هذا السبب بكوننا نلاحظ أنَّ الشخص الذي يتعلم مهارات جديدة باستمرار لديه انفتاح وقابلية للتغيير وشغف للتطور، كما أنَّه متغلب على الملل في حياته، فلا يسمح للروتين بالسيطرة عليه، إنَّما يتحكم في مسار حياته بالشكل الأمثل، وبالرغم من ضرورة تعلُّم المهارات الجديدة، إلا أنَّ معظم الناس تجد صعوبة في إيجاد وقت كافٍ لخوض التجربة؛ نتيجة الأعمال الكثيرة، فماذا يفعل الشخص المشغول في هذه الحالة؟
جميعنا ملتزمين بكثير من المهام والواجبات التي يجب تنفيذها في الوقت المناسب، ولكن الانشغال ليس عذراً لعدم تعلُّم مهارات جديدة، وكل ما عليك فعله هو اتباع استراتيجيات تساعدك على ذلك في ظل انشغالك، وهذا ما سنقدمه في مقالنا الحالي.
استراتيجيات تساعد على تعلم مهارة جديدة عندما تكون مشغولاً:
فيما يأتي أهم النقاط التي يجب اتباعها إن كان لديك كثير من الأعمال وتريد مواكبة التطورات وتعلم مهارات جديدة:
1. ترتيب الأولويات:
في حياة الجميع كثير من الالتزامات، منها ما هو أساسي ومنها التزامات غير أساسية ولكن لا يمكن الاستغناء عنها، مثل التحدُّث مع الأصدقاء أو الخروج مع العائلة أو حتى تصفح وسائل التواصل الاجتماعي والاطلاع على التغيرات.
من النقاط الهامة عدم القيام بالمهام غير الأساسية على حساب المهام الأساسية، وبالطبع يجب أن تضع المهارة الجديدة التي يجب تعلمها ضمن المهام الأساسية في حياتك، لذلك عليك تنظيم جدول يضم كافة مهامك الأساسية ويحدد الوقت المناسب للقيام بكل عمل سواء الالتزامات الشخصية أم المهنية فلا تنجح في ناحية وتفشل في الأخرى، ولا يجب تنظيم جدول فحسب، إنَّما عليك تتبع جدولك الخاص بدقة.
2. تحديد أهدافك بوضوح:
قبل البدء بتعلم مهارة جديدة عليك أن تحدد الغاية التي دفعتك إلى تعلُّمها والهدف الذي تريد تحقيقه والمكان الذي يمكنك الوصول إليه في حال أتقنت المهارة الجديدة، فمثلاً تعلُّم وإتقان اللغة الإنجليزية يخولك لتصبح رئيس قسم في مكان عملك، والفائدة من ذلك أن تبقى بنفس الحماسة طيلة طريق التعلم، وهذا ما يساعدك على تحمُّل عناء الطريق والضغوطات والتحديات التي تواجهك، ويمكنك كتابة هدفك على ورقة ووضعها في مكان ما بحيث تتمكن من رؤيتها يومياً.
3. تقسيم المهارة الجديدة إلى مهام متعددة:
نتيجة ازدحام الأعمال وعدم توفر وقت كافٍ؛ يمكن تقسيم مرحلة تعلم المهارة الجديدة لعدة مراحل، بحيث تقسمها لعدة مهام ويتم إنجاز كل منها خلال فترة من الزمن، فتبعاً للمثال السابق يمكن تعلم اللغة الجديدة بأن تتعلم أولاً الحروف والمفردات الأساسية وفي المرحلة الثانية يتم تعلم مهارات القواعد، ومن ثم المحادثة، وهكذا بحيث تخصص وقتاً يومياً أقل، وتتقن كل جزء بأفضل شكل، فتعلُّم أمر جديد إلى درجة الإتقان ثقيلٌ، فيكفي في البداية 15 دقيقة يومياً لتبدأ بتعلم مهارة جديدة.
4. التعرُّف إلى نقاط قوتك:
نحن نحتاج كثيراً إلى تعزيز نقاط القوة التي نمتلكها، فتلك هي الطريقة الأفضل للبدء بتعلم مهارة جديدة والالتزام للوصول إلى درجة الإتقان؛ لذلك فكر جيداً وتعرَّف إلى نقاط قوتك، ويمكن الاستعانة بالأصدقاء أو العائلة ليخبروك عن النقاط الإيجابية ويقدموا الدعم المعنوي الكافي لك.
5. أخذ فترات من الراحة:
لا تضغط نفسك لدرجة تجعلك تفقد الطاقة اللازمة لاستكمال الأعمال والمهام المطلوبة أو لمتابعة تعلُّم المهارة الجديدة؛ فلا تجهد نفسك وحاول البقاء صافي الذهن، وذلك من خلال تخصيص وقت يومي لممارسة بعض التمرينات الرياضية في المنزل أو في النادي الرياضي، ويُفضَّل أن تمشي قليلاً في الطبيعة مثلاً، أو تخصص بعض الوقت للتأمل، ويُفضَّل أن تخصص وقتَ التأمل قبل النوم مباشرة وتتخيل أداء المهارة الجديدة بأفضل شكل، وتخيل المواقف التي تستدعي استخدامك لمهارتك، فيؤدي التخيل دوراً هاماً في تحسن أداء المهارة وسرعة إتقانها.
كل ما سبق بشكل عام يساعد على الاستقرار النفسي، فيبقى العقل منفتحاً ومستعداً لتقبُّل المعلومات الجديدة برغم ازدحام الأعمال، ومن التقنيات التي تساعد على زيادة الإنتاجية تقنية "بومودورو"، والتي تتطلب منك العمل لمدة 25 دقيقة متواصلة ثم الاستراحة 5 دقائق والعودة إلى العمل، وبعد أن تكرر العملية ثلاث مرات يمكن أخذ استراحة أطول قليلاً.
شاهد بالفديو: 7 نصائح تساعدك على قضاء استراحة الغداء بشكل أفضل
6. التحدُّث عن المهارات التي تريد تطويرها:
من الخطوات الهامة التي يجب اتباعها للحفاظ على الشغف والرغبة بتعلم مهارة جديدة التحدث باستمرار عن أهمية هذه المهارة وأثرها في مسيرتك المهنية، ولا يقتصر الحديث عنها للأصدقاء والعائلة فقط، إنَّما يجب أن تتحدث مع المحترفين ومع الغرباء أيضاً، فكلُّ حديثٍ هامٌّ في مسيرتك لتعلم المهارة الجديدة.
7. المشاركة في المسابقات والعروض:
تساهم المسابقات والعروض التي تتعلق بالمهارة الجديدة في اختبارك لمستوى تقدمك في المهارة التي تتعلمها، لأنَّها تتيح لك فرصة هامة في تطبيق ما تعلمته بشكل حقيقي وتحويل المعلومات النظرية إلى مهارات عملية، كما أنَّ المنافسة تعطيك دفعاً معنوياً يحفزِّك على متابعة طريق التعلم بالرغم من الأشغال الكثيرة، لأنَّنا جميعاً نرغب في التقدم والفوز على الآخرين، إضافة إلى ما سبق فإنَّ المشاركة في المسابقات تفتح آفاقاً جديدة، وتعرِّفك إلى أفكار وأساليب ربما لم تخطر في بالك سابقاً، وهذا ما يساهم في تطوير المهارات بأحدث الطرائق.
8. اعتماد مبدأ الثواب والعقاب:
إنَّ اعتماد مبدأ الثواب والعقاب أيضاً من الطرائق التي تساهم في استعادة الحماسة والشغف عند فقده نتيجة الضغوطات التي تعيشها؛ لذلك كلما أنجزتَ مهمة ما في موعدها المطلوب سواء مهنية أم شخصية أم تتعلق بتعلم المهارة الجديدة؛ احتفِ بهذا الإنجاز بتناول وجبة لذيذة أو الخروج مع الأصدقاء أو حضور فيلم مثلاً، فيختلف ذلك بحسب ميولك.
على النقيض من ذلك، عندما ينفد الوقت المخصص لمهمة دون أن تنجزها، يجب أن تعاقب نفسك لتبقى ملتزماً بالخطة الموضوعة، ويكون العقاب بحرمان نفسك من الأشياء أو العادات المسلية التي تقوم بها عادةً كأن تعمل في عطلة نهاية الأسبوع وتؤجل الاستراحة إلى حين إتمام كافة المهام المطلوبة منك.
9. الاستفادة من الإنترنت:
يمكن الاستفادة منه بشكل كبير في تعلُّم المهارات الجديدة، فالأعمال الكثيرة تمنع الإنسان عادة عن الالتزام بالذهاب إلى مكان معين واتباع دورات تعليمية وتدريبية، لذلك يمكن توفير الوقت والاستفادة من الهاتف المحمول أو الحاسوب بوجود الإنترنت في تعلم مهارة جديدة، فتوجد كتب صوتية مثلاً يمكن تحميلها وتخزينها في الهاتف والاستماع إليها في أثناء المشي مثلاً أو ممارسة الرياضة أو تناول الطعام في الاستراحة في أثناء العمل، وبذلك لست مضطراً لتوفير وقت معين لتعلم المهارة الجديدة.
يمكن أيضاً تحميل تطبيق في حال وجود تطبيق مخصص لتعلم المهارة التي تريدها، كالتطبيقات المخصصة لتعلم اللغات مثلاً، أو يمكن تحميل كتاب إلكتروني وتقرؤه لمدة ربع ساعة صباحاً أو في أثناء انتقالك بالحافلة إلى مكان العمل لتستفيد قدر الإمكان من وقتك.
أصبح اتباع الدورات سهلاً في وقتنا الحالي بوجود الإنترنت، فيمكنك اتباع دورة تتم في بلد آخر دون مغادرة منزلك، وأصبحت تلك الدورات تشمل جميع المجالات؛ من تعلُّم اللغات إلى البرمجة وتحسين محركات البحث وغيرها من المهارات المطلوبة في زمننا الآن.
ما هي أكثر المهارات طلباً الآن؟
إنَّ تطوير ذاتك لتناسب احتياجات سوق العمل هو أمر ضروري الآن لتحافظ على منصبك وتتمكن من السعي إلى الحصول على وظائف ومناصب أفضل، وفيما يأتي أكثر المهارات طلباً:
1. المهارات التقنية:
تشمل التحليل البياني وقواعد البيانات ومهارات البرمجة وتطوير تطبيقات الهاتف المحمول والتصميم الجرافيكي والذكاء الاصطناعي.
2. المهارات الرقمية:
تشمل مهارات التسويق عبر الإنترنت وإدارة مواقع التواصل الاجتماعي وإدارة المحتوى وتحليلات الويب.
3. المهارات الإبداعية:
تشمل مهارات التفكير الإبداعي وابتكار الأفكار الجديدة وابتكار الحلول والقدرة على اتخاذ القرارات الجديدة.
4. المهارات الناعمة:
هي مهارات العمل تحت الضغط ومهارات القيادة وحل النزاعات وإدارة الوقت والتحفيز.
في الختام:
إنَّ تعلُّم مهارة جديدة من المهام الصعبة والشاقة ولكن الممتعة في الوقت ذاته؛ وذلك لكونها تساعد على تطوير الذات وتحسين المهارات المهنية، ولكن في زحمة الأعمال والالتزامات المهنية والشخصية لا بد من اتباع استراتيجيات معينة لتتمكن من تعلُّم المهارة الجديدة، حتى وإن كنت مشغولاً وتبدأ بترتيب الأولويات وتحديد الأهداف بوضوح.
يُفضَّل تقسيم مهمة تعلم المهارة الجديدة إلى مجموعة مهام صغيرة لتخصيص وقت يومي أقل للتعلم، ولتحصل على الدعم المعنوي حدِّد نقاط قوتك وتحدَّث عن أهمية تعلم تلك المهارة للجميع وشارك في المسابقات الخاصة بها لتتعرف إلى معلومات وأساليب جديدة ولتطبِّق ما تعلمته بشكل عملي، واحتفِ في كل مرة تحقق فيها إنجازاً ما مهما كان صغيراً بوصفه ثواباً على التزامك بالخطة، وإن لم تلتزم، فعاقب نفسك بحرمانها من بعض الأشياء الممتعة ريثما تنهي المهام المتراكمة.
لتتمكن من استغلال وقتك بالشكل الصحيح استفد من الإنترنت بتحميل الكتب الإلكترونية أو الصوتية أو باتباع دورات تمكنك من تعلم مهارة جديدة دون الالتزام بالذهاب إلى مكان ما يومياً للتعلم.
أضف تعليقاً