خضعَت التمرينات الجسدية للدراسة المكثفة؛ حيث أظهرَت الدراسات ترابطاً مفيداً بين اللياقة البدنية وبين أمور كطول العمر، والغذاء، والعواطف، والثقة بالنفس، وهي أمور من شأن كلٍّ منها أن يؤثر في سعادتك من نواحٍ عدَّة.
تعرَّف أكثر إلى كيفية جعل نفسك أكثر سعادةً عن طريق اتباع أسلوب حياة نشيط.
كيف تجعلك التمرينات الرياضية سعيداً؟
وجدَت دراسات عدَّة علاقةً بين النشاط البدني والحالة المزاجية، فعلى سبيل المثال: تُعَدُّ التمرينات إجراءً وقائياً ضد الاكتئاب ومن الممكن أن يكون أثرها منافساً لمضادات الاكتئاب في معالجة الاضطراب الاكتئابي الشديد (MDD) ولا يتطلب الأمر الكثير من التمرين حتى تلاحظ فرقاً، كما وجد استطلاعٌ بأنَّ 10 دقائق من التمرينات أسبوعياً كانت كافيةً لتضفي شعوراً بالسعادة، إلا أنَّ مزيداً من التمرينات يُعَدُّ أفضل؛ حيث ثبت أنَّها تؤدي إلى شعور أكبر بالسعادة.
يمكِن للتمرينات في الهواء الطلق أن تمنحك شعوراً أفضل؛ حيث يحذِّر "كيفن جليلاند" (Kevin Gilliland)، الحاصل على شهادة دكتوراه في علم النفس، بأنَّه لا يجب أن يُنظَر إلى التمرينات كعلاج يمنح السعادة كلياً، فيقول: "إنَّها تساعد على تحسين المزاج والقلق، إلا أنَّه يجب علينا الاستفادة من باقي الأمور المساعِدة كالأدوية والاستشارة النفسية والقيم الروحية".
بالإضافة إلى تحسين المزاج، إليك 6 فوائد صحية تعود بها ممارسة التمرينات الرياضية عليك، والتي من شأنها أن ترسم ابتسامةً على محيَّاك:
1. تساهم التمرينات في إطالة عمرك:
يمكِن أن يجعلك العيش طويلاً تشعر بالسعادة، وتربط العديد من الدراسات بين العيش طويلاً وبين ممارسة التمرينات؛ فقد وجد الباحثون بأنَّ التمرينات تقلل من مخاطر الإصابة بترقُّق العظام وتحدُّ من انتشار بعض الخلايا السرطانية وتزيد العمر الكلي طولاً؛ حيث تحسِّن صحة القلب والأوعية الدموية لدى كبار السن.
وما الضير في العيش طويلاً؟ ففي النهاية، توفر لك الحياة الأطول مزيداً من الوقت لتحقيق الأهداف، بالإضافة إلى الوقت الذي تتيحه لتمضي وقتك مع أحبائك وبالأخص أولادك وأحفادك.
2. تحسِّن التمرينات الذاكرة في الشيخوخة:
كم سيكون أمراً لطيفاً أن تسترجع ذكريات مميَّزة من حياتك بعد مرور سنوات طويلة عليها؛ كأول موعد لك مع شريكك، أو الوقت الذي حقَّقتَ فيه نجاحاً باهراً في مشروعٍ ما، أو المديح الذي تلقَّيتَه لإنجاز عمل مميَّز؛ حيث تجعلنا الذكريات أسعد وقد ثبت أنَّ التمرينات تحسِّن من الذاكرة وخاصةً عند كبار السن المعرَّضين لفقدان الذاكرة.
على سبيل المثال: كشفَت دراسةٌ أُجرِيَت عام 2019 بأنَّ التمرينات الهوائية تحسِّن من الأداء الوظيفي مثل الذاكرة العاملة والتفكير المرن وضبط النفس عند مَن هم فوق سن 55 ممن كانوا معرَّضين لنقص الإدراك.
شاهد بالفديو: فوائد الرياضة على الصحة النفسية
3. تشجِّع التمرينات على اتِّباع حميةٍ صحية:
يرى الباحثون أنَّ تناول الطعام الصحي يجعلك أكثر سعادةً، وهو أمر مقنع، فعلى الأرجح ستشعر بسعادة لكونك تعتني بجسدك والذي بدوره سيتحسن أداؤه تحسُّناً أكبر.
من الصعب عليك في بعض الأحيان أن ترغب في تناول طعام صحي، فما الذي يمكِن أن يدفعك إلى ذلك إذاً؟ إنَّها التمرينات الرياضية، يقول "مايكل نودسن" (Michael Knudsen)، طبيب جراحة العظام والأستاذ المساعد في كلية الطب في "جامعة مينيسوتا" (University of Minnesota): "عندما يبدأ المرضى بإدخال العادات الصحية مثل التمرينات إلى حياتهم، فإنَّهم يميلون إلى أن يكونوا أكثر وعياً لأمور أخرى مثل تناول الطعام الصحي".
أظهر بحثٌ نُشِر عام 2015 أنَّ البدء أو الاستمرار في ممارسة الرياضة أدى إلى زيادة استهلاك الفاكهة والخضروات لدى كل من الرجال والنساء، ووجدَت دراسةٌ أخرى عام 2019 نتائج مماثلة؛ حيث كان المشاركون في برنامج تمريناتٍ مدته 15 أسبوعاً أكثر ميلاً لاختيار الأطعمة الصحية اختياراً طوعياً.
4. تحافظ التمرينات على قوة جهازك المناعي:
كلما كان جهازك المناعي أقوى، قلَّ احتمال إصابتك بالمرض؛ نظراً لأنَّنا نسعد عموماً عندما لا نكون مرضى، فإنَّ تعزيز نظام المناعة يمكِن أن يجعلك أكثر سعادةً على الأرجح؛ حيث يمكِن أن تساعدك ممارسة الرياضة في ذلك، ولكن عليك أن تجعلها عادةً.
وجد استطلاعٌ أُجرِيَ عام 2018 دليلاً يشير إلى أنَّ التمرين المنتظم - عند القيام به بانتظام لمدة 45 دقيقة على الأقل في كل مرة - قد يمنع جهازك المناعي من الضعف مع تقدُّمك في العمر.
5. تحسِّن التمرينات النوم:
إذا كنتَ تتقلَّب في فراشك طوال الليل، فسوف يكون مزاجك سيئاً للغاية في اليوم الذي يليه؛ حيث أظهرَت العديد من الدراسات، بما في ذلك دراسة عام 2010، أنَّ تمرينات الأيروبيك تحسِّن النوم والحياة اليومية، فليس من المستغرب أن تُظهر الأبحاث أنَّ الحصول على نوم جيد ليلاً يساهم في تحسين الحالة المزاجية والشعور بالراحة.
6. تعزِّز التمرينات طاقتك:
من الصعب أن تشعر بالسعادة عندما تكون مرهقاً، ولكن عندما تشعر بالنشاط، قد تشعر بالحماسة تجاه المهام الروتينية مثل تنظيف خزانتك؛ حيث أظهرَت الأبحاث أنَّ الأشخاص النشيطين بدنياً يتمتعون بطاقة أكبر وإجهادٍ أقل.
يقول "نودسن": "عندما يمارس مرضاي - وخاصة أولئك الذين كانوا غير نشيطين - المزيد من التمرينات، فإنَّهم يكونون أكثر نشاطاً في خطواتهم ويشعرون بمزيد من النشاط طوال اليوم".
تأثير ممارسة التمرينات في دماغك:
يقول "جيليلاند": "الحركة بركة؛ حيث تنشِّط التمرينات مناطق من دماغنا وتطلق الهرمونات والمواد الكيميائية في الدماغ (الناقلات العصبية) التي ترتبط غالباً بتحسُّن الحالة المزاجية".
وفيما يلي بعض النتائج الرئيسة حول العلاقة بين النشاط البدني والسعادة:
- تحفيز ليونة الدماغ: وهي قدرة عقلك على تغيير العواطف والتكيف والتعامل معها؛ حيث أظهر استطلاعٌ عام 2020 أنَّ التمرينات لها تأثير إيجابي في مرونة الدماغ لدى مرضى الاكتئاب؛ حيث يمكِن أن تقلل من أعراضه.
- تحسين وظيفة هرمون السيروتونين: وهو مادة كيميائية في الدماغ ترتبط بالشعور بالسعادة، وأظهر استطلاع عام 2017 أنَّ الركض يزيد من إفراز إنزيم "هيدروكسيلاز التريبتوفان" (tryptophan hydroxylase) الضروري لتكوين "السيروتونين".
- زيادة حجم قرن آمون في الدماغ: أظهرَت دراسةٌ أُجرِيَت عام 2011 أنَّ التمرينات الهوائية تزيد من حجم قرن آمون، وهو جزء من الدماغ مسؤول عن الذاكرة المكانية؛ حيث أدى النشاط البدني إلى تحسين الذاكرة المكانية؛ مما يعني أنَّه يمكِن للأشخاص تذكُّر الأشياء المتعلقة ببيئتهم تذكُّراً أفضل، مثل كيفية الوصول إلى مطعمهم المفضل أو القدرة على تذكُّر أين وضعوا مفاتيحهم.
يقول "جيليلاند" بأنَّ التمرين يمكِن أن يساعد على خفض هرمون التوتر المصاحب عادةً للقلق مثل "الكورتيزول".
كم تحتاج من التمرينات كي تكون سعيداً؟
تقول دراسةٌ إنَّ 10 دقائق من ممارسة التمرينات الهوائية تُعَدُّ فعَّالةً للغاية من أجل سلامتك الجسدية والعقلية.
ويقول "ندسون": "إن كنتَ مهتماً بالبدء بخطوات بسيطة، فإنَّ المشي سريعاً حول منزلك هو هدف سهل للجميع، أو يمكِنك المشي لمسافات أطول أو الهرولة بضع مرات في الأسبوع".
يقترح "جيليلاند" البدء بأكثر نشاط تستمتع به، والذي من شأنه أن يساعدك على نسيان ضغوط الحياة، ويشير أيضاً إلى أنَّ التمرين ضمن مجموعات بالنسبة إلى بعضهم أكثر فائدةً من التمرين وحيداً؛ نظراً لأنَّه يضفي عنصراً اجتماعياً، فضلاً عن تلقِّي التشجيع والدعم.
إذا كنتَ ترغب في نيل أقصى استفادة من التأثيرات المتعلقة بتحسين الحالة المزاجية، فإنَّ ممارسة الرياضة وفقاً لجدول زمني منتظم هي أفضل حل، وأظهرَت دراسةٌ عام 2018 أنَّ ممارسة التمرينات الهوائية لمدة 45 دقيقة بحِدة معتدلة، ثلاث مرات في الأسبوع لأكثر من 9 أسابيع، كان لها تأثيرٌ مضادٌ للاكتئاب.
الخلاصة:
يوفر التمرين العديد من الفوائد التي يمكِن أن تساعدنا على عيش حياة أكثر سعادةً عموماً، على سبيل المثال: يمكِن أن يحسِّن مزاجك، ويساعد على إطالة عمرك، ويحسِّن ذاكرتك، والعديد من الفوائد الأخرى.
كما أنَّ له تأثيراً قوياً في عقلك؛ مما يساعده على العمل عملاً أفضل من نواحٍ كثيرة، لا سيَّما لتحسين الحالة المزاجية والذاكرة.
وأفضل ما في الأمر أنَّه يمكِنك البدء بجني بعض هذه الفوائد بأقل من 10 دقائق من التمرينات في اليوم، وهذا كفيل بأن يرسم ابتسامةً على وجه أيٍّ منَّا.
أضف تعليقاً