وكانت نتيجة ذلك أنَّ ديفيد استمتع بعطلته إلى أبعد الحدود، إذ يُخبرنا عن ذلك: "أنا أنصح بهذا بكل تأكيد. فأنتَ لن تعرف عندئذٍ مدى كفاءة مؤسستك وفريقك وحسب، بَل ستحصل أيضاً على فُرصَةٍ للاستمتاع بوقتك برفقة عائلتك، والاستمتاع بالطَّبيعة ولعب الورق وكلِّ الأمورِ الممتعة؛ من دون أيِّ إلهاءٍ ناتجٍ عن شعورك بأنَّه يجب عليك التَّحقُّق من سير العمل في مؤسَّستك".
مع اقتراب موسم العطلات، يقوم العديد من المحترفين بإجراء رهانٍ مع أنفسهم وعائلاتهم: إلى أيِّ مدىً سيكونون على إطلاعٍ بسير العمل أيامَ إجازتهم؟ إذ على الرغم من أنَّه لا يوجد أيُّ شيءٍ خاطئٍ بما يخصُّ العملَ في أيَّام الإجازة، إلا أنَّ الأشخاص الذين ابتعدوا وبشكلٍ كاملٍ عن بريدهم الإلكتروني -أو عن أيِّ مظهرٍ من مظاهر التِّقَنِيَّة- لبضعة أيام، يقولون أنَّ لذلك الأمرَ إيجابياته المؤكَّدة، وسلبياتٍ ليست بذلك القدر من الأهميَّة. لذا دعونا نعرف -منهم- سلبيات وإيجابيات ذلك.
إقرأ أيضاً: 8 أفكار لقضاء إجازتك السنوية براحة وسعادة
سَتَجِد الكثيرَ من رسائل البريد الإلكتروني بانتظارك
إذا كُنتَ تفكِّر في الابتعاد عن التكنولوجيا لفترة، فَكُن على علمٍ بالتَّالي: ستعود وتجد الكثيرَ من الرَّسائل بانتظارك. فوفقاً لتحليل خمسة ملايين رسالة بريد إلكتروني قامت به شركة "بوميرانغ Boomerang" -وهي شركة مُتخصّصة في تقديم خدماتٍ لإدارة البريد الإلكتروني- يتلقّى الموظف المحترف 147 رسالة بريد إلكتروني يومياً. قد تنخفض كمية الرسائل الواردة خلال أيام العُطَل، ولكن على مدى أكثر من 5 أيام عمل في المتوسط، سيكون هناك 735 رسالة بريد إلكتروني موجودة في صندوق الوارد، مما يتسبب في حدوث هيستيريا لأنصار فكرة "Inbox Zero" (تصفير البريد الوارد: وهو عبارة عن منهجٍ لتجنب الفوضى في رسائل البريد الإلكتروني الواردة، عبرَ التَّعامل الفوري مع الرسائل الواردة وفقاً لاستراتيجيات متنوعة).
"إحدى أكبر المشاكل التي وجدناها هي أنَّ النَّاس ببساطة تطغى عليهم فكرة بريدٍ الكتروني يحتوي على المئاتٍ من الرَّسائل، ويشعرون أنَّهم لا يستطيعون إيقافَ بريدهم مؤقتاً لأنَّهم -وبكل بساطة- لن يقدروا على التَّهرب من تلك الرَّسائل"، يقول أليكس مور، الرَّئيس التنفيذي لشركة بوميرانغ. "ما لا يدركونه هو أنَّ ليست كُلَّ رسالةٍ يتلقونها، تتطَلَّب منهم اهتماماً فوريَّاً، أو أدنى اهتمامٍ حتى".
في الواقع، إنَّ معظم تلك الرسائل تكون لا أهميةَ لها. "لقد وجدنا في الواقع أنَّ 80٪ من رسائل البريد الإلكتروني التي نتلقاها يحذفها أصحابها في أقلَّ من ثلاث ثوان". يتلقى الأشخاص حوالي 12 رسالة يومياًَ تتطلب منهم عملاً كبيراً، وقد تتجاوز الأحداث بعض هذه الرسائل على مدار 5 أيام. إنَّ العودة إلى صندوق رسائل واردة يحتوي على أقل من 60 رسالة بريد إلكتروني ذات صلة، تبدو أكثر قابليةً للتَّنفيذ من التَّعامل مع صندوقٍ فيه 735 رسالة.
إنَّ الابتعاد عن البريد الوارد له فوائدَ نفسيَّةٍ أيضاً. إذ وجدت إحدى الدِّراساتُ أنَّ الأشخاص الذين كان مُعدَّل تحقُّقِهم من بريدهم الإلكتروني مقتصراً على ثلاثِ مرَّاتٍ في اليوم، كانَ لديهم مستويات إجهاد أقلَّ من أولئك الذين يمكنهم التَّحقق من بريدهم متى ما أرادوا.
إقرأ أيضاً: مبدأ "آيزنهاور" للهام والعاجل
الابتعاد عن حاسوبك المحمول
قامت دنيا لازيتش، مديرة الوسائط في تطبيق "Toggl" لتتبع الوقت، بوضع حاسوبها المحمول في خزانة وحذف جميع التطبيقات من هاتفها، في محاولةٍ منها لقضاء عطلةٍ دونَ أيِّ مظهرٍ من مظاهر التكنولوجيا. "لقد صمدت لما يقارب العشرة أيام في المجمل"، بحسب قولها. "لسوء الحظ، استمرَّ شيء ما بإخباري بأنْ أتفقَّد بريديَ الإلكتروني وأراجع عملَ الشركة". على الرَّغم من استسلامها بعد 10 أيام، إلا أنَّ فترة الرَّاحة تلك نتج عنها الكثير من الرُّؤى. إذ تقول لازيتش: "عندما لا تتعرّض باستمرار لوابلٍ من الإشعارات والمعلومات، يبدأُ عقلك فعليَّاً في التفكير مجدداً"، مضيفةً أنَّها تُخَطِّط لأخذ إجازةٍ أخرى من التكنولوجيا بدءاً من عيد الميلاد إلى 2 يناير.
في الواقع، إذا كُنتَ تريد ضمان الحصول على بعض الأفكار العميقة، فقد يكونُ وضعَ حدٍّ لبريدك الإلكتروني، هو أفضل أداة في ترسانتك. تقول كوري براون سوان، المرشحة لنيل درجة الدكتوراه في المملكة المتحدة، إنَّها عندما تُديرُ قاعاتِ القراءةِ لزملائها الأكاديميين: "نحن نوقف خدمة الواي فاي! صحيح أنَّ النَّاس غيرُ راضينَ عن ذلك، ولكنَّهم يجدون أنفُسَهُم أكثرَ إنتاجيَّةً بدونه. أعتقد أنَّنا في الكثير من الأحيان نستخدم البريد الإلكتروني كوسيلةٍ للشُّعورِ بالإنتاجيَّة وتجنُّب المشاكل المعقدة جدَّاً".
إقرأ أيضاً: تعلم من الناجحين... 10 أسرار للاستمتاع بعطل نهاية الأسبوع
سترى أنَّ ذهنك أصبح متفتّحاً أكثر
في بعض الأحيان، يكون هذا الإدراك -أنَّ التَّحقق من البريد الإلكتروني يجعلك تشعر بالإنتاجية على الرَّغم من أنَّه يكون على حساب أنشطةٍ أكثرَ إنتاجية- عاملاً ملهماً للقيام بتغييراتٍ جذرية. إنَّ جون جاكوبس، الشَّريكَ المؤسِّسَ لشركة Life is Good لقمصان الـ "تي شيرت"، تخلَّى عن البريد الإلكتروني منذ 8 سنوات. أمَّا كيف قام بذلك؛ فهو في واقع الأمر يتواصل كثيراً عن طريق الرسائل النَّصيَّة، ولديه مساعد يتعامل مع معظم الرسائل التي تأتيه عبر البريد الإلكتروني.
ومع ذلك، فإنَّ عدداً أكبر من الأشخاص لديهم مساعدين يمكنهم أن يعملوا على فلترة الرسائل، بدلاً من أن يُجرِّبوا ذلك بأنفسهم. يقول جاكوبس: "عندما كنت أتعامل بالبريد الإلكتروني، بَدت كثير من الأمور التي أقوم بها غايةً في الرَّجعية (ليست على الموضة)، أمَّا الآن بعد أن تركت البريد الإلكتروني، لدي مساحة ذهنيَّةٌ لأكونَ مبدعاً". يعمل جاكوبس أيضاً لساعاتٍ منطقيَّة: من الساعة 9 صباحاً إلى الساعة 6 مساءً، على الرَّغم من المساعدة في إدارة شركة بقيمة 100 مليون دولار.
في حين أنَّ واقع الحال يقول بأنَّ معظم النَّاس لن يحذفوا بريدهم الإلكتروني بالكامل؛ إلا أنَّ بضعة أيامٍ من الإجازة بعيداً عن التكنولوجيا، قد تبدو أمراً مقبولاً. "أعتقد أنَّ ما هو صعبٌ فعلاً ليس بالضرورة تقليل تأثير العمل أو التَّأكد من أنَّ فريقك سيكون على ما يرام (وبالمناسبة، سيكونون على ما يرام)، بل الجزء الصَّعب هو تقليل تلك المخاوف" تقول كاترينا ليك، المديرة التنفيذيَّة لخدمة التصميم عبر الإنترنت "Stitch Fix"، إنَّها أخذت العديد من الإجازات حيث كانت في كل مرَّة، خارج التَّغطية بشكلٍ كامل ولعدَّةِ أيَّام. فإذا كُنتَ تلعَبُ دوراً قيادياً، فيمكنك القيامُ بذلك لسببٍ واحدٍ دونَ سواه: "هو أنَّنا وبصِفَتِنَا مدراءَ تنفيذيين، يجب علينا أن نكون مثلاً يحتذى به"، تقول كاترينا. "إذ من الصَّعب الطَّلبُ من أعضاء الفريق بأن ينأَوا بأنفسهم عن التِّكنولوجيا، إذا كنتَ أنت لا تَفعَلُ ذلك".
أضف تعليقاً