غالباً ما يدفعنا هذا السؤال إلى الشعور بالارتباك والتزام الصمت؛ لأنَّنا لا نعرف كيف نجيب بطريقة صحيحة؛ لذا سنقدِّم في هذا المقال 4 نصائح تساعدك على الحديث عن إحدى تجارب فشلك بطريقة تُظهر فيها مرونتك، وكيف ساهمت التجربة في تطويرك لذاتك.
4 نصائح لرواية قصة جذابة عن إحدى تجارب فشلك:
1. اختر تجربة فاشلة حقيقية:
عندما يُطلب منك الحديث عن إحدى تجارب الفشل التي تعرضت لها، فإنَّ أفضل إجابة تقدِّمها هي الحديث عن تجربة حقيقية وصادقة، وتجنَّب اختلاق قصة، أو إنكار تعرُّضك للفشل في الماضي (فهذا مستحيل)، وتذكَّر أنَّ الناس يتمتعون بقدرة كبيرة على اكتشاف الكذب؛ لذلك يُعد الصدق، خاصةً عند الاعتراف بالأخطاء أو أوجه القصور، موضع تقدير بشكل عام، ويمكن أن يزيد من إعجاب الآخرين بك.
لكن يجب بعد ذلك أن تتحدث عن الطريقة التي تعاملت فيها مع الفشل وحوَّلته إلى فرصة لتطوير الذات؛ بمعنى أن تتحدث عن الدرس الذي تعلمته، أو كيف ساهمت التجربة في نموك الشخصي، وكيف أدى الإخفاق إلى تطوير إمكاناتك.
تذكَّر أنَّك ستوصل للطرف الآخر رسالة مفادها أنَّك حققت النجاح من خلال مشاركة تجربة حقيقية، ومن ثمَّ التركيز على الطريقة التي تجاوزت فيها الإخفاق، ويمكن الاستفادة من هذه القصة على سبيل المثال: "كنت أعمل في تاريخ (اذكر تاريخ حدوث الأمر) على مشروع/مهمة في الشركة/خلال مناسبة (اذكر اسم الشركة، أو حدِّد المناسبة)، وعلى الرغم من أنَّني بذلت قصارى جهدي، لكن حدث (فشل محدد)، أدى ذلك إلى (أثر سلبي/عواقب سلبية)، ومع ذلك، فقد نظرتُ إلى الأمر بوصفه فرصة للتعلُّم، وقمت (اذكر ما فعلته لتجاوز الإخفاق)".
طريقة تطبيق هذه النصيحة خطوةً بخطوة:
الخطوة الأولى هي اختيار إحدى التجارب الفاشلة التي تعرضتَ لها بشرط أن تكون الحادثة حقيقية ومؤثِّرة في نفس الوقت، وتذكَّر أنَّ الجميع تعرَّض للإخفاق في مرحلة ما من مراحل حياته، لذلك فإنَّ اعترافك بارتكاب خطأ ما يمكن أن يجعلك أكثر مصداقية في نظر الآخرين.
إذا وجدت صعوبة في تذكُّر حادثة تنطوي على إخفاق، فضع في حسبانك هذه النقاط الأربع:
أولاً: أن تكون القصة ذات صلة
يجب أن تكون قصة إخفاقك ذات صلة بسياق الموقف، فمثلاً، إذا كنت تُجري مقابلة توظيف للحصول على عمل في مجال التسويق، فمن الأفضل أن تذكر قصة إخفاقك في إحدى الحملات التسويقية بدلاً من تفويت عيد ميلاد صديقك.
ثانياً: أن تكون القصة مؤثِّرة
اختر قصة أدت إلى عواقب جديَّة مثل: تفويت موعد نهائي، أو خسارة عميل مُحتمل.
ثالثاً: أن تتضمن القصة فرصة للتعلُّم
يجب أن يكون لقصتك جانب إيجابي يحفِّز تطورك ذاتياً أو مهنياً، كأن تعيد تقييم أولوياتك بسبب الفشل، أو تعمل على اكتساب مهارات جديدة.
رابعاً: أن تكون القصة من ماضيك الحديث
في حين أنَّ قصص الإخفاق من ماضيك البعيد ما تزال ذات صلة، إلا أنَّ القصص الأحدث أكثر إقناعاً لكونها تُظهر قدرتك على التكيف والتعلُّم في المرحلة الحالية من حياتك الشخصية، أو المهنية.
2. كن دقيقاً:
بالطبع قد يبدو من الأفضل أن تتجنب إظهار ضعفك وتخفي بعض التفاصيل المُحرجة في قصتك، لكن تذكَّر إنَّ الإجابات العامة والغامضة لا تُثير إعجاب أي شخص؛ لذلك كن دقيقاً.
اذكر كل التفاصيل ومن ذلك ما حدث، ومن هم الأشخاص الذين شاركوك قصة الفشل، وماذا كانت النتيجة؛ فالقصص الدقيقة أكثر جاذبية وإقناعاً.
إليك هذا المثال عن القصة الغامضة: "عملنا على مشروع لكن لم يحقق أهدافه بسبب بعض التأخير، وسوء الفهم، لقد علمنا على إنجاح المشروع، لكنَّنا مُنينا بالفشل، ومع ذلك فقد تعلَّمنا من التجربة، ووظفنا خبرتنا لتحقيق النجاح في المشاريع المستقبلية".
إليك هذا المثال عن قصة إخفاق دقيقة: "كنت أقود قبل عامين فريقاً مكوناً من 5 أفراد في مشروع تطوير برمجيات لأحد العملاء الهامين، كان الهدف هو إضافة ميزة جديدة لموقع العميل على الويب في غضون 3 أشهر، وفي الشهر الثاني من العمل، اضطر أحد المطورين لأخذ إجازة طارئة، وأدى ذلك إلى التأخير في أهم مرحلتين من المشروع".
شاهد بالفيديو: 8 نصائح لتحويل الفشل الى نجاح
3. شارِك القصة في أقل من دقيقة:
حاول أن تشارك قصتك في غضون 30 إلى 60 ثانية، فقد يسبب الحديث عن أوجه القصور لديك لفترة طويلة إلى شعورك بالضيق، أو يدفع الآخرين للشك بقدراتك، ومن ناحية أخرى، قد يؤدي الإفراط في الاختصار إلى جعلك تروي قصة غامضة وغير واضحة بشكل كافٍ.
4. وضِّح كيف حوَّلتَ التجربة إلى فرصة لتطوير الذات:
ربما يكون هذا هو الجزء الأكثر أهمية من العملية، فبعد أن تتحدث عن إحدى تجارب الإخفاق التي تعرضت لها، انتقل فوراً لتوضيح ما تعلَّمته من التجربة، وكيف ساهمَت في تطويرك، ولا تنسَ أيضاً أن تخبر الآخرين بما قمت به للتعامل مع الموقف، فيحب الناس قصص التعافي الجذابة.
اتَّبع هذه النصائح لتقديم إجابة مؤثِّرة:
- وضِّح الموقف بإيجاز: كن موجزاً في ذلك لكن دقيقاً في نفس الوقت.
- صف الخطأ الذي أدى إلى الفشل: بيِّن الخطأ الذي حدث على وجه التحديد.
- تحدَّث عن عواقب الفشل: وضِّح الآثار التي ترتبت على هذه التجربة.
- تحدَّث عن الجانب الإيجابي للتجربة: الأهم من كل ما سبق هو وصف كيف تعلمت أو تطورت من هذه التجربة.
كيفية سرد القصة عملياً:
"في (السنة/الإطار الزمني)، كنت أعمل على (المشروع/المهمة) في (اسم الشركة)، وعلى الرغم من بذل قصارى جهدي، لكن حدث (فشل معيَّن)، أدى هذا إلى (النتيجة)، ومع ذلك، فقد تعاملت مع الأمر بوصفه فرصة للتعلم و(اشرح ما قمت به للتعافي)".
أمثلة لمواقف مختلفة:
1. في العمل:
تخيَّل أنَّك تتقدم لوظيفة للعمل بصفة مدير لإحدى المشاريع ويطرح عليك مسؤول التوظيف السؤال الآتي: "تحدث لي عن إحدى المرات التي فشلت بها".
مثال عن الإجابة:
"في عام 2021، كنت أقود فريقاً لطرح ميزة برمجية جديدة في شركة (كذا)، وعلى الرغم من تخطيطنا، فقد تأخرنا أسبوعين عن موعد التسليم بسبب استخفافنا بالأمر، وأدى ذلك إلى تأخير إطلاق المنتج وخسارة حوالي 5% من الإيرادات المتوقعة عند انتهاء المشروع والبالغة مدة العمل عليه 3 أشهر، ومع ذلك، تعاملت مع هذا الإخفاق بجدية، واتَّبعت دورة تدريبية على إدارة المشاريع، وقمت أيضاً باستخدام أدوات جديدة لتتبع المشاريع، ومنذ ذلك الحين، كنت أنجز مشاريعي دائماً في الوقت المحدد وفي حدود الميزانية".
2. في مناسبة اجتماعية:
تخيَّل أنَّك في مناسبة اجتماعية ويطلب منك أحد الحضور الحديث عن إحدى تجارب إخفاقك.
مثال عن الإجابة:
"منذ عامين، قمت بتنظيم فعالية خيرية، فكنت شغوفاً بجمع التبرعات للأعمال الخيرية، لكنَّني فشلت في تحقيق 60% من الهدف، وهذا أثر في برامج المؤسسة الخيرية في ذلك العام، لكنَّني تعلَّمت أهمية تحديد أهداف قابلة للتحقيق والتفاعل بشكل أفضل مع المجتمع، وتجاوزت في العام التالي هدفنا بصفتنا مؤسسة خيرية في جمع التبرعات بنسبة 20%".
في الختام:
لن يكفَّ الناس عن طرح الأسئلة عن التجارب الفاشلة، فأحياناً يكون السبب هو الفضول، وأحياناً يقودهم إعجابهم بك إلى معرفة كيفية تعاملك مع الفشل، وأحياناً هو مجرد تبادل لأطراف الحديث، لكن أياً يكن السبب فمن الضروري أن تقدِّم إجابة جذابة ومُقنعة، والأهم مما سبق أن تكون إجابتك صادقة، وتذكَّر أنَّ إظهارك لضعفك بصدق يجعل الآخرين يُحبونك، خاصةً عندما تتحدث عن كيفية تحويل تجربتك إلى درس وفرصة للتعلم.
أضف تعليقاً