1. كلمات بعيدة المدى:
الابتزاز والأكاذيب الصغيرة، والتعابير التي تُجرِّد الولد من قيمته وقدرته، والأحكام المُسبقة، والطُرُق المُتحجّرة القائمة على مبادئ وتعاليم عتيقة عفا عليها الزمن، كلّها أسلحة لإظهار القسوة والصرامة من أجل فرض الطاعة وتلبية متطلباتنا كأهل. وهذه الكلمات التي تجتاح الأنا لدى الطفل تؤثِّر في سلوكه عندما يصبح راشداً وتغيِّر وجهة مستقبله وتُضعِف شخصيته وتُنقِص استعداداته الوراثيّة.
ويجهل الوالدين تأثير هذه الكلمات التي يستخدمانها على المدى البعيد، فيتّهمان أولادهما بالفشل في حين أنّ مسؤوليّة هذا الفشل تقع عليهما وحدهما. لذلك يتعيّن على الأهل التدقيق في كلامهم قبل التفوُّه به.
2. هَجَر، الهجر (الأولاد الذين يطلّقون والديهم):
عندما يُطلّق الأب أمّ طفله، فإنّه يُطلّق طفله أيضاً، فيَشعُر الطفل بغياب والده كتمزّق، كهرب، كهجر للبيت، ولا يستطيع حياله شيئاً.. ومن الضروري أن يتفادى الوالدان حدوث الانفصال بين الولد وأبيه وأمه. فإذا قرّرتم الانفصال عن شريككم، هذا شأنكم، لكنّ ولدكم ليس مضطراً لتحمّل عواقب انهيار زواجكم.
فالخلل العاطفي الذي يتعرَّض له الطفل سببه الرئيسي النميمة داخل العائلة، ذلك أنّ التعبير عن رفض الطرف الآخر بالكلام يَخْلِق جرحاً عاطفيّاً عند الولد. فكل كلمة تخرج منكم هي لعنة وكل جملة هي ندبة لا تزول. بالمقابل، كلما أعطى خطابكم قيمة للطرف الآخر في غيابه، تقبَّل ولدكم بسرعة فكرة انفصال الوالدين لعدم توافقهما، وأدرك أنّ الأمر يخصّهما وحدهما، ولا علاقة له هو. وما قد يكون رأي الجَّدَّيْن بهذا الخصوص أو ما قد يقولانه ضدّ الأب لا أهميّة له على الإطلاق، إذا نجحتم في إقامة علاقة حسنة مع شريككم السابق بوجوده أو بغيابه.
3. حتماً، من كل بدّ:
(يفترض أن تنجح من كل بد).
عندما تفرض على ابنك أنّ عليه أن ينجح "من كل بد" فإنّك تعلمه قياس المسافة قبل أن يبدأ حتّى باجتيازها. إنّك تُعرِّضه للإحباط والحرمان وعدم القدرة على تقدير ما لديه. إنّ فرض هذا على أولادكم يعطيهم علامة سيّئة حتّى قبل أن يدخلوا اللعبة. سوف يصبحون عاجزين عن إرضاء أنفسهم، ويظلّون غير مكتفين بما يحقّقونه.
عندما تقول لابنك أنّ عليه أن ينجح "من كل بد" فأنت تعتبر النجاح غاية بحد ذاته. وما يهمك ليس ما يتعلمه ابنك أو المتعة التي يستمدّها من ذلك، بل الورقة التي سينالها في النهاية.
ألغوا كليّاً عبارات "من كل بد" و"حتماً" و"قطعاً" من قاموسكم وشجّعوا أولادكم على العمل بغضّ النظر عن النتيجة. امنحوا أولادكم الحق في ارتكاب الخطأ وفي البدء من جديد.
4. سلّم جدلاً، قَبِلَ به، أقرّ به:
(سأسلم جدلاً أنّه لم يكن لديك الوقت الكافي لدراسة كل شيء).
إن التسليم بالشيء أو القبول به على مضض أمرٌ لا يمكن القبول به. إنّه فعل يضع حدوداً، فعل يقيّد، فعل يضع رقابة على العواطف، فعل لا يتناغم مع كلمة حب.
ستتقدم في السن، وفي أحد الأيام سيكبر ابنك ولن يقبل بعد ذلك أن تعكّر راحته بنزواتك، أنت العجوز الضعيف. الحب استثمار على المدى البعيد، لا يقبل بأي تقييد أو حدود. وذات يوم سيقول ابنك: "سأسلّم جدلاً بأنّك ربيتني لكنني أستنتج أيضاً أنّك نسيت أن تحبّني".
5. التعلّق (الولد الطفيلي):
(هذا الولد رائع، أنا متعلّقة جدّاً به).
الوالد أو الوالدة الذي يذيب شخصيّة ابنه في شخصيّته، يتسبَّب بتكوين شخصيّة طفيليّة لدى ولده في سن الرشد، فتكون طريقة تفكير الأبن وتصرُّفه نتيجة الحماية التي تحيطه بها أمّه والفخر الذي يشعر به والده لنجاحه في المدرسة أو الرياضة، فيبقى ملتصقاً بمنزل والديه ويتلاعب بمشاعرهما. ويصبح شعورهما بالذنب ملعبه المفضل.
لقد تعلّقا به تعلُّقاً شديداً حدّ العبادة فكيف يمكنهما أن يفكّرا في الانفصال عنه، فيصبح الطفل نتيجة ذلك مشروع طاغية. فالطفل الطفيلي هو طفل ملك يقوم دوره الرئيسي على إرضاء الصورة المثاليّة التي شكّلها والداه عنه. فإذا حدث وقلتم لابنكم إنّكم متعلّقون به حدّ العبادة، لأنّه رائع، أصلحوا الضرر وأضيفوا قائلين: (هو رائع عندما يريد ذلك) لأنّ الطفل الرائع يحب أن يُقَال له أنّه رائع. وكلّما تكرّر ذلك ازدادت سلطته على والديه، فكيف لهما أن يُعاقبا طفلاً مثاليّاً؟
6. العُمر، السِّن:
(أتعلم يا بني أني عندما كنت في سنّك كنت أحب كثيراً "...الخ).
هذه العبارة الكلاسيكية التي تضع مقارنة بين الولد ووالده أو والدته تكشف عن أنانيّة عنيدة، فعبارة (أنا في سنك) تُعبّر عن وضع الشخص الذي يلعب بذكريات الآخرين فيقفز فوقها ويستبدلها بذكرياته الخاصّة.
فالمقارنة تُضعِف ثقة الطفل بنفسه وتحط من قدره وتُولِّد في نفسه شعوراً بعدم الكفاءة. فعندما يَغرِس الأهل في ذهن ولدهم هذه الآليّة القائمة على المُقارنة "إنّه أفضل منّي"، تصبح هذه الآليّة فيما بعد الوقود المحرِّك لعقدة الدونيّة عند الولد.
إنّ تكرار عبارة "أنا، في سنك" على مسمع الولد يُلبسه صفة الخاسر. كما أنّ مقارنة مؤهِّلاته ومعرفته ومهارته وذكائه.. باستمرار، يعني أنّنا نحدِّد وجوده، بشكلٍ رئيسي، بالمقارنة مع الآخرين حتّى وإن كانت النبرة المستخدمة في الكلام حنونة ولطيفة.
وإذا أردتم أن يُحقِّق ولدكم ذاته وأن يشعر بالراحة مع نفسه، فلا تعيقوا استعداداته الشخصيّة بالإفراط في المُقارنات. المقارنة هي وليدة التشكيك.
7. أُحِبُّ لو (الحب المشروط):
(كم أحب لو تنجح..) (إذا لم تكن عاقلاً، فلن أحبك بعد الآن).
امتنعوا عن اللجوء إلى تهديد أولادكم بالتوقُّف عن حبّهم، بهدف معاقبتهم، حتّى وإن كان ذلك من باب المزاح. فالمشاعر التي تربطكم بفلذة كبدكم هي مشاعر مقدّسة. فإذا منحته الحب دون قيد أو شرط عاش حياةً بنّاءة وبادلك الحب أضعاف. أمّا إذا حرمته من هذا الحب أو كبّلته بشروط مقيِّدة فسيحيا حياةً مُدمَّرة تدفع أنت ثمنها طوال حياتك.
(أحبكم جميعكم سواسية).
إنّ قول هذه الجملة لأولادنا هو كذبة تطمئن الوالدين لكنّها لا تنطلي على الأولاد، حتّى وإن كان يخيّل للوالدين أنّهما ربيا أولادهما بنفس الطريقة. فهنالك دائماً أولاد مفضّلون وأولاد ينقصهم الحنان. ويمكن لهذا التفضيل أن يولّد كرهاً شديداً بين الإخوة. كان بإمكانكم أن تقولوا لهم فقط: (أحبّكم جميعاً) لتشعروهم بالسعادة.
8. أُحبّك أكثر هكذا:
(أُحبّكِ بهذا الفستان أكثر ممّا أُحبّكِ بالجينز).
إنّ استخدام الكلمات السامّة يسري بالوراثة فلا بدّ أنكم سمعتم آلاف المرات هذه الجملة الجارحة من دون أن تعيروها أدنى اهتمام فترددونها دون سوء نيّة. لكنّ الأذى الذي تلحقونه بأولادكم هو مُضِر بقدر ملاحظة جارحة تُوجَّه إلى فتاة تُعاني من الوزن الزائد (توقفي عن أكل السكاكر، لا أُحبّكِ عندما تكونين سمينة هكذا) فلا فارق يُذكَر بين (أُحبّك أكثر..) و(لا أُحبّك..) جملتان تعبِّران عن حُب ضعيف هزيل.
9. البِكر، الولد الأكبر:
(أنت البِكر، يجب أن تكون قدوةً لإخوتك).
التضحية التي تُطلَب من البِكر حيال إخوته وخصوصاً لإخوته الصغار تولِّد استياءً لدى الولد البِكر، إذ تُفرَض عليه مسؤوليّة شبه أبويّة لم يَطلُب تحمّلها، فيجعل منه الوالدان بديلاً للأب أو الأم من دون طلب رأيه.
لا تطلبوا أبداً من ولدكم البكر أن يكون القدوة والمثال لإخوته ولكن تكلّموا عنه مُتّخذين إيّاه كمثال كلّما استحقّ ذلك. فكلّما كافأتموه وأثنيتم عليه، شعر بارتفاع قدره في أعين أخوته وأخواته.
يمكنكم الطلب من البِكر أن يُشارك أخاه الأصغر فيما يعرفه (إذا أردت، يمكنك أن تشرح لأخيك كيف يقوم بذلك، فأنت تقوم به بشكل رائع).
10. سوف أضربك:
(إذا استمريت على هذا النحو فسوف أضربك.. سوف تتلقى صفعة..)، (سوف أو السلطة الضائعة).
(سوف) هي كلمة تُمثِّل المفتاح لتأجيل وإرجاء ما يمكن القيام به الآن إلى أجلٍ غير مسمّى. وطفلكم قد فهم الفارق تماماً بين ما تهددون بفعله وما تودّون فعله حقّاً، لذلك لا تنجحون في الحصول منه على ما تريدون.
فهو يفهم فقط أنّ أمّه لا تنوي ضربه وبالتالي لا يوجد خطر فوري يهدّده. لذلك عليكم كسر حلقة التهديدات المُفرَغَة أمام عصيان الولد ومخالفته، بإلغاء عبارة "سوف" نهائياً واستبدالها بجملة واضحة وحازمة (تأخذ حمامك فوراً وإلا ضربتك على قفاك) ولا تنسوا أن تنفّذوا تهديدكم إذا استمر الولد في عناده. وبإلغاء عبارة "سوف" ستزيدون مصداقيتكم، وتساعدون الولد على تحديد مصدر السلطة في الأسرة بشكلٍ واضح.
11. سوف تحاول، سوف تجرّب:
(يجب أن تحاول تدبر أمرك، أو الخروج من المأزق، هذه السنة وإلا..).
المحاولة تعني الفشل والرسوب، (حاول): فعل يقتل أي أمل، (تدبُّر الأمر) و(الخروج من المأزق): عبارات تشكّل اعترافاً بعدم مساعدة الولد الذي يمر بوضع صعب من قِبَل والديه. لذلك ابتعدوا عن هذه التعابير ولا تهرعوا لتوبيخ ابنكم وتأنيبه، بل فكّروا أوّلاً في مسؤوليتكم الشخصيّة في المسألة التي تقلقكم.
(إنّه يُشبه أباه، لن يأتي خير منه أبداً، لن ينفع حتّى كزبّال).
إنّ العبارات التي يتفوّه بها الأهل والتي تسيء لقيمة الولد وتقلّل من شأنه هي كثيرة جدّاً إلّا أنّ استحضار شخص ثالث للتكلُّم عن الولد أمامه يجعل منها عوائق نفسيّة حقيقيّة يعجز عن تناسيها، لذلك فإنّ الولد يفصل نفسه عمّا يجري لئلّا يسمع النقد الصادر عن والده أو والدته. والانتقاد مع التكرار يصبح تافهاً ويفقد تأثيره، فيتحوّل إلى إيحاء سلبي يفعل في الولد فعل التنويم المغناطيسي.
وبِّخُوا ولدكم بصيغة المخاطب ولا تسمحوا لأحدٍ أبداً بأن يكلِّمه بصيغة الغائب في حضوركم، فالتكلُّم عنه بصيغة الغائب في حضوره، إنكار لحقّه في الكلام والدفاع عن نفسه.
12. صالح (هذا لصالحك):
(أقول هذا لصالحك).
إنّها الحجة المثلى لدى الوالد الحائر ليقطع الطريق أمام أي حوار مع أبنه، فالآباء يتشبّثون بامتيازاتهم وحقوقهم كمن يتشبّث بعوّامة الإنقاذ كي تبقى السفينة سائرة تجاه طموحاتهم وأهدافهم، لولدكم كامل الحق في الوقوف بوجهكم. لأنّكم تُشعرونه بعدم الأمان برفضكم رغباته.
والآباء الذين يُردِّدون (هذا لصالحك) لا يعون أبداً الأذى الذي يسبّبونه لأولادهم. فَتَدَخّلهم العاطفي المستمر في حياة أولادهم يدفع هؤلاء للهرب أو قطع العلاقة كليّاً مع أهلهم.
لذلك مهما كان الخطاب الذي تعتمدونه، عبّروا عن آرائكم بصراحة، خصوصاً إذا كنتم غير موافقين، وتقبّلوا أن يُعبِّر لكم ولدكم عن آراءه الخاصّة من دون أن تمارسوا عليه سلطتكم وتكبتوه. فاحترام الحوار هو بداية إثبات ملموس في عيني ولدكم على أنّكم تريدون فعلاً العمل لصالحه.
(تستحقين أفضل من ذلك) أو (هذا الرجل لا يناسبك) أو (ليس من مستواك) هي رسائل تبعث على الفشل. فهذا الكلام المُحمَّل بالمضامين يدفع سامعه إلى السعي بشكل لا واعٍ وراء شخصٍ مثاليٍّ كاملٍ لن يجده أبداً، ذلك أنّ أمّه عوَّدته على أن يكون دائماً غير راضٍ.
13. القُبْلَة، قبِّل:
(قبّلي السيدة).
إنّ إصرارك على إقناع طفلك بتقبيل شخص ما وهو لا يرغب بذلك خطأ كبير. فالقُبْلَة ليست علامة تهذيب ولا لياقة، لكنّها دليل على العاطفة ومظهر من مظاهر الحُب، لكنّكم فجأة تطلبون منه أن يُقبِّل شخصاً ما لا يعني له شيئاً مطلقاً في عينيه. هذا أمر لا يستطيع فهمه في ذهنه، فأنتم تطلبون منه أن يُحِب تحت الطلب.
كما أنّكم تؤثِّرون بذلك سلباً على علاقته مع الآخرين. فإذا أكرهتم طفلكم على تقبيل السيدة أو أيّ شخص من أفراد العائلة أو صديق قديم فإنّه يكبت شعوره. إنّه لا يحترم ذاته كما لا يحترمه الشخص الراشد الذي أجبره على ذلك. وعندما يصبح الخضوع واحتقار الذات أمرين طبيعيين في ذهن الولد، يفقد القدرة على حماية نفسه من التصرُّفات المشبوهة التي من المُفتَرَض أن يراها سلبيّة وحتّى خطيرة عليه. والتي من المُفترض أن يرفضها غريزيّاً فتصبح مقبولة لديه.
14. أَهْلَكَ نَفسَه:
(يجب أن تُهلِك نفسك بالدرس لتنجح في الشهادة الثانوية).
الرسالة الضمنيّة رسالة عنيفة. سيضطر ابنكم إلى إهلاك نفسه فعليّاً لكي يطيعكم وينجح في نيل تلك الشهادة اللعينة التي تحتاجون إليها. ثمّ في وقتٍ لاحق، بعدَ سنواتٍ عدّة، "سيُهلِك نفسه" مجدّداً لإرضاء رئيسه في العمل (الوالد البديل) لئلّا ينضم إلى قافلة المصروفين من العمل. "سيُهلِك نفسه بالعمل" حتّى يُصَاب بجلطة في القلب أو بورم سرطاني، هذه الرسالة هي بذرة الشعور بالذنب، والشعور بالذنب هو وفقاً لبعض الباحثين في علم الأورام، أحد العوامل المساعدة على ظهور السرطان ولكنْ ليس فقط السرطان! فمن يُهلِكُون أنفسهم في العمل يمرّون بجانب الأشياء الممتعة في الحياة من دون أن يستفيدوا منها فلا يرون ولدهم يكبر مثلاً.
إذا كان ابنكم يحتاج أن (يُهلِك نفسه بالدرس) لينجح في الشهادة الثانوية، فهذا يعني أنّه لم يأخذ بزمام الأمور جيّداً وانشغل بأمور أخرى. ولكن لماذا لا تجلسون في أحد المقاهي وتناقشون الأمر معه بدلاً من توتيره وتوتير أنفسكم بدون جدوى؟
15. مُقرِف:
(أنتَ مُقرِف).
إنّ الوالد أو الوالدة اللذين يستخدمان كلاماً بذيئاً لإسكات ولدهما يخلق عنده شعوراً قويّاً بأنّه منبوذ، إضافة إلى شعور بالذل والخزي. ينبذ الوالد ابنه بعنف لأنّه اعتمد سلوكاً أزعجه هو فيبعده عنه كشيءٍ مُقرِف. "بما أنّني مُقرِف، سأتصرّف بطريقةٍ مُقرفة!"، هذه هي الرسالة التي تنطبع في شخصيّة الولد الانفعاليّة. فيدخل الولد في دوامة من الاستفزاز والتحدّي لأهله، قد تصل إلى حدّ معاقبتهم على إساءتهم الكلامية تجاهه. فيرتكب جرائماً وجنحاً يتحمّلون هم مسؤوليتها. فإذا أقدمتم على إذلال ولدكم، توقّعوا أن تدفعوا الثمن عاجلاً أم أجلاً.
16. عاطل عن العمل:
(إن لم تدرس تصبح عاطلاً عن العمل).
تهديدات تقضي على مصداقية الوالدين. فأبنكم المراهق يعرف جيّداً أن الدراسة والشهادات لا تبعد شبح البطالة.
لذلك يجب ألا نفرض موضوع الدراسة على الولد، إنما عرضه عليه في إطار حوار عائلي يهدف إلى تحفيزه أكثر ممّا يهدف إلى تحميله المسؤوليّة اتجاه مستقبل هو بالنسبة له افتراضي. أمّا بالنسبة للهدايا فعندما تقدّمون لعبة لولدكم، يجب ألّا تكون مرتبطة بأيّ حال من الأحوال بشرط يفترض تنفيذه. المكافأة غير المتوقعة أكثر تحفيزاً من تلك المعلن عنها.
كيف نُحفّز الولد بالكلام؟
ابدؤوا بإعلامه أنّه إذا احتاج إلى مساعدتكم فأنتم مستعدّين لتقديمها. ولأنّ ولدكم يعلم أنّ باستطاعته الاتكال عليكم سيشعر بالطمأنينة، وسيصبح مستعدّاً لمواجهة أي تحدّيات مدرسيّة. ليس الوقت الذي تخصّصونه له مهمّاً بقدر نوعيّة المساعدة التي ستقدّمونها له.
17. تمثّلي بي أنا أمك:
أنتِ لستِ المثال الذي يجب أن يُقتَدَى بكِ، وابنتك ليست كائناً مُستَنسَخَاً عنك بل شخصاً آخر فريداً في كل مكوناته. إذا كنتِ عاجزة عن التسليم بهذه الحقيقة، فاستعدّي عاجلاً أم آجلاً لمواجهة تمرُّد قد ينتهي بإقصائك من حياتها.
امدحيها على ما تختَلِف فيه عنكِ، أظهري لها فخركِ بتميُّزها وتفرُّدها. كوني النموذج الذي لها الحريّة في التشرُّب منه ولكن الذي يحظر عليها أن تَستَنسِخَه.
18. ستفهم:
(ستفهم عندما تصبح كبيراً).
هذا النوع من العبارات يُنزِل الولد إلى مستوى الأبله. بهذه الكلمات، نكبت فضوله الطبيعي. وتعبِّر هذه الصيغة الكلاميّة عن رفض اعتباره كائناً يتمتّع بمَلَكَة الذكاء. إنّ الوصول إلى المعرفة هو حجر الزاوية في الديمقراطية. ومنع الوصول إلى الحقيقة يعزِّز تشكُّل المجتمعات المغلقة وعدم تطوّر الإدراك. الولد الذي يُمنَع من إشباع فضوله المشروع، يصبح فيما بعد راشداً غير مهتم بمشاكل مجتمعه، فيستسلم ولا يقوى على التمرّد في وجه الظلم ويصبح في الكثير من الأحوال أوّل ضحاياه.
أشرحوا لابنكم أنّكم مشغولون في الوقت الحاضر وطمئنوه بأنّكم ستعطونه جواباً على سؤاله ما أن تنتهوا من الحديث.
19. أّبْلَه، مُغَفّل، غبي:
(هل أنتِ بلهاء أم ماذا؟).
إنّ الإكثار من استخدام هذه الكلمات يُشير إلى وجود اضطراب عاطفي نفسي لدى الوالدين، يمكن أن يؤدّي إلى إصابة الولد بنقص عاطفي شديد الخطورة.
لذلك يجب الامتناع بشكل كلّي عن استعماله للإشارة لأولادكم، أيّاً تكن الصعوبات التربويّة التي تواجهونها معهم. فعلى هذا الصعيد من التواصل، تكون تلك الكلمات كلمات قاتلة.
20. عجّل، أسرع، بسرعة:
(أسرع وأنهِ طعامك، أسرع سيفوتك الباص، عجّل يجب أن نعود للبيت).
لا يحتاج الأهل الذين يعرفون كيف ينظّمون وقتهم إلى دفع أولادهم وحثّهم على الاستعجال، فهم يستبقون الأمور، ويصلون عادةً باكراً إلى مواعيدهم.
لكثرة ما تستعجلون الأمور، تفسدون إيقاع ولدكم، وهو إيقاع لا يتطابق بالضرورة مع طريقتكم في فهم الوقت. إذا أردتم أن يحترمكم ولدكم، احترموا إيقاع حياته ولا تفرضوا عليه أبداً إيقاعكم الخاص. ويعني هذا أنّكم يجب أن تتكيّفوا مع إيقاعه، لا أن تجبروه على اللحاق بكم. "أسرع" و"استعجل" فعلان ينتميان إلى مفردات عدم الإنجاز. إذا اعتبرتم أنّه من الأفضل لولدكم أن يكون مبادراً وفاعلاً في حياته، توقّفوا عن توتيره ودعوه يقوم بمختلف شؤون الحياة بإيقاعه هو.
21. قال:
(قلت لك أني لا أريد أن تلمس هذا).
إذا اكتفيتم من القول بدلاً من الأمر، داس الولد برجليه على سلطتكم المتهاوية، إنكم تعبِّرون عن عجزكم عن جعله يتراجع. فعندما تبدؤون (بالقول) تفقدون عادةً رباطة جأشكم وتتركون الانفعالات تُسيطر فلا تعودون أسياد الموقف.
لذلك ابقوا على موقفكم الرافض (كلا، لا أريد، لأنّ ذلك خطر عليك.. إلخ) نقطة على السطر. حتّى لو اضطررتم إلى تكرار الشيء نفسه ستين مرة، ولا جدوى من استخدام فعل (قال) فهو يترافق دائماً مع تهيّج في الأعصاب.
إنّ الحزم فعّال جدّاً فبهذه الطريقة سيحترمكم ولدكم وسيحترم سلطتكم.
22. حاول، المحاولة:
(حاول): هي جرثومة الفشل.
من يحاول لا يخاطر بأيّ شيء. إنّه لا يلتزم، ويُعرّض نفسه لخيبات كثيرة. يَحمِل فعل "حاول" في طيّاته جرثومة الفشل. فهو يُزَعزِع ثقتنا بنفسنا ويُضعف قناعاتنا ويُعيق قدرتنا على بذل الجهد والوقت اللازم لتحقيق ما نريده. إنّه يجنّبنا تحمُّل مسؤوليّة نجاح مُربِك، ويجنّبنا التوتُّر والضغط الناتجين عن ضرورة النجاح دوماً.
أيها الأهل المهتمون المتيقّظون، إرموا في سلّة المهملات كلّ النصائح الفطنة من نوع: "يمكنك أن تحاول"، فهي تضمن لأولادكم الفشل واستبدلوها بكلمة نجاح. النجاح يعني أن نكتب بالقلم الحبر وأن نلتزم.
قولوا لولدكم: (لا تحاول، افعل ذلك أو تخلّ عن الأمر!).
23. ابن، ابنة:
(أنتَ حقّاً ابن أبيك).
نادراً ما يُعتَبَر تشبيه الأبن بأبيه مديحاً أو ثناءً، حتّى وإنّ كان كذلك! ثمّ إنّ الأولاد لا يحبُّون أن تُلصَق فيهم سِمَة تذكّرهم أنّ والدهم أو والدتهم أفضل منهم أو أقلّ منهم شأناً.
(ارتكب ابنك حماقة... نجح ابني في الامتحان).
إنّ هذه العادة السيئة باستئثار مزايا ولدكم ونسب حماقته إلى شريككم أو إلى زوجكم وزوجتكم السابقة، بالانتقال من (ابني) إلى (ابنك)هي طريقة تجعل من ولدكم شخصاً خاضعاً تابعاً، لا يتمتّع بالحريّة لا ذهنيّاً ولا في حياته.
ويمكنكم أن تقولوا بدلاً من ذلك: (لقد نجح ابننا في الامتحان) أو (رسب في الامتحان) وخصوصاً في حضوره. وسيقدّر لكم إدخاله في هذه الـ (نحن).
24. أخ أكبر، أخ أصغر:
(هل أنت مسرور؟ لقد أصبحت الأخ الأكبر الآن!)، (لا بدّ أنّك سعيد لأنّه أصبح لديك أخٌ صغير).
تجنّبوا صفات المقارنة: كبير وصغير. حدّثوه عن أخيه وليس عن أخيه (الصغير)، ولا تجعلوا منه بالقوّة الأخ (الأكبر) للطفل الصغير. توجّهوا لأولادكم بأسمائهم وتجنّبوا التسميات التي تشير إلى وضعهم داخل العائلة (أخ أو أخت) أو التسميات التي تقارن بينهم وبين إخوتهم (كبير أو صغير). إنّها الوسيلة الفضلى للتخلُّص من الغيرة بين الإخوة والأخوات.
تجنّبوا إسقاط مشاعركم الخاصة على ولدكم. فإذا قلتم له: (لا بدّ أنّك سعيد..) شعر الولد البكر بالقلق حيال هذا التغيير الكبير والانقلاب الحاصل في حياته، ومن حقّه أن يفعل فلا تزيدوا همّه همّاً وتطلبوا منه أن يكون مسروراً، فهو لا يشعر بالسعادة المطلقة التي تشعرون بها.
فمن الضروري أن يعتبر نفسه حرّاً في أن تكون له المشاعر التي يريدها حيال الدخيل الصغير. بذلك يشعر أنه أُعطي قيمة وقدراً على الرغم من وجود الطفل الجديد الذي قد يخل بتوازنه، ويتكيّف بسهولة مع الوضع العائلي الجديد وتتفادون أيّ عداء من البداية بين ولديكم.
25. لكن، ولكن:
(أنا متّفق معك تماماً.. ولكن).
"لكن" حرف استدراك رهيب وعنيف يعمل عمل القمع في النفس. إنّها مقصلة كلاميّة تَسقُط كشفرة حادّة، أو مُنعَطَف حاد ومُفاجِئ! تُلغِي "لكن" الجزء الأوّل من الجملة. ويمكن أن يُسبِّب الإسراف في استخدام هذا الحرف إعاقة خطيرة لروح المبادرة لدى طفلكم. ولكثرة ما تردِّدون عليه هذه الكلمة، لن يجرؤ على التصرُّف من دون العودة إلى السلطة. سيعيش حياته خاضعاً لشرط مُعطَّل، ورأسه دوماً على خشبة المقصلة. "أريد.. ولكن.." تعنى أنّي لا أريد حقيقةً لكنّي أتردَّد في الكلام بصراحة. ولكن.. كلا! إنّ هذه اللازمة الكلاميّة هي في أساس المقاومة السلبيّة.
26. انظر:
(انظر في عيني عندما أتكلّم معك).
إنّه طلب أحمق يدمِّر شيئاً فشيئاً في كلّ مرّة الرباط العاطفي الذي من المُفتَرَض أن يربط بينكم وبين طفلكم. افرضوا سلطتكم بوسائل أخرى. انظروا بوجه ابنكم ككل إذا شعرتم أنّ النظرة المُباشرة تزعجه، ولكن حبّاً بالله ارموا في بئر لا قعر لها هذه الطريقة المخيفة في التعاطي مع أولادكم.
وأخيراً فإنّ الكلمات تساهم في جعلنا نشعر بالراحة مع أنفسنا وبالراحة في دورنا كأهل. والأهل الذين يشعرون بالراحة مع أنفسهم يُرَبُّون أولاداً طيبي النفسيّة. إنّ نجاح أولادكم رهن بكلماتكم.
وتذكروا "إذا كانت الكلمات لا تستطيع كلّ شيء فهي تستطيع الكثير"..
أضف تعليقاً