بالتأكيد، زادت جائحة كورونا من صعوبة الأمر؛ وذلك لأنَّنا نريد تجنب اتخاذ قرارات خاطئة في الوقت الذي نحاول فيه التأقلم مع الوضع الجديد غير الطبيعي. ومع ذلك، لا يتعلق الأمر بالوقت الذي تقضيه في اتخاذ قرار هام؛ وإنَّما في عملية اتخاذ القرار وفيما إذا كنت تستخدم طرائقَ فعالة؛ حيث سيضمن استخدام الطرائق المناسبة أيضاً عدم تراجعك بسبب الإرهاق الناتج عن اتخاذ القرار عندما تنخفض جودة اختياراتك بعد قضاء فترة طويلة في اتخاذ القرارات.
هل يجب أن تستمع إلى حدسك؟
سواءٌ كنت تتخذ قراراً بشأن الأمور الشخصية أم المهنية، فإنَّ معظم القرارات الهامة تلعب دوراً في تغيير حياتك ويجب التعامل معها بعناية، ولسوء الحظ، يعتمد معظم الناس على حدسهم في عملية اتخاذ القرار؛ حيث تعد ردود الأفعال التي تعتمد على الحدس ساحرة، وقد نحصل عليها إما عن طريق الخبرة المكتسبة بشق الأنفس أو يمتلكها القليل من الخبراء.
ومع ذلك، تُظهِر الأبحاث في علم الأعصاب الإدراكي والاقتصاد السلوكي أنَّ الطرائق غير المتحيزة، وليس تلك القائمة على الحدس، تحسِّن قدرة المرء على اتخاذ القرار، فنحن نمتلك الآن الكثير من الأدوات في عصر المعلومات لتساعدنا في اتخاذ القرار.
والسبب في أنَّ الحدس طريقة سيئة لاتخاذ القرار أنَّنا معرَّضون لارتكاب أخطاء خطيرة عند إصدار أحكام ناتجة عن الطريقة التي بُرمِجت بها عقولنا، وهذه الأخطاء هي ما يشير إليه علماء الاقتصاد السلوكي وعلم الأعصاب المعرفي بالتحيزات المعرفية.
من الجيد أنَّ الدراسات الحديثة في هذه المجالات بيَّنَت كيف يمكنك استخدام استراتيجيات واقعية للتعرف إلى هذه الأخطاء وحماية النفس منها.
8 طرائق فعالة لجعل القرارات الصعبة أسهل:
سواءٌ كنت على وشك اتخاذ قرار شخصي أم مهني، يمكنك اتباع الطرائق القائمة على البيانات والبحوث لتسهيل القرارات الصعبة، لاحظ أنَّ اتخاذ القرار الفعال لا يعتمد على الموهبة الفطرية أو الخبرة الشخصية المكتسبة بشق الأنفس؛ وإنَّما على الطرائق الفعالة القابلة للتدريس والتعلُّم.
يمثل كل من الانتقال إلى مدينة جديدة، أو طلب ترقية وعلاوة في الراتب، أو السعي إلى الحصول على شهادة في الدراسات العليا، أو اتخاذ قرار بشأن الارتباط - وكثيرٌ غيرها - قرارات هامة، ويمكنك بالتأكيد التراجع عن تلك القرارات إذا ارتكبت الأخطاء في أثناء إجراء تغييرات في حياتك.
ومع ذلك، يمكن أن يؤدي التشكيك في تلك القرارات إلى حدوث اضطرابات سيئة يمكن تجنُّبها تماماً إذا اتبعت هذه الطرائق الثماني الفعالة:
1. تحديد الاحتياجات لاتخاذ القرار:
يعد تحديد الاحتياجات لاتخاذ القرار أمراً هاماً جداً؛ وذلك لأنَّه يلفت انتباهك حتى لو لم يكن يوجد مشكلة خارجية تشير إلى أنَّك بحاجة إلى اتخاذ قرار صعب، أو عندما تشعر في البداية أنَّك بحاجة إلى اتخاذ قرارٍ بسيطٍ فقط، فلا تنسَ أنَّ الاعتماد على الحدس قد يجعل من غير المريح أيضاً الاعتراف بأنَّه يجب اتخاذ قرار صعب.
ضع في الحسبان أنَّ أفضل صانعي القرار يبادرون للاعتراف بالحاجة إلى اتخاذ قرار قبل أن يقعوا في أزمة شاملة، كما أنَّهم لا يسمحون لردود أفعالهم التلقائية أن تؤثر في قراراتهم.
ما سيساعدك على الاستفادة القصوى من هذه الطريقة هو الحرص على طرح الأسئلة المناسبة، ومن الشائع إضاعة الكثير من الوقت في محاولة تحليل المشكلة بالتوجُّه مباشرة إلى البيانات والاستنتاجات المستعجلة؛ سيساعدك التركيز على الأسئلة الجيدة على تجنب حدوث هذا الأمر.
2. الحصول على المعلومات المناسبة من مجموعة متنوعة من الأشخاص المطَّلعين:
يمكن أن تحصل على المعلومات من صديق أو زميل عمل أو منتور أو حتى شخص لا تربطك به أي علاقة وثيقة، طالما أنَّه يمتلك اطلاعاً واسعاً على تلك المسألة، وبالإضافة إلى ذلك، فإنَّ اعتمادك في تجميع البيانات على وجهات النظر الواعية فقط سيمنعك من الإفراط في استخدام البيانات غير الضرورية.
احرص على عدم تجاهل وجهات النظر التي لا تروق لك، ومع ذلك، تساعدك الآراء المتعارضة في الابتعاد عن الاعتماد على حدسك وتسمح لك برؤية أي حالات تحيز محتملة.
3. تحديد الأهداف التي تريد تحقيقها:
باستخدام المعلومات المناسبة التي جمعتها، حدد الأهداف التي تريد تحقيقها، وتصوَّر النتيجة المطلوبة من عملية اتخاذ القرار.
من الهام تحديد متى يكون قرارٌ يبدو بأنَّه لن يُتَّخَذ إلَّا مرَّةً واحدة علامة على وجود مشكلة خفية؛ لذا اجعل التعامل مع هذه المشكلات العميقة جزءاً من هدفك النهائي؛ حيث ستساعدك هذه الطريقة على تبسيط عملية اتخاذ القرار لأنَّها تساعدك على تحديد أهدافك بوضوح؛ مما يساعدك في تجنُّب التعامل مع الكثير من المعلومات.
4. وضع معايير لعملية اتِّخاذ القرار:
يساعدك وضع معايير لعملية اتخاذ القرار على تقييم الطرائق المختلفة التي ترغب في تحقيق النتائج المرجوة من خلالها، وإذا كان ذلك ممكناً، حدد المعايير قبل أن تلقي نظرة على اختياراتك، وتذكر أنَّ الحدس يؤثر في عملية صنع القرار من خلال دفعنا لتحقيق نتائج تتطابق مع غرائزنا؛ ومن ثم الحصول على نتائج أسوأ عموماً إذا لم تضع المعايير المناسبة قبل أن تفحص خياراتك.
5. وضع قائمة بالخيارات المحتملة التي يمكن أن تساعدك في تحقيق هدفك:
من الشائع جداً توفُّر عدد غير كافٍ من الخيارات عند التعامل مع القرارات الصعبة، لاسيما عندما تحتاج إلى معالجة المشكلات الأساسية، وأفضل طريقة لمعالجة هذا الأمر هي توفير المزيد من الخيارات التي تبدو بديهية بالنسبة إليك؛ لذا اسعَ إلى تحديد 5 اختيارات جذابة كحد أدنى.
وليكن في حسبانك أنَّ هذه الطريقة تشبه العصف الذهني، لذلك يجب تجنب الحكم على الخيارات حتى لو بدت غريبة، فنحن عندما نفكر في الأشخاص الذين واجهوا صعوبة في اتخاذ قرارات صعبة في حياتهم، سنلاحظ أنَّه عادةً ما تشمل أفضل الخيارات نقاطاً ناتجةً عن أفكارٍ مبتكرة.
6. فحص الخيارات وتحديد أفضلها:
تجنَّب الاكتفاء بالخيارات الأولى عند تقييم الخيارات، وبالإضافة إلى ذلك، ابذل قصارى جهدك لدراسة خيارك المفضل دراسةً مستفيضة، وكذلك تقييم كل خيار من خلال رأيك في الشخص الذي اقترحه عليك؛ سيقلل هذا من تأثير السياسات والعلاقات الداخلية في القرار بحد ذاته.
عند فحص خياراتك، تجنب اختيار تفضيلاتك الأصلية تلقائياً، وانظر إلى اختيارك المفضل بطريقة صارمة ومن زوايا عديدة، وبالإضافة إلى ذلك، ابذل قصارى جهدك لتقييم كل خيار بصورة منفصلة عن رأيك في الشخص الذي اقترحه، سيؤدي ذلك إلى تقليل تأثير الاعتبارات الذاتية والعلاقات في القرار نفسه.
7. تنفيذ الخيار الذي حددته:
يتطلب التنفيذ عصفاً ذهنياً دقيقاً وخيالاً، وتحتاج أيضاً إلى الحد من المخاطر وتعزيز المكاسب؛ وذلك لأنَّ الهدف هو التوصل إلى أفضل قرار ممكن.
للقيام بذلك، تخيل أنَّ اختيارك فشل بالفعل، وبعد ذلك، فكر في كل الأسباب التي أدت إلى فشله، ثم فكر في طريقة لحل تلك المشكلات ودمج تلك الحلول والحصول على خطة لتنفيذها.
الخطوة الثانية في هذه الطريقة هي تخيل أنَّ قرارك كان ناجحاً، وبعد ذلك، فكر في العوامل التي كانت سبباً في نجاحه، ثم أجرِ عصفاً ذهنياً يساعدك على تطبيق هذه الأسباب في الحياة، بما في ذلك ما توصلت إليه لتنفيذ تلك القرارات.
8. تقييم تنفيذ القرار ومراجعته أو صقله حسب الحاجة:
ضع مقاييس واضحة للنجاح بحيث يمكنك استخدامها في أثناء عملية التنفيذ، وتأكَّد دائماً من أنَّ تنفيذك يتوافق مع المقاييس أو يتجاوزها، أمَّا إذا كان لا يلبِّيها، فراجع عملية التنفيذ، وقد تحتاج إلى مراجعة القرار الأصلي بحد ذاته في بعض الحالات، وهذا ليس أمراً سيئاً، فقط عد إلى الطريقة المحددة التي تحتاجها لإعادة الفحص والبدء من جديد.
بعبارةٍ أشمل، قد تعيد النظر في هذه الطرائق الثماني، ويعد ذلك مجرد جزء من عملية صنع القرار ولا يعني أنَّه يوجد مشكلة في العملية.
على سبيل المثال، إذا كنت في مرحلة تحديد الخيارات ووجدت أنَّك بحاجة إلى إضافة بيانات جديدة مناسبة، فقد تحتاج إلى العودة وتغيير أهدافك ومعاييرك.
دعنا نخبرك بأنَّ هذه الأساليب مُجرَّبة، ويمكنك إضافة معلوماتٍ إليها في معظم الأحيان، وبعد استخدام هذه الأساليب عدة مرات، ستعتاد على التعامل مع كل قرار صعب بعقلية عملية وواقعية وسيصبح من السهل عليك اتخاذ القرار في النهاية.
شاهد بالفديو: 8 طرق تساعد على تغيير واقعك وتحقيق النجاح
الخلاصة:
لا تستخدم حدسك عند اتخاذ القرارات الصعبة، وتذكر بأنَّ ردود أفعالك التلقائية ليست طريقة جيدة لتقييم الأمور التي ستغير حياتك، وبدلاً من ذلك، طبِّق الأساليب المذكورة أعلاه والقائمة على الأبحاث والبيانات للتغلب على المتغيرات الصعبة في حياتك الشخصية والمهنية.
أضف تعليقاً