7 أمور يقول العلم إنه يجب عليك التوقف عنها لتعزز إنتاجيتك

لقد تعلَّمنا منذ اللحظة التي دخلنا فيها إلى المدرسة وحتى التخرج فضائل العمل الدؤوب، ونتيجةً لذلك كنَّا قبل كل امتحان -مهما كان بسيطاً- نبلي الليالي بالسهر، وندرس ساعاتٍ طوال، ونتخلى عن كل أشكال المرح والتسلية في أثناء ذلك. لكنَّ المفاجأة كانت أنَّ الأشخاص الذين اتَّبعوا طرائق ذكيَّةً في الدراسة كانوا هم دائماً المتفوقين، وقد جعل هذا بعضنا يشككون في طرائق الدراسة التي يتبعونها، قبل أن يدركوا أنَّه كان يجب عليهم العمل بذكاءٍ وليس بجد، وهو أمرٌ استمروا به خلال مسيرتهم المهنية حتى أحرزوا النجاح.



لا تقتصر القضية على أشخاص عدَّة فقط؛ بل تذكَّر أصحاب المشاريع الصغيرة الذين يعملون على مدار الساعة، هل مكَّنهم عملهم المستمر بجد من مقارعة المنافسين الذين يمتلكون ملايين الدولارات؟ يجب عليك أن تتذكَّر أنَّ الوقت عملةٌ نادرة، وأنَّ كبار رجال الأعمال يستطيعون العمل على مدار الساعة، لكن يظلُّ في إمكان منافسيهم إنفاق مزيد من الوقت على المشاريع، وبناء فرقٍ أفضل وأقوى، وإنفاق مزيدٍ من المال. وإذا كان الحال كذلك، فلماذا يَعُجُّ التاريخ بقصصٍ تحكي قصص شركاتٍ ناشئةٍ صغيرة أحرزَت إنجازاتٍ لم تكن المؤسسات الضخمة تحلم قَطُّ بالوصول إليها؟ لقد رفضَت شركةٌ ناشئةٌ مثل: سناب شات (Snapchat) لا تَضُمُّ أكثر من 30 موظف عروضاً ضخمةً من عمالقة التكنولوجيا مثل: جوجل (Google)، وفيسبوك (Facebook). قد تقول إنَّ هذا كان ضربة حظ، لكنَّ حظهم هذا مبنيٌّ على الكفاءة.

أضحت إدارة الطاقة أهم من إدارة الوقت في حقبةٍ يسير فيها كل شيءٍ بوتيرةٍ سريعة؛ فالانشغال وحده لا يعني الإنتاج. ولقد دحض العلم في الحقيقة مجموعةً من تصوراتنا المسبقة، وحدَّد بضعة أمورٍ شائعة يجب علينا التوقف عنها بأسرع وقت ممكن حتى نعزز كفاءتنا وإنتاجيتنا:

1. العمل لوقت إضافي:

وفقاً لدراسةٍ أجرَتها جامعة ستانفورد (Stanford University)، تأخذ نتائج الموظفين منحىً تنازليَّاً حينما يعملون أكثر من 50 ساعةً في الأسبوع، وتتدهور تدهوراً حادَّاً بعد أن تجاوز الـ 55 ساعة. إضافةً إلى ذلك، يرتبط العمل ساعاتٍ طويلةً بارتفاع معدل دوران العمالة، وازدياد حالات التغيب، والإصابة بالأمراض، حيث تُبيِّن جميع هذه الأرقام المُثبتة أنَّ العمل وقتاً إضافيَّاً يمكِن أن يقلل الإنتاجية وأنَّه يجب علينا تجنُّبه ما أمكن. وذكرَ تقريرٌ آخر أصدرته مؤسسة بيزنس راوند تيبل (Business Roundtable) بعنوان "الآثار المعروفة للعمل الإضافي على بُنية المشاريع" (Scheduled Overtime Effect on Construction Projects): "كلما زادت ساعات عملك، قلَّت إنتاجيتك وفاعليتك على الأمدَين القريب والبعيد".

في الحقيقة، قد يكون سهر الليل كله وقلة النوم سببَين رئيسَين لانخفاض الإنتاجية والحافز. لقد كان ليوناردو دافينشي (Leonardo Divinci) ينام عدداً قليلاً من الساعات ليلاً، لكنَّه كان يعوض ذلك بأخذ قيلولات عديدة خلال النهار. وقد كان الرئيس الأمريكي جون ف. كينيدي (John F. Kennedy) معتاداً على تناول غدائه في السرير قبل أخذ قيلولة هادئة، بينما كان الإمبراطور الفرنسي نابليون (Napoleon) يأخذ كل يومٍ قيلولاتٍ منتظمة ليعيد النشاط إلى عقله استعداداً لليوم الحافل الذي ينتظره. مَن كان يعلم أنَّ عملاً لطيفاً كالنوم يمكِن أن يكون سلاحاً قويَّاً في ترسانة رواد الأعمال؟

إقرأ أيضاً: 7 أسباب تجعل تدوين الملحوظات أداة لتعزيز الإنتاجية

2. القيام بكل شيءٍ وحدك:

من الأخطاء القاتلة الأخرى التي يرتكبها الناس محاولة أن يؤدوا كل المهام وحدهم، فيصابون بالإرهاق في نهاية المطاف. للأسف، يُعرِّضنا هذا لكثيرٍ من الأخطار المرتبطة بالتوتر والقلق، فلماذا لا تَدع شخصاً يتقن المهمة أكثر منك يحمل عنك بعضاً من عبء العمل، حيث يعرف معظم الأشخاص المنتجين أهمية تفويض العمل؛ فهو يُفسح لهم المجال للتعامل مع قضايا أهم.

شاهد بالفديو: 7 خطوات لتفويض المهام وفق نصائح مديري غوغل

3. قبول القيام بكل ما يُطلَب منك:

يقول الكاتب سيث جودين (Seth Godin): "لن تساعدك الموافقة على أداء كل ما يُطلَب منك لأنَّك لا تتحمَّل الانزعاج المؤقَّت الذي تشعر به عند الرفض في إنجاز أي عمل".

من المعروف أنَّ أنجح الناس يرفضون كل ما يُطلَب منهم تقريباً. فيجب عليك أن تحدد متى تقبل أهم المهام ومتى ترفض أي شيءٍ آخر لا يُجدي نفعاً، وعلى الرغم من أنَّك قد تخشى أن تبدو شخصاً سيئاً، إلَّا أنَّ قبول كل ما يُطلَب منك يمكِن أن يُحمِّلك عبء عملٍ شديداً ويقلل إنتاجيتك، فتعلَّم أن تقول "لا" إذا أردتَ أن تعزز إنتاجيتك، وقد لخَّص ستيف جوبز (Steve Jobs) هذه الفكرة تلخيصاً رائعاً حينما قال: "يضمن رفض ألف أمرٍ يُطلَب منك ألَّا تسير على الطريق الخطأ وألَّا تحاول القيام بعملٍ يفوق ما تتحمل".

4. إهدار الوقت:

نعرف جميعاً أنَّ الوقت يُعَدُّ عملةً ثمينة، فهل نُعامله كذلك؟ نهدر وقتنا جميعاً في أثناء العمل في أمورٍ مثل: الرسائل الإلكترونية، والاجتماعات، ووسائل التواصل الاجتماعي، والثرثرة مع الزملاء، وتُعَدُّ الاجتماعات المُتهم الأول بإهدار الوقت، تليها الرسائل الإلكترونية.

وفقاً لاستطلاعٍ أجراه موقع (Salary.com)، عَدَّ 47% من المشاركين الاجتماعات أكبر مُبدِّدٍ للوقت في أثناء العمل. ووفقاً لمقالةٍ نُشِرت في مجلة فوربس (Forbes)، يتلقى الموظفون حوالي 200 رسالة إلكترونية كل يوم، وهُم يقضون 2.5 ساعات وسطيَّاً في قراءتها والرد عليها.

إذا حسبتَ الوقت الذي نهدره في تصفُّح وسائل التواصل الاجتماعي، أو الثرثرة مع الزملاء، ستجد أنَّ نصف يوم العمل يضيع هباءً منثوراً. فتوقَّف عن إضافة الوقت في اجتماعاتٍ لا طائل منها، أو دع الاجتماعات تكون مثمرة، واضبط الرسائل الإلكترونية ضبطاً فاعلاً، وأبعِد عنك مصادر تشتيت الانتباه حتى تعزز إنتاجيتك.

إقرأ أيضاً: 10 سبل لتحسين مهاراتك في إدارة الوقت

5. تعدُّد المهام:

"يُعَدُّ تعدد المهام مفيداً لأنَّه يساعدك في إنجاز مهام كثيرة في وقتٍ قليل"؛ هذا على الأقل ما يقوله معظم الناس. وللأسف، هذا أبعد ما يكون عن الحقيقة؛ فقط سلَّط بحثٌ آخر أجرته جامعة ستانفورد (Stanford University) الضوء على حقيقةٍ مذهلةٍ عن تعدد المهام، فقد وجد أنَّ تعدد المهام يقلل الإنتاجية والكفاءة. نعم، ما قرأتَه صحيح، وإذا لم تقتنع، فإليك دليلاً آخر؛ إذ وفقاً لدراسةٍ أجرتها جامعة لندن (University of London) يستطيع تعدد المهام أن يقلل الذكاء ويُدمِّر الدماغ.

ركِّز الانتباه على أعمالك واحداً تلو الآخر، ذلك لأنَّ أدمغتنا مُبرمَجةٌ على ذلك. وحينما تحاول إنجاز مهام عديدة في الوقت نفسه، يبدأ العقل في نقل التركيز من مهمَّةٍ إلى أخرى، مما قد يؤدي إلى خسارة وقتٍ ثمين، وهذا بدوره يقلل الإنتاجية. وعلى الرغم من أنَّه قد لا يكون من السهل تجنُّب ذلك، بالنظر إلى بيئة العمل التي تشهد تنافساً شديداً، تستطيع على الأقل استخدام برنامجٍ لإدارة المهام لإدارة مهامك بكفاءةٍ أكبر.

6. السعي إلى الكمال:

قد يُعَدُّ السعي إلى الكمال أمراً جيداً أيضاً، مثلما هو الحال مع تعدد المهام، إلَّا أنَّ الدكتور سيمون شيري (Simon Sherry) أستاذ علم النفس في جامعة دالهاوسي (Dalhousie University) أجرى دراسةً حول السعي إلى الكمال والإنتاجية، ووجد علاقةً قويَّةً بين ازدياد السعي إلى الكمال وانخفاض الإنتاجية، حيث قال: "لقد وجدنا أنَّ السعي إلى الكمال قد ضلل الأساتذة خلال بحثهم عن الإنتاجية. فكلما كان الأستاذ أكثر ميلاً إلى السعي إلى الكمال، قلَّت إنتاجيته".

كلما سعينا إلى الكمال، قضينا وقتاً أطول في إنجاز المهام إنجازاً كاملاً وخالياً من العيوب قدر الإمكان، وهذا يقلل الإنتاجية تلقائيَّاً. وقد يؤدي السعي إلى الكمال إلى المماطلة أيضاً في بعض الحالات التي ننتظر فيها اللحظة المثالية، كما نعلم جميعاً كم يمكِن أن تكون المماطلة مُضرَّةً بالإنتاجية، لكن ثمَّة طرائق لاستخدام المماطلة استخداماً إيجابيَّاً. لا تنتظر اللحظة المناسبة، فاللحظة المثالية هي لحظة الحاضر، وتوقَّف عن السعي إلى المثالية، وإلَّا انخفضت إنتاجيتك.

شاهد بالفديو: 9 أخطاء تدمِّر الإنتاجية ترتكبها في أول 10 دقائق من اليوم

7. التخلي عن الاستراحات:

هل أنت شخصٌ مدمنٌ على العمل ولا تؤمن بضرورة أخذ استراحاتٍ منتظمة؟ إن كنتَ كذلك، فلدينا بعض الأخبار السيئة لك؛ فقد أظهرت أحدث الدراسات أنَّ الأشخاص الذين يأخذون قسطاً من الراحة بعد كل ساعة عمل يكونون أكثر إنتاجيَّةً من غيرهم. ويُنصَح بشدة بأن تتَّبع قاعدة 90-20 في الاستراحات، والتي تقول إنَّه يجب عليك أخذ استراحةٍ مدة 20 دقيقة كلما عملتَ مدة 90 دقيقة. فلن يعيد لك هذا الطاقة فحسب؛ بل سيساعدك أيضاً في زيادة التركيز، مما سيؤدي في النهاية إلى تعزيز الإنتاجية. وتنزَّه مع صديقٍ مشياً على الأقدام، أو احتسِ كوباً دافئاً من القهوة، أو اقرأ كتابك المفضل، أو ارسم في أثناء العمل حتى يتدفق الإبداع مجددَّاً في دماغك.

 

المصدر




مقالات مرتبطة