الذكاء البصري نوع من أنواع الذكاء، ما هي أنواع الذكاء التسعة؟
على مدار عقود من الزمن، كان الشائع في علم النفس؛ أنَّه يوجد نوعان رئيسان للذكاء، وهما البراعة في الرياضيات أو البراعة في اللغات، حتى جاء عالم النفس الأمريكي "هاورد غاردنر" بنظريته حول الذكاءات المتعددة، وذلك عام 1983، حيث وضح غاردنر أنَّ الذكاء يتضمن جوانب أكثر من مجرد البراعة في اللغات أو في الرياضيات، وذهب إلى اقتراح أنواع للذكاء، وهي:
- الذكاء المنطقي - الرياضي: غالباً ما يُقاس بناءً على قدرات الشخص المنطقية ومهاراته في حل المسائل الرياضية.
- الذكاء اللغوي: يُعبر عن قدرة الشخص على استخدام الكلمات بفاعلية، وإتقان أكثر من لغة، وحفظ مخزون ثري من المفردات، وغالباً ما يُجيد أصحابه الكتابة.
- الذكاء الطبيعي: وهو القدرة على قراءة وفهم الطبيعة وجميع الكائنات الحية، وحب تربية الحيوانات الأليفة، وزراعة النباتات.
- الذكاء السمعي (الموسيقي): وهو امتلاك حساسية عالية للأصوات، والقدرة على تمييز الأصوات المختلفة، والمقطوعات الموسيقية والتأثر بها.
- الذكاء الجسدي - الحركي: يُعبر عن المهارات الجسدية، والقدرة على استخدام القوة الجسدية للسيطرة على الأشياء المختلفة من حولنا، والتواصل الجيد باستخدام لغة الجسد، من أمثال: الرياضيين، والممثلين على المسرح، والجراحين الذين يُحسنون استخدام أيديهم بدقة عالية.
- الذكاء العاطفي (EQ): الذكاء العاطفي هو قدرة الشخص على التواصل مع الآخرين، وبناء علاقات مستمرة معهم، والقدرة على تمييز الاختلاف والفروق بين الأشخاص والتعامل معهم كل حسب ما يُناسبه.
- الذكاء الذاتي- الداخلي: أن يفهم الإنسان نفسه، ويعلم تماماً ما الذي يشعر به والسبب وراء شعوره هذا، ويكون لديه وعياً كافياً بمشاعره وبما يُريد.
- الذكاء الوجودي: القدرة على التعامل مع القضايا الوجودية، والخوض في أسئلة عميقة للغاية (لماذا نعيش، لماذا نموت، ماذا يحدث بعد الموت؟)، وشغف البحث عن إجابات عنها.
- الذكاء البصري - المكاني: هو ما يُعرف بـِ "ذكاء الصورة" ويدل على القدرة على فهم المعضلات البصرية وحلها، وتكوين صورة دقيقة والتغيير فيها ذهنياً، ويتميز أصحاب هذا الذكاء بذاكرة جيدة تُخزِّن في طياتها الوجوه والأماكن.
شاهد بالفيديو: 8 طرق لاستثمار الذكاء العاطفي في كسب محبة الناس
ما هو الذكاء البصري المكاني؟
يوجد العديد من التعاريف للذكاء البصري المكاني، نذكر منها:
- هو التميز في القدرة على استعمال الفضاء بشتى أشكاله، بما في ذلك قراءة الخرائط والجداول، وتخيُّل الأشياء، وتصوُّر المساحات، ومهارة إدراك الاتجاه، والتعرف على الوجوه أو الأماكن، والانتباه للتفاصيل.
- يُشير الذكاء البصري إلى القدرة على التفكير أو التصور ثلاثي الأبعاد.
- القدرة على رؤية علاقات الأشكال مع بعضها بعضاً، وعلى رؤية العلاقات بين الأشياء في الفراغ، والقدرة على قراءة الخرائط وترجمة المعلومات من على الخريطة.
- القدرة على تنسيق الصور المكانية، وإدراك الصور الثلاثية الأبعاد، إضافة إلى الإبداع الفني المستند إلى التخيل الخصب، ويتطلب هذا النوع من الذكاء توفُّر درجة من الحساسية للألوان والشكل والخط والفراغ والعلاقات بين هذه العناصر.
- هو القدرة على الاستيعاب عن طريق الصور وتشكيلها، والقدرة على استيعاب العالم المرئي بدقة، وإعادة تشكيله بصرياً ومكانياً في الذهن أو على الورق.
- القدرة على الإدراك البصري واستغلال الصورة العقلية لحل المشكلات.
- لا يقتصر هذا الذكاء على المجالات المرئية؛ حيث وجد "غاردنر" أنَّ الذكاء المكاني يكون شكلاً من الأشكال الموجودة لدى فاقدي البصر؛ ذلك لأنَّه لا يعتمد على الإدراك البصري فحسب، وإنَّما أيضاً على الإدراك اللمسي الذي يساعد على تحديد المواضع والمسافات والأحجام.
أهمية الذكاء المكاني - البصري:
- يساعد على تحليل المشكلة بطريقة مختلفة.
- يمكن توظيفه والاستفادة منه في عدة مجالات؛ كالرسم والتصوير والتصميم والإعلان.
- القدرة على تصميم النماذج وتحويلها إلى مجسمات ملموسة.
عند مَن نجد الذكاء المكاني - البصري؟
عند المختصين في فنون الخط، وواضعي الخرائط والتصاميم، والمهندسين المعماريين، والفنانين التشكليين، وصانعي الديكور، والنحاتين، والبحارة، وربابنة الطائرات، ولاعبي الشطرنج، وفي المهن المتعلقة بالرحلات أو السياحة أو الكشافة، وتصميم الأزياء أو المجوهرات، ويمكن اعتبار بيكاسو ومايكل آنجلو نماذج من الشخصيات التي تُجسِّد هذا الذكاء.
ما هي طرق تنمية الذكاء البصري عند الأطفال وعند الكبار؟
حسب علماء النفس، هناك عدة طرائق لتنمية الذكاء البصري المكاني سواء عند الأطفال أم عند الكبار.
طرائق تنمية الذكاء البصري المكاني عند الأطفال:
- التخيُّل البصري؛ تعتمد هذه الاستراتيجية على تحويل وترجمة مادة الكتاب إلى صورة ذهنية؛ ويتم ذلك بأن يطلب المعلم مثلاً من الأطفال، إغلاق أعينهم وتصور ما تم دراسته في الحصة، وتضمن الممارسة العملية لهذه الطريقة جعل الأطفال يخترعون لوحاً داخلياً خاصاً بهم أو شاشة تلفزيونية في أذهانهم، وبذلك يصبح بإمكانهم أن يعرضوا كل ما هو مُدوَّن في اللوح العقلي لأي مادة يريدون تذكُّرها.
- تنبيهات الألوان؛ غالباً ما تكون الحساسية العالية للألوان من سمات أصحاب هذا النوع من الذكاء، مما يوضح أهمية استخدام الألوان لتعليم أو شرح شيء ما لهم.
- الصور؛ يميل أصحاب الذكاء البصري للصور والرسوم التوضيحية والخرائط والجداول؛ لذا يُنصح باستخدام هكذا وسائل لتنمية الفهم والذكاء البصري لديهم.
- أيضاً يُنصح بتقديم ألعاب المتاهات، والشطرنج، وألعاب التركيبات ثلاثية الأبعاد للطفل.
- ممارسة الكلام التخيُّلي مع الطفل (الوصف الدقيق في أثناء الكلام)، ليتعلم التخيل المرئي بما يُحكى له.
- تدريب الطفل أن يتخيل نتيجة مهمة ما، قبل عملها بنفسه، كأن نطلب منه تخيل غرفته بعد تعديل أماكن الأثاث.
- نطلب منه المساعدة وأخذنا لمكان زاره من قبل.
- نستخدم معه الكتب والقصص الغنية بالخيال والرسوم.
- تحفيز القدرات التخيلية لدى الطفل، وذلك عن طريق عرض المواقف على صورة تأملات، كأن نطلب منه تخيل نفسه أنَّه يعيش حياة شاعر بدوي في الصحراء، ونسأله "ما الذي يراه حوله؟"، أو مثلاً تخيُّل حياة الناس قبل اختراع الكهرباء أو الهاتف، ونطلب منه إخبارنا "كيف تخيَّلها؟".
شاهد بالفيديو: 10 طرق لتنمية الذكاء والقدرات العقلية عند الأطفال
طرائق تنمية الذكاء البصري المكاني عند الكبار:
- تحديد مناطق ضعف الذكاء لدينا؛ مثلاً إن كنا نشعر بصعوبة في التنقل وحفظ الأماكن، يجب أن نقلل من استخدام ال GPS (النظام العام لتحديد الموقع الجغرافي)، ونحاول أن نعتمد على أنفسنا عوضاً عنه، هكذا ممارسات تُنمِّي الذكاء المكاني لدينا.
- التركيز على مهارات مكانية ملموسة، من خلال بناء الأشياء، فوفقاً لجامعة جونز هوبكنز "إنَّه يمكن لألعاب مثل لعبة البلوكات ولعبة أداء العجلات أن تُحسِّن الذكاء المكاني"؛ لذا لا مانع من أن نأخذ من 10 إلى 15 دقيقة من كل يوم لنتحدى أنفسنا في مهام معينة؛ كبناء قلعة أو بناء سفينة في لعبة ما.
- الألعاب الإلكترونية؛ وهي أدوات التعلم الافتراضي للذكاء المكاني، كالألعاب التي تُقوِّي التدوير العقلي مثل ألعاب تتريس، والألعاب التي تتطلب التنقل في مسارات.
- هناك مشكلات كاملة مصممة لمساعدتنا على ممارسة الذكاء المكاني (نموذج اختبار نسبة الذكاء IQ)، وأيضاً ألعاب نمو الدماغ عبر الإنترنت التي تُظهر كيف يتحسن ذكاءنا.
- تُساعد مشاريع البناء المنزلية البسيطة، مثل دهان غرفة، أو اختيار ديكور معين، أو أثاث جديد، في تحفيز الذكاء المكاني لدينا.
- المشاركة في رحلات المتاحف والآثار، ثم محاولة كتابة تقرير عن الرحلة نصف فيه ما رأينا.
- تحفيز قدرتنا على التخيل دائماً، بإغلاق أعيننا عند سماع قصة أو وصف ما، وتخيُّل القصة والمكان بأبعاده الثلاثية.
ما هي مهارات الذكاء البصري المكاني؟
- يحتاج أصحاب هذا النوع من الذكاء إلى صورة ذهنية أو صورة ملموسة لفهم المعلومات الجديدة؛ لذلك نجدهم يميلون للتفكير في الصور، ويستمتعون بالتعامل مع الخرائط الجغرافية، واللوحات، والجداول والرسوم البيانية.
- تعجبهم ألعاب المتاهات، وغالباً ما يكونون متفوقين في الرسم.
- الاستمتاع بالتصميمات الفنية والديكورات، والانتباه لأدق التفاصيل فيها.
- القدرة على تجهيز المعلومات البصرية المكانية، وتمثيلها في سياق ثلاثي الأبعاد.
- القدرة على إدراك العلاقات بين الأشكال والعناصر البصرية في الفراغ.
- تأليف القصص من الخيال.
- رسم خرائط ذهنية للدرس أو تمثيله في صور.
- حفظ الأماكن من أول مرة، والقدرة على وصفها بالتفصيل وبدقة عالية.
- يحبُّون الرسم، ويعشقون الألوان.
- يستخدمون الاتجاهات الأربعة في تحديد الأماكن الجديدة.
- لديهم ذاكرة بصرية غنية.
- كثيراً ما يستخدم أصحاب الذكاء البصري الكاميرا، لالتقاط صور، لما يلفت انتباههم من حولهم.
إحدى القصص الجميلة على الذكاء البصري:
يُحكى عن ملك أعرج وأعور، أنَّه جمع في قصره أعظم الفنانين، وطلب منهم أن يقوموا برسم صورة له، دون أن يُظهروا هذين العيبين مقابل مكافأة مجزية.
رفض جميع الرسامين رسم هذه اللوحة، فكيف يُصورونه واقفاً وهو أعرج، وكيف يرسمون نظراته الثاقبة وهو أعور، ولكن وسط هذا الرفض، قَبِل أحد الرسامين أداء المهمة، وفعلاً قام برسم الملك بصورة رائعة.
حيث تخيل هذا الرسام، أنَّ الملك يُمارس الصيد في الغابة، وهذا ما دفعه لأن يُثني رجله ويُغمض عينه، وبذلك تمكن هذا الرسام من رسم الملك الأعور والأعرج دون إظهار عيوبه، وحصل على مكافأة كبيرة من الملك؛ ذلك لأنَّه استطاع أن يُوظِّف خياله وذكاءه البصري لإنجاح عمله الفني.
في الختام "لا يوجد إنسان غبي":
لا يوجد إنسان ذكي وإنسان غبي، فكما رأينا للذكاء أنواع ومنها الذكاء البصري والذكاء المكاني، فلا يجب أن يكون طفلنا خارقاً في حل مسائل الرياضيات حتى نعده ذكياً، إذ قد يكون ذكياً في مجال آخر، كأن يكون ذكياً ذكاءً لغوياً، أو ذكاءً اجتماعياً، أو ذكاءً جسدياً، أو ذكاءً بصرياً؛ وأديسون خير مثال على ذلك؛ فهو طُرد من المدرسة بسبب غبائه -حسب تصنيفهم المحدود للذكاء- إلا أنَّه استطاع فيما بعد اختراع الكهرباء.
العبرة أن يعرف الإنسان نوع الذكاء الذي لديه، ويعمل على تنميته وتطويره، وعندها ربما سيغدو كاتباً أو رساماً أو مصمماً أو متحدثاً تحفيزياً أو موسيقياً مشهوراً.
أضف تعليقاً