1. التوقُّف عن مقارنة النفس بالآخرين:
وُضِعتْ هذه الطريقة أولاً لأنَّها ربما تكون أهم جوانب تقبُّل الذات وأكثرها صعوبة، وهي مجال يتطلب جهوداً متضافرة يوماً بعد يوم.
عندما يولد الطفل لن تكون لديه القدرة على معرفة آراء الآخرين فيه والاهتمام بها، فهو لا يعرف إلا البكاء والصراخ حتى تُلبِّى حاجاته، لكن بعد فترة وجيزة يبدأ بإدراك كيفية التفاعل مع المجتمع والتأقلم معه، وتُعلِّمه "مدرسة الحياة" الصواب من الخطأ، كما أنَّها تعلِّمه ما هو مقبول أو ما الذي يُعَدُّ من التهذيب في المجتمع.
لكن في بعض الأحيان، قد تبدو بعض الأمور مبالغاً فيها أو غير ضرورية، فعلى سبيل المثال؛ من آداب الطعام إبقاء مرفقيك بعيدَين عن المائدة في أثناء تناول الطعام، ولكن هذا لا يعني أنَّ الشخص الذي يضع مرفقيه على المائدة ليس شخصاً جيداً.
الفكرة هي أنَّ أحكاماً تصدر بحقِّنا بناءً على أفعالنا -الكبيرة والصغيرة- باستمرار، وفي بعض الأحيان، قد تكون تلك الأفعال عاداتٍ غير مكتسبةً أو تصرفاتٍ لاواعية لدرجة أنَّك لا تلاحظ حدوثها؛ لذلك حتى قبل أن نصل إلى سن المراهقة، أصبح من الطبيعي أن ننظر من حولنا لنتحقق مما إذا كنا نتصرف جيداً أم لا، وللأسف، لا تقتصر الأحكام التي تصدر بحقِّنا على الأمور المتعلقة بآداب المائدة وحسب؛ وإنَّما تشمل كل شيء.
وقد ترانا نطرح أحياناً تساؤلاتٍ من قبيل: هل أنا نحيفة بما يكفي لأكون مشهورة؟ هل تبدو ابتسامتي جذابة؟ هل أمتلك أحدث جهاز آيفون؟ لماذا تم اختياري آخر مرة في فريق البيسبول؟ هل سيسخر مني أصدقائي إذا توقفت عن التدخين؟
في كل مرة لا نرتقي فيها إلى المعايير الضمنية الموجودة في محيطنا -سواء كان ذلك في العمل أم في المنزل أم في المجتمع- نشعر بالفشل، ويمكن أن يكون هذا هو الحال في بعض الأحيان حتى عندما نحاول تحسين أنفسنا.
ومع مرور الوقت، يمكن أن يؤثر ذلك في تقبُّل ذاتنا، ولا عجب أنَّ مفهوم حب الذات غريب جداً على الكثير منا، لهذا السبب أنت تحتاج إلى بذل جهد للتوقف عن مقارنة نفسك بالآخرين والذي يعد جزءاً مهماً لإثبات ذاتك، لكن هذا ليس بالأمر السهل؛ فنحن نتحدث عن إمكانية إلغاء طريقة تفكير تمتد لأكثر من 20 عاماً؛ لذا إذا كنت تبحث عن نتائج بين عشية وضحاها، ففكر بالأمر مرة أخرى.
يأتي التقبُّل الذاتي الحقيقي من كونك بخير مع نفسك، بغض النظر عن وضعك أو مكانتك في المجتمع، ولا يتعلق الأمر بكونك الأفضل أو الأغنى أو الأصلح، فأنت لديك طريقك الخاص في الحياة والذي من المحتمل أن يكون مختلفاً عن مسار العديد من من حولك، وأسوأ شيء يمكنك القيام به هو تحويل حياتك إلى منافسة حيث تُعرِّض نفسك للنقد باستمرار.
بدلاً من أن تحكم على نفسك بناءً على وظيفتك أو زواجك أو المبلغ الذي تكسبه مقارنة بمجموعة أقرانك؛ لذا ركز على ما يجلب لك السعادة، فالسعادة تقودك إلى ما تريد.
2. التوقف عن البحث عن السعادة خارج النفس:
كم مرة قلت لنفسك: "بمجرد أن أحصل على كذا، سأكون سعيداً جداً؟". نحن جميعاً نتحمَّل وزر تأجيل أحاسيسنا بالسعادة إلى وقت غير محدَّدٍ في المستقبل من خلال ربطها بأشياء كبيرة، كالحصول على منزل كبير، أو أن تجد شريك حياتك، أو الحصول على وظيفة ذات راتب أفضل، لكن ماذا عن شعور السعادة بعد تناول كوب من الشاي الساخن؟ حتى عندما نحصل على هذه الأشياء قد لا نشعر بالسعادة كما كنا نظن؛ هذا لأنَّ السعادة الحقيقية هي إلى حد كبير طريقة تفكير وشيء يجب تنميته من الداخل.
قد تلعب الأحداث والظروف الخارجية دوراً هاماً في جعل حياتنا أفضل أو أسوأ. موت أحد الأحباء هو مثال واضح على شيء يمكن أن يحطم عالمك، ولكن، تأتي مستويات سعادتك اليومية من داخلك، ومن ممارسة الامتنان.
بأي الطريقتَين تفكر حاليَّاً حالياً:
- هل تركز أكثر على ما تملك أم على الذي لا تملكه؟
- هل تركز أكثر على ما تملك أم على ما يمتلكه الآخرون؟
3. التحدث إلى النفس كما لو كانت صديقاً مقرَّباً:
نحن أكبر منتقدين لأنفسنا، فأنت تعامل نفسك بصرامةٍ أكبر من التي تعامل بها أي شخص تهتم به، نضع معايير عالية لأنفسنا؛ وذلك لأنَّنا نريد أن نكون -وأن نحقق- الأفضل في حياتنا، ويُعَدُّ هذا شيئاً رائعاً، فمن أكثر الأمور التي تملؤنا بالطاقة أن نحدد هدفاً ونحرزه.
ولكن ماذا يحدث عندما لا تحقق الهدف الذي حددته لنفسك؟ هل تُعاقِب أو تنتقد نفسك؟ ولكن هذا سيكون مناقضاً لممارسة التقدم الذاتي.
إذا لم تحصل على ترقية في العمل حتى الآن، قيِّم أعمالك تقييماً مدروساً كما لو كنت أفضل صديق لنفسك، راقب المحادثات التي تجريها مع نفسك، وانتبه إلى القصص التي تحكيها لها، لربما أنَّك لست جيداً بما يكفي لتحصل على هذه الترقية، أو قد تعتقد أنَّك تستحقها بالفعل، فينتهي بك الأمر بالتالي بالشعور أنَّ لا شيء يسير على ما يرام، ولا فائدة من المحاولة مرة أخرى.
قد تواسي نفسك عندما تكافئها على المحاولة أو تقنع نفسك أنَّ حظك سيكون أفضل في المرة القادمة ولا تستسلم؛ وبالتالي فإنَّ تقدير الذات يشمل معاملة نفسك كما تُعامِل صديق عزيز.
بدلاً من أن تحبط نفسك عندما تسوء الأمور؛ كن فخوراً لأنَّك خاطرت بموقف صعب وشجعت نفسك في المستقبل، وتذكَّر كل الصعوبات والتحديات التي تغلَّبت عليها بنجاح في الماضي، تذكَّر تلك اللحظات التي اعتقدت فيها أنَّك قد تفشل ولكنك بدأت تدريجياً بالنجاح.
إذا كنت تفكر في الأمر حقاً، فأنت بارعٌ حقَّاً، وقد يخبرك أصدقاؤك بهذا، لكن حاول تذكير نفسك أيضاً عندما لا تسير حياتك كما خططت لها تماماً، لاحظ أنَّ أصدقاءك الحقيقيين يفكرون فيك كثيراً؛ لذا لماذا لا تفكر في نفسك أيضاً؟
في الختام:
تقدير الذات له علاقة كبيرة بالرضا أكثر من الإنجاز، وبتغيير طريقة تفكيرك أكثر من تغيير عالمك الخارجي، وكما يقال: "تأتي السعادة من الداخل"، وينطبق ذلك على أولئك الذين أتقنوا تقدير الذات وحبها.
إذا كنت تريد التركيز على شيء واحد لتبدأ به، فيجب عليك التوقف عن التظاهر بأنَّك شخص آخر لا يشبهك، ولا تُقارِن نفسك بالآخرين، ولا تحاول إرضاءهم على حساب صحتك؛ وذلك لأنَّك ستعاني من صعوبة طوال الوقت.
ستشعر بالهدوء والرضا عندما تمنح نفسك وقتاً بمفردك؛ حيث تكون على طبيعتك الحقيقية وهذا ما تهدف إليه، فهذا هو القبول وحب الذات، والهدف هو أن تشعر بهذا طوال الوقت، ونادراً ما يُحقَّق ذلك من خلال وضع نفسك في وضع تكون فيه مُعرَّضاً لضغوط وتوقعات وأحكام لا لزوم لها.
أضف تعليقاً