5 صعوبات تواجه رواد الأعمال

بدايةً دعني أوضح لك بعض الأمور لكشف الغموض عن بعض المفاهيم الخاطئة حول ريادة الأعمال بناءً على تجربتي الشخصية في بناء وتنمية شركة ناشئة؛ حيث طبَّقتُ خلال السنوات الخمس الماضية من إدارة مشروعي العديد من الأشياء التي فشل بعضها ونجح بعضها الآخر في تنمية المشروع.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن رائد الأعمال "ديباك كانا كراجو" (Deepak Kanakaraju)، والذي يُحدِّثنا فيه عن تجربته الشخصية في ريادة الأعمال والصعوبات التي قد تواجهنا.

ويعتقد الكثير من الناس أنَّني رائد أعمال لأنَّني أريد كسب المال، أو التأثير في المجتمع لأحقِّق بذلك الشهرة وأُحدِث تأثيراً، صحيح أنَّها من ضمن الأسباب، ولكنَّ السبب الأهم الذي يكمن في كوني رائد أعمالٍ أنَّني أتقن ريادة الأعمال ولا أعرف امتهان أي عمل غيرها، بالإضافة إلى عدم وجود أيِّ عملٍ آخر يسترعي انتباهي أو يتحدى قدراتي الكامنة  بصفتي رائد أعمال، وعلى الجانب الآخر، كونك رائد أعمالٍ ليس بالأمر السهل، فقد يتطلب الأمر مجهوداً بدنياً وعقلياً لإبقاء الشركة الناشئة مزدهرةً باستمرار، فدعونا ننظر إلى العقبات الخمس الأولى التي يواجهها روَّاد الأعمال في رحلتهم المهنية:

1. ضعف الثقة والتشكيك بالنفس:

التحدي الأكبر الذي يواجهه روَّاد الأعمال ليس نابعاً من الخارج؛ بل هو صراع داخلي؛ حيث سيستمر صوت الشك الذاتي داخلك في الصراخ وتوجيه تساؤلات عدة تدفعك للتشكيك بقدرتك على تحقيق النجاح، وإذا استمر هذا الصوت الداخلي بالتنكيل فيك دون رادع، فسوف تتحول إلى شخص مكتئب وسلبي، وبالتأكيد لا يمكن لمثل هذا الشخص أن يكون رائد أعمالٍ ناجحاً، فالحل لإبعاد الشكوك الداخلية ورفع المعنويات هو اتخاذ خطواتٍ مستمرةٍ في تعلُّم شيءٍ جديد لمدة ساعةٍ واحدة على الأقل في اليوم، فاقرأ الكتب واستمِع للكتب الصوتية، واقضِ بعض الوقت في متابعة تغريدات روَّاد الأعمال الناجحين، فإنَّ أفضل طريقة للقضاء على الشك الذاتي هي رؤية إنجاز الآخرين وما وصلوا إليه، والاقتناع بأنَّه إن أمكنهم القيام بذلك، فيمكنك أيضاً تحقيق ما حققوه.

2. إدارة الأزمات:

يواجه روَّاد الأعمال تحدياً آخر كبيراً وهو إدارة التعقيدات والأزمات التي تأتي مع بدء ريادة الأعمال، وسيكون الارتقاء بعملك وسط هذه التعقيدات أمراً مثيراً للقلق ومحبطاً في بعض الأحيان؛ حيث ستتوالى المهام مع نمو العمل وسيكون هناك الكثير من الأشياء التي يجب القيام بها؛ نظراً لأنَّ قوائم المهام ستطول جداً، فأنت بحاجة إلى ترتيبها وفق الأولويات باستمرار، والاستعانة بمصادر خارجية، وتفويض بعضها إلى الآخرين، وتجاهل إنجاز بعضها الآخر إلى حين كونها عاجلة ومهمة.

الحل لإدارة الأزمات هو بذل جهدك كله في العمل، وهذا يعني العمل في عطلة نهاية الأسبوع وفي الصباح الباكر وفي وقت متأخر من الليل وحتى إنجاز بعض العمل في أثناء انتظار شيء ما، فأتذكر الوقت الذي استاء فيه شريكي مني لأنَّني قضيتُ 10 دقائق في الرد على رسالة بريد إلكتروني هامةٍ عندما كنا ننتظر الصعود إلى الطائرة؛ حيث انتهى بنا الأمر إلى أن نكون آخر من صعد على متن الطائرة، لكنَّني كنتُ قد أنجزتُ العمل وأزلتُه من ذهني، ولن يتم بناء أي عمل ناجح دون بعض التضحيات في المراحل المبكرة.

شاهد بالفديو: 6 أفكار يحتاج رواد الأعمال إلى الإيمان بها حتى يحققوا أهدافهم

3 حقائق متعلقة بريادة الأعمال

3. بناء فريق العمل الأول:

إدارة الأعمال ليست وظيفةً، لكنَّها ولسنواتٍ عدَّة ستبدو كوظيفة مجهِدة جداً مع مديرين متعددين (عملائك) يتحكمون براحتك، ففي البداية ستشعر وكأنَّك قبطان وحيد في سفينة دون طاقم، وفي نهاية المطاف قد تنمو مشاريع بعض روَّاد الأعمال ليخرجوا من هذه الدائرة، وقد يتعثر بعض الناس في هذه المرحلة بسبب عدم وجود فريق عمل مساند لهم.

وتكمن أهمية وجود فريق عمل أنَّه يهتم بأعمالك وراحة عملائك بقدر ما تهتم بذلك، وستبدأ الأمور بالتحسن رويداً رويداً عند البدء في بناء الفريق؛ مما يمكِّنك من التركيز على الرؤية والنمو التدريجي للشركة على الأمد البعيد، بدلاً من الانشغال في حل المسائل التافهة والمستعجلة من المهام اليومية للأعمال التجارية، فلا يستطيع معظم روَّاد الأعمال بناء فريق عمل؛ وذلك لأنَّ الهدف من أعمالهم هو بناء الاستقلال المادي والثروة لأنفسهم، ومن خلال تجربتي أؤكد لك أنَّه لا يمكنك جذب فريق لديه مثل هذه الأولويات.

فإذا كنت ترغب في بناء فريق عمل وجذب أفضل المواهب، فيجب أن يكون لنشاطك هدفٌ ورؤية أعلى لتحقيق تأثير كبير في العالم، وستجذب الشركة ذات الأهداف السامية فريقاً مميزاً للعمل معها.

إقرأ أيضاً: كيف تبني فريق عمل؟

4. إدارة العلاقات الشخصية:

يجد العديد من روَّاد الأعمال أنَّ إدارة العلاقات الشخصية أمرٌ صعب، وخاصةً الشخصية منها، إلا إذا كان شريك حياتك داعماً للغاية ومتفهماً لعقلية رائد الأعمال، فقد تحتار بين المهام التي عليك القيام بها في عملك والمهام التي تحتاج إلى القيام بها في المنزل.

إنَّ روَّاد الأعمال دائمو الانشغال بالأفكار والأمور التي يمكن القيام بها، ويشعرون بالقلق والاضطراب حول المستقبل، فإذا كنتَ شخصاً متزوجاً أو لديك شريك، فسوف تكون ريادة الأعمال أكثر صعوبةً إذا كان شريكك لا يستوعب تماماً كيف يعمل ذهنك في الوقت الراهن، كما أنَّ وجود أطفال سيزيد الوضع سوءاً.

لحسن الحظ، إنَّني متزوج من امرأة تتفهم ذلك، وتعطيني المساحة الذهنية التي أحتاج إليها، فإذا سألَتني شيئاً، غالباً ما أستغرق من 5-10 ثوانٍ للرد؛ وذلك لأنَّ هناك الكثير من الأشياء التي أفكر فيها بالفعل، فإذا كان شريكك لا يفهم حالتك الذهنية ولا يدعمك، فإنَّ الدخول في علاقة طويلة الأجل في أثناء محاولة بناء عمل سيضر بعلاقتك وشركتك الناشئة أيضاً، فإمَّا أن تعثر على شخصٍ داعمٍ للغاية، أو أن تظلَّ عزباً حتى تكون واثقاً من أنَّك قد بنيتَ عملاً جديراً بالاهتمام ويمكنك الاعتماد عليه للمستقبل، فلا يوجد شيء اسمه التوازن بين العمل والحياة لروَّاد الأعمال؛ وذلك لأنَّ العمل هو الحياة بالنسبة إلينا.

إقرأ أيضاً: 10 نصائح لتحقيق التوازن بين حياة الأبوة وحياة العمل

5. إدارة التدفقات النقدية والمالية:

يبدو المشروع في بدايته كحيوانٍ أليف، ثمَّ يصبح مثل طفلٍ كثير الإلحاح، وإن لم تسيطر عليه، فسوف يتحول مع مرور الوقت إلى وحش يصعب ترويضه، وتعتمد الأعمال برمَّتها على مجموعة كبيرة من الأجزاء التي تتوافق معاً لتنمو وتزدهر؛ حيث إنَّ عمل جميع الأجزاء مع بعضها هو ما ينتج "المخرجات"، كما يحتاج العمل أيضاً إلى مدخلات، والتي يمكن أن تشمل رأس المال أو القوى العاملة أو التركيز والإبداع أو العمل الجماعي، وأما الناتج عنها فهو الإيرادات والأرباح.

تتطلب الأعمال التجارية الصغيرة جهداً؛ مما يعطي فرصةً للشركات الصغيرة بتحقيق مخرجات أكثر بقليل من مدخلاتها، وإذا كنتَ تريد المزيد من الإيرادات، فالسبيل هو زيادة المدخلات، ولكن في كثيرٍ من الأحيان، يختلُّ التوازن وتتعثر الأمور؛ حيث يستثمر العديد من روَّاد الأعمال الكثير في عملهم في مراحل مبكرة، ومن ثمَّ لا يحصلون على شيء وتتراجع أرباحهم، ويتطلب الأمر الكثير من القرارات الغريزية لإدارة رأس المال والتدفق النقدي والقوى العاملة في المرحلة المبكرة من العمل، ولسوء الحظ، ومن خلال تجربتي، هذه مهارة لا يمكن تدريسها، ولا يمكن تعلُّمها إلا من خلال التجربة.

تفشل معظم الشركات الناشئة بسبب محاولة المؤسِّس توسيع نطاقها في وقت غير مناسب، فعندما تظلُّ المخرجات أقل من المدخلات لفترة طويلة، ينتهي بك الأمر إلى فشل مشروعك، فهذه هي اللحظة التي يبحث عندها روَّاد الأعمال عن رأس مالٍ خارجي، ولكنَّ رأس المال في وقت غير مناسب يشبه إطعام الطفل أكثر من اللازم في مثالنا آنف الذِّكر، فرأس المال سيف ذو حدين؛ حيث تريد عملاً ينمو نمواً صحياً وليس عملاً منهاراً من الداخل، فتحقيق الاستقرار هو أصعب شيء يمكن القيام به في ريادة الأعمال التجارية، ولكنَّه أهم ما يمكنك القيام به، ولا يوجد حل مباشر لإدارة التدفق النقدي عدا الصبر واكتساب والخبرة.

المصدر




مقالات مرتبطة