيار المتوافق مع حدسك:

لنفترض أنَّك تواجه قراراً صعباً يتعلق بإجراء محادثة صعبة مع زميلك في السكن بشأن شيء قام به وأزعجك، وقد قلَّلت الاحتمالات بحيث اقتصرت على الآتي:

  1. تواجهه بحقيقة أنَّك تعلم بحقيقة ما قام به، وتوضِّح له انزعاجك.
  2. تلمِّح له بذلك عن طريقة رسالة تلصقها في مكان يراه.
  3. تتجاهل الموضوع تماماً، محاولاً تجنُّب مواجهته مطلقاً.

تخيَّل ما سينتج عن كل واحد من هذه الخيارات، وهل يوجد خيار يحقِّق نتيجة أفضل من الباقي؟

فمع أنَّ هذه العملية لا تتطلَّب جهداً فكرياً عظيماً إلا أنَّها قد تساعدك جداً على معرفة أي قرار بالنسبة إليك هو قرارك الحدسي من خلال معرفة النتيجة الأكثر ملاءمة.

العلم الكامن وراء الحدس:

وَفقاً لاستطلاع بعنوان "القرارات الكبرى" الذي أجرته شركة "برايس ووترهاوس كوبرز" (PwC’s) لأكثر من 1300 من كبار المديرين التنفيذيين، فقد وُجِد أنَّ 30% من كبار المديرين التنفيذيين يعتمدون اعتماداً كبيراً على الخبرة أو الحدس، مقابل 29% من المديرين الذين يعتمدون اعتماداً كبيراً على البيانات عندما يتعلَّق الأمر باتخاذ القرار.

يعرف معظم كبار المديرين التنفيذيين أنَّ اتخاذ القرار الصائب هو مفتاح إدارة الشركة الناجحة، وهذا ما يقوله أحد كبار المديرين التنفيذيين "جيف بيزوس" (Jeff Bezos): "المطلوب منك بصفتك مديراً تنفيذياً كبيراً هو اتخاذ بضعة قرارات فعالة"، ويمكن أن يساعدك تعلُّم الاستفادة من حدسك على تحسين قراراتك على صعيد العمل بشكل كبير.

في إحدى الدراسات، حاول الباحثون معرفة ما إذا كان يمكن قياس الحدس، وأقاموا هذه التجربة:

  1. عُرض على 20 طالب جامعي صوراً بالأبيض والأسود لنقاط تتحرَّك في اتجاه واحد على شاشة الكومبيوتر، وطُلب منهم تخمين ما إذا كانت النقاط تتحرك نحو اليمين أو اليسار.
  2. على الجانب الآخر من الشاشة رأى الطلاب مربعات ملونة برَّاقة ووامضة.
  3. من حين لآخر تومض الصورة لفترة وجيزة جداً على الجانب الملون من الشاشة الذي يحتوي على صورة تثير إمَّا عاطفة سلبية أو إيجابية - مثل صورة جرو للعاطفة الإيجابية وبندقية للعاطفة السلبية - والغاية من هذه الصور أن تكون جزءاً من المعلومات المتصورة لاشعورية ومثيرة للحدس لدى المشاركين.

كانت النتيجة أنَّ المشاركين الذين عُرضت عليهم صور إيجابية اتخذوا قرارات أسرع وأكثر دقة، وكانوا أكثر ثقة في قراراتهم.

شاهد أيضاً: كيفية تدريب العقل على التخاطر الذهني

ثق بحدسك:

هل يمكن أن يُخطئ حدسك؟

بالطبع، وذلك بسبب التحيُّز المعرفي، على سبيل المثال، إذا كنت مقتنع بشدة أنَّ شريكك العاطفي سيتركك، فقد تبدأ برؤية شيء في سلوكه يؤيد ما تعتقده، مثل قضائه لمزيد من الوقت مع أصدقائه أو الرسائل النصية على جواله من أرقام غير معروفة، فقد تعني هذه السلوكات شيئاً ما، لكن في نفس الوقت يمكن أن تكون مجرد وسيلة يتبعها عقلك لتجميع أكبر قدر مُمكن من المعلومات التي تدعم اعتقادك الذي تبنيته مسبقاً.

على سبيل المثال، غالباً ما يشعر المتسابقون في برامج الألعاب أنَّ اختيارهم صائب ومع ذلك يكونون مخطئين في كثير من الحالات، لكن يمكن معرفة ما إذا كان حدسك مصيباً أو مخطئاً من خلال التدريب والمعرفة العميقة بذاتك.

ماذا يحدث عندما تتجاهل حدسك بالكامل؟

فيما يأتي بعض المشكلات التي يمكن أن تنشأ من تجاهل حدسك:

  1. إرضاء الناس على حساب راحتك.
  2. مواجهة مشكلة في تحديد الحدود الخاصة بك.
  3. فقدان الشعور بالحماسة تجاه الحياة.
  4. مواجهة صعوبة في التفاعل مع الآخرين.
إقرأ أيضاً: هل يجب أن نثق بشعورنا الغريزي عند اتخاذ القرارات؟

ما هو الفرق بين الحدس والغريزة؟

الغريزة هي نزعة طبيعية، مثل غريزة تناول الطعام أو تجنُّب الحشرات الضارة، أمَّا الحدس هو المعرفة المكتسبة ويتراكم خلال حياة الشخص.

ما معنى شخص حدسي؟

يمكن وصف الشخص الحدسي بأنَّه متعاطف وقارئ للأفكار، ويمكن للأشخاص الحدسيين في كثير من الأحيان معرفة ما يشعر به الآخرون، ولديهم إحساس بما يجب فعله في موقف معيَّن.

ويمكن للأشخاص الحدسيين أيضاً أن يكونوا بارعين ليس فقط في مهارات التعامل مع الناس وفي غيرها من المهارات، وقد يكون مثلاً لدى عازف غيتار حدسي فهم جيد في عمل الأوتار، ويكونوا قادرين على سماع صوت النوتات الموسيقية حتى قبل عزفها.

إقرأ أيضاً: كيف يساعدك الحدس على اتخاذ القرارات المعقدة في عالم الأعمال؟

ما هو مصدر الحدس؟

يأتي الحدس من الخبرة المكتسبة طوال الحياة، وكلما كان الشخص قادراً على التعلُّم من تجاربه واكتساب نظرة ثاقبة من خلالها، زادت قوة حدسه.

في الختام:

ملخص للنصائح التي تساعدك على تقوية حدسك والاستفادة منه:

  1. استمع لصوتك الداخلي، وحاول قضاء بعض الوقت بمفردك في التأمل، أو الذهاب في نزهة بعيداً عن الضوضاء.
  2. انتبه للغة جسدك؛ إذ تعني لغة الجسد الصريحة عموماً الموافقة، في حين تشير لغة الجسد المغلقة إلى خلاف ذلك.
  3. فكِّر في الماضي وفي المواقف التي استمعت فيها لحدسك والمرات التي لم تستمع فيها لحدسك وكيف اتخذت قراراتك.
  4. عرِّف مشاعرك من خلال تسميتها، فتصنيف مشاعرك يمكن أن يساعد على ترتيب أفكارك والكشف عن أفكارك المبنية على الحدس.
  5. أجرِ اختبار شخصية، مثل اختبار الشخصيات الخمسة الأكبر، لفهم شخصيتك فهماً أفضل.
  6. تعلَّم عن موضوعات مختلفة لتدريب عقلك على رؤية روابط بين موضوعات عدة.
  7. قلِّب عملة معدنية في الهواء لاتخاذ قرار صعب، وحاول أن تعرف رغبتك قبل أن تسقط العملة على أحد وجهيها.
  8. تصوَّر النتائج المختلفة للخيارات المختلفة، وحاول التعرُّف إلى الخيار الصحيح بناءً على النتائج التي تتصورها.

المصدر




مقالات مرتبطة