مما يستحقُّ الذِكر أنَّ مجلة "ساينتيفيك أميريكان" (Scientific American) نشرَت ورقةً بحثيَّةً مُقتبسةً من مجموعةِ نتائج توصَّلَ لها عالِمُ الاجتماع الأمريكي "مارك جرانوفيتر" (Mark Granovetter) عن أهميَّة العلاقات في تحقيق النجاح المهني، ووجدَ "مارك" أنَّ المعارفَ أهمُّ من الأصدقاء المقرَّبين في تحقيق النجاح المهني.
لأنَّ الدراسة أُجريَتْ على 20 مليون شخصٍ نشطٍ على موقع "لينكد إن" (LinkedIn) على مدار 5 سنوات؛ فقد كانت النتيجة غير القابلة للشك أنَّ علاقتك بمعارفك على هذا الموقع أكثرُ أهميَّةٍ من علاقتك بأصدقائك وأقاربك عندما تريد الحصول على وظيفة.
لذلك سنسردُ في هذا المقال 8 نصائحَ تُساعدك على تحقيقِ أكبرَ فائدةٍ من ملفك الشخصي على لينكد إن، سواء للحصولِ على وظيفةٍ، أم لتحقيقِ النجاح المهني.
8 نصائح للاستفادة من لينكد إن لتحقيق النجاح المهني:
1. استخدمْ صورةً شخصيَّةً وصورة غلافٍ واضحة وجذَّابة وتعبِّر عنك بصدق:
نقعُ كثيراً في خطأِ محاولة إخفاءِ عيوبنا على مواقع التواصل الاجتماعي، ولكنْ تشيرُ "هالة طه" (Hala Taha) المؤسِّسة والرئيسة التنفيذية لشركة "واي إيه بي ميديا" (YAP Media) إلى أنَّ كثيرين يقعون في خطأ تعيين صورة ملفٍّ شخصيٍّ غيرَ واضحةٍ، أو قديمةٍ، أو لا تبدو فيها وجوههم بوضوح، وتنصحُ "هالة" باختيار صورةٍ حديثةٍ، تُظهِرُ الوجهَ بالكامل من الأمام مع مراعاة الإضاءة الجيِّدة والتباين الواضح مع ألوان الخلفية.
كما تنصحُ "هالة" بإظهارِ بعض الإيماءات التي تعبِّر عن الودِّ، مثل إمالةِ الرأس قليلاً مع الابتسامة اللطيفة، ومن الأفضل وفق "هالة" أنْ يستعينَ الشخصُ بخدمات مصوِّرٍ فوتوغرافي وإجراء جلسة تصوير، فيمكنُك اختيار صورة من مجموعة الصُّور المُلتقَطة وتعيينها صورة ملفٍّ شخصيٍّ، إضافة إلى اختيار صوٍر أخرى لمشاركتها في صفحتك.
في السياق نفسه، ترى "راشيل سيمون" (Rachel Simon)، المؤسِّسة والرئيسة التنفيذية لشركة "كونيكت ذا دوتس ديجيتال" (Connect the Dots Digital) أنَّ صورةَ الغلاف يمكنُ أنْ تساعدَ بشكلٍ كبيرٍ على التَّرويج لأنفسنا على لينكد إن، وتقول: "من المُحتَمل أنْ يرغبَ مديرُ التَّسويق في شركتك بأنْ تضعَ إحدى الرسومات التي قام بتصميمها صورةَ غلافٍ على صفحتك في لينكد إن، لكنْ إذا كنتَ صاحبَ شركة، فمن الأفضل أنْ تعيِّنَ صورةَ غلافٍ تُظهِر علامة شركتك التجارية".
تضيفُ "سيمون" أنَّ بمقدورك إذا لم تكنْ واثقاً من صورة الغلاف المناسبة، أنْ تعيِّنَ صورةً تُبرِزُ مجال عملك بشكلٍ عام، أو صورةً جذَّابة للمدينة التي تعيش فيها، وسيساعدُك ذلك في جميع الأحوال على العثورِ على فرصٍ للعمل.
2. استخدِمْ أسلوباً بسيطاً لملءِ معلوماتك الأساسية:
تجنَّبْ استخدامَ التراكيب اللغويَّة والجمل المعقَّدة، واستخدمْ بدلاً من ذلك أسلوباً عملياً في خانة "المعلومات الأساسية" (headline) على لينكد إن.
تبيِّن "إيمي راجلاند" (Amy Ragland) صاحبة شركة "لوميناري فاينينشال كونتينت إل إل سي" (Luminary Financial Content LLC) أنَّ لينكد إن يوفِّر لمستخدميه ملخَّصاً أسبوعياً عن عدد عمليات البحث التي ظهر فيها ملفَّك الشخصي بوصفه أحد النتائج لهذه العمليات، وهذه الميزة مُتاحة حتى لنسخ لينكد إن المجانية، ولاستثمارِ هذه الميزة على أكملِ وجهٍ، تنصحُ "راجلاند" بالتحقُّق من عدد مرات ظهور ملفَّك في عمليات البحث على لينكد إن، والتعرُّف إلى الكلمات المُستخدَمة في عمليات البحث هذه، ثمَّ استخدام هذه الكلمات في قسم "المعلومات الأساسية".
مثلاً، إذا كنتَ تعملُ بصفة كاتب إعلاناتٍ لحسابك الشخصي، وتُعرِّفُ عن نفسك في لينكد بأنَّك كاتبٌ مستقلٌ، ووجدت أنَّ ملفَّك يظهرُ في عمليَّات البحث عن "كاتب إعلانات مستقل" فمن الأفضل أن تعرِّف عن نفسك بهذه العبارة: "كاتب إعلانات مستقل"، بدلاً من: "كاتب مستقل" فقط.
شاهد بالفيديو: كيف تستعمل لينكد إن بشكل فعال؟
3. كن واضحاً عند التعريف بنفسك:
تنصحُ "راجلاند" بأنْ يعرِّف مستخدمُ لينكد إن بوضوحٍ عن مجال عمله، والعملاءِ الذين يقدِّم لهم خدماته، خاصةً بالنسبة إلى الكوتشز، أو الاستشاريين، أو العاملين في مجال التدريب، أو العاملين لحسابهم الخاص.
كما يجبُ أن تملأَ قسم "نبذة عني" بعباراتٍ توضِّحُ فيها للقارئ ما الذي يمكنك تقديمه له في حال استعانَ بخدماتك، كما تنصحُ "راجلاند" بأنْ تضعَ معلوماتِ الاتِّصال الخاصَّة بك في هذا القسم.
في سياقٍ مشابهٍ، تنصحُ "سيمون" بعدمِ استخدام الوسم (Hashtag) بين العبارات المُستخدَمة لملءِ قسم "نبذة عني"؛ لأنَّ خوارزمية لينكد إن تتجاهَل الوسومات غالباً في هذه الحالة، ما يقلِّل من فاعليَّتها بشكل عام؛ لذلك تنصح "سيمون" بوضع 3 إلى 5 وسوم في نهاية المنشور وليس في النصِّ نفسه.
4. استفِدْ من الميزات التي يوفِّرها لينكد إن:
تؤكِّدُ "راجلاند" أنَّ معظم مستخدمي لينكد إن لا يستفيدون بشكلٍ كاملٍ من ميزات هذه المنصة الاجتماعية في الترويج لأنفسهم، فاعلمْ أنَّ الاستفادة من كامل ميزات لينكد إن يُعَدُّ أمراً ضرورياً لتعزيز مصداقيَّتك، ومشاركة لحظات النجاح وغيرها من التجارب المميزة، ويوجد قسمٌ خاصٌّ بهذه المنشورات بعنوان "المنشورات المميزة"؛ والتي أضافتها المنصة لتمكين المستخدمين من مشاركة أهمِّ إنجازاتهم المهنية.
5. استفِدْ بطريقةٍ ذكيَّة من قسم "المهارات":
تشبِّهُ "سيمون" مهارات الفرد بأداة تحسين نتائج محركات البحث (SEO) الخاصَّة به على لينكد إن، بشرط استثمار هذا الأمر بطريقةٍ ذكيَّةٍ؛ بمعنى أنَّ ما تذكرهُ من مهاراتٍ في صفحتك الشخصية، يُساعِدُ على إظهارِ ملفك في نتائج البحث عن المهن والوظائف المرتبطة بهذه المهارات.
لذلك تنصحُ "سيمون" بذكر 50 مهارة على الأقلِّ، وتوصي بتعداد 5 إلى 7 مهارات في قسم "الخبرة" (Experience) على لينكد إن، وإليكَ بعض النصائح الإضافية من "سيمون":
- تأكَّدْ من كتابة أهم مهارتين في أعلى القائمة (قبل بقية المهارات).
- تجنَّبْ ذكر المهارات غير ذات الصلة بعملك الحالي في حال كنت قد غيَّرتَ مجال عملك (مثلاً، لا فائدة من ذكر مهارة "التسويق" إذا كنتَ تعملُ حالياً محاسباً قانونيَّاً).
- التزِمْ بالخيارات التي يقدِّمها لك لينكد إن، وتجنَّبْ صياغةَ عباراتٍ من ابتكارك الخاص.
تقولُ "هالة" توجد طريقتان أساسيتان لتسليطِ الضوء على مهاراتك في لينكد إن:
- في الطريقة الأولى: اكتبْ مهاراتك تحت قسم "نبذة عني"، في الخانة المخصَّصة لكتابة المهارات، فيمكنك كتابة ما يصل إلى 5 منها.
- في الطريقة الثانية: اذكرْ مهاراتك في قسم "نبذة عني" من خلال كلماتٍ مفتاحيَّةٍ تتعلَّق بخبراتك، وأعمالك السابقة.
لنفترض - مثلاً - أنَّك تعمل كوتشاً لرواد الأعمال المبتدئين، يمكنك في قسم "نبذة عني" أنْ تكتبَ إضافة إلى التعريف عن نفسك مهنياً مهارات، مثل: "التخطيط الاستراتيجي حيث عملتُ مع العديد من العملاء على تحويل رؤيتهم بعيدة الأمد إلى خطَّةٍ عمليَّة قابلةٍ للتنفيذ في وقتٍ قياسيٍّ" واحرصْ قدر الإمكان في هذه الحالة على ذكرِ تجارب نجاحٍ حقيقيَّة حققَّتَها بفضل تلك المهارات.
6. اطلبْ التزكيات واستفدْ من نجاحاتك السابقة:
قد تعتقد - شأن الكثيرين - أنَّ طلبَ المساعدةِ أمرٌ مثيرٌ للإحراج، لأنَّه يدلُّ على ضعفك، لكن على النقيض من ذلك تؤكِّدُ "هالة" أنَّ طلبَ المساعدةِ وسيلةٌ فعَّالة جداً للحصول على الفرص، فمن الصعب جداً تحقيق تقدُّمٍ كبيرٍ في الحياة المهنيَّة دون مساعدة أحد.
تنصحُ "هالة" بأخذ الأشخاص الذين ترغب بأن يطَّلعوا على التزكيات بالحسبان، عندما يتعلَّق الأمر بالحصول على التزكيات ومشاركتها على صفحتك على موقع لينكد إن، فمثلاً: قد تعمل بصفة كوتش، وتريد من الأشخاص الذين حصلوا على خدماتك تزكيتك للحصول على مزيد من العملاء، أو قد تكون موظَّفاً سابقاً في شركةٍ ما، وتريد من مديريك السابقين بعضَ التزكياتِ، لمساعدتك على الحصول على وظيفةِ أحلامك.
لكنْ تأكَّدْ في جميع الأحوال أنْ تطلُبَ هذه التزكيات من الأشخاص الذين يعرفونك معرفة ًجيدة، وأولئك الذين تركت لديهم انطباعاً حسناً، ويمكنُك طلبُ التزكيات من المقرَّبين منك مباشرةً، لكنْ إذا كُنتَ ستطلب ذلك من أحد الأشخاص الذين ربطتك بهم معرفة سابقة بحكم العمل أو غيره، فقد يكون من الأفضل أنْ تتواصلَ مجدداً مع هذا الشخص، وتُعيدَ بناء علاقتك معه قبل أنْ تطلب َمنه تزكيةً، ويمكنك أيضاً أنْ تعرضَ عليهم منفعةً متبادلة من خلال تزكيتك لهم إذا كان ذلك ممكناً.
7. استثمِرْ ميزة "مشاهدات الملف الشخصي" وحوِّلها إلى فرصٍ للنمو:
كلَّما زادَ عددُ زوارِ الملف الشخصي كان ذلك أفضل، ويجبُ أنْ تعلمَ أنَّ الأشخاصَ الذين يزورون ملفك الشخصي مهتمون بالتعرُّف إليك، وربما الحصول على خدماتك لاحقاً؛ لذا من الحكمة استخدام هذه الميزة لتوسيع شبكة معارفك، والبحث عن الفرص.
اكتبْ - مثلاً - لشخصٍ شاهد ملفك الشخصي رسالةً تبدؤها بتحيَّة مع ذكر اسمه، كما هو واضحٌ في ملفه الشخصي، ثمَّ حاول أنْ تتيحَ مجالاً للتعارف من خلال التطرُّق إلى الاهتمامات المشتركة أو مجال العمل المشترك - إذا كان ذلك ممكناً - وتذكَّر أنَّك تتواصلُ مع هذا الشخص بناءً على زيارته لملفك الشخصي، أي بناءً على اهتمامه بمعرفة مزيد من المعلومات عنك؛ لذلك انتظرْ حتى يردَّ على رسالتك قبل أن تبدأ بمراسلته بأريحيَّة، وضَعْ في حسبانك أنَّ العلاقات عبر لينكد إن تُبنى على الأمد الطويل من خلال مشاركة اهتماماتك مع الآخرين.
امنَحْ نفسكَ الفرصة للتعرُّف تدريجياً إلى الآخرين، والتفاعل مع أشخاصٍ جدد، لذلك فكِّر باستثمار نشاطك الحالي على لينكد إن من أجل المستقبل، فقَدْ يتواصلُ معك شخصٌ بعد عدة سنوات، ليُخبركَ بأنَّه معجبٌ بعملك بعد متابعتك لفترة طويلة، ويمكنُ دائماً من خلال الاستثمار الصحيح للينكد إن أنْ توسِّعَ شبكة علاقاتك المهنية، ودائرة معارفك الاجتماعية أيضاً، إضافةً إلى العثورِ على الفرص بشكلٍ دائمٍ، وكلُّ ذلك وأنتَ جالسٌ في منزلك.
8. واظِبْ على مشاركةِ المنشورات والتفاعلِ مع غيرك من المستخدمين:
اخترْ موضوعاً واحداً وركِّز عليه في منشوراتك على مدار الـ 12 شهراً المقبلة، واطرَحْ يومياً ولمرة واحدة سؤالاً على صفحتك في لينكد إن عن هذا الموضوع، وساهِمْ بالنقاش، والإجابة عن الأسئلة التي يطرحُها الآخرون في صفحاتهم على لينكد إن بطريقة مبتكرة، وتواصَلْ وتناقشْ مع الآخرين ممن يساهمون في الحوارات التي تتناولُ موضوعَ اهتمامك.
تنصحُ "هالة" بمشاركةِ الشخص لـ 5 منشورات في الأسبوع، واعتماد المنشورات التي تتيحُ النقاش بطريقةٍ سهلةٍ، مثل استطلاعات الرأي التي ما تزال تُعَدُّ فعالة، ويجب أنْ تختاَر بعنايةٍ صوراً جذَّابة، وتصمِّم إذا أمكن مقاطع فيديو ورسومات خاصة بك لمشاركتها كمنشورات.
يمكنك أيضاً أنْ تستثمرَ أوقات الفراغ، والوقت الذي تقضيه في طريقك إلى العمل، وفي طريق عودتك إلى المنزل في مشاركة المنشورات، تفاعَلْ أيضاً مع الأشخاص الذين يعلِّقون على منشوراتك، بل وحتى مع منافسيك.
قد تعتقدُ أنَّ هذا التصرُّف خاطئ بشكلٍ بديهي إلا إذا أدركْتَ أنَّك تجذبُ بهذه الطريقة الأشخاص الذين يتفاعلون مع منافسيك، والذين هم - في الأغلب - من ضمن جمهورك المستهدف.
في الختام:
كثيرةٌ هي مواقع ومنصات التواصل الاجتماعي، لكنَّ لينكد إن أهمُّها بلا شكٍّ بالنسبة إلى الراغبين باستثمار الفضاء الرقمي لتطوير حياتهم المهنية.
ستكون قادراً بعد تطبيق النصائح المذكورة في هذا المقال من تحويلِ لينكد إن إلى استثمارٍ رابحٍ يؤدِّي إلى الحصول على مزيد من الفرصِ والارتقاء بمسيرتك المهنيَّة، فمنصات التواصل الاجتماعي ليسَتْ سلبية بالمطلق، على الأقل إذا قرَّرتَ أنْ تستثمرها بما يعودُ عليك بالفائدة.
أضف تعليقاً