7 خطوات لتتحكم بأفكارك وتسيطر على عقلك

إذا كنت تريد معرفة كيف تتحكم بأفكارك، فإنَّ الإجابة تقودك نحو جبال "الهيمالايا"؛ حيث عاش الرهبان هناك زمناً طويلاً وكانوا يدرسون العقل، وهؤلاء الرهبان يُعَدُّون إلى الآن لغزاً بالنسبة إلى الكثيرين؛ والسبب في ذلك أنَّهم تمكنوا من السيطرة على عقولهم، وهو الشيء الذي يصعب على الكثيرين منا فعله، أما بالنسبة إلى هؤلاء الرهبان فإنَّ البراعة الذهنية هي حرفتهم المنضبطة وخطوة هامة نحو التنوير.



بالطبع ليس مطلوب منك أن تصبح راهباً حتى تسيطر على أفكارك، ولكن يمكنك الاستفادة من بعض الممارسات التي ستعود عليك بفوائد رائعة، وسترى أنَّ بعض هذه الممارسات ستجعلك تشعر بالحرية وتتمكن من التحكم بأفكارك.

وستقرأ في هذا المقال كيف تفعل ذلك وتتعلَّم كيف تساعدك هذه الممارسات على تخفيف التوتر والقلق، كما أنَّها ستساعدك على تحقيق رغباتك وأهدافك.

فوائد التفكير الإيجابي:

قبل أن نتحدث عن الخطوات، من الضروري أن تدرك التأثير الهائل لأفكارك في حياتك؛ فالأفكار مصدر للمشاعر؛ إذ تحدد أفكارك كيف تشعر، ولها القدرة على منعك من اتِّخاذ إجراءات لتحقيق نتائج ذات مغزى طالما أنَّك لا تتحكم بها.

لكن عندما تسيطر على أفكارك، فإنَّك ستتفاجأ بحجم الفوائد التي ستجنيها، وهذه الفوائد يلخصها "شهرام حشمت" (Shahram Heshmat) الحائز على دكتوراه في الفلسفة:

الأفكار هي واحدة من أثمن الأصول العقلية ومن الضروري جداً التمكُّن منها، فهي أشبه بنهر جارف؛ لذا، إذا كنت تتقن السباحة، فستتمكن من التنقل عبر التيار وتوِّجه نفسك حيث تريد.

وهكذا يساعدك التحكُّم بأفكارك على إدارتها بشكل أفضل، وبهذا ستصبح الأفكار السلبية قليلة التأثير فيك، حتى لو أنَّه كان من المستحيل التخلص منها، إلَّا أنَّ قدرتك على الإدارة ستجعل الأفكار السلبية قليلة التأثير فيك.

وتزداد أهمية ذلك عند مواجهة المصاعب؛ لذلك يجب أن تتقن طريقة التحكم بأفكارك، وهذه سبع خطوات ستجعلك ترتقي ذهنياً:

1. فهم الأفكار:

السؤال الأول الذي يجب أن تطرحه على نفسك هو: "ما هي الأفكار؟"، فهذا السؤال مثير للاهتمام، ولكنَّنا قليلاً ما نفكر فيه على الرغم من أنَّ الأفكار تراودنا طوال الوقت وبطرائق مختلفة.

إحدى الطرائق التي تظهر فيها الأفكار هي من خلال التفكير نفسه، فالسؤال الذي طرحناه للتو جعلك تفكر، والأسئلة تُحفِّز الأفكار تلقائياً وهذا أمر طبيعي.

الطريقة الأخرى التي تؤدي إلى إنتاج الأفكار هي الطريقة التلقائية؛ بمعنى أنَّ الأفكار تحدث من تلقاء نفسها فتأتي فكرة وتذهب أخرى طوال الوقت سواءً أردنا ذلك أم لا، فهي كما ذكرنا تشبه النهر دائم التدفق.

لكن يبقى التفكير المُتعمَّد أحد أعظم الملكات الموجودة لدينا نحن البشر، فالحيوانات لا تستطيع التفكير؛ وهذا ما جعلنا النوع المهيمن على هذا الكوكب، لكن يمكن أن يكون لما نفكر فيه تأثير هائل في مشاعرنا وسلوكنا، سواءً كان ذلك بالسلب أم بالإيجاب.

الأفكار التي تراودك كثيراً تُشكل واقعك حقاً، وإذا لم تتساءل عن هذه الأفكار - أي إنَّها كانت لديك مسلمات - فإنَّها ستؤثر في جودة حياتك، وخاصةً إذا كنت تتماهى مع هذه الأفكار كما هو حال معظم الناس، فهم يؤمنون بما يفكرون فيه ويفكرون فيما يؤمنون به.

إذن، الأمر عبارة عن حلقة تستمر في الدوران، فعندما نفكر في أشياء سلبية، فإنَّنا نشعر بمشاعر سلبية وعندما نشعر بمشاعر سلبية، فإنَّ أفكارنا تكون سلبية وهكذا دواليك.

وعندما تحدث هذه العملية عدداً كافياً من المرات، فقد تتحول أفكارك إلى نوع من الاعتقاد الذي يغذي نفسه بنفسه، فقد تبنيتَ أفكارك بوصفها حقيقة؛ وفي النتيجة، فإنَّ تركيزك يضيق بما يتلاءم مع هذه الأفكار وتبدأ البحث عن الأشياء التي تدعم إيمانك.

وعندما يحدث ذلك تصبح أسيراً لأفكارك، ولكنَّ الشيء المثير للاهتمام هو قدرتك - بصفتك إنساناً - على تحدي هذه الآلية؛ إذ يمكنك استعادة السيطرة على أفكارك على الرغم من أنَّ معظم الناس لا يحاولون فعل ذلك حتى.

انتهت الخطوة الأولى وأصبحتَ تفهم ماهيَّة الأفكار بشكل أفضل، والخطوة التالية هي ملاحظة أفكارك.

2. مراقبة الأفكار:

الوعي بالذات هو نقطة البداية للتحكُّم بأفكارك، فكن واعياً لهذه الأفكار بينما تدور في رأسك والطريقة التي تجعلك تكتسب هذه المهارة هي مراقبة أفكارك.

قد تسأل نفسك كيف أفعل هذا؟ والإجابة تكمن في الطريقة التي تزداد شعبيتها يوماً بعد يوم؛ وهي التأمُّل.

إحدى الطرائق الجيدة لممارسة التأمل هي ضبط ساعة المنبه لمدة خمس دقائق والجلوس أو الاستلقاء، ثمَّ ركِّز في تنفسك طوال هذه المدة.

وإذا لم تكن متمكناً من التحكم بأفكارك، فإنَّ ذهنك سيشرد وستأخذكَ أفكارك بعيداً خلال مدة التمرين، وكبداية، من المُتوقَّع أن يستغرق الأمر بعض الوقت لتلاحظ ذلك.

لكنَّك تدرك الآن أنَّك تفكر، وما يجب أن تفعله هو ترك الحرية لأفكارك لكي تتدفَّق دون أن تلوم نفسك بسبب خروج الأفكار عن سيطرتك.

يجب أن تُركِّز الآن في التمرين، وكلَّما شعرتَ بأنَّ أفكارك تخرج عن سيطرتك، فَعُد إلى وضع التركيز.

توجد فائدتان رئيستان للقيام بهذا التمرين:

الفائدة الأولى، هي أنَّك تدرك أنَّ الأفكار مثل نهر يتدفَّق طوال الوقت، وهذا الأمر خارج سيطرتك، وستستمر الأفكار بالتدفُّق ولا يمكنك فعل شيء حيال ذلك.

الفائدة الثانية، هي أنَّك تصبح مُدركاً لأنماط التفكير؛ وذلك من خلال الممارسة المستمرة والمتعمدة؛ حيث ستبدأ ملاحظة المزيد من الأفكار المسيطرة لديك، كما توجد طريقة رائعة لاكتساب الوعي الذاتي بشكل أسرع؛ وهي طريقة تصنيف الأفكار.

إقرأ أيضاً: 10 أفكار سلبية تراودنا جميعاً، فكيف يمكننا استبدالها؟

3. تصنيف الأفكار:

بعد أن تصبح أكثر وعياً بأفكارك بينما تطفو في ذهنك، يجب عليك الآن تصنيفها؛ إذ يوفر تصنيف الأفكار طبقة إضافية من الوعي؛ ويحدث ذلك بسهولة من خلال إنشاء ملاحظات ذهنية عن أفكارك وتصنيفها إلى فئات.

يمكنك تسمية هذه الفئات بأي اسم تختاره، مثلاً قد تخطر في بالك فكرة نسيان موعد هام، فأَنشِئ ملاحظة ذهنية عن هذه الفكرة، وإذا كانت تُشعِرُكَ بالإحباط، فصنِّفها في فئة الإحباط واترك الفكرة تذهب بسهولة.

قد تظهر فكرة أخرى تُخبرك بأنَّك تُضيع وقتك، فأَنشِئ ملاحظة ذهنية وصنِّفها ضمن فئة القلق واترك الفكرة تذهب.

عندما تقوم بهذا التمرين، مارسه بشيء من الفضول ولا تشعر بالقلق حيال التصنيفات بحد ذاتها، فالهام هو أنَّك تحصل على فهمٍ أفضل لنوع الأفكار التي تراودك.

مع الممارسة الجيدة ستبدأ ملاحظة أنماط التفكير التي تحدث في مواقف الحياة اليومية، وقد تلاحظ هذه الأفكار في أثناء مواقف مُحتَدِمة في العمل أو في أثناء جدال مع شريكك؛ وهذه هي نقطة الانطلاق باتِّجاه التغيير.

4. تحديد الأفكار السلبية:

حتى الآن كنت تدرِّب نفسك لتصبح أكثر وعياً بأفكارك؛ وهذه خطوة حاسمة إذا كنتَ تريد التحكم بأفكارك لحظة شعورك بها.

الخطوة التالية هي تحديد الأفكار السلبية وربما من الجيد أن نذكُر هنا أنَّ الأفكار السلبية هي الأفكار الأكثر ضرراً بنا؛ وهذه الأفكار هي التي تقلل من جودة علاقاتنا وتجعلنا نماطل، وهذه بعض من الأفكار التي تُعَدُّ من أكثر الأفكار المدمِّرة:

  • اللوم: سواءً لوم الذات أم لوم الآخرين أم الظروف الخارجية.
  • المقارنة: سواءً مقارنة وضعك الحالي بوضعك السابق أم مقارنة نفسك بالآخرين.
  • التفكير الإجمالي: بمعنى كل شيء أو لا شيء، ومثال على ذلك أن تفكر في أنَّك إن لم تحصل على ما تريد الآن، فلن تحصل على شيء أبداً.
  • قراءة الأفكار: بمعنى أن تعتقد أنَّك تعرف بالضبط ما يعتقده الآخرون عنك.

إذا وجدتَ أفكاراً مسيطرة في المجموعات التي صنفتَها، فهذه نقطة انطلاق رائعة، وإذا كنت قد لاحظت فكرة أخرى سلبية موجودة لديك، فلا تتردد في معالجتها ولكن تذكَّر في أثناء هذه العملية أنَّ التحكم بأفكارك يستغرق وقتاً؛ لذلك يُنصَح بعزل نوع واحد محدد من الأفكار.

على سبيل المثال: من الممكن أن تقارن نفسك بالآخرين عند تصفح "إنستغرام" (Instagram) أو في أثناء ممارسة التمرينات في الصالة الرياضية؛ لذلك اعزل نمط التفكير هذا واعمل عليه فقط؛ وذلك لأنَّ معالجة جميع الأفكار قد تكون مربكة.

5. فهم سياق الأفكار:

الآن بعد أن حددتَ الفكرة السلبية، فقد حان الوقت للكشف عن السياق الذي تظهر فيه الفكرة؛ وهذا يعني فهم ما يثير الفكرة ويجعلها تظهر، وهذا هام كي تفهم ما يجري لك عندما تظهر الفكرة وكيف تتصرف من جراء ذلك.

هل يرتبط ظهور الفكرة بوجودك في مكان معين أم بوجودك مع مجموعة معينة من الناس أو ربما بسبب حالة معينة.

بعد أن تحدد الوقت الذي تظهر فيه الفكرة، سيكون عليك أن تنظر إلى باقي السياق؛ وذلك عن طريق تحديد ما تفكر فيه بالضبط، ثمَّ تحديد الفئة التي تندرج تحتها هذه الأفكار.

ثم لاحظ ما تشعر به بمجرد أن تخطر في بالك هذه الأفكار ولاحِظ كيف تؤثر مشاعرك بعد ذلك في أفكارك، وكيف يتفاعل جسدك مع هذه المشاعر والأفكار، وكيف تتصرف من جراء ذلك.

بمجرد أن تفهم السياق بأكمله سيكون لديك فهم أفضل عن التفكير السلبي؛ وبامتلاكِكَ لهذا الفهم ستكون جاهزاً لتحليل القصة بأكملها.

إقرأ أيضاً: 10 خطوات تساعدك على التخلص من التفكير السلبي

6. تفنيد القصة:

ما قصدناه بالقصة هي القصص التي تختلقها عن نفسك وعن تجاربك؛ إذ إنَّ هذه الأفكار على الرغم من كل شيء لا تعدو أن تكون قصصاً.

المشكلة هي أنَّ معظم الناس يؤمنون بقصصِهم ولا يشككون فيها أبداً، وهنا بالضبط تكمن القوة في التساؤل والفضول.

لماذا نُولي الفضول والتساؤل اهتماماً؟ لأنَّه بسهولة يقاطع القصة التلقائية؛ ولكي تكون هذه المقاطعة هادفة، يجب أن تقوم بها عن عمد، وهذا يتطلب الكثير من الوعي الذاتي، ويُعَدُّ هذا سبب اتِّباعك للخطوات الخمس السابقة.

مع الممارسة سيكون لديك فهم عميق للنمط الذي تأخذه الأفكار وستعرف متى يبدأ هذا النمط بالعمل، ومن الآن فصاعداً عندما تواجه التفكير السلبي، سيكون لديك الخيار في مقاطعته بالسؤال أو بتركه يدير قصتك.

وكي تتدخل فإنَّ ما يجب عليك فعله هو أن تُثير فضولك، ولا تُسلِّم بالفكرة فوراً؛ بل قل لنفسك إنَّها فكرة مثيرة للاهتمام وجديرة بالمناقشة.

ثم اسأل نفسك لماذا عليك أن تصدق أفكارك؟ ولماذا ستكون أفكارك صحيحة؟ وهل بمقدورك أن تترك هذه الأفكار تمر بسهولة؟ وماذا سيحدث إذا فعلت ذلك؟

الأسئلة سلاح قوي جداً؛ لذلك واظب على تفنيد أفكارك السلبية بالأسئلة، وبذلك تكسر حلقة التلقائية التي تملكها هذه الأفكار، إضافةً إلى أنَّ هذا يساعدك على وضع القصة في إطار جديد؛ وفي النتيجة تكتسب سيطرة أكبر على أفكارك.

7. الممارسة المُتَعمَّدة:

مع القليل من الممارسة ستصبح على دراية بأنماط التفكير، ولن تكون معرفتك مجرد معرفة نظرية كما هي الآن؛ بل إنَّك ستدرك هذه الأنماط عندما تحدث فعلياً.

مع مقدار كافٍ من الممارسة، ستصبح قادراً على ملاحظة أفكارك في أيَّة لحظة؛ وهذا يسمح لك بالتدخل في أفكارك.

وإذا واصلت ممارسة الخطوة السابقة، فيمكنك طرح تساؤلات حول أفكارك في الوقت الحالي؛ وذلك لأنَّك لم تَعُد بسهولة تُسلِّم بأفكارك؛ بل إنَّ الأفكار السلبية أصبحت تثير فضولك.

وبالتدريب ستصبح هذه الآلية لديك تلقائية، ويمكنك القول إنَّك أصبحتَ تتحكَّم بأفكارك وإنَّك اكتسبت مستوىً جديداً من السيطرة على العقل.

عندما تتساءل كثيراً عن أفكارك، ستكون قادراً على تغيير معتقداتك أيضاً، وسيكون لذلك تأثير هائل في مشاعرك وسلوكك.

لكن يتبقى شيء واحد يجب لفت النظر إليه؛ وهو أنَّك يجب أن تمارس هذه الخطوات وقتاً كافياً، فالوعي الذاتي يستغرق بعض الوقت، فأن تصبح واعياً لذاتك هو حقاً المفتاح الذي يمنحك القدرة على التدخل في الأفكار السلبية.

في الختام:

قد تبدو الخطوات الواردة في هذا المقال يسيرة جداً وسهلة التنفيذ، والحقيقة هي كذلك؛ لكنَّ المشكلة بالنسبة إلى معظم الناس هي أنَّهم يمارسونها لوقت قصير بعد قراءة هذا المقال، وإذا لم يحصلوا على النتائج المرجوة، فإنَّهم يتوقفون.

قلَّة الصبر هي عدو هذا التمرين، كما أنَّها عدو لك في حياتك عموماً؛ فالأمر يتطلب ممارسة وصبراً لتتعلم كيف تتحكم بأفكارك، ولكن لا يجب أن يكون الصبر مشكلة طالما أنَّك تسعى إلى هذا الهدف.

إذا كنت تتدرب واضعاً نصب عينيك هدفاً وتواظب على التدريب، فستمتلك الوسائل التي تُمكِّنك من التحكم بأفكارك على نحو أفضل؛ وبالنتيجة فإنَّ شعورك بالقلق والتوتر سينخفض وتزداد فرصك في تحقيق أهدافك والوصول إلى أحلامك.

المصدر




مقالات مرتبطة