ملاحظة: هذه المقالة مأخوذة عن المدون "لوكاس غراهام" (Lucas Graham)، والتي يحدثنا فيها عن 10 عادات للتخلص من الوحدة والشعور بالسعادة.
كيف تتخلص من الوحدة وتشعر بالسعادة؟
أستعرض فيما يلي 10 عادات ساعدتني على تجربة العزلة دون الشعور بالوحدة، وتوليد الفرح من داخلي:
1. تجربة العزلة
يخلط الكثير من الناس بين أن تكون وحيداً وبين الشعور المؤلم بالوحدة؛ ولكن يوجد فرق شاسع بين الاثنين، وفهم هذا الاختلاف هو الخطوة الأولى نحو تحقيق السعادة؛ فالوحدة هي حالة ذهنية وشعور بالفراغ، بينما البقاء وحيداً فهو مجرد حالة جسدية نتيجة عدم التواجد مع الآخرين، والهدف ليس الهروب من العزلة، بل تقبلها وتجربتها.
وحين بدأت الاستمتاع بالبقاء مع نفسي، اكتشفت أن العزلة لها تأثير علاجي؛ لأنها توفر فرصة للتأمل الذاتي والإبداع والنمو الشخصي. إنها عادة يجب تنميتها.
لذا ابدأ بتخصيص بعض الوقت لنفسك كل يوم، حتى لو كان ذلك لبضع دقائق فقط. وتدريجياً ستستمتع بصحبة نفسك، بدلاً من البحث عن المتعة من مصادر خارجية.
2. ممارسة الامتنان
للامتنان تأثير قوي للغاية؛ حيث أتذكر حين مررت بيوم عصيب شعرت فيه بالإحباط والوحدة الشديدة. لكن، بدلاً من الاستسلام لليأس، قررت أن أتبع نهجاً مختلفاً، فأحضرت ورقة، وبدأت في تدوين كل ما كنت ممتنا له.
وبدأت بذكر مصادر الراحة البسيطة مثل: وجود سرير مريح وطعام صحي ومأوى، وتوسعت قائمتي تدريجياً لتشمل صحتي وعملي والأشخاص الذين يدعمونني، إلى أن أدركت أنه حتى في خضم شعوري بالوحدة، كان لدي الكثير من النعم التي لا تحصى.
لقد رفع هذا التمرين البسيط الذي عبرت فيه عن امتناني معنوياتي بطريقة كبيرة. ومنذ ذلك الحين، أصبحت ممارسة الامتنان من العادات اليومية بالنسبة لي؛ فقبل أن أبدأ يومي كل صباح أخصص بعض الوقت لتدوين ثلاثة أشياء أشعر بالامتنان لها. ولقد عززت هذه الممارسة البسيطة من تقديري لنعم الحياة، وكان لها دور فعال في التخلص من مشاعر الوحدة والسخط.
3. إنشاء علاقات هادفة
في عصرنا الرقمي، قد يكون لدى المرء آلاف الأصدقاء على وسائل التواصل الاجتماعي، ولكنه يشعر بالوحدة رغم ذلك؛ لأنَّ التواصل الحقيقي يتعدى التفاعل عبر الإنترنت، فالبشر اجتماعيون بطبعهم، وترتفع معنوياتهم عبر التواصل الصادق مع الآخرين.
والجدير بالذكر أن بعض الدراسات أظهرت أنَّ الأشخاص الذين لديهم علاقات اجتماعية قوية هم أكثر سعادة، ويتمتعون بصحة أفضل، ويعيشون أطول.
في الخلاصة، لا يتطلب إنشاء علاقات هادفة وجود دائرة اجتماعية كبيرة؛ بل قد يكون الأمر بسيطاً مثل إجراء محادثة عميقة وصادقة مع صديق مقرب، أو قضاء وقت ممتع مع أفراد العائلة.
4. ممارسة الرياضة
لا تقتصر فوائد ممارسة الرياضة على الحفاظ على الصحة البدنية فحسب، بل تعزز الصحة النفسية أيضاً، فكلما شعرت أن مشاعر الوحدة بدأت تتسلل إلي، تساعدني الرياضة دوماً في التخلص منها؛ ذلك لأن ممارسة الرياضة تؤدي إلى إطلاق هرمون الإندورفين (endorphins) في الجسم، وهو الهرمون الذي يعزز المزاج بشكل طبيعي.
وقد يساعد أي شكل من أشكال الرياضة في تحسين حالتك المزاجية والتخلص من مشاعر الوحدة، سواء أكان ذلك الخروج في نزهة سريعة في الحديقة، أم حضور جلسة يوغا، أم حتى الرقص على أغنيتك المفضلة.
لذا، اجعل الرياضة جزءاً من روتينك اليومي، وليس بالضرورة أن يكون تمريناً شاقاً، أو أن يستغرق وقتاً طويلاً؛ بل حتى ممارسة بعض التمارين الخفيفة لبضع دقائق فقط كل يوم كفيل بتحسين صحتك النفسية.
شاهد بالفيديو: كيف تتخلص من الشعور بالوحدة؟
5. ممارسة اليقظة الذهنية
يمنحك العيش في اللحظة الحالية شعوراً رائعاً بالحرية، فاليقظة الذهنية هي حالة من الانتباه النشط للحاضر، حيث إنها تتعلق بمراقبة أفكارك ومشاعرك بطريقة حيادية، دون تحديد ما إذا كانت إيجابية أو سلبية.
وحين بدأت ممارسة اليقظة الذهنية، أدركت أن شعوري بالوحدة كان نابعاً من التفكير في الماضي أو القلق بشأن المستقبل؛ ولكنني تمكنت من التخلص من هذه المشاعر حين تعلمت العيش في الحاضر.
والجدير بالذكر أنه يمكن ممارسة اليقظة الذهنية بعدة طرائق، مثل التأمل أو تمارين التنفس العميق أو حتى الأكل اليقظ، ولكن الهدف الأساسي هو التركيز على اللحظة الراهنة، وسرعان ما ستتحرر من مشاعر الوحدة والتعاسة، وستتنعم بالرضا والسلام.
6. التواصل مع الآخرين
نمر جميعنا بلحظات نشعر فيها بالعزلة والرغبة في الابتعاد عن العالم. ولكن، هذه هي اللحظات التي يكون فيها التواصل مع الآخرين في غاية الأهمية للتخلص من هذه المشاعر.
ولكن لا يعني التواصل السعي للحصول على تعاطف الآخرين أو نيل استحسانهم، بل يتعلق بمشاركة جانبك الإنساني مع الناس، وفهم أنَّ لكل شخص صراعاته النفسية الخاصة، وأنَّنا لسنا وحدنا من تعتريه مشاعر الوحدة والتعاسة.
في النتيجة، يمكن أن يؤثر إجراء مكالمة هاتفية بسيطة مع صديق، أو التطوع في جمعية خيرية، أو حتى مساعدة شخص غريب، تأثيراً كبيراً في نفسيتك، الأمر الذي يخلق إحساساً بالإنتماء، ويملؤك بالفرح والرضا.
7. الشعور بالهدف
لطالما شعرت وكأنني سفينة ضائعة في البحر، تنجرف بعيداً بلا هدف أو وجهة، وقد كانت مشاعر الوحدة والتعاسة تشتد أحياناً، ولم يتغير هذا الحال إلى أن وجدت هدفي، والذي كان الكتابة؛ ففي اللحظة التي كتبت فيها هدفي على الورقة، غمرني إحساس بالإنجاز لم يسبق أن شعرتُ به.
ولقد حدد هذا الهدف اتجاه حياتي، ومنحني سبباً للنهوض كل صباح، وجعلني أشعر أنني جزء من هدف أكبر. ليس بالضرورة أن يكون هدفك كبيراً أو أن يغير العالم، بل قد يكون هدفاً بسيطاً مثل الاعتناء بحديقة، أو تعلم مهارة جديدة، أو مساعدة الآخرين. المفتاح هو العثور على شيء تحبه.
8. تقليل قضاء الوقت على وسائل التواصل الاجتماعي
في عالم زادت فيه إمكانية التواصل أكثر من أي وقت مضى، من الغريب أن تعترينا مشاعر الوحدة والعزلة كثيراً أحياناً، ويعود السبب في ذلك إلى استخدامنا المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي.
وعلى الرغم من أن هذه المنصات مفيدة للبقاء على تواصل مع الأصدقاء والعائلة، إلا أنها تؤدي أيضاً إلى الشعور بالوحدة؛ ذلك لأن المقاطع التي تنهال علينا باستمرار حول حياة الآخرين تجعلنا نشعر أننا نفتقد أموراً ممتعة، أو لا نرقى لمستوى الآخرين.
لقد غير تقليل الوقت الذي أقضيه على وسائل التواصل الاجتماعي من وضعي كثيراً؛ فبدلاً من تصفح هذه المواقع دون وعي، بدأت في استثمار هذا الوقت لممارسة أنشطة هادفة، حيث أنه حين تقلل الوقت الذي تقضيه على وسائل التواصل الاجتماعي، ستشعر بمزيد من الرضا عن حياتك.
9. إنشاء روتين للرعاية الذاتية
من أهم العادات التي اعتمدتها في حياتي هي تعلم الاعتناء بنفسي؛ إذ لا تقتصر الرعاية الذاتية على الذهاب إلى المنتجعات أو تناول أطعمة لذيذة فحسب، على الرغم من أهمية ذلك؛ بل يتعلق الأمر بفعل أمور تغذي عقلك وجسدك وروحك.
وبالنسبة لي، تتضمن الرعاية الذاتية مزيجاً من التمارين اليومية، وتناول الطعام الصحي، والحصول على قسط كافٍ من النوم، وتخصيص الوقت كل يوم للقيام بشيء أستمتع به مثل: قراءة كتاب، أو الاستماع إلى الموسيقا، أو قضاء الوقت في الطبيعة.
ولقد أدركت عند اعتماد روتين للرعاية الذاتية أنني هام، وسلامتي النفسية هامة، وتعلمت أن أقدر نفسي، مما ساعد في تخفيف مشاعر الوحدة والتعاسة.
10. تقبل وحب نفسك
كانت أهم عادة بالنسبة لي، والتي غيرت حياتي هي تعلم قبول وحب نفسي بكل حالاتي؛ ففي السابق كنت أسعى للحصول على استحسان الآخرين، وأبحث عن السعادة خارج نفسي؛ لكنني أحسست بالرضا الحقيقي حين بدأت أتقبل نفسي كما أنا، دون الشعور بالحاجة إلى التقيد بالتوقعات أو المثل المجتمعية.
وبالنتيجة، لا يعني حب الذات أن تعتقد أنك مثالي؛ بل يعني تقدير عيوبك دون أن تدعها تحدد شخصيتك، حيث إن تعلم حب الذات هو رحلة بحد ذاته، لكنه رحلة تستحق العناء؛ لأن قوة علاقتك مع نفسك تحدد طبيعة جميع علاقاتك الأخرى في الحياة.
في الختام
إن التغلب على الوحدة والتعاسة هو رحلة شخصية عميقة وتختلف من شخص لآخر، ومن الهام أن نتذكر أن العواطف عابرة، وأن الوحدة والتعاسة حالات مؤقتة، تتبدد مع مرور الوقت.
وفي النهاية، إن العادات التي استعرضناها في هذه المقالة ليست حلولاً سريعة أو سحرية؛ بل أدوات للمساعدة في التعامل مع تقلبات الحياة، وتجربة العزلة دون الاستسلام للوحدة، والفرح من الداخل.
لذلك، أثناء رحلتك نحو التغلب على الوحدة وإيجاد السعادة، تذكر أنَّ كل خطوة تخطوها تظهر قوتك ومرونتك وقدرتك على النمو.
أضف تعليقاً