ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتبة "إرين فالكونر" (Erin Falconer)، وتُحدِّثنا فيه عن 4 مبادئ لتحقيق السعادة في الحياة.
يتفاوت تعريف النجاح من شخص لآخر، فهو يتمثل بالنسبة إلى بعض الناس في الحصول على وظيفة مستقرة، وكسب ما يكفي من المال لعيش حياة كريمة، في حين يروِّج آخرون إلى أنَّ النجاح يقتضي كسب كثير من المال، وامتلاك الأشياء المادية، وثمة أيضاً من يَعُدُّ النجاح ثمرة الحياة الاجتماعية الحافلة بالأصدقاء والأحبة.
يتمثل النجاح في حقيقة الأمر في السعادة؛ أي إنَّ الإنسان التعيس لا يمكن أن يُعَدَّ ناجحاً تحت أي ظرف من الظروف؛ بل يمكن القول إنَّ النجاح ما هو إلا إحدى النتائج الثانوية والطبيعية المرافقة للسعادة، ولعلك بدأت تتساءل عن تعريف السعادة الحقيقية، وبذلك عليك أن تدرك أنَّ جواب سؤالك يتطلب إجراء عملية متكاملة، ولا يحدث بين ليلة وضحاها.
قضيت نحو 6 سنوات بعد التخرج من الجامعة أنتقل بين وظائف دون المستوى؛ بل ومهينة في بعض الحالات، فقد عملت في مراكز الاتصالات، وتوصيل طلبات الطعام، وفي متاجر البيع بالتجزئة، وغيرها من الوظائف التي كانت أحد أسباب تعاستي في ذلك الوقت، ثم حصلت على وظيفة تتعلق بمجال دراستي بعد 6 سنوات من العمل والبحث المضني.
كانت الوظيفة مثالية من كل النواحي، فقد كان الراتب ممتازاً، وتسنَّى لي أن أحظى بمكتب خاص، وأزاول مهنة تُشبِع شغفي في الحياة، ولكنَّني لم أكن سعيدة على الرغم من كل شيء، وبالطبع كنت أستمتع بعملي وأكسب ما يكفي من المال، ولا أقلق بشأن النفقات، ولكنَّ هذه الجوانب الخارجية لم تكن كافية لتسعدني؛ وذلك لأنَّ السعادة الحقيقية تنبع من الداخل ولا تتعلق بالظروف الخارجية، وتنجم السعادة المؤقتة والعابرة عن الظروف الخارجية، وتتحقق السعادة الأبدية عندما يعثر عليها الإنسان في داخله.
عندها وجب عليَّ أن أتوقف عن التركيز على الظروف الخارجية والجانب المادي للحياة، وأنظر إلى داخل نفسي، فلقد كنت أكره نفسي ولا أقدِّرها؛ وبالنتيجة أصبحت أكره كل من حولي، وأحسدهم على النعم الموجودة في حياتهم، سواء كانت تتعلق بالمظهر الجمالي أم المال أم السلطة وغيرها، ويتضح مما سبق أنَّ هذه العقلية تناقض مفهوم السعادة بالكامل. وجب عليَّ أن أفهم عدداً من المبادئ حتى أصبح سعيدة.
4 مبادئ يجب أن تفهمها لتحقق السعادة في الحياة:
1. الحياة والوجود مفهومان مختلفان تماماً عن بعضهما:
الوجود حالة مستمرة، ونحن كائنات بشرية، وهذا يعني أنَّنا نعبِّر عن وجودنا طوال الوقت وفي جميع الأحوال؛ إذ تقوم الحياة على التغير، ويواجه الإنسان أحداثاً ومواقف غير متوقَّعة طوال الوقت، فلا يمكنك أن تكون مستعداً دائماً وتواجه جميع الحوادث الطارئة، لكن بمقدورك ألا تسمح لظروف الحياة بالتأثير في وجودك، فعندما تسمح لأوقات العسر بالتأثير فيك، فإنَّك تخل بنظام الكون وتصبح الحياة عبارة عن خيبة تلو أخرى.
يمكن تشبيه الحياة بالموجات والوجود بالمحيط، فأحياناً يكون هذا المحيط هادئاً، وتراه مهتاجاً وعاصفاً في أحيان أخرى؛ لذا عليك أن تحافظ على هدوئك خلال العواصف وتمشي مع الأمواج حتى يستعيد المحيط هدوءه وتستأنف رحلتك مجدداً.
شاهد بالفديو: كيف تنعم بالسعادة في حياتك؟
2. أنت تستطيع التحكم بنفسك وحسب:
يقتضي المنطق السليم أن يدرك الفرد حدود ونطاق سيطرته، وتكمن المشكلة في أنَّ كثيراً من الأفراد يجهلون هذه الحقيقة؛ إذ تنخفض مستويات الإجهاد النفسي إلى حد كبير عندما يفهم الإنسان هذا المبدأ، فلا جدوى من حياة الفرد عندما يهدرها في محاولة التحكم بشخص آخر.
لقد ارتحت كثيراً وتخلصت من الضغوطات التي كانت ترهقني فيما مضى عندما أدركت وقبلت بحقيقة أنَّني قادرة على التحكم بأفعالي وحسب، وليس بمقدوري أن أسيطر على الآخرين.
يحاول كثير من الأفراد أن يتحكموا بشركائهم العاطفيين، ويبذل الآباء بدورهم ما بوسعهم للسيطرة على الأبناء، وثمة من يحاول التحكم بأصدقائه أيضاً، ولكنَّ الناس يتصرفون في نهاية المطاف بمقتضى رغباتهم وأهدافهم، وأنت ستقوم بالأعمال التي ترغب بفعلها، ولهذا السبب عليك أن تركز على حياتك وأعمالك وحسب.
3. فهم طبيعة الإجهاد النفسي:
لم أقل لك أن تتجنب الإجهاد النفسي؛ بل أن تفهمه؛ وذلك لأنَّ التعرض للإجهاد من مسلَّمات الحياة؛ إذ تعم السعادة المطلقة وينعدم الإجهاد لو كنا نعيش في عالم مثالي، ناهيك عن أنَّ تجنب الإجهاد سيزيد من شدته ووطأته عليك، ويقتضي الحل أن تتفهم وتتقبل حالة الإجهاد التي تتعرض لها؛ وذلك لأنَّ الإجهاد يفقد تأثيره السلبي فيك عندما تدرك ماهيته وتتقبله وتعالجه على هذا الأساس.
يرى بعض الناس أنَّ النعيم الخالص يكمن في التخلص من الإجهاد النفسي في الحياة، فقد يصعب على الإنسان أن يتوصل إلى هذه الحالة الذهنية المجردة من الإجهاد النفسي؛ بل ويقضي بعض الممارسين سنوات من حياتهم في التدريب لإتقانها؛ لذلك لا تتوقع أن تبلغ هذه الحالة الذهنية بسهولة.
4. السعادة متاحة للجميع بالتساوي:
يظن بعض الناس أنَّ السعادة بعيدة المنال، وبالنتيجة تتحقق نبوءتهم ولا يتسنى لهم تحصيلها في حياتهم، فمن حق الجميع بلا استثناء أن يعيشوا بسعادة، وإنَّ اتباع النصائح والأساليب التي يوصي بها الخبراء يضمن تحقيق السعادة، فليس تحصيل السعادة أمراً هيناً، ولن يحدث بين ليلة وضحاها؛ بل إنَّه يتطلب كثيراً من الوقت والجهد، ومن الهام أن تفهم طبيعة السعادة حتى تستطيع بلوغها.
لا تعني السعادة الابتسام والضحك طوال الوقت؛ بل هي عبارة عن حالة من الفهم الكامل للذات والمحيط، فقد يؤدي تحصيل السعادة الحقيقية المذكورة آنفاً إلى تحقيق النجاح، كما أنَّ التأمل يعد وسيلة فعالة لتحقيق هذا الوعي الكوني، ويمكن أن تساهم المطالعة والانفتاح الذهني وغيرها من الأساليب في تيسير العملية أيضاً، فأنت صاحب القرار النهائي في تحديد الأعمال التي ترغب بالقيام بها خلال حياتك، بشرط أن تضع في حسبانك أنَّ لا وجود للمستحيل عندما تعقد عزمك.
في الختام:
السعادة هي أكثر من مجرد شعور جيد أو وجه مبتسم. فالسعادة هي الشعور بالاستمتاع حقاً بحياتك، والرغبة في تحقيق أقصى استفادة منها، فهي تتميز بمشاعر مثل القناعة والفرح والرضا عن الحياة.
أضف تعليقاً