12 نصيحة للتخلص من إدمان الهواتف الذكية

نزلتُ إلى مترو الأنفاق باتّجاه الممرّ الذي يسهّل انتقالي في الظّلمة تحت الأرض. كانَ هناكَ رجلٌ يُجري مكالمةً هاتفيّةً، يعترضُ الطريقَ أسفل الدّرج، ولم يبدِ أيّ استعداد لإنهاء مكالمته تلك. لم تكن هذه هي المشكلة، إلا أنّ العشراتِ من المسافرين المستعجلين اصطفوا خلفه مثل الماء المتجّمِع في خرطومٍ ملتوٍ. وبعد دقيقةٍ من الانتظار على الرّصيف، فُتحت أبواب المترو، وإذ بشخص ٍآخرَ يمشي بتثاقلٍ غير آبهٍ بما حوله، يدفعُ جسمه الضّخم داخل أبواب القطار دون أن يرفّ له جفن، وهو مستغرقٌ في خوضِ معركةٍ ملحميّة: الإنسان مقابل الكاندي كراش!



ملاحظة: هذه المقال مترجمة للمدوّن "مايكل بيترزاك" مؤسس شركة "So You Want to Write? Inc".

تسبَبت سرعته في وقوع أمٍّ وطفلٍ خلفه بين فكّي أبواب القطارِ المغلقة والصّلبة. قلت له: "يا رجل، معركة الكاندي كراش هذه ستقتلنا جميعاً". بدا مرتبكاً عندما رفع عينيه الجامدتين للنظر إلى وجهي، قبل أن يعاود التّحديق في ذلك البريق البارد المنبعث من لعبته الملوّنة دون أن ينطق بكلمةٍ واحدة.

إذا لم يكن هذا إدماناً، فأنا لست متأكّداً ماذا يمكننا أن نطلق عليه.

لعلَّك قد تتهمني بأنَّني شخصٌ متّخلفٌ غريب الأطوار؛ لذا سأعطيكَ لمحةً عن مزايا الهواتف المحمولة، لكن ليس قبل أن أنتهِ من ذكر الأمور المقلقة بشأنه. فكما ترى، أنا أيضاً لديّ مشكلة، فأنا لا أتذكّر آخر مرّةٍ خرجت فيها من دون هاتفي الخلويّ.

أهلاً بك في "نادي" مدمني الهواتف الذكيّة:

- اسمي مايك وأعاني من الإدمان.

- "أهلاً، مايك". يصدح 2 مليار صوت معلناً ذلك.

أهلاً بك في عالم مدمنيّ الهواتف المحمولة، السكان ليسوا مجهولين، إنَّهم فقط جميعنا.

اسمح لي أن ألقي على مسامعك بعض الحقائق الصّادمة:

  • يتفقّد الشخص العادي هاتفه بمعدل 110 مرّات في اليوم.
  • حوالي 75% من الأشخاص يتفقّدون هواتفهم مباشرةّ بعد استيقاظهم.
  • ينام 61% وهم يتركون هواتفهم مشتغلةً قرب السّرير.
  • يستيقظ 1 من كل 3 أشخاص من مستخدميّ الهواتف الذكيَة في اللّيل لتفقّد هواتفهم (تبلغ النسبة حوالي 50٪ للأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاماً).

أنا لا أُلَمّحُ إلى أنّ استخدام الهواتف المحمولةِ أمرٌ سيء، فأنا أستخدم هاتفي يومياً. أنا فقط أشير إلى أنّ هناك فرقٌ شاسعٌ بين حالتين من الاستخدام: بيقظةٍ ذهنيّة، أو من دون وعي. مثل أيّ أداة، استخدام الهاتف الذكيّ يمكن أن يكون مفيداً أو مضرّاً.

لقد أصابتني بعض الأبحاث بالذّعر:

  • ربطت نصف الدراسات الأخيرة بين الشبكات الاجتماعيّة والاكتئاب.
  • يعني استخدام هاتفك قبل النوم أنّك لن تستطيع النّوم بسهولةٍ وسيكون نومك متقطعاً.
  • قد يعوّق الاعتماد على هاتفك لتخفيف القلق تطويرَ مهاراتك للتّعامل مع هذا الشّعور السلبي.
  • يشعر الأشخاص الذين يبقون على اتصالٍ دائمٍ بالإنترنت بمزيدٍ من القلق، مما قد يؤدّي إلى مشاكلَ أخرى تتعلّق بالصّحة النفسية.

إشارات تحذير:

تعمل الهواتف الذكيّة على تحسين الحياة، فأنا أعتمد على هاتفي في: تحديد الاتجاهات، وتنظيمُ جدول أعمالي، كما يتيح لي سماع أنغام الموسيقى في كلّ مكان، والتقاط الصور، وتسجيل الذكريات للحظاتي الجميلة. وأستطيع أيضاً إدارة أعمالي من خلاله، ومعرفة الإجابة لكلّ سؤالٍ يمكن أن أفكر فيه.

أحبّ تصديق حقيقة أنّني أستخدم هاتفي المحمول بدلاً من أن يستخدمني، فأنا لست مثاليّاً.

علامات إدمان الهاتف المحمول:

كيف تعرف أنّك تعاني من مشكلة إدمان استخدام الهاتف المحمول؟ فيما يلي بعض العلامات التي تشير إلى ذلك:

1. حينما تتحقّق من هاتفك في منتصف الليل:

في حال كنت تنتظر مكالمةً من زوجتك الحامل، كن حريصاً على تفقّد جهازك كلّ الوقت. ولكن إذا استيقظت في الساعة 3:41 للتحقََق مما إذا كان منشورك الأخير يحتوي على إعجابات جديدة، فهذا يعني أنَك تواجه مشكلة الإدمان.

2. حينما تقوم بكتابة الرسائل النّصية وأنت تمشي:

المشي هو قدرةٌ بشريةٌ مهمّةٌ تتطلّب جلّ تركيزنا. إنَّك تعرّض نفسك للخطر عندما تتراسل في أثناء المشي (لقد شاهدنا جميعاً مقاطع فيديو عن ذلك)، وأيضاً تصبح عقبةً أمام الأشخاص الذين يحاولون تجاوزك. التّراسل في أثناء المشي له عواقب وخيمة؛ لذا توقّف عن ذلك.

إقرأ أيضاً: التأمّل أثناء المشي: ما فوائده؟ وكيف تمارسه بنجاح؟

3. عندما يكون هاتفك المحمول هو رفيقك الدّائم في الحمّام:

ناهيك عن قضايا النَظافة، فإنّ هذا يبدو غريباً حقَاً. من المُمكِن أن يحدث ذلك في بعض الأحيان، ولكن إذا أصبحت عادة، فحاول تداركها أو على الأقل لا تعترف بها في مقالٍ يتحدّث عن النّجاح.

4. حينما تتوتّر عندما تنسى هاتفك:

لقد تطوَرت البشريّة منذ حوالي 200,000 سنة، وأصبحنا من الأنواع الحيّة المهيمنة في كوننا من دون أن يكون لدينا سناب شات. أنا أثق أنَّك تستطيع قضاء يومٍ بدونه.

5. عندما لا تستطيع التّوقف عن استخدام هاتفك في أثناء جلوسك مع الأصدقاء:

ما هي أفضل طريقة لتسيء بها إلى صديقك الذي خرج لقضاء بعض الوقت بصحبتك؟ أمسك هاتفك المحمول وتحدّث مع أشخاصٍ آخرين، أو شاهد بعض مقاطع الفيديو التي تتحدّث عن القطط مثلاً. هذه التصرفات ستوحي للشخص أمامك بأنّه عديم القيمة.

6. عندما تستخدم هاتفك للهروب من المهام أو التحدّيات:

في أحدّ الأيام، عثرتُ صدفةً على تطبيق (Vine)، وقضيت ثلاث ساعات في تقليب هذا العالم الغريب من الفيديوهات القصيرة. كان أسلوباً واضحاً ومعيباً لتجنّب إنهاء عمليّ الحقيقي، وحتّى يومنا هذا أشعر بالذنب.

إقرأ أيضاً: هل يجب منع الأطفال دون سن 16 من استخدام الهواتف الذكيَّة؟

12 خطوةٌ لاستعادة حياتك والتخلص من إدمان الهواتف المحمولة:

إنّ إدمان الأجهزة ليس مشكلةً جديدة. فالبشر استخدموا وأساؤوا استخدام التكنولوجيا لعصور.

لو كنتُ في الأربعينيات من القرن الماضي، كنت سأكتب هذا المقال عن إدمان مشاهدة التلفزيون؛ ولو كنت في القرن الثامن عشر، كان سيكون عن نوعٍ جديدٍ من الكتب الخفيفة التي تسمّى رواية؛ ولو كنت في عام 100000 قبل الميلاد، كانت جارتي التي تقطن في الكهوف ستشعر بالاشمئزاز من إدماني المقلق للأدوات الحجريّة.

مهما كان السمّ التكنولوجي الذي تختاره، هناك أملٌ بالتعافي.

دعني أكون عرّابك في برنامجٍ من 12 خطوة للسّيطرة على إدمان هاتفك الذكي:

1. تأكّد من سيطرتك المطلقة على هاتفك المحمول:

سألت جدي مرةً كيف أقلع عن التدخين؟ كانت إجابته بلكنةٍ بولنديّة ثقيلة: "سألت نفسي: من هو المسيطر في هذه الحالة: السيجارة، أم أنا؟ كان الأمر بهذه البساطة".

2. حدّد الغاية قبل أن تمسك هاتفك:

قبل أن تمسك بجهازك تلقائياً لتفقد الإشعاراتِ الجديدةِ التي تستدعي اهتمامك الثّمين، قل لنفسك: ما هو الغرض من استخدام هاتفي المحمول في هذه اللحظة؟ هل تستخدمه دون وعي أو لمهمّةٍ محدّدةٍ في ذهنك؟

3. اختر قائمة التطبيقات بعناية:

كن صادقاً مع نفسك. هل تحتاج حقّاً إلى 74 تطبيقٍ على هاتفك؟ لا أعتقد ذلك! خصّص ساعةً للقيام بالبحث الذاّتي للتطبيقات. راجع كلّاً منها واسأل نفسك:

  • كم من الوقت أقضيه في استخدام هذا التّطبيق؟
  • هل هذا يضيف قيمةً حقيقيّةً إلى حياتي؟

إذا لم تكن متأكداً، فابدأ بحذفها من الشاشة الرئيسة.

4. قم بإيقاف تشغيل الإشعارات:

يعتقد الفيسبوك أنَّك بحاجةٍ إلى أن تطّلع على تعليقات أصدقائك في مجموعات لا تتذّكر انضمامك إليها قبل خمس سنوات. أنا أخالفك الرأيّ يا زوكربيرج. لذا أغْلِق كلّ تنبيهات التطبيقات التي لا تحتاج إليها فعلاً.

إقرأ أيضاً: كيف توقف إشعارات تطبيقات الدردشة على هاتفك لتحقق المزيد من التركيز

6. ركّز بمحيطك:

يعدّ إجراء الرّسائل النّصية في أثناء القيادة أمراً غير قانونيٍّ في معظم البلدان، وذلك لأنَّها تشتّت انتباهك. صحيحٌ أنّ الخطر أقلّ من ناحية الأذى الجسدي عند استخدام هاتفك وأنت تمشي، أو في صالة الألعاب الرياضيّة، ولكنّك عندما تقوم بذلك، سوف تفقد متعة التّركيز في أثناء ممارستك لها.

6. ضع قائمةً بالأشياء التي لا ترغب بوجودها على هاتفك:

الهاتف المحمول هو مصدر ترفيهٍ سخيف. شاشةٌ بحجم 5 بوصة، ومكبّر صوتٍ صاخبٍ يجعل تجربة المشاهدة سيئة، ومعظم الألعاب تعتمد على النقر على الشّاشة بلا تفكير، ومواقع التّواصل الاجتماعي عبارةٌ عن غرفٍ لأولئك السّطحيين. لذا لا تضيّع وقتك، وجهّز قائمةً بالأنشطة الواقعيّة التي تحبّها، واستبدلها بالوقت الذي تقضيه على الهاتف.

7. أبعد عنك الخوف من إهدار الفرص:

قد يكون هذا حديثاً مختلفاً كليّاً، ولكن لكي تتغلب على الخوف من إضاعة الفرص، تذكَر أنّ مقارنة نفسك بالآخرين تؤدّي إلى نوعين من المشاعر: إمّا شعورٌ بعدم الكفاية، أو شعور بالتفوّق. وكلاهما يؤدّي بدوره إلى القلق. تدرّب على الشّعور بالامتنان والرضا بما لديك، ولن تفكر أبداً أنّك تضيّع الفرص.

8. لا تصطحب هاتفك في دعوات العشاء:

هاتفك الذكيّ هو غالباً ضيفٌ غير مرحّبٍ بهِ في دعوات العشاء. إنّ مشاركة مائدة الطعام هي من أكثر الأجزاء متعةً في يومك إذا كنت حاضراً بشكلٍ كاملٍ ومشاركاً مع الآخرين، فلا شيء يخلق بعداً بينك وبينهم مثل ما يفعل هاتفك.

9. تجنّب أخذ الهاتف معك إلى السرير:

إن كنت تتلقَّ الكثير من الرّسائل النّصية أو المكالمات الهاتفيّة غير المفيدة في منتصف الليل، فربّما تحتاج إلى إعادة تقييم حياتك. إذا لم تكن شخصاً في موقع مسؤوليّة، فهذا يعني أنّه ليس هناك شيءٌ مهمٌ يستدعي ضرورة تركك الهاتف ليزعجك في تلك اللحظات الثمينة والهادئة قبل النوم مباشرةً أو بعد الاستيقاظ.

10. اضبط منبهك على وقت النّوم:

في السّاعة 10 مساءً، أتلقى تنبيهاً من هاتفي أنّ الوقت قد حان "للاسترخاء". تلك السّاعة التي أقضيها بعيداً عن شاشة الهاتف هي إحدى الساعات المفضلة لديّ في اليوم، حيث أفكّر في ما أنجزته، وأقرأ كتاباً جيداً.

11. حدّد لنفسك إجازاتٍ قصيرةً من هاتفك المحمول:

كلّما عوّدت نفسك على ترك هاتفك لفتراتٍ بسيطةٍ استطعت الاستغناء عنه لفتراتٍ أطول.

أغلق هاتفك وضعه بعيداً؛ واقضِ أمسية أو يوماً كاملٍ من دونه. وأخبر الآخرين أنّك ستأخذ استراحةً من هاتفك حتّى لا يفتقدوك. وبعد فترة، ستبدأ بملاحظة ذلك الشعور بالرضا الذي يغمرك.

إقرأ أيضاً: ما الذي سيحدث إذا أخذتَ إجازةً من التكنولوجيا؟

12. خذ إجازات لفترات أطول:

عندما تحطّمَ هاتف خطيبتي على الرّصيف العام الماضي، قَرّرتْ أن تكمل حياتها من دونه، وذلك بدلاً من أن تنفق مئات الدولارات لاستبداله. شَعَرَتْ أنّها حرّةٌ لعدّة شهور، وفي أثناء ذلك لم تفتقد جهازها كثيراً. في الواقع، استرسلت في الحديثِ عن مدى الهدوء الذي تشعر به، وعن مدى تواصلها بشكلٍ أفضلٍ مع العالم من حولها.

إنّه خيارك أنت، فإمّا أن تكون الحياة بالنّسبة إليك تحديّاً تهرب منه إلى هاتفك، أو مغامرةً جريئةً تخوضها بقوةٍ بحضورك وقلبك المفتوح.

 

المصدر




مقالات مرتبطة