12 حيلة ذهنية لزيادة التركيز في العمل

لطالما كانت المعرفة هي ما يميز الأشخاص المتميزين والناجحين عن بقية الناس؛ لكن أتاح ظهور الإنترنت والأجهزة الذكية وصولَ الجميع إلى مصادر المعلومات على قدم المساواة؛ ثم أتى عصر وسائل التواصل الاجتماعي لتجعل العالم قرية صغيرة يمكن للجميع فيها الاتصال ببعضهم مهما فرَّقتهم المسافات.



وفي الوقت الذي تنمو فيه معرفتنا باضطراد يوماً بعد يوم، لا يُجاري تركيزنا هذا التطور الهائل للأسف؛ وما ينبغي علينا تَعلُّمه هو إيلاءُ اهتمامنا لما يعنينا بحق، وعدم تشتيت انتباهنا بأي شيء آخر؛ هذا ما يفعله وارن بافيت (Warren Buffet) وغيره من الناجحين في هذا العالم؛ حيث يكمن مفتاح النجاح في معرفة المزيد، وفي تعلم كيفية زيادة التركيز على ما يهمنا فعلاً.

لم يكن العمل من المنزل نموذجاً تتبعه الكثير من الشركات فيما مضى؛ لكن اليوم، جعلته جائحة كورونا (Covid-19) أسلوب العمل السائد في كل بقاع العالم تقريباً. وكما كان متوقعاً، برزت الكثير من التحديات، ولا تزال الشركات والأفراد على حد سواء يحاولون جاهدين التكيف مع هذا الوضع المستجد.

فيما سبق، كان على الموظفين التعامل مع عوامل التشتيت المتعلقة ببيئة العمل المكتبية، مثل: الأحاديث الجانبية، ومقاطعة الزملاء الذين يطلبون المساعدة، والقيل والقال في المكتب وما شابه ذلك؛ لكنَّ بيئة العمل من المنزل مختلفة اختلافاً جذرياً، حيث لم يعد بإمكانك إلقاء اللوم على رئيسك الذي يتبنى أسلوب الإدارة التفصيلية أو زملاء العمل البغيضين، أو العملاء صعبي المراس؛ ففي المنزل، يُفترض أن يكون تركيزك بين يديك بالكامل، فلمَ لا تستطيع التركيز على عملك؟ وماذا تستطيع أن تفعل حيال ذلك؟

سنقدم لك فيما يلي 12 حيلة يمكنك من خلالها زيادة تركيزك:

1. ممارسة الرياضة:

ابدأ يومك بنشاط وحيوية من خلال تعزيز تدفق الدم في جميع أنحاء جسدك.

اعتادت الشركات اليابانية على جعل موظفيها يبدؤون صباحهم ببعض التمرينات الرياضية البسيطة مثل تمرينات التمدد أو اليوجا أو تمرينات الجمباز السهلة؛ حيث تعد هذه التمرينات مفيدة جداً لأجسامنا وعقولنا على حد سواء.

ووفقاً لكلية الطب بجامعة هارفارد، تقلل التمرينات الرياضية مستويات هرمونات التوتر في الجسم، مثل الأدرينالين والكورتيزول؛ كما تحفز إنتاج الإندورفين، والعديد من المواد الكيميائية في الدماغ التي تعد بمثابة مسكنات ألم طبيعية ومحفزات لتحسين المزاج.

شاهد بالفيديو: 10 طرق بسيطة لممارسة التمارين الرياضية أثناء العمل

2. تجنُّب تعدد المهام:

لطالما كان تعدد المهام وسيلة جذابة للعديد من الناس؛ فقد يبدو الأمر كما لو كنت قادراً على إنجاز المزيد في وقت أقل. على كل الأحوال، تقول الأبحاث العلمية عكس ذلك؛ فعندما نتنقل من مهمة إلى أخرى، يحتاج دماغنا وقتاً ليس بالقليل لإعادة التركيز على المهمة الجديدة.

ووفقاً للطبيب النفسي "إدوارد إم هالويل" (Edward M. Hallowell): "يعني تعدد المهام تحويل التركيز من مهمة إلى أخرى في تتابع سريع. ربما يجعلنا ذلك نتوهم أنَّنا ننجز المهام بصورة متزامنة، لكنَّنا لا نفعل ذلك في الحقيقة؛ حيث يُشبه هذا لعب التنس بثلاث كرات".

وبناءً عليه، ما عليك سوى الالتزام بأداء مهمة واحدة لزيادة التركيز؛ فمن خلال توجيه ذهنك للعمل على موضوع واحد، ستمتلك قدرة مركزة كشعاع الليزر لتخطي أي مهمة تلقى على كاهلك.

إقرأ أيضاً: هل يُساعدنا تعدّد المهام في إنجاز المزيد من الأعمال؟

3. تقسيم الأنشطة:

في حين أنَّنا لا نبرع عموماً في القيام بمهام متعددة في الوقت ذاته، إلا أنَّ بإمكاننا ممارسة نشاطين في وقت واحد إذا كانا يتطلبان عمل أجزاء مختلفة من أدمغتنا؛ وهذا هو السبب في أنَّنا نستطيع قيادة السيارة والاستماع إلى المدونات الصوتية في الوقت نفسه، حيث تصبح القيادة بمرور الوقت عملية تلقائية لا تتطلب التركيز كلياً عليها. كما تعد مشاهدة التلفاز أثناء ممارسة التمرينات الرياضية مثالاً آخر على إمكانية تقسيم تركيزنا بفاعلية.

في حين أنَّ تقسيم الأنشطة لا يعد وسيلةً من شأنها زيادة التركيز، فإنَّ ما يُقدِّمه هو توفير الوقت بحيث يمكننا استثماره في مهام أخرى. حيث تعني الإدارة الجيدة للوقت امتلاك القدرة على فعل المزيد في المقدار نفسه من الوقت؛ فعندما يكون لدينا الكثير لنفعله في أيامنا، تُمكِّننا استراتيجية التقسيم أن نصيد عصفورين بحجر واحد.

4. الموسيقى:

ربما يبدو هذا مفاجئاً، فكيف يمكن للموسيقى أن تعزز تركيزنا؟

تشير دراسة أجريت في عام 2007 في كلية الطب بجامعة ستانفورد إلى أنَّ الموسيقى -وخاصة الموسيقى الكلاسيكية- يمكن أن تساعد دماغك على استيعاب المعلومات الجديدة وتفسيرها بسهولة أكبر. فإذا كنت تبحث عن طريقة سهلة لزيادة تركيزك عند العمل على مهمة تستدعي جل انتباهك، فقد ترك لك موتزارت (Mozart) وبيتهوفن (Beethoven) إرثاً موسيقياً يمكنك استثماره في أي وقت.

إقرأ أيضاً: هل تزيد الموسيقى من إنتاجيتنا؟

5. اللجوء إلى الطبيعة:

يتحدث "ديفيد ستراير" (David Strayer) وهو عالم نفس معرفي في جامعة "يوتا" متخصص في الانتباه، ورحالة شغوف بالطبيعة، عما يسميه "تأثير الأيام الثلاثة"؛ فقد أظهر برفقة مجموعة من المشاركين في برنامج "آوت وارد باوند" (Outward Bound) أنَّه بعد ثلاثة أيام من المغامرة في البرية، كان أداؤهم أفضل بنسبة 50% في مهام تتعلق بالحلول الإبداعية للمشكلات.

حيث يقول "ستراير": "في اليوم الثالث، يُعاد ضبط حواسي تماماً؛ حيث أشم روائح وأسمع أصواتاً لم أكن لأشمها أو أسمعها من قبل". لذلك، إذا كنت حبيس منزلك طوال فترات الإغلاق بسبب انتشار جائحة كورونا، فقد حان الوقت للذهاب والاستجمام في أحضان الطبيعة الأم.

6. الاختلاط بالناس:

لقد كانت آثار عمليات الإغلاق شديدة على صحتنا النفسية والعقلية والجسدية على حد سواء؛ فالبشر كائنات اجتماعية بطبيعتهم، ولا يمكن عزلهم لفترات طويلة لأي سبب، فهم بحاجة حقيقية إلى الاختلاط ببعضهم بعضاً وببقية الكائنات على هذه الأرض.

وفي حين أنَّنا غالباً ما ننظر إلى الدردشة على أنَّها مضيعة للوقت، إلا أنَّ لها فوائدها التي برزت في هذه الظروف العصيبة؛ حيث يمنحنا التحدث إلى أشخاص مختلفين أفكاراً ورؤىً جديدة، ويخفف حدة التوتر الذي سببته هذه العزلة؛ وكلما قل التوتر الذي نشعر به، زاد تركيزنا لا محالة.

إقرأ أيضاً: 9 طرق للبقاء على تواصل مع العالم في ظلِّ التباعد الاجتماعي

7. النوم:

إنَّ أبسط وأسهل طريقة لزيادة التركيز هي الحصول على قسط كافٍ من النوم الجيد في كل ليلة. لقد اعتاد الكثير منا السهر مطولاً، حتى نتمكن من مشاهدة حلقة أخرى من مسلسل "صراع العروش" (Game of Thrones)، أو الانتقال إلى المستوى التالي في لعبتنا المفضلة على "بلاي ستيشن 5" (PlayStation 5).

لا أحد يستطيع العمل بالمستويات المثلى لفترات طويلة من الوقت دون الحصول على فترات راحة ليلية جيدة. ربما يستطيع بعضنا السهر لليلة أو ليلتين وتقديم أداء ممتاز في الامتحان أو العمل على مهمة حرجة في اليوم التالي، لكن تتراكم التأثيرات بمرور الوقت؛ فعندما تحرم نفسك من النوم باستمرار، فإنَّك تحرم جسمك من الراحة التي يحتاجها لإعادة تنظيم نفسه وتجديد الطاقة التي يحتاجها للتركيز على المهام في كل يوم عمل جديد.

8. النظام الغذائي:

يعد الطعام الذي نأكله بمثابة الوقود لأجسامنا؛ ومثلما يمكن لسيارة فيراري أن تقدم أفضل أداءٍ على الطرقات بفضل البنزين عالي الجودة الذي تزودها به، يمكن قول الشيء نفسه عن أجسامنا؛ لكن يبدو أنَّ الكثير من الناس يهملون جودة وقود أجسادهم ويعتنون بوقود سيارتهم في الوقت ذاته.

في حين أنَّ النظام الغذائي النباتي صحي بالتأكيد، يعد اتباع نظام غذائي أكثر توازناً خياراً أفضل؛ حيث تمدنا الأسماك واللحوم بالأحماض الأمينية الأساسية لصحة أجسادنا، ويجب أن ندعم مصادر البروتين هذه بمجموعة متنوعة من الخضار والكربوهيدرات. فكن واثقاً أنَّك ستصبح أكثر حيويةً ونشاطاً وأفضل تركيزاً من خلال اتباع نظام غذائي أكثر توازناً.

9. الاستعانة بالمؤقتات الزمنية:

قد يبدو الأمر سخيفاً إلى حدٍّ ما، ولكن أجبر نفسك على العمل على مَهمَّة واحدة لمدة 30 دقيقة بدون مقاطعة من أي نوع، وستندهش من مدى صعوبة القيام بذلك.

لقد اعتدنا على التنقل من علامة تبويب إلى أخرى، وعلى النقر على كل رابط ينبثق أمامنا ما إن نرى شيئاً يلفت انتباهنا. إنَّه لأمر مدهش كم من الوقت نتشتت بعيداً عما نقوم به دون أن ندرك ذلك حتى؛ لذا يعد استخدام مؤقت زمني (مثل مؤقت أداة الطهي) طريقة رائعة لمنح مهمة واحدة انتباهك الكامل قبل أن تنعم بوجبة صحية لذيذة.

إقرأ أيضاً: تقنية "البومودورو"... لتبقى مركّزاً طوال اليوم

10. استعادة صفاء الذهن:

بينما تحدثنا عن استراتيجيات للتركيز من خلال أحادية المهام والمؤقتات الزمنية، علينا أن نفهم أنَّ هناك أوقاتاً سوف نتعثر فيها؛ وفي لحظات كهذه، نحتاج إلى تغيير المشهد كلياً، فلا فائدة من محاولة إحياء ما قد مات.

سنمر بأيام عصيبة لا يمكن أن تتدفق فيها مَلكاتنا الإبداعية؛ وفي مثل هذه الأوقات، من الأفضل أن تُبعد تفكيرك تماماً عما تفعله. صفِّ ذهنك عن طريق القيام بشيء مختلف تماماً، حيث ستعطي هذه الاستراحة عقلك وقتاً للتجدد. قد يكون ذلك ممارسة لعبة فيديو أو قراءة كتاب أو القيام بشيء مختلف تماماً عما تفعله عادةً. وستجد كم هو مدهش كيف يمكنك زيادة تركيزك ببساطة من خلال تبديل الأمور التي تعمل عليها وإعادة توجيه انتباهك في اتجاه آخر كلياً.

11. الذهاب في نزهة على الأقدام:

قد يكون التنزه علاجاً شافياً لتركيزنا؛ وفي ظل الظروف الحالية التي فرضت على الكثيرين منا العمل من المنزل، وتكاد أن تصيبنا بالجنون، نحتاج جميعاً إلى المزيد من الترفيه عن أنفسنا من حين إلى آخر.

يُعد الذهاب في نزهة بعيداً عن التكنولوجيا واستنشاق الهواء النقي طريقة رائعة للترويح عن نفسك، والتي يمكن أن تحدث فارقاً كبيراً بالنسبة لتركيزنا وجودة أعمالنا عموماً.

شاهد بالفيديو: فوائد المشي لمدة 20 دقيقة يومياً

12. المواعيد النهائية:

ينص قانون باركنسون على أنَّ العمل يمتد ليشمل الوقت المخصص له؛ فنحن ببساطة نقوم بتعديل رتم عملنا وفقاً للوقت المتاح لإكماله.

لنفترض أنَّ على أحدهم إنهاء مشروع ما بحلول يوم الثلاثاء المقبل، سينجز معظم الناس المشروع بحلول يوم الثلاثاء؛ لكن عندما يكون أمامنا الكثير من المهام التي يتعين علينا إنجازها، ربما سنماطل ونؤجل الأمور التي لا تسترعي اهتمامنا الفوري. لذلك، إذا كنت ترغب في زيادة التركيز، فما عليك سوى وضع إطار زمني لكل مهمة عليك القيام بها.

لا تسمح لنفسك بتأجيل الأشياء أبداً؛ وبدلاً من ذلك، التزم بإنجازها في وقت تحدده مسبقاً، وستفعل ذلك في الأعم الأغلب من الحالات.

الخلاصة:

يعد التركيز -وليس المعرفة- مفتاح النجاح في عالم اليوم. ولسوء الحظ، يوجد الكثير من الأمور التي تتنافس على تركيزنا واهتمامنا؛ حيث يتنافس كل من إنستغرام (Instagram) وفيسبوك (Facebook) والتطبيق الواعد "كلوب هاوس" (Clubhouse) على انتباهك، ناهيك عن الأصدقاء والعائلة والزملاء.

إنَّها معركة حقيقية للفوز بانتباهك وتركيزك، وأنت وحدك من يستطيع حسمها؛ فمن خلال هذه الحيل الذهنية التي ذكرناها، ستتمكَّن من استعادة السيطرة على حياتك وتوجيه تركيزك على ما يهمك حقاً.

 

المصدر




مقالات مرتبطة