ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّن شون ليم (Shawn Lim)، والذي يُحدِّثنا فيه عن تجربته الشخصية في اكتشاف شغفه في الحياة.
أطلقَ ستيف جوبز (Steve Jobs) شركة آبل (Apple) وهو في العشرينات من عمره مع أصدقائه المقربين في مرآب والديه، لقد عَمِلُوا بجدٍّ، وخلال 10 سنوات، نمَت وتطوَّرَت الشركة لتصبح شركةً تُقدَّر بقيمة 2 مليار دولار، ويعمل بها أكثر من 4000 موظف.
وبعد ذلك، حدثَت بعض الأمور المفاجئة؛ ففي عام 1985، طُرِدَ جوبز من مجلس إدارة شركة آبل، وفي سن الثلاثين، أعلن جوبز اعتقاده بأنَّ حياته قد انتهت، وبأنَّه فقد تركيزه ودُمِّرَ.
بعد بضعة أشهر، عاد جوبز إلى الظهور؛ حيث اكتشفَ أنَّه لا يزال يحب ما يقوم به، فقد قال في خطاب حفل التخرج في جامعة ستانفورد (Stanford University): "لقد تعرضتُ للرفض، لكنَّني ما زلتُ أحبُّ عملي الذي أقوم به".
لذلك، قرَّر جوبز البدء من جديد، ومع بدايته الجديدة، شعر بالتحرر وبعدم الضغط، وكانت تلك البداية من أكثر الفترات إبداعاً في حياته.
خلال السنوات الخمس التالية، أسَّس جوبز شركةً باسم نكست (NeXT)، وحصل أيضاً على شركة بيكسار (Pixar)، وبعد ذلك، أنشأَت شركة بيكسار أول فيلم أنيميشن متحرك وهو توي ستوري (Toy Story)، والذي حقَّق نجاحاً كبيراً.
ثمَّ حدث أمر مفاجئ؛ حيث اشترت شركة آبل شركة نكست، وهكذا عاد جوبز إلى شركة آبل كرئيس تنفيذي مؤقت، وكل ما حدث معه مسبقاً أصبح من الماضي.
في عام 2017، بلغ إجمالي إيرادات شركة آبل 229 مليار دولار أمريكي، وصُنِّفَت الشركة مراراً وتكراراً بأنَّها العلامة التجارية الأكثر قيمةً في العالم، كما أصبحَت أول شركة في العالم تبلغ قيمتها تريليون دولار في عام 2018.
إذاً يمكِنك تعلُّم الكثير من الشغف من قصة ستيف جوبز، وفيما يلي بعض الأفكار الثمينة من الرجل الذي أحدث ثورةً في عالم التكنولوجيا، حيث يقول:
"أنا متأكد من أنَّ كل ما حدث معي لم يكن ليحدث لو لم أُطرَد من شركة آبل، لقد كان ذلك أمراً سيئاً، لكنَّني أعتقد أنَّني كنتُ أحتاج إلى ذلك، فالحياة صعبة أحياناً، لكن لا تفقد الثقة، وأنا مقتنع بأنَّ الأمر الوحيد الذي جعلني أستمر هو أنَّني كنتُ أحب ما أقوم به، كما يجب عليك أن تعثر على الأمور التي تحبها، وينطبق هذا الأمر على عملك كما هو الحال بالنسبة إلى الأمور التي تحبها، حيث سيملأ عملك حيزاً كبيراً من حياتك، والطريقة الوحيدة للشعور بالرضا فعلاً هي القيام بما تعتقد أنَّه عمل عظيم، والطريقة الوحيدة للقيام بعمل رائع هي أن تحبَّ ما تفعله، وإذا لم تجد ما تحبُّه بعد، فاستمر في البحث، ولا تتوقف، كما هو الحال مع كل مسائل القلب، ستعرف شغفك عندما تجده، ومثل أيَّة علاقة رائعة، فإنَّها تتحسَّن على مر السنين؛ لذا تابِع البحث حتى تجد ما يناسبك" - ستيف جوبز (Steve Jobs).
إذا لم تكن تعرف ذلك عن جوبز، فيجب أن تقرأ قصة حياته، فإنَّها مُلهمة جداً.
هل تحتاج فعلاً إلى الشغف لتكون شخصاً ناجحاً؟
عندما تقرأ جميع قصص النجاح العظيمة للمشاهير مثل: جوبز (Jobs)، وريتشارد برانسون (Richard Branson)، ومايكل جوردان (Michael Jordan)، ومحمد علي (Muhammad Ali)، وإيلون ماسك (Elon Musk)، وتوماس إديسون (Thomas Edison)، وغيرهم، ستجد أنَّهم جميعاً يشتركون في أمر واحد وهو الشغف.
يُعدُّ الأشخاص الناجحون جداً شغوفين بالأمور التي يقومون بها؛ ولأنَّهم يحبون ما يفعلونه، فهم على استعداد لتخصيص المزيد من الوقت وبذل المزيد من الجهد للقيام بذلك بصورةٍ أفضل من الأشخاص العاديين، كما أنَّهم على استعداد للقيام بذلك حتى عندما لا يحصلون على رواتبهم أو عندما تكون الأمور صعبةً.
يستمر الأشخاص الشغوفون في المضي قدماً لأنَّهم لا يفعلون ذلك من أجل المال أو الشهرة أو السلطة؛ وإنَّما لأنَّهم يحبون القيام به.
هل تساءلتَ يوماً عن سبب امتلاك الأشخاص الناجحين الحافز والطاقة غير المحدودين للعمل على تحقيق أحلامهم؟ هذا هو السبب في أنَّه من الهام تحقيق الانسجام بين شغفك وما تفعله في حياتك، لا سيَّما حياتك المهنية وعملك.
بدأتُ في إنشاء العديد من المواقع الإلكترونية، على مدى السنوات العديدة الماضية، بعضها مواقع للتجارة الإلكترونية تبيع أشياء مثل: المجوهرات والملابس، كما بدأتُ أيضاً في إنشاء مواقع تروِّج للمنتجات المدرجة على موقع أمازون (Amazon) كشركة تابعة له.
وجدتُ فيما بعد بأنَّ الأمور التي يمكِنني حقاً الاهتمام بها والعمل عليها هي الأمور التي أشعر بالشغف تجاهها؛ فعندما أنشئ موقعاً إلكترونياً للتجارة الإلكترونية لبيع المجوهرات، أجد صعوبةً بالغة في الحصول على أفكار، وإيجاد الحافز لكتابة الوصف، وتنسيق صفحة المنتج، وقضاء الوقت على هذا الموقع باستمرار وكل يوم.
ومن ناحية أخرى، عندما يتعلق الأمر بالتنمية الشخصية، يمكِنني كتابة محتوى طويل، وليس لدي مشكلة في القيام بذلك باستمرار، كما يمكِنني أن أفعل ذلك كل يوم.
وهذا هو سبب اعتقادي بأنَّ الشغف أمر هام جداً عندما يتعلق الأمر بتحقيق نجاح واضح في الحياة؛ فمن دون الشغف، لن تحب ما تقوم به، وإذا كنتَ لا تحب ما تفعله، فلن تبذل جهداً أفضل من الآخرين، وستجد أنَّه من الصعب جداً الحصول على حافز للاستمرار على الأمد الطويل.
إذا كنتَ تكافح من أجل العثور على شغفك الآن، فلا تقلق؛ إذ يُعدُّ معظم الناس محظوظين لأنَّهم اكتشفوا ما يحبون القيام به في وقت مبكر من حياتهم، في حين يكافح الآخرون طوال حياتهم ولا يكتشفون ذلك أبداً.
أعتقد أنَّ العثور على شغفك هو أشبه بالوعي المفاجئ، وليس مثل قراءة كتاب لاكتساب معرفة أو مهارة جديدة؛ وإنَّما هو عبارة عن وعي تجده في أعماق قلبك بحيث تقول لنفسك: "هذا هو، وهذا ما أحب أن أفعله، وهذا هو شغفي".
شاهد بالفيديو: 14 نصيحة لتحويل شغفك إلى أفكار قابلة للتنفيذ
ستفهم ما أعنيه أكثر عندما يكون لديك شغف تجاه أمر ما، وإليك 7 علامات تساعدك على اكتشاف شغفك في الحياة:
1. ستعود الأمور التي تثير شغفك إليك دائماً:
عندما يتعلق الأمر بالأمور التي تثير شغفك، أو تُفضِّل القيام بها، أو تحفزك، فإنَّها ستعود إليك دائماً، مهما حاولتَ تجاهلها؛ فربما تحب الموسيقى، وكنتَ تعتقد أنَّها مجرد هواية فتجاهلتَها، وبعد عامين حدث معك أمر ما جعلك على تواصل مباشر مع الموسيقى مرةً أخرى.
سيجدك شغفك ويُظهِرُ لك ما يجب عليك القيام به، بطريقة أو بأخرى؛ فهو أمر لا يمكِنك التخلي عنه وسيعود إليك مراراً وتكراراً.
بالنسبة إليَّ، أحب أجهزة الكمبيوتر وتصميم المواقع الإلكترونية وإنشاء محتوىً مُلهم يحفز الناس، وبعد تخرُّجي من الجامعة، اعتقدتُ أنَّ حلمي في تصميم مواقع إلكترونية ناجحة وكسب دخل من دون عناء هو مجرد رغبة سخيفة.
بعد ذلك، بدأتُ بالبحث عن وظائف وانتهى بي الأمر بأن أكون وكيلاً عقارياً، إلا أنَّني عدتُ إلى تصميم المواقع الإلكترونية وإنشاء محتوى لإلهام الناس.
لقد عاد لي الأمر الذي كنتُ شغوفاً تجاهه، فأنا لا أقول إنَّني لا أحب العمل في مجال العقارات، لكنَّني أفضِّل أن أكون رائد أعمال ناجحاً على الإنترنت أكثر من أن أكون وكيل عقارات ناجحاً.
لذلك، إذا كنتَ تشعر بالضياع الآن، فلا داعي للقلق؛ لأنَّ شغفك الحقيقي سيعود إليك دائماً.
2. ستشعر بالحماس عندما تتحدث أو تفكر في الأمر الذي يثير شغفك:
هذه علامة شائعة جداً تدلُّ على الشغف، ومع ذلك لا يلاحظ معظم الناس ذلك أبداً، وعندما تتحدث أو تفكر في القيام بالعمل الذي تحبه، فإنَّك ستشعر بالحماس.
يمكِنك أن تطرح على نفسك الأسئلة التالية:
- عن ماذا تحب التحدث؟
- ما الذي تتحدث عنه معظم الوقت؟
- ما الذي يجعلك متحمساً جداً بحيث يمكِنك التحدث عنه خلال يومك بأكمله؟
على سبيل المثال: يُفضِّل الأشخاص الذين يعشقون السفر التحدث عن السفر طوال اليوم، وبالنسبة إلى المسوقين الشغوفين الذين يحبون العمل عبر الإنترنت، يمكِنهم التحدث عن إدارة أعمالهم وطريقة الترويج باستمرار دون كلل أو ملل.
بالنسبة إليَّ، يمكِنني قضاء يومي بالكامل أمام جهاز الكمبيوتر أقوم بأمور تتعلق بمدوَّنتي، كما أستطيع كتابة 5000 كلمة في اليوم إذا أردتُ ذلك، ولا يعني ذلك أنَّني لا أشعر بالتعب والنعاس في بعض الأحيان، لكنَّني أحب فعل ذلك.
أنا أفضِّل قراءة الكتب عندما يُفضِّل الآخرون مشاهدة الأفلام أو النوم، وأرغب في قضاء وقت فراغي في كتابة مقال مثل هذا عندما يُفضِّل الآخرون الذهاب إلى حفلة أو غير ذلك.
إذاً، ينبغي أن تسأل نفسك عن الأمور التي تحفزك، وتأخذ بعض الوقت للتفكير والتأمل في حياتك وما يشعل حماسك.
كتب الكاتب مالكولم جلادويل (Malcolm Gladwell) عن قاعدة الـ 10000 ساعة من الممارسة في كتابه الأكثر مبيعاً "المتميزون" (Outliers)؛ حيث ذكر مثالاً عن المشاهير الذين حققوا نتائج استثنائية بسبب استخدامهم قاعدة الـ 10000 ساعة من الممارسة في حياتهم.
إذا كنتَ تقضي 90 دقيقةً فقط يومياً لتعلُّم إحدى المهارات، فسوف يستغرق الأمر 20 عاماً لتصل إلى 10000 ساعة من الممارسة.
يرغب الأشخاص المتفوقون في ممارسة الأمور التي يحبونها باستمرار كل يوم لتحقيق 10000 ساعة حتى لو استغرق الأمر معهم سنوات عدَّة، والسؤال الذي يجب أن تطرحه على نفسك الآن هو: "هل أنت مستعد للقيام بعمل ما لمدة (10-20) سنة قادمة؟
إذا كانت إجابتك بـ "لا"، فربما لا يكون هذا العمل هو شغفك الحقيقي، ومع ذلك، إذا كانت إجابتك بـ "نعم" تلقائياً، فأنت تعلم أنَّك فعلتَ شيئاً هاماً.
3. ستكون على استعداد للقيام بما يثير شغفك حتى عندما لا تكون مضطراً لذلك:
إحدى العلامات الرئيسة التي تُظهِرُ شغفك هي استعدادك للقيام بالعمل؛ لذا فكِّر في الأمر، عندما تقوم بالأمور التي تحبها، فأنت على استعداد للقيام بذلك حتى عندما لا يطلب منك أحد ذلك، فإذا كنتَ تحب السباحة، فستكون الشخص الذي يطلب من أصدقائه الانضمام إليه بدلاً من انتظارهم أو دعوتهم لك.
عندما كان "لس براون" (Les Brown)، أحد كبار المتحدثين التحفيزيين، صغيراً، كان مهووساً في أن يكون منسق موسيقى (دي جي)، لقد أراد أن يصبح منسق أغانٍ لدرجة أنَّه طلب النصيحة من مُعلِّمه حول طريقة الانضمام إلى محطات الراديو، حيث طَلَبَ منه مُعلِّمه الاستعداد بقوله له: "من الأفضل أن تكون مستعداً لفرصة وأنت لا تمتلكها، بدلاً من أن تُتاح لك الفرصة وأنت غير مستعد لها".
لذلك كل ليلة، كان "لس" يتدرب على هذه الفكرة؛ فقد ابتكر محطةً إذاعية وهمية في غرفته الصغيرة، وكانت فرشاة الشعر بمثابة ميكروفون له، وكان يُقدِّم التسجيلات لجمهور وهمي يتخيل وجوده؛ حيث كان بإمكان والدته وشقيقه سماعه من خلال الجدران، وكانا يصرخان عليه ليتوقف عن ذلك ويذهب إلى النوم، لكنَّه لم يتوقف وانغمس في عالمه الخاص ليعيش حلمه.
ذات يوم، تَشجَّع "لس" وذهب إلى محطة إذاعية محلية، وطلب رؤية المدير وأخبره أنَّه يريد أن يصبح منسق أغانٍ (دي جي).
نظر المدير إلى هذا الشاب الأشعث وسأله: "هل لديك أيَّة معلومات عن الإذاعة؟".
أجاب لس: "لا يا سيدي".
فرد عليه المدير قائلاً: "يا بني أخشى أنَّه ليس لدينا وظيفة لك".
شكره "لس" بأدب وغادر المحطة.
لقد اعتقدَ مدير المحطة بأنَّه لن يرى هذا الشاب مرةً أخرى؛ فهو لا يعرف مدى تمسُّك "لس" بهدفه، وفي اليوم التالي، عاد الشاب إلى محطة الراديو مرةً أخرى، وطرده المدير خارج المحطة، ولأنَّ "لس" كان شغوفاً للغاية ومتمسكاً بأحلامه، فقد كان يذهب إلى المحطة كل يوم لمدة أسبوع.
كان "لس" يسأل المدير كل يوم إذا كان هناك أيَّة وظيفة شاغرة، وأخيراً، استسلم المدير وكلَّفه ببعض المهام دون أي أجر؛ ففي البداية، كان يُحضِّر القهوة أو وجبات الغداء والعشاء لمنسقي الأغاني الذين لم يتمكنوا من مغادرة الاستوديو.
فعل "لس" كل ما طُلِبَ منه في المحطة وأكثر من ذلك، وفي أثناء حضوره مع منسقي الأغاني، كان يحاول تعلُّم حركات أيديهم على لوحة التحكم، فقد بقي في غرف التحكم وتعلَّم كل ما استطاع تعلُّمه حتى طلبوا منه المغادرة، وعندما يذهب إلى المنزل، كان يتدرب في غرفة نومه ليلاً، ويُهيِّئ نفسه للفرصة التي كان يعلم بأنَّه سيحصل عليها.
بعد ظهر أحد أيام السبت بينما كان "لس" في المحطة، كان يوجد "دي جي" يدعى روك (Rock) وقد كان ثملاً وهو على الهواء، وكان "لس" هو الشخص الآخر الوحيد في المبنى، وقد أدرك أنَّ "روك" سيقع في مشكلة ما.
بقي "لس" قريباً منه، وكان مسروراً من وضع "روك" وعلى استعداد أن يحضر له المزيد من الشراب إذا طلب ذلك، فقد كان متلهفاً لهذه الفرصة وكان جاهزاً لها، وعندما رن جرس الهاتف، رفع "لس" السماعة، وقد كان مدير المحطة؛ حيث طلب منه الاتصال بأحد المنسقين للحضور وتولِّي هذه المَهمة بما أنَّ "روك" لن يتمكن من إنهاء برنامجه، فوافق "لس" على ذلك، ولكن عندما أغلق الهاتف، قرر أنَّها فرصته التي لطالما انتظرها.
لم يتصل "لس" بمنسق موسيقي آخر، وإنَّما اتصل بوالدته أولاً، وثمَّ أصدقائه، وطلب منهم تشغيل الراديو وأخبرهم بأنَّه على وشك الظهور في بث على الهواء مباشرة، ثمَّ انتظرَ حوالي 15 دقيقة قبل أن يتصل بالمدير ويخبره بأنَّه لم يتمكن من العثور على أحد، ليطلب منه المدير بعد ذلك استلام المهمة.
دخل "لس" إلى غرفة التحكم، وأبعدَ "روك" جانباً برفق، وجلس عند جهاز تشغيل الموسيقى؛ فقد كان جاهزاً لتلك اللحظة، وأمسك الميكروفون وبدأ بالبث ونجح فيما كان يحلم به.
تُعَدُّ قصة "لس" مُلهمةً جداً ومثيرة للاهتمام؛ فقد كان شغوفاً ومتمسكاً بحلمه لدرجة أنَّه كان يفعل أموراً لا يرغب معظم الناس في القيام بها.
إذا كنتَ على استعداد لبذل المزيد من الجهد وتجاوُز ما لا يفعله الآخرون عادةً، تماماً كما فعل "لس براون" (Les Brown)؛ فمن المحتمل أنَّك وجدتَ شغفك، حيث سيمنحك شغفك شجاعةً استثنائية، لأنَّه يوجد في أعماقك رغبة شديدة تؤكد بأنَّك تريد المزيد، وبأنَّك على استعداد للقيام بأمور لن يفعلها معظم الناس.
4. الحرص على معرفة المزيد عن شغفك:
يجب أن تعلم أنَّ هذه علامة أخرى تدل على شغفك؛ فعندما تكون حريصاً ومتحمساً لتعلُّم موضوع معيَّن، ستكون غالباً شغوفاً تجاهه؛ فمثلاً: عندما يتعلق الأمر بالقراءة، فأنا أشعر بالشغف والحماس تماماً لقراءة موضوعات عن التنمية الشخصية، والأعمال التجارية، وأمور التمويل الشخصي؛ حيث أشتري الكثير من الكتب وأقرؤها، ومع ذلك، عندما أحاول قراءة كتب حول موضوعات أخرى مثل: التصميم، أو السكن، أو الموضة، أشعر بالملل والنعاس.
لذلك، يجب أن تسأل نفسك: ما هي الموضوعات التي تحرص على معرفة المزيد عنها، وما هي الأمور التي ترغب في قضاء الوقت في تعلُّمها أو لا يسعك الانتظار لتعلُّمها؟ بالنسبة إلى بعض الناس، قد يتعلق شغفهم بمجال التصوير، فقد رأيتُ أشخاصاً مهووسين بكاميراتهم، ويمكِنهم قضاء اليوم بأكمله في التصوير.
إذاً، ما الذي تحب تعلُّمه؟ وما هي الكتب التي تقرؤها أكثر من غيرها وتتحمس لتقرأها؟
5. الاستمتاع بما تقوم به:
أعتقد أنَّه ليس عليَّ شرح المزيد عن هذه العلامة؛ فعندما تكون شغوفاً بأمر ما، فإنَّك تستمتع بالقيام به؛ حيث يُعدُّ هذا الأمر أحد الأسباب التي تجعل الشغف أمراً هاماً إذا كنتَ ترغب في تحقيق نجاح كبير في مجال عملك.
عندما تشعر بالشغف تجاه أمر ما، فإنَّك ستحب ما تفعله، وسيكون حافزك كبيراً لأنَّك تستغل إمكاناتك الداخلية، ومن ناحية أخرى، عندما تقوم بأمر لا تشعر بالحماس تجاهه، ستشعر بالملل سريعاً ولا يسعك الانتظار حتى تقوم بأمور أخرى؛ فمثلاً: أنا أشعر بالملل عندما أقرأ عناوين لكتب لستُ متحمساً لها؛ لذلك، ابحَثْ عن الأنشطة التي تمنحك أكبر قدر من المتعة والحماس.
6. الرغبة في التحسن والتطور والنجاح:
أحد الأمور التي اكتشفتُها عن الشغف هو أنَّه عندما يطرح عليك أحدهم مشكلةً أو عندما تواجه موقفاً صعباً؛ ستتعامل مع الموقف على أنَّه تحدٍّ إذا كنتَ تشعر بالشغف تجاهه، بدلاً من شعورك بالهزيمة والاستسلام.
يتعامل الأشخاص الذين يشعرون بالشغف تجاه عملهم مع المشكلات على أنَّها تحدٍّ، وليست عقبةً تمنعهم من المضي قدماً، وعندما تُلقي نظرةً على جميع الرياضيين المحترفين، فإنَّك ستجد أنَّ معظمهم يشعرون بالتحدي عندما يواجهون خصوماً أقوى منهم؛ فهم لا يتراجعون أو يستسلمون؛ وإنَّما يشعرون بالحماس وبأنَّهم على استعداد لتحدي أنفسهم لأداء أفضل ما لديهم لتحقيق الفوز.
وإذا كنتَ تحب لعب التنس، فستشعر بالحماس والرغبة بالفوز عندما تواجه خصماً جيداً؛ فأنت تريد أن تُظهِرَ أنَّك أفضل من خصمك وأنَّك جاهز للتحدي. ومن ناحية أخرى، إذا كنتَ لا تحب ما تقوم به، فلن تتعامل معه أبداً على أنَّه تحدٍّ، وستبتعد عنه فقط لأنَّك تعتقد أنَّه من السخيف التنافس على هذا الأمر أو تحويل الموقف إلى تحدٍّ.
لا يَحدث هذا الأمر فقط في مجال الرياضة، وإنَّما يَحدث في كل مجال من مجالات حياتك، على سبيل المثال: إذا كنتَ لا تحب كتابة المدونات، فلن تتحدى نفسك لكتابة محتوى أفضل، وإذا كنتَ شغوفاً بالتسويق عبر الإنترنت، فربما تكون قراءة بعض الكتب عن تحسين محركات البحث وتحسين نتائج البحث على المواقع الإلكترونية أمراً مُملاً بالنسبة إليك، كما يرغب المدونون في إنشاء مدونة ناجحة، لكنَّ معظمهم لا يشعرون بالحماس بفكرة المدونات بحد ذاتها؛ لهذا السبب لا يستطيعون مواكبة العمل والاستمرار فيه.
عندما لا يعلِّق أحد على مدوناتهم، أو لا يَحدث تحسُّن فيها، فإنَّهم يفقدون شغفهم ووجهتهم، ثمَّ يستسلمون؛ لذلك يجب أن تدرك أنَّ الشخص الشغوف حقاً بإنشاء المدونات لن يستسلم أبداً، وسيستمر في كتابة ونشر محتوىً رائع لأنَّه يحب القيام بذلك، فهو لا يفعل ذلك من أجل الآخرين أو من أجل المال؛ وإنَّما من أجل نفسه، فهذا هو شغفه.
وهذا الأمر صحيح، لا سيَّما في المرحلة الأولى من رحلتك في إنشاء المدونات؛ لهذا السبب يُعدُّ امتلاك شغف قوي أمراً هاماً لنجاحك.
عندما تكتشف أنَّه يوجد أمر ما أنت متحمس لتعلُّمه وتحسينه والتعامل مع الصعوبات الناتجة عنه على أنَّها تحدٍّ، فمن المرجح جداً أن يكون ذلك دليل على شغفك.
7. الشعور بالرضا:
أخيراً، عندما تلاحق شغفك فإنَّك ستشعر بالرضا، ومن الصعب شرح ذلك، لكنَّك ستشعر أنَّ هذا هو الأمر الصحيح الذي يجب أن تفعله أو هذا هو المسار الصحيح الذي يجب أن تتبعه.
ستكون تلك المشاعر صحيحةً، وستشعر بالرضا تجاه ما تقوم به، وقد لا تكون قادراً على تفسير ذلك، ولكن بطريقة ما لا يمكِنك إنكار أو تجاهُل تلك المشاعر أيضاً.
من الصعب تحديد حافزك وشغفك وهدفك؛ وذلك لأنَّها تُعدُّ أموراً شخصية جداً وتختلف من شخص لآخر، وقد لا يفهمها الآخرون؛ لأنَّها مشاعر عميقة.
بصفتي مدوناً، أحب الكتابة وقضاء الوقت في هذا الأمر، كما أنَّني أشعر أحياناً بأنَّني لا أملك أيَّة فكرة عن سبب قيامي بذلك، إنَّه شعور مرضي؛ فأنا أشعر بأنَّني أريد أن أفعل ذلك حقاً، وهذا ما يجعلني أستمر في ذلك الأمر حتى اليوم.
ولكن بالنسبة إلى معظم الأشخاص الذين لا يحبون المدونات أو إنشاء المحتوى، لن يجدوا ذلك أمراً ممتعاً، كما أنَّهم لن يفهموا سبب رغبتي في القيام بذلك والإصرار عليه من الأساس.
إذاً، تأكَّد من مشاعرك؛ فهذا هو سبب أهمية التفكُّر عندما يتعلق الأمر بإيجاد شغفك وفهم نفسك.
الخلاصة:
قد لا يكون العثور على شغفك أمراً سهلاً، ولكن توجد علامات تساعدك في تحديد ما الذي تحب القيام به في الحياة، ولا يعني ذلك أنَّه يجب أن تُحقِّق العلامات السبع جميعها المذكورة في هذا المقال لتكتشف شغفك.
وإنَّما تُعدُّ هذه العلامات مجرد إرشادات لمساعدتك جيداً في اكتشاف شغفك؛ بحيث يمكِنك معرفة فيما إذا كنتَ تحب ما تفعله، فهدفي من هذا المقال هو مشاركة بعض الأفكار والعلامات التي تدلُّ على شغفك بأمر ما، ولكن كي تتمكَّن من العثور على شغفك، يجب أن تُجرِّبها بنفسك.
أتمنى أن يكون هذا الدليل مفيداً ويساعدك على اكتشاف شغفك في الحياة.
أضف تعليقاً