تعريف لغة الجسد:
يمكن تعريف لغة الجسد على أنَّها علم الإشارات غير اللفظية مثل الإيماءات، وتعابير الوجه، والنظرات التي تنقل عواطف الفرد وتعطي فكرةً عن نواياه وأهدافه، وثمَّة 11 نوعاً من لغة الجسد التي يستخدمها الإنسان في عمليات التواصل، وتصدر هذه الإشارات عن العقل الباطن، وهي تشكِّل نسبةً كبيرة من عمليات التواصل التي يجريها الإنسان، ويجب أن تتعلَّم كيف تضبط الإشارات التي تصدر عنك من وضعية وقوفك وتعابير وجهك إلى نبرة صوتك والكلمات التي تختارها في حديثك، لكي تنجح في تنمية علاقاتك الشخصية والمهنية.
أهمية لغة الجسد:
تشكِّل لغة الجسد جزءاً كبيراً من عمليات التواصل التي يجريها الفرد مع الآخرين، وهي تساعد على التعبير عن المشاعر والمواقف، وزيادة مستوى الانسجام والتفاهم خلال المحادثات والنقاشات، وتساعد مهارات قراءة لغة الجسد على تحسين الحياة المهنية، والعلاقات، والحصول على مزيد من الفرص.
يمكن تصنيف إشارات لغة الجسد في نوعين رئيسين، وهما لغة الجسد الإيجابية أو المفتوحة، ولغة الجسد السلبية أو المغلقة، وتعبِّر هذه الإشارات عن مدى انفتاح الفرد أو انغلاقه على البيئة المحيطة، ويجب أن تتعلَّم قراءة إشارات لغة الجسد وتستفيد منها في فعاليات التعارف المهنية عند التحدُّث إلى شخص غريب، أو إلقاء عرض تقديمي أو خطاب، وتساعد هذه الإشارات على تقدير مدى قبول الآخرين وتجاوبهم معك.
لغة الجسد المفتوحة:
تشمل لغة الجسد المفتوحة الأمثلة الآتية:
1. رفع الحاجب:
عادةً ما يرفع الشخص حاجبيه قليلاً لمدة تقلُّ عن خمس الثانية.
تأويل الحركة:
تدلُّ هذه الحركة على الاهتمام، وهي تُستخدَم في الحالات الآتية:
- إبداء الاهتمام ضمن نطاق العمل، والتعبير عن الاستحسان والموافقة على اقتراح أو أمرٍ ما، وتقديم الشكر، وطلب التأييد، وتُستخدَم هذه الإشارة للدلالة على الموافقة خلال المحادثات.
- إبداء الاهتمام والانجذاب العاطفي تجاه الشريك.
- إبداء الاهتمام ضمن نطاق العلاقات الاجتماعية، والإعراب عن السعادة عند لقاء أحدهم.
تُستخدَم إشارة رفع الحاجب لتوجيه الانتباه إلى الوجه، وهي شائعة بين المعلِّمين والمتحدِّثين وتتضمَّن في هذه الحالة المعنى الآتي: "فلتُصغِ إلى كلامي" أو "انتبه إليَّ"، وتُعدُّ هذه الإشارة مسيئة في بعض الثقافات مثل اليابانية، وهي مرفوضة وغير متداولة في هذه المجتمعات.
الدراسات العلمية:
رفع الحاجبين من الطرائق المتعارف عليها بين كثير من الثقافات حول العالَم لإلقاء التحية بحسب الباحثين في "جامعة بيتسبرغ" (University of Pittsburgh)، وهذه الإشارة شائعة بين القردة أيضاً.
3 استخدامات لإشارة رفع الحاجبين:
- إبداء الإعجاب: يمكنك أن تستخدم هذه الإشارة عندما ترى شخصاً يعجبك وتود أن تلفت انتباهه، مع الحرص على الإفراج عن ابتسامة رقيقة في أثناء ذلك.
- زيادة الاهتمام: يمكنك أن ترفع حاجبيك قبل أن تبدأ الكلام لكي تزيد اهتمام الطرف المقابل بالموضوع الذي تنوي طرحه.
- إبداء الاهتمام: تُستخدَم إشارة رفع الحاجبين لإبداء الفضول والاهتمام.
2. المصافحة المتكافئة:
تتألَّف المصافحة المتكافئة من العناصر الآتية:
- مستوى جيِّد من التواصل البصري.
- ابتسامة صادقة ورقيقة.
- ذراع ممدودة مع انحناء بسيط في منطقة المرفق.
- توجيه الأصابع نحو الأسفل عند مدِّ اليد نحو يد الشخص الآخر.
- ضغط متساوٍ عند تشابك الأيدي.
- الانحناء قليلاً صوب الطرف المقابل.
- إفلات اليدين ببطء بعد 1-2 ثانية على الأكثر.
تأويل الحركة:
تعبِّر المصافحة عن الاحترام المتبادل بين الطرفين، وهي تدلُّ على الثقة بالنفس، والقبول، والانفتاح، والقوة خلال التفاعل، وتؤدِّي إلى شعور الطرفين بالألفة والراحة.
آلية تطبيق المصافحة:
يجب مراعاة الموقف والظرف قبل المبادرة بالمصافحة، ولا يُنصَح عموماً باستخدام هذه الحركة في مجال المبيعات، لأنَّها تؤثر سلباً في تجربة الزبائن، فينفر العميل من هذه الحركة ويشعر أنَّه مجبرٌ على المصافحة، وهذا ما يؤدِّي إلى انخفاض المبيعات.
الانحناء هو التحية المتعارف عليها في ثقافات معيَّنة مثل اليابان، كما يتبادَل السكان في بعض المجتمعات مثل إيطاليا وإسبانيا القبلات على الخدين عند إلقاء التحية والسلام، فيمكنك أن تصافح الطرف المقابل عندما تكون متيقِّناً من قبوله وتجاوبه مع المصافحة بكل سرور، وإلا يُفضَّل أن تكتفي بتحية إيماء الرأس، ويجب أن تراعي كبار السِنِّ ولا تضغط على أيديهم بقوة في المصافحة، كما يُنصَح بأن تسمح للطرف المقابل بتحديد مدة المصافحة وشدة الضغط إذا كان أعلى مكانة منك.
3. الانعكاس:
يقتضي الانعكاس تقليد إشارات لغة الجسد التي تصدر عن الآخرين في الفعاليات الاجتماعية.
تأويل الحركة:
تهدف إشارة الانعكاس إلى بناء الألفة مع الآخرين، وهي تعبِّر عن رغبة الفرد في التقرب من الطرف المقابل، ويميل الإنسان بطبعه إلى تقليد حركات الأشخاص الذين يكن لهم الإعجاب، وتؤدِّي هذه الإشارة إلى توليد شعور الألفة والانتماء والإعجاب.
الدراسات العلمية:
فيما يأتي 4 فوائد لتقنية الانعكاس بحسب الدراسات العلمية:
- زيادة القدرة على إقناع الآخرين بتلبية الطلبات.
- زيادة المبيعات.
- الحصول على تقييمات إيجابية وبناء الألفة مع المدير في العمل.
- كسب مزيد من الإكراميات من الزبائن.
الدماغ البشري مُبرمَج على تقليد حركات جسد الآخرين، كما يشرح الأستاذ في "جامعة ميشيغان" (University of Michigan) "جوزيف هينريتش" (Joseph Heinrich) أنَّ تقنية الانعكاس تساعد على التشجيع على التعاون، وهذا ما يؤدِّي بدوره إلى زيادة إنتاج الغذاء، والنمو الاقتصادي والصحي في المجتمعات.
طريقة تطبيق التقنية:
يجب أن يكون التقليد طبيعياً وغير مبالغٍ فيه حتَّى لا ينتبه الطرف الآخر، ويبدأ بالتشكيك بنواياك ومصداقيتك ويقل مستوى الألفة فيما بينكما، فحاول أن تتجنَّب تقليد حركات الجسد عندما لا تكون مهتماً بالطرف المقابل وتريد وضع حدود في علاقتك معه، وإذا كان الطرف المقابل يصدر إشارات سلبية، عندئذٍ عليك أن ترسل إليه إشارات جسد إيجابية، لكي تشجِّعه على الانفتاح والتجاوب معك بدلاً من أن تقلِّد إيماءاته المغلقة وتزيد الوضع سوءاً.
4. التواصل البصري المتبادل:
يجب أن يكون التواصل البصري طبيعياً ومريحاً للطرفين دون نقص أو إفراط في إبداء الاهتمام.
تأويل الحركة:
يشعر الفرد أنَّه يحظى على اهتمام من يعلوه في المنزلة أو المنصب عندما يتبادل التواصل البصري معه، وهذا ينطبق خصوصاً على تلقِّي الإشارة من المشاهير، وتدلُّ إطالة النظر على فضول الفرد، وهذا يحدث عند إمعان النظر بالمحيط وتفحُّصه، ويؤدي إلى انخفاض معدَّل الرمش عموماً.
تحذير:
إياك أن تطيل النظر إلى عينَي الشخص الذي تتحدث إليه لأنَّ هذه الإشارة تدل على العدائية وتُستخدَم عادةً قبل الدخول في عراك، ويجب أن يكون الاحتكاك البصري متبادلاً، وهو يُستخدَم لإبداء الموافقة، وعند الإصغاء وتبادل الأفكار، ويمكنك أن تستخدم هذه التقنية عندما تنظر إلى نفسك في المرآة تعبيراً عن إعجابك بمظهرك وتقديرك لذاتك.
الدراسات العلمية:
أثبتت الأبحاث العلمية أنَّ استمرار الاحتكاك البصري لقرابة 30% من مدة عملية التواصل، يؤدي إلى زيادة قدرة المستمعين على تذكُّر كلامك، ويساعد تبادل التواصل البصري من جهة أخرى على زيادة قدرتك على الإقناع، وكسب ثقة الآخرين، وتعزيز مصداقيتك، وثمَّة سمات شخصية مرتبطة بالاحتكاك البصري المتبادل مثل الانفتاح الاجتماعي، والتجاوب مع الآخرين، واللطف.
آلية تطبيق الاحتكاك البصري:
حاول أن تطيل النظر في عينَي الطرف المقابل، لكي تتقرَّب منه وتكسب ودَّه، مع الحرص على إشاحة البصر بعيداً عنه بين الحين والآخر، لأنَّ المبالغة في الاحتكاك البصري تُعدُّ علامة تهديد وتتسبَّب في شعور الآخرين بالضيق والانزعاج.
شاهد بالفيديو: التواصل الجيد مع الآخرين من خلال لغة الجسد
5. التخلُّص من الحواجز:
تقتضي هذه التقنية التخلُّص من الحواجز التي تفصلك عن الشخص الذي تحاوره، وهي تشمل الهواتف المحمولة، والأغراض الشخصية مثلاً، وتدلُّ هذه الإشارة على حضورك وتركيزك الكامل مع الطرف المقابل واستعدادك للتجاوب معه وتقبُّل اقتراحاته ووجهات نظره.
تأويل الحركة:
إزالة الحواجز المادية التي تفصلك عن الطرف المقابل علامة على اهتمامك وانتباهك الكامل، ويمكن أن تشمل هذه الحواجز المادية دفاتر الملاحظات، أو فنجان القهوة، أو حتى طاولة المكتب، وهي تتسبَّب في تشتيت الانتباه وإعاقة عملية التواصل واندماج المتحاورين، وتساعد إزالة الحواجز المادية على إجراء حوار هادف يسمح بتبادل الأفكار بأريحية، ويؤدي وجود الهاتف المحمول بين المتحدِّثين، إلى تخفيض فاعلية الوظائف المعرفية.
آلية تطبيق التقنية:
يقتضي التطبيق العملي لهذه التقنية الانتباه للأشياء المادية التي تمسكها أو تضعها أمامك والأفعال والسلوكات التي تتسبَّب في تكوين حاجز يفصلك عن محاورك ويعوق عملية التواصل فيما بينكما، فعليك أن تبعد الهاتف المحمول، والحقائب، وغيرها من الأغراض عن المساحة التي تفصلك عن الطرف المقابل، وتحرص على تحرير يديك لكي تكون قادراً على الإيماء إيماءة طبيعية وعفوية، فتساعد هذه الطريقة على إبداء الانفتاح والقبول والاستعداد لتلقِّي أفكار المحاور وتشجيعه على القيام بالمثل.
6. "ابتسامة دوشين" (Duchenne smile):
تدل "ابتسامة دوشين" على السعادة الحقيقية، ويمكن تمييزها بتجعُّد الجلد حول زوايا العينين والفم.
تأويل الإشارة:
تعبِّر "ابتسامة دوشين" عن شعور السعادة الحقيقية.
يصعب على الفرد أن يزيِّف ابتسامة حقيقية، وهو يبتسم لعدة مرات في المحادثات الاعتيادية ولكنَّها غالباً ما تكون شكلية وبداعي المجاملة.
الدراسات العلمية:
بيَّنت الأبحاث العلمية أنَّ الطفل خلال الأسابيع الأولى من ولادته يبتسم "ابتسامة دوشين" لوالدته، لكنَّه يبتسم ابتسامة عادية للآخرين، ويميل الفرد للابتسام في حضوره مع الآخرين أكثر ممَّا يفعل عندما يكون وحده، ويُفرز جسم الإنسان هرمون "الإندورفين" عندما يشاهد شخصاً يبتسم.
بيَّنت الدراسات العلمية أنَّ لاعب القوى يبتسم ابتسامةً مختلفةً عن الإنسان العادي، عندما يفوز في منافسة أو سباق ما بصرف النظر عن الترتيب الذي حصل عليه في نهايتها، وهذا الاختلاف موجود عند اللاعبين الذين يعانون من العمى الخلقي ولم يسبق أن شاهدوا الابتسامة في حياتهم.
آلية تطبيق التقنية:
يجب أن تحرِّك عضلات العينين والفم في الابتسام، كما يمكنك أن تبتسم ابتسامة عريضة كفاية لترفع خديك وتساعد على تنشيط العضلات حول العينين، وحاول أن تبقي على ابتسامتك بعد انتهاء عملية التواصل، فتَظهر الابتسامة وتَختفي بسرعة بعد انتهاء عملية التواصل في حالة السعادة الزائفة.
في الختام:
يجب أن تستفيد من تطبيقات لغة الجسد في تحسين حياتك الشخصية والمهنية وتحقيق مزيد من النجاحات والإنجازات، وثمة إقبال كبير على تنمية مهارات لغة الجسد في الوقت الحالي؛ نظراً لأهميتها وفاعليتها في تحسين حياة الفرد، ولقد قدَّم الجزء الأول من المقال 6 أمثلة عن أبرز إشارات وحركات الجسد الشائعة في عمليات التواصل والتفاعل بين الأفراد، وسيبحث الجزء الثاني منه في مجموعة أخرى من أمثلة لغة الجسد.
أضف تعليقاً