ليس من السهل أن تفهم دائماً القضايا المتعلِّقة بحدودك الشخصية، وتوضحها للطرف الآخر في العلاقة، وسنقدِّم في هذا المقال لائحة تتضمَّن 20 من الحدود الشخصية التي تمكِّنك من بناء علاقة صحية مليئة بالحُبِّ والتفاهم، ولكن سنوضِّح أولاً مفهوم الحدود الصحية في العلاقة.
ما هو معنى الحدود الصحية في العلاقة؟
يعتمد نجاح العلاقة على حُسنِ التواصل، ويعزِّز إدراكك لحدود شريكك من قدرتك على التواصل معه، وحل المشكلات قبل أن تتفاقم وترهقك، فالحدود الصحية هي مجموعة من المبادئ والقواعد والضوابط التي وضعتها لنفسك، ويتمَّثل الخرق لهذه الحدود عندما يتجاهل شريكك عن قصد أو غير قصد مبادئك واحتياجاتك الشخصية.
قد يؤدِّي الافتقار للحدود الشخصية في العلاقة إلى جعلك ضحيةً للتلاعب العاطفي من قِبَل الشريك، سواء كان يتعمد ذلك أم لا، فقد تشعر بالخجل من الرفض عندما يُطلب منك إسداء معروف، أو ربَّما لا تحبِّذ مظاهر الحُبِّ العلني، ويجب في جميع الأحوال أن تصارح شريكك وتوضِّح له احتياجاتك، وينبغي أيضاً أن تتمتَّع بالقدرة على إدراك العلامات التي تشير إلى حدوث تجاوز لحدودك من قبَل أي شخص، وقد تتضمَّن هذه العلامات الشعور بالغضب أو الاستياء أو الذنب.
11 مثالاً للحدود الصحية في العلاقة:
توجد عدة أنواع للحدود في العلاقات، مثلما هو الأمر في الزواج، ويمكن لهذه الحدود أن تحسِّن التواصل وتقوي الحميمية بين الشريكين، وقد تكون بعض النقاشات أسهل من بعضها الآخر، ولكن من الأفضل أن يُحضَّر لها بدلاً من إجرائها في لحظات التوتر بعد انتهاء جدال أو نزاع مع الشريك، فقد يكون من الأفضل الاستعانة بمعالج نفسي شخصي أو معالج متخصص بالعلاقات الزوجية لتحديد الحالات التي تحتاجان فيها إلى إجراء هذه المحادثات.
وفيما يلي إليك 11 مثالاً على الحدود العاطفية في العلاقة:
1. الرفض:
قد تعتقد أنَّه من الأفضل أن تضحِّي باحتياجاتك الشخصية من أجل تلبية احتياجات شريكك خوفاً من شعوره بالإحباط، ومع ذلك إذا طلب شريكك منك شيئاً مناقضاً لمبادئك أو دون مراعاة لوقتك أو يتطلَّب منك التضحية بشيء هام، فلا بأس بالرفض، ولا ينبغي أن ترفض بفظاظة، لكن تعلَّم أن تكون حازماً.
2. رفض تحمُّل المسؤولية عن أخطاء الشريك:
قد يلقي شريكك باللوم عليك أحياناً بسبب خطأ ارتكبه، فلا يجب أن توافق شريكك على هذا السلوك، ولا تسمح له بالتهرُّب من المسؤولية عن طريق التلاعب بمشاعرك، وعبِّر له عن تعاطفك مع ما يشعر به من ألم، وأكِّد له أنَّك تدعمه لتجاوز هذا الأمر، ولكن وضِّح له في المقابل إصرارك على عدم تحمُّل مسؤولية أفعاله.
3. المعاملة المُحترمة:
أنت تستحقُّ اللطف والمعاملة الحَسنة، فإذا شعرت أنَّ شريكك يتحدَّث بغضب غير مبرر أو بطريقة غير مُحترمة، فمن حقِّك أن تنسحب من الحديث، ودَعْ شريكك يعلم أنَّك لن تجري معه محادثة تفتقر للاحترام.
4. امتلاكك الحق بالاستقلال العاطفي:
يحدث في العلاقات الزوجية خلط بين الآراء والعواطف، فتعلَّم كيف تفصل بين مشاعرك ومشاعر شريكك وتصوُّره عن مشاعرك، أي أخبرهُ برفق أنَّه ليس من حقه أن يدَّعي علمه بمكنوناتك وعواطفك الداخلية، وبالطبع، له أن يبدي رأيه، لكن لا أن يتصرَّف كأنَّه أدرى منك بحالك.
5. إيجاد هويتك خارج حدود العلاقة:
يمكن أن تؤدي الاتكالية إلى مشكلة في شعور كل من الشريكين بهويته، ويصبح لزاماً على كل منهما ألَّا يُخطِّط لنشاطات، وألَّا يبني علاقات الصداقة بمعزل عن الآخر، والنتيجة هي تقويض شعور كل من الشريكين بكيانه المستقل، وتذكَّر أنَّك لا تُكمِّل أحداً ولا أحد يُكمِّلك، بل أنت كيان مستقلٌّ لديه اهتماماته وعواطفه وطريقته في التفكير، لذلك من الطبيعي أن تمتلك إحساساً بالهوية مستقلَّاً عن العلاقة بالشريك.
6. قبول المساعدة:
بعض الأشخاص أكثر استقلالية ويجدون صعوبة في الاعتماد على الشريك في الأوقات العصيبة، وإذا احتجت إلى المساعدة، فمن الأفضل أن تضع الحدود التي توضِّح الجوانب التي تحتاج فيها إلى المساعدة، وتلك التي تفضِّل أن تقوم بها باستقلالية، فمثلاً قد تطلب المساعدة من الشريك بشأن المشكلات المالية، لكنَّك ترفض تدخُّله في المشكلات العائلية، وقد تكون هذه الحدود دقيقة جداً، لكن يصبح الأمر أسهل بكثير من خلال التواصل الصريح.
7. طلب بعض الحرية:
نحتاج أحياناً إلى العزلة عندما نمر بأوقات عصيبة على الصعيد العاطفي، ولكن عندما تكون في علاقة، فقد يستنكر شريكك هذا الطلب معتقداً أنَّك تتخلَّى عنه، على الرغم من أنَّك لا تقصد ذلك إطلاقاً، ومن الصحي أحياناً أن تقضي بعض الوقت وحدك، بل هو أمر أساسي للحفاظ على شعورك بهويتك الحقيقية وحل مشكلاتك، وإذا لم تصارح شريكك بحاجتك لقضاء بعض الوقت وحدك، فقد يشعر شريكك بأنَّك تتجاهله أو تحاول تجنُّبه، وكي تتجنَّب سوء الفهم هذا، وضِّح لشريكك أنَّك تحتاج إلى العزلة لبعض الوقت.
شاهد بالفيديو: 3 مهارات أساسية من أجل علاقات صحية "Joanne Davila" "جوان دافيلا"
8. التعبير عن الانزعاج:
يجب أن تتعلَّم كيف تعبِّر لشريكك بوضوح عن انزعاجك عندما يبدر منه ما يضايقك، كي تتمكن من وضع حدودك الشخصية، ووضِّح لشريكك الأشياء التي لا يمكن أن تتحمَّلها، واتَّخذ مجموعة من الإجراءات عندما يتجاوز أحد الحدود، ويمكن أن تبيِّن لشريكك الحدود التي لا يجب تجاوزها ببساطة ووضوح، كأن تقول له: "رجاءً لا تفعل هذا، فهو يسبِّب لي الإزعاج".
9. اختيار الوقت المناسب للإفصاح عن ماضيك:
لا بأس بالتريُّث في بداية أية علاقة، فلا داعي للاستعجال والبوح لشريكك بكل ما لديك، أو الشعور بضرورة المبادرة والتحدُّث صراحةً عن كل شيء، فلكي تشجع شريكك على التصرف بالمثل، يجب اختيار الوقت المناسب الذي يرتاح فيه الشريكان للإفصاح عن ماضيهما.
10. الدفاع عن كرامتك:
قد يقول لك شريكك في الجدال أشياء مسيئة ومُهينة، وضِّح لشريكك أنَّك لا تقبل بأن يتحدَّث معك بهذه الطريقة، فأنت شخص ذو كرامة، ويجب أن يتحدث معك باحترام، ووضِّح له أيضاً ضرورة الاعتذار عن الإساءة التي يوجِّهها إليك إذا حدثت في مثل هذه المواقف.
11. الحديث عن الموضوعات الحساسة:
لا ينبغي أن يُطلب من الشريك الحديث عن موضوع حساس، رغم أهمية الصراحة، فإنَّه لا ينبغي أن يحدث ذلك بسبب إلحاح أو ضغط شريكك مهما بلغت العلاقة من قوة، وتذكَّر أنَّك تشارك مشاعرك، وتجاربك عندما تشعر بالأمان، وقد يتطلَّب ذلك بعض الوقت حتى تصبح جاهزاً للحديث عن موضوعات أو ذكريات حساسة.
أمثلة عن الحدود الشخصية في العلاقة:
1. حقك في الخصوصية:
ثمة عدة مستويات للخصوصية، فقد لا تجد مانعاً من مشاركة حاسوبك المنزلي مع الشريك، لكنَّك تحتفظ بكلمة سر البريد الإلكتروني لنفسك، وهذا القرار منطقي، فالأمر متروك لك كلياً لتحديد ما إذا كنت ترغب بمشاركة ممتلكاتك وأفكارك ورسائلك وما تدوِّنه في دفتر اليوميات، وحتى القضايا الحساسة مثل صدمات الماضي، فمن غير المقبول تجاوز هذه الحدود.
2. حقك في تغيير رأيك:
تخضع خياراتك لمحض إرادتك، وأنت أيضاً من يقرِّر تغيير هذه الخيارات، ويجب ألَّا يدفعك شريكك للشعور بالذنب عندما تغيِّر رأيك بشأن قضية ما، فكن واضحاً بشأن الأسباب التي دفعتك للتغيير، أو اكتفِ فقط بإعلامه بقرارك، لأنَّه من الهامِّ أن تكون صريحاً مع الشريك، لكن بما يحافظ على حدودك الشخصية.
3. حقك في تحديد الطريقة التي تقضي بها وقتك:
من حقك أن تقرِّر أين ومع من تقضي وقتك (وحدك أو مع الآخرين)، ومن الممكن أنَّك لا تحبُّ الذهاب إلى السينما أيام العطلة، فوضِّح لشريكك هذه النقطة وبيِّن له أنَّك معتاد على تخصيص هذا اليوم لقضاء الوقت وحدك.
4. الحاجة إلى التعامل مع الطاقة السلبية:
يمكن أن تنطبق الحدود الشخصية على سلوكك الخاص أيضاً، ومن الهام أن تتعامل مع مشاعر الغضب والاستياء حتى لا تؤدِّي الطاقة السلبية الناجمة عن هذه المشاعر إلى الإضرار بالعلاقة، فإذا لم تتمكَّن من التغلُّب على هذه المشاعر وحدك، اطلب مساعدة الشريك، وعبِّر عن مشاعرك السلبية وخفِّفْ من حدَّتها من خلال الحديث بصراحة عن حالتك المزاجية.
5. حريتك في التعبير عن معتقداتك الروحية:
معتقداتك الدينية أمر خاص بك، وبصرف النظر عن مدى التشابه بينك وبين شريكك فيما يتعلَّق بالجانب الروحاني أو المعتقد الديني، يجب أن يحترم كل منكما معتقدات الآخر، وأن يدعم كل منكما الآخر في تعزيز جانبه الروحي، وأن تتحليا بالانفتاح والرغبة في التعلُّم عن ثقافة وعقيدة الآخر.
6. حقك في الإخلاص لمبادئك:
ضع حدوداً لنفسك، لِتظل ثابتاً على مبادئك وأياً يكن شريك حياتك، بالطبع يمكنك تغيير رأيك، خاصةً أنَّ المحادثات مع شريكك تتيح لك الفرص للتعرُّف إلى آراء جديدة، لكن يجب ألَّا يكون دافعك لتغيير آرائك هو الخوف من شعور شريكك بالاستياء.
7. التعبير عن نمط الحياة الذي تفضِّله:
تعلَّم كيف توضِّح لشريكك نمط الحياة الذي تفضِّله سواء من حيث نوع الغذاء الذي تتناوله بشكل أساسي أم رغبتك بالاستيقاظ والنوم مبكِّراً، واحرص على أن يحترم شريكك خياراتك من خلال عدم التسبُّب بضجيج مُزعج، أو تشغيل التلفاز في وقت متأخر من الليل، ويجب في المقابل أن تتعرَّف إلى الحدود الخاصة بشريكك، وإذا كان شريكك يفضِّل النوم في وقت متأخر، فاعمل على التكيُّف مع هذا الخيار بدلاً من الضغط عليه وإجباره على النوم باكراً.
8. حقك في الاحتفاظ بأموالك وممتلكاتك المادية:
ليس من السهل تحديد ما تشاركه مع شريكك من ممتلكات وأموال وما تحتفظ به لنفسك، فقد يفتح بعض الأزواج حسابات مصرفية مشتركة، بينما يفضِّل آخرون الاستقلال المالي، فالحدود المالية والمادية شائعة جداً في جميع العلاقات.
9. قدرتك على إدارة وقتك:
يجب أن تتضمَّن العلاقة الحدود التي تمكِّنك من إدارة وقتك دون التقليل من احترام شريكك، ويمكنك مثلاً عندما تكون عازباً، أن تؤجِّل القيام بأي واجب منزلي قَدَر ما تشاء، في حين لا يمكنك القيام بذلك عندما تعيش حياةً مشتركة مع شريكك، لأنَّ وقتك ليس ملكك فحسب، ومع ذلك من الضروري أن تتعلَّم كيف تدير وقتك بكفاءة حتى عندما تكون عازباً، كي تتمكن من الالتزام بوعودك عندما ترتبط بأحدهم.
كيف تضع الحدود في العلاقة؟
قد يكون من السهل أن تعرف الحدود التي ترغب في وضعها، ولكن تكمن الصعوبة في كيفية إرسائها، ولا سيَّما إذا كان الأمر يتطلَّب الإقلاع عن بعض العادات المؤذية، مثل الانفعال عندما يتجاوز الشريك أحد هذه الحدود، وذلك لأنَّنا نجهل في الغالب حدودنا إلى أن يحدث تجاوزها، ومع ذلك فتوجد طرائق أفضل للتواصل مع شريك حياتك، وإليك بعض الأفكار التي تساعدك على وضع الحدود في العلاقة:
قد يكون مثيراً للقلق أن تُظهر ضعفك، وتعبِّر لشريكك عن احتياجاتك، ولكن تذكَّر أنَّك تعرف نفسك وتدرك احتياجاتك إدراكاً أفضلَ من أي شخص آخر، وسيقدِّر الشريك المُحِبُّ ويحترم حدودك بلا شكٍّ، وستصبح علاقتكما أقوى في نهاية المطاف، وستشجع شريكك عندما يرى رغبتك بوضع حدودك الشخصية على وضع حدوده الخاصة، وقد يستغرق الأمر وقتاً وجهداً، لكنَّ النتائج الإيجابية تحتاج إلى ذلك دائماً.
أضف تعليقاً