لقد تغيّرت أدوار ومسؤوليات قادة الأعمال بشكل كبير في الأسابيع القليلة الماضية؛ فقبل الكوفيد-19، كان الرؤساء والمديرون التنفيذيون يركزون على تعزيز الابتكار وزيادة الإيرادات وكسب حصة في السوق. أما اليوم، فيتعيّن على العديد منهم اتّخاذ قرارات سريعة بشأن التحكّم في التكاليف والحفاظ على السيولة النقدية المتاحة، كما قد يواجهون معوقاتٍ غير متوقعة - مثل مسائل سلاسل التوريد ونقص كوادر الفرق والعقبات التشغيلية - قد تغير نطاق أدوارهم وأولوياتهم بدرجةٍ كبيرة. فهم طيلة الوقت، يتعاملون وفرقهم مع مخاوف تتعلق بالصحة والسلامة، ويعملون عن بُعد، ويدعمون عائلاتهم في أثناء انتشار الجائحة.
لذا نقدم إليك بعض النصائح التي يحتاجها القادة في أثناء الأزمات:
1. التكيّف بجرأة:
يتمتّع أفضل القادة يحسِّ المسؤولية أثناء الأزمات؛ ورغم أنَّ العديد من التحدّيات والعوامل تقع خارج نطاق سيطرتهم، فيجدر بهم العمل على إدارة تركيز مجهودات فرقهم، ووضع مقاييس جديدة لمراقبة الأداء؛ إذ يستَبِق القادة الأقوياء تغيُّرَ الظروف، فيبحثون عن مُدخلات ومعلومات مستقاةٍ من مصادر متنوعة، ولا يخشون الاعتراف بما يجهلونه، والاستعاتة بالخبرات الخارجية وقت الحاجة.
لذا يجدر بكَ بصفتك قائداً:
-
اليقظة وترتيب أولوياتك بصورة يومية:
يجب على القادة توثيق أولوياتهم بشكل موجز (في نصف صفحة أو أقل)، والتأكد من قبول أصحاب المصلحة بذلك. لذا راجع الأداء مقابل هذه العناصر بشكل متكرر، واحرص على مشاركتها مع القادة عبرَ التقارير المباشرة، وراجع وحدِّد "قائمة النتائج" في نهاية كل يوم أو أسبوع.
-
الحفاظ على العقل والجسد:
يجب على القادة الحفاظ على اتّزانهم حتى عندما يفقد الآخرون صوابهم؛ فأسّس لنفسك روتيناً للرعاية الذاتية، وذلك عبر اتباع حمية غذائية صحية، أو ممارسة الرياضة أو التأمل. وخَزِّن طاقتك وآليات التكيّف خاصتك.
-
التخلّص من الخطط المعدة مسبقاً:
قد لا تكون الإجراءات التي أفضت إلى نتائج في السابق ذات صلة الآن، لذا يتكيف أفضل القادة بسرعة، ويطورون خططاً جديدة للتعامل مع مثل هكذا مواقف.
-
تعزيز عمليات التواصل المباشرة:
في حالات الفرز، من الضروري الحصول على صورة دقيقة وحديثة لما يحدث على أرض الواقع، لذا يجب على القادة الحصول على تقييمات للوضع في وقت مبكر. تتمثّل إحدى طرائق القيام بذلك في إنشاء شبكة من القادة المحليين والمؤثرين، والذين يمكنهم التحدّث بمعرفة عميقة حول تأثيرات الأزمة على مشاعر العملاء والموردين والموظفين وأصحاب المصلحة الآخرين. يمكن للتكنولوجيا أن تجمع الأطراف معاً؛ لذا فكّر في منصات التواصل التي تقدم أفضل الممارسات والحلول لمثل هذه المشكلات.
2. اتخاذ القرارات بسرعة وبدقة:
يتغيّر الوضع يوماً بعد يوم، لذا يقوم أفضل القادة بمعالجة المعلومات المتاحة بسرعة وتحديد أكثرها أهمية بسرعة كبيرة، ويتخذون القرارات، ويتحكمون بعواطفهم باقتدار في وقتٍ يلوح فيه الحمل المعرفي الزائد والمعلومات غير المكتملة.
قد تصطدم المصالح والأولويات، وتتصاعد مشاعر القلق، ما يؤدي - وبسهولةٍ - إلى شلل تحليلي سببه الميل الطبيعي للمنظمات لبناء توافق في الآراء؛ لذا يجب على القادة اختراق الجمود للحفاظ على استمرارية العمل في المنظمات، مع زيادة احتمالات النجاح على المدى المتوسط والطويل، وذلك من خلال التركيز على الأشياء الأكثر أهمية؛ لذا يكون وجود إطار بسيط وقابل للتطوير لاتخاذ قرارات سريعة أمرٌ هامٌّ جداً. وبناءً عليه، يجب أن تسارع أنت وقادتك إلى القيام بالآتي:
-
تحديد الأولويات:
في وقت مبكر من الأزمة، قد يشمل ذلك سلامة الموظفين ورعايتهم، والسيولة المالية، وخدمة العملاء، والاستمرارية التشغيلية.
-
إقرار ما يجدر بك تجنب القيام به:
أجل المبادرات والنفقات الكبيرة، وحدد الأولويات بلا رحمة، وأعلن عن اختياراتك (ما يجب عدم فعله). وقم بتوثيق القضايا التي جرى تحديدها، وتأكد من موافقة القيادة معها، وقم بتصحيح المسار حال ظهور أحداث غير متوقعة.
-
إجراء مقايضات ذكية:
اعلم ما هي النزاعات التي قد تنشأ بين الأولويات التي حددتها، وبين المسائل العاجلة والمسائل الهامة، وبين احتمالية البقاء اليوم والنجاح غداً؛ فبدلاً من التفكير في الاحتمالات جميعها، يستخدم أفضل القادة أولوياتهم كآلية تسجيل لفرض المقايضات.
-
التقيَّد بالعمل، وعدم معاقبة من أخطأ:
ستحدث الأخطاء لا محالة، ولكنَّ الأبحاث تشير إلى أنَّ الفشل في التصرف إزاءَها أسوأ بكثير منها.
3. الانخراط من أجل التأثير على الآخرين:
في أوقات الأزمات، لا توجد وظيفة أكثر أهمية من رعاية فريقك. يفهم القادة الفاعلون ظروف فريقهم ومشتتات انتباههم، لكنَّهم يجدون طرائق أخرى للانخراط والتحفيز، والتواصل بشكل واضح وشامل مع الأهداف والمعلومات الجديدة الهامة. تستأهلُ هذه النقطة منك إيلاءها اهتماماً إضافياً، فبرغم أنَّ جائحة COVID-19 أزمة صحية، إلا أنَّها تسببت بأزمة مالية أيضاً؛ وعليه يحتاج قادتك إلى إعادة ترتيب الأولويات الجديدة بشكل متكرر، لضمان التوافق المستمر في هذا الوقت من التغيير المستمر والمرهق.
وبناءً على ما سبق، يجب عليك أنت وقادتك:
-
التواصل مع أعضاء الفرق:
تواصل يومياً لـ "جسِّ النبض" مع خمسة منهم على أقل تقدير. هيئ للأمر على المستوى الشخصي أولاً، ثم انقل تركيزك إلى العمل؛ فمثلاً: يدير أحد القادة جلسات "العمل" لمدة 30 دقيقة، مع استلام تقارير مباشرة بعد ظهر يوم الجمعة عبر تطبيق زووم (Zoom). ويشارك الأشخاص حالاتهم الذهنية في هذه الجلسات، جنباً إلى جنب مع النقاط الإيجابية والسلبية خلال الأسبوع.
-
طلب المساعدة حسب الحاجة:
يدرك أفضل القادة أنَّهم لا يستطيعون القيام بكل شيء بأنفسهم؛ فيحددون هيكلية الفريق ويعينون أفراداً منهم لدعم جهودهم الرئيسة.
-
التركيز على كل من العملاء والموظفين:
تواصل لدعم العملاء، وتتبع توثيق المعلومات عبر قاعدة عملائك. ولتعزيز العلاقات وبناء الثقة، أبعد التركيز عن نفسك واكتشف كيف يمكنك مساعدتهم؛ وذلك عبر تقديم خدمات مجانية مثلاً. ولدعم موظفيك، قد بتعاطف وركِّز على سلامتهم وصحتهم؛ إذ يقطع التراحم شوطاً طويلاً خلال أوقات الأزمات. لذا ابحث عن طرائق لتقديم المساعدة المادية لموظفي "الخطوط الأمامية" الذين لا يمكنهم العمل عن بُعد، مثل السعاة، ومقدمي خدمات التنظيف في المؤسسة.
-
زيادة الرسائل الإيجابية:
ترتبط العديد من الشركات بهدف نبيل، مثل إنقاذ الأرواح أو تصنيع المعدات الطبية أو مساعدة الأسواق على العمل بكفاءة أكبر. ومهما كان غرضك، احتفي بأبطالك دوماً فالحفاظ على الإنتاجية في هذه الأوقات أمر بطولي.
4. تدريب فريقك على قيادة الأزمات:
بصفتك قائداً، فأنت تبحر في أولويات جديدة ومتغيرة باستمرار مع توافر زمن استجابة محدود. يمكن لبعض الاستثمارات الصغيرة في الدعم والتدريب أن تقطع شوطاً طويلاً نحو تعزيز فعالية قادتك.
تكشف لحظات الأزمات عن عدد كبير من القادة الذين لا نلاحظهم، وبمجرد أن تصبح الأمور تحت السيطرة، ويتوافر لديك الوقت الكافي لالتقاط أنفاسك، فكر فيمن استجاب لتلك الأزمة، ولماذا. وضع في اعتبارك كيف ستتغير الأدوار في عالم ما بعد الأزمة، وفيما إذا كان المسؤولون التنفيذيون الرئيسون في وضع يمكنهم من النجاح لاحقاً، واعلم من تريد تواجده في ظلِّ الأزمة الحالية، وما بعدها، وذلك حين تعود الأمور إلى نصابها من جديد.
أضف تعليقاً