أيَّاً يكن موقعك في الحياة الآن ستحاول دائماً أن تحسِّن وضعك الحالي ولو تحسيناً بسيطاً، ولكن ما هي السعادة؟ لا يمتلك معظم الناس فكرة واضحة عن السعادة، جرب أن تسأل أحدهم: "هل أنت سعيد؟" وستكون إجابته: "لا أعلم، أظنُّ أنَّني بخير"، إنَّها ليست إجابةً مقنعة؛ لأنَّك إذا كنت سعيداً فستكون لديك إجابة واحدة واضحة تنمُّ عن السعادة وهي: "نعم" دون أي تردد.
هل من الغريب حقاً أن نكون سعداء؟
تخيَّل أنَّك تسأل أحد أصدقائك أو زميلاً لك في العمل عن حاله اليوم؛ فيبتسم ابتسامة عريضة ويقفز من الفرح ويقول لك: "أنا سعيد للغاية لدرجة لا يمكنك تخيُّلها"، لا بدَّ أن يكون هذا غريباً نوعاً ما أليس كذلك؟ ولكن لماذا؟ لأنَّ التعاسة تسيطر على المجتمع عموماً؛ فنحن لا نبتسم إلا قليلاً، وابتساماتنا تكون مصطنعةً لضروراتٍ مهنيَّةٍ أو غيرها، كما تخبرنا وسائل الإعلام طوال الوقت عن فظاعة العالم الذي نعيش فيه وسوئه، وأنَّك حتى تكون سعيداً يجب أن تلبي بعض المتطلبات الصعبة؛ فمثلاً يجب أن تمتلك جسداً رشيقاً جميلاً، ومظهراً رائعاً، وكثيراً من المال، ومقداراً معقولاً من النجومية، وإلَّا فلن تكون سعيداً، ولا عجب إذاً أنَّ معظم الأشخاص في مجتمعنا تعساء للغاية؛ لكنَّ الأمر الجيد أنَّ هذا الافتقار الظاهري للسعادة ما هو إلا وهم؛ لأنَّ السعادة الحقيقية جزءٌ من طبيعتك البشرية ويمكن أن تحققها في أي وقت.
هل شاهدت سابقاً فيلماً وثائقياً عن الناس الذين يعيشون في البلدان الفقيرة؟ إنَّهم يعانون الجوع والفقر، ويجب أن يعملوا بجد ليُحصِّلوا لقمة عيشهم، ويمشي الأطفال عشرات الكيلومترات حتى يصلوا إلى المدرسة يومياً، ومع ذلك فإنَّهم يضحكون، ويغنُّون، ويبتسمون، ويبدون أكثر بهجةً، وسعادةً، وفرحاً من معظم الناس في مجتمعنا.
كيف يمكن أن يحدث ذلك؟ ذلك لأنَّ السعادة لا علاقة لها بالظروف التي تعانيها في حياتك، السعادة حالة وجدانية، ويمكنك تحقيقها في أي وقت وأي مكان، والأمر برمته يعود إليك من حيث تفاعلك مع أحداث معينة؛ فيمكنك أن تنظر إلى ما يحدث على أنَّه فظيع وسيئ للغاية، وتعيد هذه الفكرة مراراً وتكراراً في ذهنك حتى تقع في حلقة مفرغة من السلبية تزداد مع مرور الوقت، سيعوقك هذا الخيار عن الوصول إلى السعادة في داخلك، كما أنَّه سيضخِّم مشكلاتك، أو يمكنك النظر إلى ما يحدث على أنَّه أمر عادي، وتقول لنفسك: "كان من الممكن أن يكون الأمر أسوأ"، وتؤكِّد لنفسك أنَّك ستجد الحلَّ قريباً؛ بل ستتعلم على الأغلب شيئاً مفيداً من هذه التجربة، يصبح الأمر مختلفاً كلياً من خلال نمط التفكير هذا، كما أنَّك تستمر بالشعور بالبهجة، الأمر الذي يساعدك على إيجاد الحل، ولا شك في أنَّك قادر على تحقيق سعادتك الوجدانية تحت أي ظرف، والانتقال من حالة الشعور بالخوف والشكوك والقلق إلى الجرأة والإيجابية والفرح؛ بل حتى السعادة العظيمة.
5 نصائح بسيطة تساعدك على تحقيق السعادة:
إليك 5 نصائح بسيطة تساعدك على تحقيق السعادة:
1. تخلَّص من سيطرة وسائل الإعلام:
تُمطرنا وسائل الإعلام دائماً بشتى أنواع المعلومات السلبية التي تسبب لنا الكآبة والمرارة، وفي الوقت نفسه تخبرنا بصورة مباشرة أو غير مباشرة أنَّنا يجب أن نتمتع بمظهر رائع، وكثير من المال والشعبية كي نصبح محترمين وذوي قيمة في المجتمع.
تخلَّص من جميع برامج الإعلام السلبية وركِّز على شيءٍ إيجابيٍّ وممتع من شأنه أن يرفع معنوياتك، إضافة إلى ذلك لا تسمح لأحد أن يخبرك أنَّك يجب أن تكون رشيقاً، وأن تمتلك منزلاً كبيراً وقارباً كي تكون سعيداً؛ فهذا غير صحيح، أنت تمتلك فعلاً كل ما تحتاج إليه لتشعر بالسعادة، الآن وفي هذه اللحظة تستطيع أن تتخلى عن جميع الأفكار السلبية التي يُحتمل أنَّك تتمسك بها؛ أغمض عينيك وقل لنفسك: "أنا على قيد الحياة، وأنا رائع، وأحب نفسي، وأنا استمتع بهذه اللحظة تماماً".
شاهد بالفديو: 8 طرق مثبتة علمياً لنيل السعادة
2. كن على طبيعتك:
يُخفي معظم الناس شخصياتهم الحقيقية، ويحاولون مجاراة الأشخاص من حولهم، ويحاول الجميع تحقيق الأشياء نفسها، والتصرف بالطريقة نفسها، وتحقيق الأحلام نفسها، والتحدث عن الموضوعات نفسها من أجل الاندماج في المجتمع ونَيل القبول فيه، ولكن لسوء الحظ فإنَّ هذه الأقنعة المزيفة عبءٌ ثقيلٌ يحجب ذاتك الحقيقية، ذاتك القادرة على الوصول إلى السعادة والفرح.
من المُحتمل أنَّك عشت بشخصية مزيفة لفترة طويلة لدرجة أصبحت فيها غير مدرك لشخصيتك العفوية والسعيدة بطبيعتها، أضف إلى ذلك أنَّ هذه الأقنعة تكوِّن عبئاً ثقيلاً، فهي تستنزف طاقتك وتجعلك مرهقاً، أنت رائع كما أنت؛ لذلك تخلص من هذه الأقنعة، وكن على طبيعتك، ولا تهتم فيما قد يظنه الآخرون عنك، قد يظنُّون في البداية أنَّك شخص غريب الطباع؛ لكنَّهم سينجذبون لاحقاً إلى طاقتك الجديدة، وعاجلاً أم آجلاً سيتخلَّصون هم أيضاً من أقنعتهم.
إقرأ أيضاً: 10 أشياء تسلب منك السعادة
3. ركِّز على الحاضر:
توقف عن استرجاع الماضي؛ فقد مضى منذ زمن طويل، وما حدث لا يمكن تغييره، وإذا كنت ترى أنَّك كنت أكثر سعادةً في الماضي فهذا مجرد وهم؛ فلا يمكن أن تكون سعيداً في الماضي، ولا يمكن أن تكون سعيداً إلا في اللحظة الحالية، وكل ما لديك هو اللحظة الحالية ولا شيء سواها، ربما تشعر بالقلق حيال المستقبل، ولكن كن واثقاً من أنَّ القلق حيال المستقبل لن يساعد على صنع مستقبل أكثر سعادة؛ فالأمور لا تجري على هذا النحو، أو ربما تظن أنَّك يجب أن تنتظر 10 سنوات أخرى كي تشعر بالسعادة حين ترتقي في مهنتك، وتجني كثيراً من المال، وتشتري منزلاً فخماً؛ لكنَّ هذا الاعتقاد خاطئ أيضاً ولن يساعدك على تحقيق السعادة، المستقبل بين يديك الآن، وما هو إلا نتاج حاضرك؛ فإذا قررت أن تشعر بالسعادة في الوقت الراهن فستكون على الأرجح قادراً على الشعور بمزيد من السعادة في المستقبل.
السعادة في المستقبل ما هي إلا نتيجة لسعادتك في الوقت الراهن؛ لذلك تعلَّم أن تركِّز على الحاضر، وعش سعادتك الآن.
4. مارِس الامتنان:
الامتنان هو تأكيد على أنَّ حياتك جيدة، وأنَّ الأمور تسير في حياتك على نحو جيد، وأنَّك راضٍ عن الطريقة التي تسير بها حياتك؛ فإذا ركَّزت على الامتنان ستجذب مزيداً من النِعم إلى حياتك التي ستجعلك تشعر بمزيد من الامتنان وستصبح أكثر سعادة، وإذا كنت تظنُّ أنَّك لا تملك كثيراً من الأشياء التي تجعلك ممتناً في حياتك فكِّر مجدداً؛ فربما لديك على الأقل بعض هذه الأشياء؛ مثل المنزل الذي تأوي إليه، والطعام في ثلاجتك، والتدفئة في الشتاء، والقدرة على المشي، والكلام، والإصغاء، والرؤية، أو حتى متجر قريب من مكان إقامتك يمكنك شراء كل ما تحتاج إليه تقريباً منه يومياً، وربما لديك صديق طيب، وملابس تحميك من برد الشتاء، والقدرة على الدخول إلى متنزه في منطقتك، ناهيك عن ضوء الشمس، ومظهر السماء الزرقاء، وغير ذلك من الأشياء التي تجعلك تشعر بالامتنان.
خصص يومياً ما بين 5 إلى 10 دقائق لممارسة الامتنان، وفي حين تعدِّد مختلف الأشياء التي تجعلك تشعر بالامتنان توقَّف لبعض الوقت عند كل واحدة من هذه النِعم، واشعر بالبهجة والسعادة لامتلاكك لها، مارِس الامتنان لعدة أشهر وستتغير حياتك تغيراً كاملاً، وابدأ من الآن، وستشعر بتحسُّن ملحوظ بعد 5 دقائق فقط.
شاهد بالفديو: 6 نصائح لتحقيق الامتنان في حياتك
5. تَبَنَّ نمط التفكير الإيجابي بدلاً من السلبي:
بالطبع من الصعب أن تنتقل مباشرةً من الشعور بالخوف والقلق والإحباط إلى الشعور بالسعادة، لكن بإمكانك أن تحسِّن مشاعرك تدريجياً إلى أن تصل إلى مرحلة الشعور بالسعادة، وهذا ما يمكنك القيام به من خلال تغيير نمط تفكيرك السلبي إلى تفكير إيجابي؛ فربَّما كنت تفكِّر طوال الوقت بأنَّ حياتك مزرية، وأنَّك شخصٌ مزرٍ أيضاً، وأنَّ وضعك يزداد سوءاً يومياً، وما من حل لهذه المشكلة؛ يمكنك ببساطة أن تغيِّر أفكارك ومعتقداتك السائدة، وتبدأ بتبني أفكار إيجابية؛ كأن تقول لنفسك: "من الممكن أن يكون الوضع أسوأ، ومن المؤكد أنَّ الوضع سيتحسن بعد أسبوع أو أسبوعين، وسآخذ بعض الوقت للاسترخاء، وربما سأشاهد فيلماً كوميدياً، أو سأتنزه في الحديقة".
فكَّر في طريقة إيجابية منذ الآن، وستعشر بتحسُّن كبير مباشرةً، والأهم من ذلك لا تنسَ أنَّ طبيعتك الأساسية هي السعادة، وهذا ما كنت تشعر به عندما كنت طفلاً صغيراً، ويمكنك أن تشعر بالسعادة مجدداً، ولكن لسوء الحظ قد راكمتَ عدداً من الأفكار والمعتقدات مع مرور الوقت وهي معتقدات وأفكار غير نابعة من قناعاتك، وهذا ما يمنعك من عيش السعادة الحقيقية الموجودة بداخلك؛ لذا تخلَّ عن هذه الأفكار والمعتقدات؛ لأنَّها لا تصب في مصلحتك، وتخلَّص من كل الأقنعة، واسمح لطبيعتك المرحة بأن تسيطر عليك مجدداً.
إقرأ أيضاً: 4 طرق تفكير تمنحك السعادة
في الختام:
لا يمكن أن تكون التعاسة قدرنا؛ لذلك فإنَّ السعادة جزء متأصل في طبيعتنا، وما دام الأمر على هذا النحو فما من شيء يمنعك من أن تعود إلى حالتك الطبيعية وتشعر بالسعادة تحت أي ظرف وفي كل وقت.8 طرق مثبتة علمياً لنيل السعادة
أضف تعليقاً