يقول الملياردير الأمريكي وارن بافيت: "لا يشعر الإنسان بقيود العادات حتّى تشتد وتَثقُل ويُصبح غير قادرٍ على كسرها". إنَّ أغلب الأثرياء والأشخاص الناجحين في العالم يجمعهم شيءٌ مشتركٌ هل تعلم ماهو؟ إنَّها العادات. نعم، إنَّها العادات وليس مجرَّد الحظ الذي جعل هؤلاء الأشخاص يحقّقوا ما حقّقوه من نجاحٍ وثراء في حياتهم. عاداتٌ بسيطةٌ تفعلها اليوم قد تتحوَّل مع الوقت لتجعلك غداً ما تريد أن تكون. سنقدم لك في مقالنا التالي 6 عاداتٍ يقوم بها الأشخاص الأثرياء والناجحون في العالم.
1. يستيقظون باكراً:
هل سمعت عن شخصٍ ثريٍّ أو ناجحٍ يستيقظ في منتصف النهار؟ حتماً لا. إنَّ معظم الناجحين والأثرياء في العالم يستيقظون في وقتٍ مُبكّرٍ ليبدؤوا يومهم قبل غيرهم من الأشخاص العاديين. حيث يقول "بنجامين فرانكلين" والذي كان ممّن يعشقون الاستيقاظ مبكّراً فيستيقظ في الخامسة صباحاً: "النوم مبكّراً، والإستيقاظ مبكّراً يجعل الإنسان صحيح البدن وثريّاً حكيماً". وهناك أيضاً "تيم كوك" المدير التنفيذي لشركة آبل والذي يقول إنّه يستيقظ في الساعة الرابعة إلّا ربع صباحاً ليبدأ تفقُّد بريده الإلكترونيّ في كاليفورنيا قبل زملائه بالساحل الشرقي للولايات المتحدة، التي تكون الساعة بها 06:45 صباحاً، وهو موعدٌ مبكّر جداً للاستيقاظ على أيّ حال.
أمّا عن "أوبرا وينفري" مقدّمة البرامج الحواريّة الأمريكيّة فتقول أنّها تستيقظ حوالي السادسة صباحاً للتأمُّل وممارسة بعض التمرينات الرياضيّة قبل أن تبدأ عملها عند الساعة التاسعة صباحاً.
وفي الحقيقة فقد أشارت دراساتٌ إلى أنَّ النجاح ربّما يقترن بالاستيقاظ مبكّراً، فالأشخاص الذين ينهضون باكراً يتّسمون عادةً بالمبادرة، ما قد ينعكس بالتالي على حياتهم العمليّة ويوفّر لهم وقتاً كافياً لإنجاز مايريدون إنجازه وحتّى الحصول على وقتٍ إضافيٍّ لأنفسهم.
ولا ننسى حديث النبي صلّى الله عليه وسلّم. فعن صخر بن وداعة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "اللهم بارك لأمّتي في بكورها". قال: "وكان إذا بعث سريّةً أو جيشاً، بعثهم أوّل النهار. وكان صخر رجلاً تاجراً، وكان إذا بعث تجارةً بعثها أوّل النهار، فأثرى وكثر ماله"، رواه أبو داود والترمذي.
ابدأ بتغيير عادتك منذ الغد للاستيقاظ مبكّراً. قد لا يكون الأمر سهلاً ويحتاج بعض الوقت، ولكنّك تستطيع القيام بذلك، ستحتاج إلى بعض الإرادة وتحفيز نفسك للاستيقاظ باكراً، كالخروج من المنزل والقيام ببعض التمارين الرياضيّة وبالتّالي ستتحمّس ويزداد نشاطك.
2. يقرؤون (أيها الجائع تناول كتاباً، فالكتاب سلاح):
إنَّ منافع القراءة لا تقتصر على المنافع العلميّة والصحيّة فقط بل قد تقودك عادة القراءة لأبعد من ذلك لتجعلك في صفّ الناجحين والأثرياء في العالم. إليك "بيل غيتس" مؤسّس شركة مايكروسوفت على سبيل المثال والذي يُعتَبَر من أثرى الأشخاص في العالم، كان يُواظب على القراءة بنَهَمٍ منذ سنٍّ مبكّرة، وبحسب اعتقاده فقد كان لها أثرٌ كبيرٌ في تحقيقه للنجاح الذي وصل إليه، كما يعتقد أنَّ القراءة تساعد الإنسان على معرفة ميوله وتخيُّل النجاح الذي يريد أن يحقّقه والمجال العمليّ الملائم له منذ سنٍّ مبكّرة.
ويشير الكاتب "توماس كورلي" في كتابه (غيّر عاداتك، غيّر حياتك)، إلى أنَّ 88% من الأثرياء يخصّصون كلّ يومٍ 30 دقيقةً أو أكثر للقراءة بهدف التعلُّم واكتساب المعارف والتطوير الذاتي من خلال قراءة السير الذاتيّة للناجحين أو كتب التنمية البشريّة وتطوير الذات. كما يُشير في كتابه "عادات الأثرياء" إلى أنَّ 67% من الأشخاص الأثرياء يُشاهدون التلفاز لمدّة ساعةٍ واحدةٍ يوميّاً أو أقل.
ويقول ستيفن كوفي في كتابه "العادات السبع للناس الأكثر فعالية": إنّ معظم تطوّراتنا العقليّة وانضباطنا الدّراسي يأتي من خلال التّعليم الرّسمي. فبمجرّد أن نترك الانضباط الخارجي للمدرسة يترك العديد منّا عقله يضعف. فلا نقرأ بشكلٍ جديٍّ ولا نكتشف موضوعاتٍ جديدةٍ خارج مجالات عملنا، ولا ننتهج أسلوب التّفكير التّحليلي ولا نكتب، وبدلاً من هذا نمضي الوقت أمام التّلفاز.
وتشير الدّراسات إلى أنّ عدد ساعات مشاهدة التّلفاز بالمنازل يتراوح ما بين 35-45 ساعة في الأسبوع، وهو عدد ساعاتٍ يفوق الذي نمضيه في العمل أو في المدرسة، وهو أكبر المؤثّرات الاجتماعيّة الموجودة. فعندما نجلس أمام التّلفاز نكون عرضة لجميع القيم التي تُبثّ من خلاله والتي تؤثّر علينا تأثيراً مباشراً وقويّاً. ولا توجد طريقةٌ لتثقيف عقلك وتوسيع مداركك بانتظام أفضل من عادة قراءة الكتب القيّمة.
فيمكنك من خلال القراءة الغوص داخل العقول الموجودة الآن، أو التي وُجِدَت في العالم من قبل. ويمكنك البدء بهدف قراءة كتابٍ كلّ شهرٍ ثمّ كتابٍ كلّ أسبوعين ثمّ كتابٍ كلّ أسبوع. فماذا تنتظر؟
3. يضعون الأهداف، يتخيّلون النتيجة ويعملون على تحقيقها:
"إنَّ الذين يحدّدون الأهداف التي تشكّل تحدّياتٍ لكنّها قابلةٌ للتحقيق هم الذين يتحكّمون بقوَّة قبضتهم في المُستقبل". إنَّ 95% من الناجحين من رواد الأعمال يقومون بكتابة قائمةٍ بأهدافهم وخططهم ورؤاهم بطريقةٍ منتظمةٍ ممَّا يضمن لهم النجاح بطريقةٍ منتظمةٍ أيضاً، بالإضافة لذلك فإنَّهم يقومون بتخيُّل نتائج هذه الأهداف وكأنَّها محققةٌ أمام أعينهم ممَّا يحفّزهم ويجعلهم يُثابرون على الالتزام بالعمل الدؤوب.
يقول الدكتور إبراهيم الفقي رحمه الله: "الأهداف غير المكتوبة يعني تمنّي شيء جميل، أمَّا الأهداف المكتوبة فهي الحقيقة". يقول براين تريسي في كتابه فلسفة تحقيق الأهداف (بالقلم والورقة يبدأ كل شيء): "عندما تحتضن القلم بأناملك تكون قد استدعيت عاملين قويين من القوّة الإنسانية، أحدهما البدني حيث تُمسك بالقلم وتحرّك يدك، والآخر العقلي حيث تفكيرك مشغولٌ بهذا الهدف ويكتبه ويقرأه، كما أنَّ الصوت القادم من عقلك الباطن يكون دائم التكرار للهدف المكتوب".
4. يحيطون أنفسهم بالناجحين والأثرياء:
يقول الكاتب "هارف إيكر" في كتابه "أسرار عقليّة المليونير": "إنَّ الأغنياء يُصادقون الأغنياء والناجحين، أمَّا الفقراء فيكتفون بلعن وكره الأغنياء". ويقول المثل: "قُل لي من تُصاحب، أقل لك من أنت". فالعادات الاجتماعيّة تلعب دوراً هامّاً في حياة الأشخاص الناجحين، والتي تتضمَّن نوعيّة الأشخاص الذين يصادقونهم والذين يُحيطون أنفسهم بهم. حيث أنَّ الأشخاص الناجحين يُصادقون الناجحين ومن لديهم صفات أو أفكار أو عادات تستحق اكتسابها أو أخذها عنهم، ويبتعدون بالمُقابل عن الأصدقاء أو الأشخاص السلبيين.
يقول الملياردير الأمريكي "وارن بافيت": "من الأفضل أن يُرافق المرء أُناساً أفضل منه، فعليه اختيار أشخاص ذوي سلوكيات أفضل من سلوكه، وسيجد نفسه يحذو حذوهم بشكلٍ تلقائي".
إذا كُنت تُصادق أشخاص فاشلين أو سلبيين أو بلا هدف فحتماً ستكون مثلهم، وقد تكتسب العادات التي يقومون بها مع مرور الوقت. لذلك أحط نفسك بالأشخاص الناجحين أصحاب الطموح ذوي عادات ناجحة وحتماً سيكونون بمثابة محفّزٍ لك على ممارستها.
وأخيراً بدلاً من أن تكتفي بلعن الأثرياء والناجحين أو الغيرة منهم، تعلّم من قصصهم وكُن منهم.
5. يدّخرون (قاعدة 80/20):
هل تساءلت يوماً كيف يبقى الأثرياء أثرياءً؟ كيف يحافظون على ثروتهم؟ في الحقيقة إنَّ ما يُميّز أولئك الأشخاص عن غيرهم ممَّن يبدّدون أموالهم أو لا يحسنون إنفاقها على الوجه الصحيح، هو قدرتهم على التحكُّم في الإنفاق على أسلوب حياتهم. لقد شاهدنا أشخاصاً يكسبون الكثير من المال، ويُنفقون معظمه ثمَّ يعودون من حيث بدؤوا. فالأثرياء قد لا يكونون أثرياء لمجرَّد اكتسابهم الكثير من المال، بل لكونهم يدّخرون الكثير أيضاً. يقول "توماس كورلي" في كتابه (غيّر عاداتك، غيّر حياتك) أنَّ قاعدة 80/20 تُعَد إحدى العادات التي يتبعها الأثرياء في الادّخار وجمع الثروة، وتقوم هذه القاعدة على إنفاق 80% من الدخل، وتوفير 20% منه.
كما وَجَدَ "توماس كورلي" أنَّ 88% من الأثرياء الذين دَرَسَهُم، أكّدوا أنَّ الاقتصاد وتوفير الأموال لعب دوراً مؤثّراً جدّاً في تحقيقهم النجاح. وإليك أمثلةً عن أشخاص من أغنى الأغنياء في العالم لكنّهم يعيشون بشكلٍ مُقتصد. اشترى وارن بافيت، الذي تتجاوز ثروته الصافية 89 مليار دولار، منزله في عام 1956 مُقابل 31500 دولار، ولم ينتقل من ذلك المنزل إلى منزلٍ آخر أكثر فخامةً منذ ذلك الحين. وهناك أيضاً أصغر ملياردير في العالم "مارك زوكربيرج" المدير التنفيذي والمؤسّس المُشارك لموقع (فيسبوك)، والذي اشتُهِرَ بمظهره البسيط في أغلب الأوقات.
6. يُمارسون الرياضة:
هل تعلم أنَّ 65% من الأثرياء يقومون بممارسة الرياضة لمدّة 30 دقيقة في اليوم على الأقل، كالركض أو الهرولة أو المشي أو ركوب الدراجة. وأنَّ من يُمارس الرياضة من أولئك يتمتَّع بمزايا تتفوَّق على من لا يقوم بممارستها كامتلاكهم مستوياتٍ أعلى من معدّلات الذكاء، وقوّة الإرادة، والثقة، وزيادة طاقة إنتاجيتهم بنسبةٍ تصل إلى 20%.
فالرياضة غذاء الجسد والعقل والروح، وبالإضافة لفوائدها الصحيّة فإنَّها تلعب دوراً فعّالاً في المساعدة على تهدئة العقل وتأمين النوم المريح، بالإضافة للتخفيف من التوتُّر والضغوط اليوميّة وتقوية الذاكرة وزيادة القدرة على التركيز وتعزيز الإبداع، كما تمنح الإنسان الشعور بالراحة والسعادة وتَرفَع من طاقته ومشاعره الإيجابيّة.
إنَّ النجاح والثراء لا يكونان بضربة حظٍّ ولا بمجرَّد التمنّي أو الأحلام، بل يكونان بالعمل الجاد والتخطيط والتنظيم من أصغر التفاصيل في حياتك لأكبرها والتخلّي عن الكثير من العادات السيّئة. يقول ستيفن كوفي في كتابه "العادات السبع للناس الأكثر فعالية": "إنّ شخصياتنا تتكوّن في الأساس من عادتنا، وتُعَد العادات عوامل مؤثّرة في حياتنا لأنّها متماسكة ومترابطة وعادةً ما تكون نماذج غير واعية. فهي تعبّر بشكلٍ دائمٍ ويوميٍّ عن شخصيّاتنا وتَصنَع فعاليّاتنا أو انعدام تلك الفعاليّة. وكما قال المعلّم العظيم "هوراس مان": العادات تُشبِه الحبل الغليظ ننسج أحد خيوطه كلّ يوم وسريعاً ما يُصبح مستحيل القطع، وأنا لا أتفق معه في الجزء الأخير من تعبيره. فأنا أعلم أنّه قابل للقطع. فالعادات يمكن تعلّمها ويمكن التّوقف عن القيام بها ولكنّ التوقُّف عمليّةٌ ليست سريعةً بل تتطلّب التزاماً لا حدود له، وجهداً هائلاً ولكن ما أن ننطلِق خارج نِطاق الجاذبيّة تأخذ حياتنا بُعداً جديداً تماماً".
أضف تعليقاً