يقوم علم النفس الإيجابي أساساً على أهمية إدراكنا للتجارب اللحظية، وجمال الطبيعة، والامتنان للإيجابيات في حياتنا، وتدعم الأبحاث أيضاً فكرة أنَّ السعادة تزداد استجابةً للتفاؤل، والإيمان الديني، والكرم، ورد الجميل لمجتمعك، وممارسة الهوايات التي تُنتج حالة التدفق (State of flow)؛ أي حالة من الاندماج الكامل في بعض اللحظات وكأنَّ الوقت قد توقف عندها.
4 نصائح من أجل تحقيق السعادة:
1. كن اجتماعياً واقضِ وقتك مع الآخرين:
يقضي الأشخاص السعيدون كثيراً من وقتهم في التواصل الاجتماعي، وأقل قدر ممكن من الوقت وحدهم؛ إذ يكون هؤلاء الأشخاص أكثر انفتاحاً ولطفاً من الأشخاص غير السعيدين، وينسبون سعادتهم إلى الحفاظ على العلاقات الاجتماعية؛ إذ يُؤسس الأشخاص السعيدون روابط اجتماعية قوية، وخاصة مع أفراد أسرتهم المقربين.
نحن كائنات اجتماعية بطبعها ونحتاج إلى الانتماء والترابط مع الآخرين؛ إذ يعدُّ الترابط الاجتماعي أمراً ضرورياً لسلامتنا، ويمكن أن يكون الأداة التي نحتاجها للانتقال من الشعور بالحزن إلى الشعور بالسعادة، والأشخاص الذين يحافظون على علاقات وثيقة وروابط اجتماعية قوية، يتعاملون مع التوتر والفجيعة وفقدان الوظيفة والمرض وحتى المشكلات الكبيرة تعاملاً أفضل.
إذاً من المنطقي أن يُذكر الحبُّ على أنَّه مسبب للسعادة، إلا أنَّه عنصر مفقود في حياة المرء، وجميع العلاقات الهادفة (وليس العلاقات العاطفية فقط) تزيد من الرضى عن الحياة، ووفقاً لكثير من الأشخاص، فهي ضرورية إذا كنت تريد أن تشعر بالسعادة.
2. ادخل في حالة التدفق:
وفقاً لعالم النفس الأمريكي مارتن سليجمان (Martin Seligman)، أحد مقاييس الحياة الجيدة هو حالة التدفق (الوصول إلى مستوى قوي من الاندماج)؛ فالتدفق يعني ما يحدث عندما تكون مندمجاً ومنشغلاً بالنشاط الذي تقوم به، لدرجة الشعور وكأنَّ الوقت قد توقف؛ إذ يمكن تحقيق التدفق بطرائق مختلفة؛ إمَّا عند القيام بمهمة تحتاج إلى حركة بدنية مثل التمرينات الرياضية أو جرف أوراق الشجر المتساقطة أو جز العشب أو الرقص، أو حلِّ مشكلة معقدة أو التفاوض بشأن صفقة تجارية؛ أي يحدث التدفق عندما نستخدم نقاط قوتنا أو نقوم بشيء نجيده أو نستمتع به؛ فهناك علاقة قوية بين هذا النوع من الاندماج والمستويات الدائمة من السعادة.
شاهد: 10 طرق مثبتة علمياً تجعلك أكثر سعادة
3. حدِّد هدفاً:
يريد الأشخاص السعيدون أن يكونوا جزءاً من قضية كبرى باستمرار؛ وذلك لأنَّ وجود هدف في الحياة ينشئ بيئة للسعادة والمعنى والوفاء، على سبيل المثال: يعدُّ التطوع أو رعاية الأسرة أو دعم مؤسسة خيرية أو العمل لأسباب أخلاقية جميعها أشياء مجزية للغاية، فعندما نعلم أنَّنا نصنع فرقاً، وأنَّ ما نقوم به هام وله تأثير دائم، نشعر بشعور رائع.
إنَّنا نختبر المعنى عندما نتحدى ما نقوم به ونشعر بالترابط مع الآخرين ونشارك في الأنشطة الهادفة، هناك مثال على ذلك، وهو الأشخاص الذين يتطوعون لمساعدة الآخرين في محنهم، فنحن نزيد سعادتنا ببناء علاقة مع قضايا تفوقنا من ناحية الأهمية، ولن تزيد السعادة بمجرد محاولة زيادة الثروة أو المقتنيات.
كما يقول مارتن سليجمان: "إنَّ أهمية السعادة الحقيقية والسلامة هي نتيجة لحياة نشطة يحكمها المعنى الجوهري والتضحية بالنفس وتحسين الذات".
هناك آثار للمال في السعادة، لكنَّ إعطاء بعض منه لمن يحتاجه له نتائج مختلفة بصرف النظر عمَّا تشتريه، فإذا أنفقت مزيداً من الأموال على الآخرين بدلاً من نفسك فسوف تشعر بسعادة أكبر.
طُلب من بعض الأشخاص في تجربة بحثية التفكير في قضاء الوقت دون هدف لربح المال، وبعضهم الآخر لم يطلب منه ذلك، وفي وقت لاحق طُلب منهم التبرع بالأموال، وبالنسبة إلى أولئك الذين طُلب منهم قضاء وقت دون هدف لربح المال، انتهى بهم الأمر بالتبرع بضعف المال الذي تبرعت به المجموعة التي لم يُطلب منها ذلك، ومن المثير للاهتمام، أنَّ هذا التأثير المضاعف كان مدفوعاً بالاعتقاد بأنَّ هذا العمل التطوعي سيجعلهم سعيدين؛ إذ تشير هذه النتائج إلى أنَّه بمجرد أن تتوافق الأهداف الشخصية مع إنشاء معنى في العالم يصبح الأفراد أكثر سعادة.
لسنا بحاجة إلى إجراء تعديلات كبيرة على حياتنا لنشعر بأنَّنا نصنع فرقاً؛ فالأشياء الصغيرة مثل شراء الطعام لشخص بلا مأوى، أو مساعدة جارك على تنظيف فناء منزله، يمكن أن تجلب شعوراً أكبر بالوفاء والسعادة؛ وذلك لأنَّ اللطف والوفاء مرتبطان ببعضهما، والأفعال الطيبة العشوائية رائعة أيضاً، لكنَّها قد تكون مملة، أمَّا الأفعال التي تقوي الروابط الاجتماعية، فلها عائد أعلى؛ لأنَّك تبنيها على علاقات قائمة.
4. ابحث عن المعنى والتوازن:
تعدُّ الحياة الشاملة والمترابطة أمراً ضرورياً لتحقيق مستوى دائم من السعادة والمعنى، وتوجد طريقة واحدة لتصور هذا الأمر، وهي التفكير في الأماكن التي تتداخل فيها مجالات حياتك، مثل:
- العمل/ الوظيفة/ المدرسة.
- المنزل/ الأسرة.
- المجتمع/ الجماعة .
- الذات: العقل/ الجسد/ الروح.
تكون هذه المجالات في حياتك غير متساوية في الحجم والأهمية، ممَّا يجعلها تتداخل، وكلَّما حصل تغيير في مجال ما، يتأثر مجال آخر، وعندما نتجاهل منطقة "الذات" لدينا على سبيل المثال، غالباً ما يعاني مجال آخر، مثل العمل والأسرة؛ إذ لا يمكننا التركيز على مجال واحد فقط، واستبعاد المجالات الأخرى إذا أردنا تحقيق مستويات مثلى من السعادة.
يُعزز التفكير في حياتنا على أنَّه يحتوي مجالات متداخلة مع إمكانية زيادة سعادتنا، على سبيل المثال، هو إيجاد طريقة لإنشاء الاندماج والتدفق داخل مجتمعك، ممَّا يؤدي إلى زيادة السعادة والمعنى في المنزل والعمل وفي حياتك الداخلية أيضاً.
في الختام:
إذا توقفنا عن السعي وراء السعادة وتمهلنا قليلاً لتجربة الحياة في الوقت الحاضر، فربما سنجد ما نسعى إليه؛ إذ يساعد تعلُّم الاستمتاع بالحياة وممارسة الامتنان والتمتع بالوعي على تخفيف التوتر، وزيادة المتعة، والاستمتاع، وحتى السعادة.
إنَّ مراعاة شعورنا بالرضى في حياتنا اليومية، لا يسمح لنا بأن نكون أكثر سعادة فحسب؛ بل يسمح في جعل الأشخاص الآخرين سعيدين أيضاً.
أضف تعليقاً